28 مارس، 2024 8:12 ص
Search
Close this search box.

العراق .. هدوء حذر بعد أيام “الغضب” .. واضطرابات “البصرة” تقلّص حظوظ “العبادي” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

قال مصدر عسكري عراقي، الأحد، إن محافظة “البصرة” جنوبي البلاد، تشهد هدوءًا حذرًا بعد 4 أيام من الاحتجاجات الغاضبة وأعمال العنف، تخللها سقوط قتلى وجرحى وإحراق مقار حكومية ومؤسسات خدمية.

وقال الملازم، “محمد خلف”، من قيادة عمليات “البصرة”، إن قوات الجيش والشرطة المحلية أعادت انتشارها مجددًا في جميع مناطق “البصرة” بعد انسحابها الجزئي على خلفية الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها المدينة.

وعيّن رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، السبت الماضي، الفريق الركن “رشيد فليح”، قائدًا عسكريًا لعمليات “البصرة”، بدلاً من الفريق الركن “جميل الشمري”، واللواء الركن “جعفر صدام”، مديرًا عامًا للشرطة في المحافظة، بدلاً من اللواء “جاسم السعدي”.

وكانت مدينة “البصرة” قد شهدت، خلال الأيام القليلة الماضية، موجة احتجاجات غير مسبوقة محليًا تخللها إحراق مقار ومكاتب معظم الأحزاب والحركات السياسية، فضلاً عن إحراق مؤسسات حكومية من أبرزها ديوان المحافظة، وإحراق القنصلية الإيرانية العامة، كما تم اقتحام مستشفى لتأهيل جرحى “الحشد الشعبي”، وتعرضت دور بعض المسؤولين الى محاولات اقتحام، وتم حرق دار النائبة السابقة عن ائتلاف دولة القانون، “عواطف نعمة”، في قضاء “الزبير”، كما تم إحراق محكمة في قضاء “أبي الخصيب”، وتحطيم سيارة إسعاف.

سبب خراب “البصرة”..

قال الإعلامي السعودي، “سلمان الدوسري”، إن “العراق” على مر التاريخ، لم يواجه يومًا، على خلاف الدول العربية الأخرى المطلة على الخليج العربي، مشكلة من أي نوع تتعلق باحتياج السكان من المياه، إلا أن الملايين في “محافظة البصرة”، أصبحوا فجأة معرضين للخطر بعد قطع “إيران” المياه عنهم، حتى أصبحت المدينة تعاني من جفاف غير مسبوق، كما أصاب تلوث المياه كثيرًا من أهلها، مع توثيق نحو 18 ألف إصابة بالتسمم نتيجة المياه الملوثة.

من يصدق ؟.. “البصرة”، التي تقدم نحو 80 في المئة من “نفط العراق”؛ لا يجد مواطنوها مياهًا تصلح للشرب، والسبب بكل بساطة أن الجار الإيراني أغلق منابع المياه في وجه العراقيين.

رفض الهيمنة الإيرانية..

صحيح أن خروج آلاف المتظاهرين العراقيين إلى الشوارع هو تنديد بظروف معيشتهم الصعبة، ومن ثم رفعهم شعارات سياسية مناهضة لـ”إيران”، إلا أن الظروف المعيشية هذه أظهرت النتيجة الطبيعية للتدخلات الإيرانية، وأثرها على المواطن العراقي البسيط، الذي يرفض التبعية السياسية لأحزاب وميليشيات بعينها تابعة للنظام “الخميني”، في ظل غياب السلطة المركزية وسيادة القانون، وكذلك الفراغ السياسي الكبير إثر عدم تمكن الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات التشريعية من تشكيل حكومة جديدة ترعى مصالح العراقيين.

تُظهر الانتفاضة، التي تعم “البصرة”، أن الغضب العراقي ليس طائفيًا، كما اعتادت “إيران” وأدواتها تصويره، فالشيعة العراقيون – كما السُنة – أظهروا استعدادهم وقدرتهم على الوقوف في وجه الهيمنة الإيرانية، وعدم السماح بمواصلة اختطاف بلادهم، وإلحاق أكبر الخسائر بها.

وحتى لو كانت الاحتياجات المعيشية، وليس الهيمنة السياسية، هي السبب الرئيس في الغضب الشعبي من الوجود الإيراني. فإن ذلك يشرح حجم الخسارة الإيرانية المتزايدة في أكبر بلد استثمرت فيه، وموّلت سياسييه الموالين لها، ودعمت أحزابه التابعة لنظامها، وسلحت ميليشياته الطائفية.

المالكي”.. يطالب بتشكيل “حكومة قوية”..

أكد نائب رئيس الجمهورية، “نوري المالكي”، على أن الوضع في “العراق” يتطلب تشكيل “حكومة قوية” قادرة على تلبية مطالب الشعب، فيما شدد على ضرورة التحقيق لمعرفة المسؤولين عن أعمال التخريب في “محافظة البصرة”، و”عدم الإكتفاء” بتوقفها.

وطالب “المالكي”، باستعادة الاستقرار في مناطق التوتر وتحقيق الحل السياسي عبر الحوار، موضحًا أن الوضع في “العراق” يتطلب تشكيل حكومة قوية قادرة على تلبية مطالب الشعب العراقي.

وشدد “المالكي” على أن أحداث “البصرة” كانت مؤسفة، ولا يكفي أن تتوقف أعمال التخريب والحرق؛ بل يجب فتح تحقيق رسمي وشعبي لمعرفة من الذي منح العصابات حرية الحركة والتخريب ولماذا، وما هي الأهداف الشريرة التي تقف خلفها.

ما حدث في البصرة “خيانة عظمى”..

وصف “تحالف البناء”، بزعامة “هادي العامري” و”نوري المالكي”، أمس الأحد، ما حدث في “محافظة البصرة”، بـ”الخيانة العظمى”، محملاً رئيس الوزراء الحالي، “حيدر العبادي”، مسؤولية كل ما رافق احتجاجات “البصرة” من أحداث.

وقال النائب عن التحالف، “وجيه عباس”، إن “محافظة البصرة عبرت من مرحلة الفساد الإداري والمالي إلى مرحلة النهب، وهذا مؤشر خطير جدًا ، خصوصًا وأن البصرة محافظة تمتلك ثروات كبيرة، وهذه الثروات بأيادي غير أمينة”.

وأضاف، “عباس”؛ أن “ما جرى في محافظة البصرة يصل إلى مرحلة الخيانة العظمى، ويستوجب تقديم المسؤولين عنه الى محكمة عسكرية”، موضحًا: أن “ما جرى يتحمله، “العبادي”، فهو القائد العام للقوات المسلحة وهو المسؤول التنفيذي الأول، وهو الذي لم يخصص الأموال للبصرة، من أجل تقديم الخدمات للمواطنين، وإنهاء الاحتجاجات، عبر تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين”.

الأحزاب المتحالفة مع “العبادي” تطالبه بالاستقالة..

رغم الهدوء الحذر في “البصرة”؛ إلا أن المشهد السياسي إزداد تعقيدًا في “العراق”، حيث أدت الأحداث الدامية في المحافظة إلى انقلاب الطاولة على رئيس الوزراء، “العبادي”، بعد أن تخلت القائمتين الرئيسيتين، اللتين فازتا في الانتخابات التشريعية، باستقالته والإعتذار للشعب العراقي.

ووجد “العبادي” نفسه وحيدًا في مواجهة الاحتجاجات، بعد أن تخلى عنه تحالفه السياسي مع ائتلاف “سائرون”، الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي، “مقتدى الصدر”، لتشكيل الكتلة الأكبر، وبالتالي أصبحت تسميته لولاية ثانية أمرًا صعبًا.

ضرورة استقالة الحكومة..

كان كل من تحالف “سائرون”، المدعوم من رجل الدين الشيعي، “مقتدى الصدر”، وتحالف “الفتح”، الذي يتزعمه، “هادي العامري”، قد طالبا باستقالة حكومة “العبادي”، في أعقاب جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة الأزمة القائمة في “البصرة”.

وقال المتحدث باسم تحالف “سائرون”، النائب “حسن العاقولي”: “نطالب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية بتقديم استقالتهم والإعتذار للشعب العراقي”. ومن جهته؛ أعلن المتحدث باسم تحالف “الفتح”، النائب “أحمد الأسدي”، أن “التقصير والفشل الواضح في أزمة البصرة كان بإجماع النواب. ونطالب باستقالة رئيس الوزراء والوزراء فورًا”.

“الحشد الشعبي” يتهم القنصلية الأميركية بتدبير أعمال التخريب..

اتهم نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، “أبومهدي المهندس”، القنصلية الأميركية بالوقوف وراء عمليات التخريب وحرق المقار الحكومية و”الحشد الشعبي” في “البصرة”. وقال “المهندس”، في تصريح صحافي، إن “ما يجري في البصرة أمر مؤسف؛ وهو دليل على الفشل الحكومي الواضح”، لافتًا إلى أن “القنصلية الأميركية بالبصرة تقف وراء عمليات التخريب والحرق بالمحافظة”.

وأضاف أن “الحشد الشعبي يمتلك معلومات كاملة عن الأوضاع في البصرة، حيث تقوم السفارة الأميركية بإدارة الأوضاع وخلق الأزمات في المحافظة، وسيتم تقديم الأدلة والمعلومات الكاملة عن تورط القنصلية الأميركية للجهات المختصة”.

البصرة” تحترق والأحزاب تتشاجر من أجل السلطة..

في “البصرة” العراقية الحدودية مع “إيران”؛ يتظاهر الشبان، منذ أكثر من عشرة أيام، لنيل أدنى حقوقهم الاجتماعية، وللتنديد بـ”التبعية السياسية العراقية” لنظام الملالي في “طهران”. وأدت المواجهات إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل، في وقت تتشاجر فيه الأحزاب السياسية والمراجع الدينية على السلطة في “بغداد”.

لقد عاشت “مدينة البصرة”، الحدودية مع “إيران”، خلال الأيام القليلة الماضية، موجة من العنف والاحتجاجات، حيث خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للتنديد بظروف معيشتهم الصعبة، وانتقاد “التبعية السياسية العراقية” لنظام “خامنئي”، رافعين شعارات مناهضة لـ”إيران”؛ أبرزها: “إيران برا برا، البصرة حرة حرة”.

“الصدر” يطالب بحلول جذرية..

دعا الفائز في الانتخابات البرلمانية العراقية، الزعيم الشيعي، “مقتدى الصدر”، مجلس النواب، إلى عقد جلسة استثنائية من أجل التوصل إلى “حل جذري” لإنهاء الأزمة التي تعصف بـ”البصرة” منذ أشهر.

ودعا “الصدر”، البرلمان، إلى عقد جلسة استثنائية بهدف التوصل إلى حلول “جذرية، آنية ومستقبلية” للمشاكل الصحية ونقص الخدمات في “البصرة”، التي قتل فيها متظاهرون خلال الاحتجاجات.

واستجاب على الفور رئيس مجلس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، مبديًا استعداده للحضور مع الوزراء والمسؤولين المعنيين. وكان “مجلس النواب” الجديد قد أرجأ جلسته إلى 15 الجاري بعد فشله في التوصل إلى اتفاق حول الكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة.

العراق بين “انتفاضة” البصرة والحكومة “العميلة”..

أكدت صحيفة (القدس العربي) أن أحداث “البصرة” تكشف عن مشهد فاضح يعكس حال “العراق”: مدينة تعوم على بحر من النفط، ولكنّها تعاني من إفقار مهول وتهميش ترافقه أزمة صحية متفاقمة بسبب تلوث المياه، مما أدى لوقوع أكثر من 20 ألف حالة تسمم، فيما يتقاتل كبار الساسة، الذين دمّروا “العراق” ونهبوه وحوّلوه إلى مستعمرة “أميركيةـإيرانية”، على الوصول إلى سدّة السلطة ليتابعوا مراكمة الدمار والنهب والتبعية للأجنبي.

وتمثّل “البصرة” نموذجًا كاشفًا لهذه المعادلة، فإلى جانب غناها “الافتراضي”، فإنها المنفذ المائي الوحيد في “العراق”، كما أن تاريخها يحفل بأسماء الشخصيات السياسية التي ساهمت في صنع “العراق” الحديث، قبل فترة الانقلابات العسكرية والإيديولوجية، ومنها “آل النقيب” و”الرشيد” و”السعدون”.

وقد تعرضت المحافظة لانتقام كبير، بعد امتداد النفوذ الإيراني، الذي أدى إلى ما يشبه الاحتلال لمظاهرها السياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية عبر أكثر من 135 مؤسسة ومدرسة ومركز برعاية ميليشيات وأحزاب تابعة لـ”طهران”، حتى صار عناصر الميليشيات يتصرفون كجنود احتلال يستشرسون في قتل المتظاهرين أكثر من القوات الأمنية، وصارت “الفارسية” لغة السادة المنتصرين، فيما صارت شوارعها تحمل صور وأسماء “الملالي”.

ولفتت الصحيفة إلى أن هذا المآل المؤسف للبصرة؛ هو إذًا كاشف كبير يساعد في فهم المشهد السياسي الجاري في “بغداد”، فرغم أن الصراع السياسي الحاصل حاليًا يجري عمليّاً بين كتلتين كبريين شيعيتين، يحضر فيهما “الأكراد” و”السُنة” وباقي الحركات السياسية الصغرى كتكملة عدد ضرورية، فإن شخصية مثل “هادي العامري”، زعيم «تحالف الفتح»، المتحالف مع تكتل رئيس الوزراء السابق، “نوري المالكي”، لا يستنكف، حين لا تهبّ رياح المناصب تجاه سفينته، أن يقول إن الحكومة التي تدعمها “الولايات المتحدة الأميركية”، (أي التي لا تشكلها طهران عمليًّا)، هي «حكومة عميلة»، مهددًا بإسقاطها، (أي بإسقاط إيران لها)، خلال شهرين.

من المؤسف كثيرًا أن يُختصر “العراق”، أحد أولى الحواضر الإنسانية الكبرى، والذي بدأ أول أشكال الحضارة والثقافة على الكرة الأرضية، إلى هذا المشهد السياسي المخجل في “بغداد”، وإلى هذا العنف الكبير ضد مواطنيه في “البصرة”، (وقبلها في الموصل والفلوجة والرمادي والنجف وسامراء وكركوك الخ…)، وإلى هذا الفساد الهائل، (أو اللصوصية المكشوفة)، الذي يضع “العراق” في أسفل قائمة دول العالم.

إن ما يمكن قراءته من كل هذا؛ أن الخروج من محنة “العراق” هو منجز تاريخي طويل تتشارك فيها نضالات المظلومين وطموح نخب سياسية أفضل مع تغيّر موازين القوى الإقليمية.. وإن الصبح لناظره لقريب.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب