العراق ما بعد “داعش” .. مخاوف من السقوط في هاوية النزاعات الطائفية

العراق ما بعد “داعش” .. مخاوف من السقوط في هاوية النزاعات الطائفية

خاص : كتبت – آية حسين علي :

يعتبر البعض أن هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي في الموصل تمثل نهاية المعارك، بينما يرى السياسيون العراقيون أنها مجرد بداية للدخول في تحديً كبير وخطير وهو الوصول إلى المصالحة الوطنية، الأمر الذي يتطلب تسهيل الحصول على مساعدات إنسانية وخدمات أساسية لشعب يشعر بالصدمة بعد 3 سنوات من المعارك فقد خلالها كل ما لديه.

تعمق المشكلات العرقية..

خلال الفترة التي سيطر فيها التنظيم المتشدد على الأراضي العراقية تعمقت المشكلات العرقية والطائفية، إذ أن تشدد الجهاديين مع الشيعة والمسيحيين والأقليات الدينية الأخرى مثل الأيزدية, كان له هدف خاص وهو القضاء على التعددية التاريخية في المنطقة، واشتدت حدة حالة عدم الثقة في المجتمع.

وحتى الآن لا يستطيع المسيحيون ولا الأيزديون العودة إلى مناطقهم الأساسية، بينما يخشى المسلمون السنة من انتقام الشيعة منهم، من جانب آخر يأمل الأكراد في الحصول على الأمان في منطقتهم ذات الحكم الذاتي.

وخلال الفترة الماضية نمت شائعة, غير صحيحة, وهي ربط كل مسلم سني بتنظيم “داعش”, إلا أن عدداً من الباحثين كثفوا جهودهم لتوضيح الفرق.

من بين هؤلاء كانت “رشا العقيدي”، الباحثة بمركز “ثينك تانك” للدراسات السياسية، التي أكدت على أن السنة كانوا من أكثر المجتمعات ضحايا لوحشية التنظيم.

نظرات حائرة ووجوه مليئة بالرعب..

فقدت كثير من العائلات التي فرت من المعارك كل شئ، ويحتاجون إلى إيواء وطعام ورعاية صحية ومصادر للمياه وفرق طوارئ، ووصلت مستويات الصدمة في العراق إلى أعلى مستوى لها، ومن الصعب تصور أن هذا الشعب تعرض إلى كل هذا الألم.

ولتعرف مدى معاناة العراقيين فقط عليك أن تراقب الأشخاص الذي فروا خلال الأيام الماضية من منطقة المواجهات، ستجد نظرات حائرة تائهة ووجوه مليئة بالرعب.

وخلال الأشهر الماضية أصبح معتاداً لدى الأطفال سماع صوت الانفجارات وحشرجة المدافع، حتى أن هذه الأصوات تحولت إلى أسوأ ما عاشه هؤلاء الأطفال خلال الأشهر التسعة الماضية في ظل تقدم قوات الأمن وتضييق الخناق على عناصر التنظيم.

700 ألف نازح..

وفقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة، نزح 920 ألف مدني منذ بداية معركة استعادة الموصل في 17 من تشرين أول/أكتوبر الماضي، إلى مناطق مجاورة بعدما اضطروا إلى ترك منازلهم، ومنذ نجاح القوات في تحرير الجانب الشرقي من المدينة في كانون ثان/يناير 2017، تمكنت عدد من العائلات من العودة إلى مناطقها، لكن لا يزال هناك 700 ألف نازح، نصفهم موزعين في 19 مخيماً للطوارئ، وتحاول الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تغطية الاحتياجات الأساسية لسكانها.

وحصلت الأمم المتحدة على 43% من المبلغ الذي طلبته من أجل تقديم مساعدات إنسانية للعراق, والذي بلغت قيمته 985 ملايين دولار (865 مليون يورو).

وقدمت منسقة الأمم المتحدة في العراق، “ليزا غراندي”، نداءً عاجلاً لتسليم 562 ملايين دولار المتبقية إلى المنظمة كي تستطيع تلبية احتياجات العراق عامة والموصل خاصة.

تكلفة الإصلاح مليار دولار..

يوجد 15 من بين أحياء الجانب الغربي من الموصل في حالة شديدة الضرر, بينما يوجد 23 آخرون بهم تلفيات بسيطة.

ليزا غراندي

ووفقاً لبيانات رسمية، تقدر تكلفة إصلاح البنية التحتية المتضررة من الحرب بمليار دولار، حيث دمر التنظيم, عمداً, كنائس ومعابد وآثار دينية أخرى بالإضافة إلى عدة مكتبات ومتاحف ومراكز صحية.

وكان المستشفى الكبير بالمحافظة أحد آخر حصون الميليشيات المتطرفة، وحتى الأجزاء التي تم تحريرها لا يزال بها ألغام, وهو ما يتطلب عملاً ضخم التكلفة لتمشيط المناطق المحررة والتأكد من أنها آمنة وصالحة لعودة المدنيين.

ودون هذه المساعدات الاقتصادية والصحية والنفسية لن يصبح التقدم في تنفيذ مشروع إعادة إعمار الموصل وباقي المناطق ممكناً، حتى ولو إلتزمت الحكومة بتنفيذ وعودها بإعادة تشكيل التعددية المجتمعية التي كانت تتميز بها الموصل وهي مهمة شاقة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة