27 أبريل، 2024 3:07 ص
Search
Close this search box.

العراق ما بعد تولي “الكاظمي” رئاسة الوزراء .. عقبات في طريق المسار الصحيح !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بدأت الحياة السياسية تدب من جديد في قلب “العراق” مع تشكيل الحكومة الجديدة؛ إلا أن العوائق تقف حاجزًا أمام ما هو آت مستقبلًا، فقد حذر رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، من أن بلده مهدد، وأن أفضل الخيارات التي قد تواجهه “الإنحدار للفوضى”، مؤكدًا إلتزامه بإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن وضمان نزاهتها، متعهدًا في الوقت نفسه بإتخاذ كل التدابير العاجلة‏ لمواجهة الأزمة المالية والفساد وجائحة فيروس “كورونا” المُستجد.

وقال “الكاظمي”، إنه يواجه وعودًا متناقضة للكتل وآذانًا غير صاغية في تصحيح المسار، كما أنه أيضًا وجد خزينة الدولة شبه خاوية بسبب الفساد.

وشدد‏ على أنه: “لم ولن يصدر أي أمر بإطلاق الرصاص ضد المتظاهرين، ومن يقوم بذلك سيقدم للعدالة”، مضيفًا: “سأمضي بتعهداتي كرد على من نبهني بأنني بلا حزبٍ ولا كتلة تحميني”.

وأوضح أن: “التدني الخطير في موارد‏ البلاد يُحتم على الحكومة البحث في كل الإتجاهات لإيجاد مصادر عاجلة لتسديد الرواتب”، مشيرًا إلى أنه: “ليس بالإمكان المباشرة بأي خطوة جادة من دون الشروع بما يُعيد للدولة هيبتها وبسط سيادتها”.

وقال: “رغم أن الثروة‏ التي دخلت خزائن العراق على مدار السنوات الـ 17 الماضية، كانت تكفي لإعادة بناء البلاد وتأسيس صندوق المستقبل، فإن الفساد قد استنزفها، وهُرّب بعضها علنًا إلى خارج البلاد، ولم أجد وأنا أتسلم المسؤولية إلا خزينة شبه خاوية !”.

الاستجابة للمطالب الشعبية..

موضحًا أنه: “ليس أمامنا سوى خيار الاستجابة للمطالب الشعبية العادلة‏ التي عبرت عنها الحركة الاحتجاجية وساحات التظاهر؛ التي جمعت خيرة بنات وشباب شعبنا، والعمل المخلص على تحقيق مطالبهم بإعادة مجد العراق وقوته وكرامته، وتصفية تركة المحاصصة المقيتة بكل تجلياتها، ومحاربة الفساد المالي والإداري”.

وتعهد “الكاظمي” بإنجاز “قانون‏ الانتخابات” مع ما يتطلبه من تدقيقات أو تعديلات، والإنتهاء من الصيغة النهائية لـ”قانون المفوضية العليا للانتخابات”، وتأمين كل ما يلزم لإجراء الانتخابات في أقرب وقتٍ ممكن، والتعاون مع ممثلية الأمم المتحدة والمراقبين المحليين والدوليين، والتأكد من وضع الأسس الصحيحة لإجراء الانتخابات في جوٍ سياسي وأمني يضمن نزاهتها وعدالتها، كما تعهد بإتخاذ كل الإجراءات والتدابير بالتعاون بين “وزارة الداخلية” وجميع الأجهزة الأمنية لحماية المتظاهرين والحرص على سلامة ساحاتهم، والتعبير عن إرادتهم بكل حرية، سلميًا.

وكان “الكاظمي”، قد أوعز في وقت سابق، بتشكيل لجنة حكومية لوضع قائمة بضحايا الاحتجاجات. وقال‏ المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء، في بيان، إن: “رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، أوعز بتشكيل لجنة تتولى وضع قائمة دقيقة بأسماء الشهداء والجرحى والمعوقين من الذين سقطوا في الاحتجاجات الشعبية، سواء من المحتجين أو قوات الأمن”.

كما وجه “الكاظمي”، بمتابعة قضايا الخطف وحسمها، والتعاطي مع الاحتجاجات بروح مختلفة.

وقال الناطق باسم‏ القائد العام، العميد “يحيى رسول”، في بيان: “إن القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، وجه خلال زيارته إلى وزارة الداخلية؛ بمتابعة قضايا الخطف وحسمها، والتعاطي مع الاحتجاجات بروح مختلفة على أساس احترام القوانين وقيم حقوق الإنسان، فضلاً عن حماية كرامة المواطن العراقي”.

ضغوط لتثبيت المحاصصة..

إلى ذلك؛ كشف النائب عن كتلة (تيار الحكمة) البرلمانية، “علي البديري”، عن وجود ضغوط قوية من بعض الأطراف السياسية على رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، لتثبيت المحاصصة في الوزارات السبع المتبقية، فيما أشار إلى أن “الكاظمي” ما زال رافضًا بقوة لتلك الضغوط كونها لا تنسجم مع مطالب الجماهير ودعوات المرجعية.

وقال “البديري”، لموقع (السومرية نيوز)، إن: “رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، سعى جاهدًا لاستكمال الكابينة الوزارية قبل عطلة عيد الفطر، لكن الضغوط وإصرار بعض الأطراف السياسية على تثبيت مبدأ المحاصصة الحزبية، حال دون الاتفاق على أسماء محددة لمرشحي الوزارات السبع المتبقية بُغية تمريرها في وقت قريب”، مشيرًا إلى أن: “تمسك الكاظمي بالصفات التي طالبت بها المرجعية والمتظاهرين للمرشحين كانت الأساس في ثبات موقفه وعدم الرضوخ لتلك الضغوط”.

وأضاف “البديري” أن: “القوى السياسية عليها أن تعي جيدًا خطورة الموقف والأزمات التي يعيشها البلد من عدة نواحي، خاصة أن الحكومة الحالية لديها واجبات محددة وتنسجم مع المطالب الشعبية، بالتالي فإن تلك القوى السياسية عليها تقديم التنازلات والإبتعاد عن السياسات السابقة التي كانت سببًا فيما وصل إليه البلد من تردي بالخدمات وتراجع في شتى القطاعات”.

يسعى لإجراء إصلاح تدريجي..

وعن أصل جميع تلك الأزمات سياسي وفق، “ريناد منصور”، باحث لدى برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى مؤسسة “تشاتهام هاوس”، والذي كتب في (فورين بوليسي)؛ أن النخبة السياسية في “العراق” أصبحت، في السنوات الأخيرة، أقل قدرة على تلبية حاجات مواطنيها.

وفيما يواصل المحتجون في شوارع “بغداد” وجنوب البلاد انتفاضتهم، تنشغل النخبة السياسية في نزاعات وتتنافس للسيطرة على الوزارات وما تبقى من خزينة الدولة.

ورغم هذا الوضع البائس، يرى الكاتب أن رئيس الوزراء العراقي الجديد ليس ثوريًا سيقلب النظام رأسًا على عقب، وإنما سيسعى إلى إجراء إصلاح تدريجي، ويعمل ضمن النظام القائم. وتركز رؤيته لإجتياز المأزق بين العراقيين والنخب السياسية – والانقسام السياسي بين النخب أنفسها – على محاولة تحقيق توازن جديد بين الإصلاح والوضع الراهن.

وحسب الكاتب، ليس “الكاظمي” أول رئيس وزراء جديد يأتي بوعود لإجراء إصلاح كاسح. وتكشف أيامه الأولى كرئيس للوزراء عن لمحات بشأن التحديات التي سيواجهها – وفرصه في تجاوزها.

تحقيق إستراتيجيته بالتعامل مع “صالح”..

ولتحقيق إستراتيجيته، سوف يعمل بشكل وثيق مع الرئيس العراقي، “برهم صالح”، الذي كان له دور رئيس في منع ترشيح أسماء محددة لرئاسة الوزارة. فقد اختارت كتلة (فتح)، المرتبطة بقوات (الحشد الشعبي) محافظ البصرة، “أسعد العيداني”؛ الذي كان مكروهًا بشدة من قِبل المحتجين، ولكن الرئيس رفضه وهدد بالتخلي عن رئاسته الفخرية اعتراضًا على تسميته.

ومنذ البداية، أراد “صالح” ضمنًا اختيار “الكاظمي”. وهكذا أصبح الرجلان اللذان يتميزان بعقلية ليبرالية، “الكاظمي” و”صالح”، يشغلان أرفع موقعين في السياسات العراقية.

إقناع المحتجين بتمثيل صوتهم..

ويلفت “منصور” إلى أن إقناع “الكاظمي”، المحتجين، بأنه يُمثل صوتهم يُشكل إستراتيجية أولية له. فقد خسرت الحكومة العراقية، خلال السنوات الماضية، قدرًا واسعًا من شرعيتها: فقدت المصداقية للتحدث باسم مكوناتها، أو القدرة على توفير فرص العمل، ولجأت، عوض ذلك، إلى العنف لقمع المحتجين. وقتل ما يزيد عن 600 محتج، وجرح عشرات الآلاف منذ بدء الاحتجاجات، في تشرين أول/أكتوبر 2019.

وفي إشارة رمزية، سارع “الكاظمي” إلى ترقية، الجنرال “عبدالوهاب الساعدي”، الذي أشعل استبعاده من “جهاز مكافحة الإرهاب”، في نهاية أيلول/سبتمبر 2019، احتجاجات واسعة النطاق. وعندما قتلت مجموعات مسلحة أحد المحتجين في “البصرة” في أول أسبوع له في رئاسة الوزراء، أصدر بيانًا طالب فيه بإجراء تحقيق في عمليات قتل واعتقال المحتجين، وقال أنه سيُشكل لجنة للتحقيق.

تحويل الإشارات الرمزية لتغيير بناء..

إلا أن الكاتب يتسائل عما إذا كان “الكاظمي” قادرًا على تحويل تلك الإشارات الرمزية إلى تغيير بناء. وجاءت أولى الإشارات من خلال محاولته تشكيل حكومته.

ويتوقع الكاتب أن يلعب “الكاظمي” لعبة قاسية وأن يسعى لتشكيل مجلس من الحلفاء. فقد شاء لحكومته أن تعكس مطالب الاحتجاجات الشعبية وعامة السكان، لا النخب السياسية. وتقوم السياسات العراقية على المحسوبيات، حيث تعتمد الأحزاب السياسية في سيطرتها على الوزارات لضمان المكاسب الاقتصادية والسلطة.

وعوض انتظار الأحزاب لتقديم ترشيحاتها المفضلة، كما تفعل عادة، أرسل للأحزاب أسماء مرشحيه، فإما يوافقون عليها أو يرفضونها.

وضمن “الكاظمي”، في بداية الأمر، 15 من 22 وزيرًا، وفقد عددًا من حلفائه المقربين الذين اختارهم سابقًا لمجلسه الوزاري. وانتظرت الأحزاب حتى اللحظة الأخيرة لإنتزاع تنازلات.

محاولة تطوير التحالفات..

ويشير كاتب المقال إلى أن “الكاظمي” سيحاول تطوير تحالفات في محاولته لإجراء تغيير تدريجي، ولكن عليه أيضًا ممارسة لعبة الأحزاب عبر تقديم حصة من الغنائم إليها.

كما تدور معركة “الكاظمي” الرئيسة حول مكتب رئيس الوزراء، مؤسسة قوية تضم “مجلس الأمن القومي” و”لجنة قوات الحشد الشعبي” و”جهاز الاستخبارات العراقية”. وقد تخلى سلفه، “عادل عبدالمهدي”، عن كثير من سلطته فوق هذا المكتب لصالح أحزاب سياسية، وخاصة الصدريين و(فتح). كما وصل الأمر لدرجة أن “عبدالمهدي” فقد السيطرة على دائرته المصغرة من المستشارين الذين أصبحوا وكلاء للأحزاب السياسية.

وفي سياق متصل، إنخرط “الكاظمي” في حوار إستراتيجي مع “الولايات المتحدة”، وخاصة بشأن قضايا أمنية، بهدف استعادة الثقة في أعقاب فشل حكومة “عادل عبدالمهدي”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب