25 ديسمبر، 2024 4:42 م

العراق مازال “حفرة الجحيم” المستمرة .. من بغداد إلى كييف “أميركا” تشعل العالم حروبًا وتجني الأرباح !

العراق مازال “حفرة الجحيم” المستمرة .. من بغداد إلى كييف “أميركا” تشعل العالم حروبًا وتجني الأرباح !

وكالات – كتابات :

وصف مركز (مؤسسة مستقبل الحرية) الأميركي؛ “العراق”، بأنه أصبح بمثابة: “حفرة الجحيم التي صنعتها مؤسسة الأمن القومي الأميركية”، مسّتعيدًا من منظور تاريخي كيفية تحوّل شكل السلطة الأميركية؛ منذ تأسيسها، عندما كانت ترفض مقاتلة: “الوحوش في الخارج”، وصولاً إلى مرحلة البحث عن أعداء من النازيين إلى الشيوعيين إلى “صدام حسين”؛ وصولاً إلى الإرهاب الإسلامي.

وبداية ذكّر المركز الأميركي في تقريرٍ له تحت عنوان: “الدروس الحقيقية من حرب العراق”، بأن “الولايات المتحدة” تأسست كجمهورية ذات حكومة محدودة، حيث: “كان أسلافنا يعتقدون أن التهديد الأكبر لحريتهم ورفاههم لا يكمن في تهديد خارجي ما، بل في حكومتهم نفسها”.

وأوضح التقرير الأميركي أن: “أسلافنا كانوا يُعارضون بشدة ما يُطلقون عليه: (الجيش الدائم)، والذي كانوا يقصدون به مؤسسة عسكرية كبيرة وقائمة بشكلٍ دائم، ولهذا لم يكن لدى الولايات المتحدة سوى قوة عسكرية صغيرة كجزء من جمهوريتها ذات الحكومة المحدودة”، مضيفًا أن: “أسلافنا أدركوا أن المؤسسات العسكرية الكبيرة والقوية كانت تاريخيًا هي الوسّيلة التي تفرض بها الانظمة الاستبدادية إرادتها على مواطنيها”.

وتابع التقرير قائلاً إن: “السياسة الخارجية المؤسسة لأميركا تتمثل بسياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو ما تم التعبير عنه في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأسبق؛ جون كوينسي آدامز، أمام الكونغرس في الرابع من تموز/يوليو العام 1821، والذي كان بعنوان: (البحث عن الوحوش لتدميرها)، حيث قال في ذلك الخطاب أن الكثير من الأمور السيئة تحصل في كافة أنحاء العالم، مثل الطغيان، والقمع، والحرب، والصراع، والمجاعة، والثورات وغيرها، وبرُغم ذلك، فإنه وفقًا لسياسة عدم التدخل، فإن الولايات المتحدة لن تتدخل لقتل أي من هؤلاء الوحوش”.

كما ذكر التقرير بأن “الولايات المتحدة” كانت بلدًا مفتوحًا أمام المهاجرين من أنحاء العالم، وأن نظامها الاقتصادي التأسيسي كان يدعو إلى عدم فرض ضرائب على الدخل، والضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، والإعانات الزراعية ومنح التعليم، ودور الاحتياطي الفيدرالي، والرعاية الاجتماعية، المسّاعدات الخارجية، بالإضافة إلى وجود (البنتاغون)، و”وكالة المخابرات المركزية”، و”وكالة الأمن القومي” و”مكتب التحقيقات الفيدرالي”، وهو نظام استمر لأكثر من 150 سنة، مضيفًا أنه رغم أن الوضع لم يكن مثاليًا دائمًا إلا أن هذا النظام نجح في خلق الأمة الأكثر حرية وازدهارًا والأكثر إحسانًا في التاريخ.

البحث عن عدو..

إلا أن التقرير الأميركي لفت إلى أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بدأت أعداد متزايدة من الأميركيين في الدعوة إلى وجهة جديدة، تعتمد على وجود حكومة أكثر قوة، على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وتابع التقرير؛ أن التغيير الأكبر تحقق بعد الحرب العالمية الثانية؛ عندما تم تحويل الحكومة الفيدرالية من جمهورية ذات حكومة محدودة، إلى دولة الأمن القومي، التي شبهها التقرير بالأنظمة الشمولية؛ حيث يُمارس المسؤولون الحكوميون سلطات مطلقة، مثل صلاحيات الاغتيالات والتعذيب والاعتقالات المفتوحة زمنيًا.

وبحسّب تقرير المركزي الأميركي؛ فإن هذا التغيّير الضخم جرى حتى من دون تمرير تعديل دستوري، وذلك من خلال استخدام مبرر وجود مؤامرة شيوعية مفترضة انبثقت من “موسكو” هدفها غزو العالم، بما في ذلك “الولايات المتحدة”، وأنه من أجل أن تتمكن “الولايات المتحدة” من الانتصار في هذه الحرب الباردة، فإنه يتحتم عليها أن تتخلى: “مؤقتًا” عن نظامها الحكومي التأسيسي المتمثل في جمهورية ذات حكومة محدودة لصالح نظام شبيه بالشمولية؛ وهو يجمع (البنتاغون)، و”المجمع الصناعي العسكري” الضخم، و”وكالة المخابرات المركزية” و”وكالة الأمن القومي”.

وذكر التقرير؛ أن المفارقة كانت تتمثل في أن “الاتحاد السوفياتي” كان شريكًا وحليفًا لـ”الولايات المتحدة” خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن بعد الحرب، قال المسؤولون الأميركيون للشعب الأميركي أن لديهم الآن عدوًا رسّميًا جديدًا، وهو العدو الذي يمكن القول أنه يُمثل تهديدًا أكبر من “ألمانيا النازية”، وهو “الاتحاد السوفياتي” و”الشيوعية الملحدة”.

وتابع التقرير أنه من أجل ضمان موافقة الشعب الأميركي على فرض التغيير في شكل الحكومة، فقد تم نصح الرئيس؛ “هاري ترومان”، بإثارة خوف الأميركيين من التهديد الذي تُمثله “الشيوعية” و”الاتحاد السوفياتي”، بالإضافة إلى “الصين الحمراء” و”الأنظمة الشيوعية” الأخرى، مضيفًا أنه طوال: 45 عامًا تقريبًا، أن الخوف من الشيوعيين الذي تم غرسّه في الشعب الأميركي، لم يضمن فقط استمرار وجود “مؤسسة الأمن القومي” فحسّب، بل أيضًا الأموال المتزايدة من السّخاء الممول من الضرائب لصالح (البنتاغون) ووكالة (سي. آي. إيه)، و”وكالة الأمن القومي”، والعدد المتزايد من المقاولين العاملين لصالح (البنتاغون).

من العدو القادم بعد “الشيوعية” ؟

وأضاف التقرير أنه؛ في العام 1989، انتهت الحرب الباردة فجأة وبشكلٍ غير متوقع، بعد القرار الذي اتخذته “روسيا” بتفكيك “الاتحاد السوفياتي”، مشيرًا إلى أن “مؤسسة الأمن القومي” الأميركية خسّرت عدوها الرسّمي، العدو الذي افترضت أنه سيستمر إلى الأبد.

وبينما كان المفترض أن يُشّكل هذا الوضع نهاية طبيعية لـ”دولة الأمن القومي”، وأن يستعيد الأميركيون حقهم بنظامهم؛ نظامهم التأسيسي المتمثل في جمهورية ذات حكومة محدودة، إلا أن التقرير أعرب عن الأسف لأن ذلك لم يتحقق، لأنه بعدما يجري تحويل نظام إلى دولة أمن قومي، يُصبح من الصعب إقناع مؤسسة الاستخبارات والعسكر القوية، أن تختفي، موضحًا أنه لم يكن هناك أي احتمال بأن (البنتاغون)، ووكالة (سي. آي. إيه)، و”وكالة الأمن القومي” كانوا على وشك القيام بذلك بشكل طوعي، وإنما صاروا بحاجة إلى: “عدو رسّمي جديد” ليحل مكان “الاتحاد السوفياتي” و”الشيوعية”.

ولهذا؛ قال التقرير أن تم إدخال الدكتاتور العراقي؛ “صدام حسين”، الذي أصبح العدو الرسّمي الجديد لـ”أميركا”، حيث وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه: “هتلر الجديد”، وأنه مثله مثل “ألمانيا النازية”؛ ومن ثم “السوفييت الحمر”، كان قادما للنيل من الأميركيين، وتواصلت معزوفة: “صدام، صدام، صدام” أمام الأميركيين طوال التسعينيات.

لكن التقرير أشار إلى أن المفارقة هنا أيضًا تتمثل في أن “صدام حسين”، مثله مثل “الاتحاد السوفياتي”، كان في السابق شريكًا وحليفًا لـ”الولايات المتحدة”، حيث كان المسؤولون الأميركيون خلال الثمانينيات يدعمونه في حربه ضد “إيران”؛ ويزودونه بأسلحة الدمار الشامل التي سيجري استخدامها لاحقًا كذريعة لغزو “العراق”.

وبعدما لفت تقرير المركز الأميركي؛ إلى أن المسؤولين الأميركيين كانوا يُريدون الانتقام من الإيرانيين ولم يغفروا لهم لأنهم اسقطوا: “الشاه الوحشي غير المنتخب” العام 1979؛ بعد الانقلاب الذي نسّقته الـ (سي. آي. إيه) للإطاحة برئيس الوزراء المنتخب؛ “محمد مصدق”، في العام 1953، قال أن الأميركيين كانوا حريصين على مساعدة “صدام” لكي يقتل الإيرانيين، وبرُغم ذلك فإنه بمجرد أن أصبحت “دولة الأمن القومي” الأميركية، بحاجة إلى وجود عدو جديد انقلبت على “صدام”، تمامًا كما انقلبت على “الاتحاد السوفياتي” من قبل.

وتابع التقرير أنه عندما غضب “صدام” إزاء عمليات تنقيب تقوم بها “الكويت”؛ متهمًا إياها بسّرقة “النفط العراقي”، فإن المسؤولين الأميركيين أظهروا لامبالاة، وعندما غزا “صدام”؛ “الكويت”، تغيّر كل شيء، وأصبح العالم فجأة في مواجهة: “هتلر الجديد”، الذي من المفترض، إذا لم يتم إيقافه، فإنه سيقوم بغزو العالم.

وبرغم محدودية قوة الجيش العراقي؛ المُصنّف بالدرجة الثالثة، قال التقرير أن ما كان يهم “مؤسسة الأمن القومي” الأميركية أنه أصبح لديها عدو رسّمي جديد، على الأقل مؤقتًا، وخاصة منذ سمح الرئيس؛ “جورج بوش الأب”: لـ”هتلر الجديد”، بالبقاء في السلطة بدلاً من الاطاحة به بالقوة.

العقوبات على “العراق”..

وذكر التقرير؛ أنه لم يكن من المسّتغرب أن “الولايات المتحدة” انتصرت في الحرب بسّهولة. وبعدما أشار إلى تدمير البُنية التحتية العراقية عن قصّد، واستهداف العراقيين بالعقوبات كوسّيلة لدفع “صدام” إلى التنحي عن الحكم واستبداله بديكتاتور آخر موالي لـ”الولايات المتحدة”، قال التقرير بأن معاناة العراقيين خلال التسعينيات، جعلت هناك غضب يغلي في الشرق الأوسط، وكان المعلقون يُحذرون “الولايات المتحدة” من إنها إذا استمرت في عمليات القتل بالعقوبات هذه، فسوف تكون هناك حتمًا هجمات إرهابية انتقامية على الأراضي الأميركية.

وفي هذا السياق؛ لفت التقرير إلى حوادث عدة من بينها إطلاق النار على مسؤولي (سي. آي. إيه)؛ في “ماكلين” (فيرجينيا)، والهجوم على “مركز التجارة العالمي”؛ العام 1993؛ (نيويورك)، والهجوم على المدمرة الأميركية؛ (يو. إس. إس. كول)؛ (اليمن)، بالإضافة إلى هجمات أخرى استهدفت “الولايات المتحدة” مثل تفجير السفارات في “شرق إفريقيا”، حيث كان الإرهابيون يستشهدون بآلة القتل التي تستخدمها الحكومة الأميركية في الشرق الأوسط كدافع لهم.

الحرب على الإرهاب..

وقال التقرير أن الحكومة الأميركية تجاهلت كل هذه التحذيرات؛ وعندما وقّعت الهجمات الحتمية في 11 أيلول/سبتمبر العام 2001، أصبح لـ”مؤسسة الأمن الوطني الأميركية” الآن عدو رسّمي آخر هو الإرهاب؛ (وبدرجة ما الإسلام).

وتابع التقرير أن (البنتاغون) و(سي. آي. إيه) و”وكالة الأمن القومي” انطلقوا إلى ميدان السّباق مجددًا، حيث حل الإرهاب كعدو رسّمي جديد لـ”أميركا”، ليحل محل: “الشيوعية الملحدة” ومحل “صدام حسين”.

واعتبر التقرير أن: “الإرهاب قد يكون عدوًا رسّميًا أفضل من الشيوعية الملحدة ومن صدام، لأنه من المُرجّح أن يستمر لفترة أطول، خاصة وأن الخوف الناتج عن هجمات 11 أيلول/سبتمبر، استخدم لتبرير الغزوات غزو واحتلال أفغانستان والعراق”. وأضاف أنه في ظل عمليات القتل المتواصلة التي جرت خلال هاتين العمليتين العسكريتين، أصبح خطر الإرهاب متواصلاً أيضًا، ولهذا جرى وصف الحرب على الإرهاب بأنها الحرب الدائمة، لكن غزو واحتلال “أفغانستان” و”العراق” أصبح أعظم آلة لإنتاج الإرهاب في التاريخ.

حرب باردة متجددة..

وفي الوقت نفسه؛ قال التقرير إن المسؤولين الأميركيين، لم يفقدوا الأمل بتاتًا في إحياء حربهم الباردة القديمة ضد “روسيا”، وهم طوال الفترة التي كانوا يستخدمون فيها “صدام حسين” باعتبار أنه: “هتلر الجديد”، كعدو رسّمي جديد لهم، كان (البنتاغون) يستخدم حلف الـ (ناتو) لكي يتوسّع شرقًا من خلال استيعاب الدول السابقة في حلف (وارسو)، وهو ما سيُمكّن (البنتاغون) من نشر قواته وصواريخه بشكلٍ أقرب إلى حدود “روسيا”.

وتابع التقرير أنه لم يكن غريبًا أن تعترض “روسيا”، تمامًا كما اعترضت حكومة “الولايات المتحدة” عندما قام “الاتحاد السوفياتي” بنشر صواريخه في “كوبا”؛ في العام 1962. وأضاف أن (البنتاغون) تجاهل الاعتراضات الروسية بطبيعة الحال، وهو ما قاد في نهاية المطاف إلى العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا” وحرب “الولايات المتحدة” بالوكالة ضد “روسيا”.

وختم التقرير بالقول إن “دولة الأمن القومي الأميركية”، أصبحت تتمتع الآن بأفضل الأوضاع والمتمثلة بتجديد حربها الباردة ضد “روسيا”؛ وأيضًا استمرار حربها ضد الإرهاب، بينما تستمر أموال دافعي الضرائب في التدفق إلى خزائن (البنتاغون)، و”وكالة الاستخبارات المركزية”، و”وكالة الأمن القومي”، وجيش المقاولين الشّرهين المتعاونين، مضيفًا أن: “كل ذلك هو من أجل إبقائنا آمنيّن من الأعداء الذين أنتجوهم”.

وخلص التقرير إلى القول أن “العراق”، الذي لا يزال محتلاً، يظل بمثابة حفرة الجحيم التي صنعتها “مؤسسة الأمن القومي الأميركية”، تحت عنوان: “عملية حرية العراق”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة