أظهرت نقاشات على مستوى عال خلال استضافة البرلمان العراقي اليوم لوزراء المالية والتخطيط والنفط صعوبة اصدار موازنة البلاد للعام الحالي 2014 بسبب العجز الذي تواجهه وانخفاض انتاج واسعار النفط واستمرار الاوضاع الامنية المضطربة وان الاتجاه يسير نحو اصدار الحكومة بيانات بألايرادات والنفقات والعجز وآلية معالجته إلى مجلس النواب للمصادقة عليها بدلا من الموازنة المعطلة.
وخلال نقاشات مستفيضة للنواب العراقيين لاوضاع البلاد الملية خلال استضافة امجلس النواب لوزراء المالية هوشيار زيباري والنفط عادل عبد المهدي والتخطيط سلمان الجبوري اليوم الخميس واطلعت على تفاصيلها الكاملة “أيلاف” وفقا لتقرير تسلمته من ألمكتب الاعلامي للبرلمان عن اتجاه قوى لعدم اصدار موازنة العام الحالي 214 لقصر المدة المتبقية منه والاستعاضة عنها باصدار مجلس الوزراء بيانات للايرادات والنفقات والعجز وآلية معالجته إلى مجلس النواب للمصادقة عليها بدلا من الموازنة المعطلة التي اصبحت مادة للسجال وتراشق الاتهامات بين الكتل السياسية وتمت إعادتها إلى مجلس الوزراء مرات عدة لإجراء تعديلات على بعض فقراتها.
لاموازنة لعام 2014 برغم خفض عجزها
وخلال الجلسة البرلمانية فقد اشار زيباري الى وجود قلة في ايرادات النفط الخام المصدر بسبب انخفاض الاسعار وصعوبات الانتاج للظروف الامنية الحالية التي تعاني منها البلاد. واضاف ان الموازنة التي تبلغ مبالغها حوالي 150 مليار دولار كان يخطط لان تكون الاضخم في تاريخ العراق تعاني عجزا يبلغ 79 ترليون دينار (حوالي 70 مليار دولار) وبعد تخفيضه بلغ 77 ترليون وبعد الخصم تراوح مابين 39-36 ترليون دينار (حوالي 30 مليار دولار).
وقال ان مجلس الوزراء شكل لجنة جديدة خلال الشهر الحالي لاعادة تحديد الاولويات المطلوبة بما يؤدي الى تقليص العجز وترشيد النفقات الى اقل ما يمكن بهدف تمويل العجز المخطط حيث تمكنت من تخفيضه لنحو 27 ترليون دينار عراقي (حوالي 22 مليار دولار) . واوضح ان سحب الاحتياطي المرصود من صندوق تنمية العراق خلال 2012 و2013 اثر اقتصاديا وترتب عليه التزامات مالية لعدد من القرارات والقوانين الخاصة بالتعويضات والبطاقة التموينية والمشاريع الكهربائية .
واشار الى وجود مقترحات عدة لمعالجة الامر من بينها الاتفاق مع البنك المركزي لتخفيظ الاحتياط القانوني الى 7 بالمائة بدلا من 15 % وقيام المصرف العراقي للتجارة بمنح وزارة المالية قرضا بمبلغ 3 مليارات دولار واصدار سندات مالية وهو يعني بقاء عجز مالي بنحو 5 ترليون دينار ، مبينا قرب اطلاق دفعة عاجلة من الاموال المتوفرة الى اقليم كردستان والعمل حاليا لاعداد الموازنة المالية لعام 2015 .
واكد وزير المالية صعوبة تقديم موازنة عام 2014 لكن الوزارة ستقدم بيانات مالية بشان الصرفيات مبينا اهمية وجود معالجات سياسية لبعض الجوانب التي تتعلق بالموازنة وعدم وجود اي نية لدى الحكومة او وزارة المالية بمس رواتب الموظفين . ولفت الى وجود ازمة حقيقية في السيولة المالية لكنها لاتصل الى حد الافلاس في ظل وجود نحو 77 مليار دولار كاحتياطي مالي في البنك المركزي لم يتم مسها .
واكد زيباري الى نية وزارة المالية اطلاق الاموال المخصصة لمحافظات نينوى وكركوك وديالى والانبار خلال المرحلة المقبلة ،.. مبينا عدم وجود اي تكاليف او اعباء مالية لقيام قوات التحالف بشن غارات لمكافحة الارهاب .. مشددا على حرص الجميع بمنح اقليم كردستان جميع حقوقه والعمل على اطلاق دفعة مالية للاقليم قريبا كاشفا عن ان مبلغ الطوارئ تم صرفه في مجالات مختلفة.
أسعار النفط المنخفضة تعيق اصدار الموازنة
ومن جهته شدد وزير النفط عادل عبد المهدي انه من غير الممكن تقديم موازنة عام 2014 بسبب تغير اسعار النفط واشار الى عدم حاجة العراق الى ديون اجنبية لان مالديه من موارد تعادل موازنات 4 دول عربية مجاورة لكن المشكلة تتمثل بكون الاقتصاد العراقي احادي يعتمد على النفط مما يفرض على الجميع ان يتفهموا ان الاستمرار بهذه الطريق سيؤدي الى الافلاس .
واكد الوزير امكان الوزارة زيادة الانتاج النفطي بجهد من الحكومة ومجلس النواب خاصة مع وجود مشاكل واضحة بعد جولات التراخيص .. مشددا على الحاجة الى جهد مع منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) لمواجهة وضع السوق النفطي العالمي وانخفاض معدلات النمو العالمي لبعض الدول المستوردة للنفط العراقي.
أما وزير التخطيط سلمان الجميلي فقد اوضح ان الموازنة الاستثمارية كانت متماشية مع الخطط الامنية والتنموية لكنها شهدت تغييرات عديدة مشيرا الى ان وزارته تعكف حاليا على تقليص العجز منوها الى وجود متابعة لمستوى الانجاز المتعلق بالمشاريع .
واشار الى ان وزارتي الدفاع والداخلية لها النسبة الاكبر من الموازنة الاستثمارية مبينا ان الوزارة اعتمدت اجراءات لاعادة ترتيب اولوياتها داعيا الى اعادة النظر بكثير من السياسات المالية مرجحا عدم وصول الوضع الى حالة التقشف وانما الى ترشيد الصرف.
النواب قلقون ويدعون لمعالجات
وفي مداخلات النواب اكدت النائبة ماجدة التميمي رئيسة اللجنة المالية ضرورة معرفة تكاليف الحرب ضد الارهاب داعية الى وضع رؤية ستراتيجية مختلفة عن المرحلة السابقة وطالبت باعادة النظر باسعار العقارات التي تبيعها الدولة . ودعت النائبة نجيب نجيب الى ارسال الحصة المالية لاقليم كردستان وضروة اتخاذ اجراءات لدفع رواتب البيشمركة اسوة بالحشد الشعبي متسائلة عن امكانية تدوير الاموال .
ولفت النائب عدنان الجنابي الى ان الوحدة الوطنية يمكن لها ان تسهم بتغيير الاقتصاد الريعي ودعم الزراعة مشيرا الى وجود قرارات غير قانونية اتخذتها الحكومة لصرف الاموال من ضمن الموازنة حاثا وزارة النفط على تسهيل عمل الشركات النفطية .
واستفسر النائب هيئم الجبوري عن مسالة التزام عدد من الوزارات بشان توقيع عقود مشاريع من دون موافقة وزارة التخطيط او اقرار الموازنة داعيا الى تصدير النفط عبر اقليم كردستان والى اعادة النظر بسعر برميل النفط ضمن الموازنة المقبلة.
من جهته دعا النائب فارس البريفكاني الحكومة الى اتخاذ اجراء فوري لصرف رواتب اقليم كردستان .. فيما طالبت النائبة علا عودة بمعالجة ظاهرة التهرب الضريبي والعمل على الاستفادة من السيولة المالية في الاسواق العراقية . واشار النائب محمد ناجي الى ان 95 % من الموازنة المالية تعتمد على النفط وهو امر لايمكن القبول باستمراره .. متساءلا عن طبيعة الاجراءات المتخذة من قبل الحكومة لمواجهة تدهور اسعار النفط عالميا.
وشدد النائب عباس البياتي على ضرورة العمل بشكل جاد على منع غسيل الاموال وأهمية تقليص الاموال المخصصة للجوانب الاستهلاكية في دوائر الدولة.
اما النائب احمد المساري فقد استفسر بشان وجود محاولات للتصرف من احتياطي البنك المركزي العراقي. واستفسر النائب عزيز العكيلي عن توقيت صرف حصة المحافظات من البترودولار وطريقة اطفاء السلف من 2008 ولغاية 2013 . ورأى النائب علي البديري ضرورة ان تقوم الحكومة بوضع ستراتيجية واضحة للقطاع الزراعي ودعم المحافظات الزراعية.
واشارت النائبة نورة البجاري الى وجود 6 الاف مشروع كبير مما يتطلب ان يكون لوزارة التخطيط دور في انجازها . وطالب النائب ابراهيم بحر العلوم الحكومة والسياسيين بالبحث عن حلول حقيقية لمشكلة العجز المالي في الموازنة.
اتجاه للتقشف
وكان اجتماع للجنة الوزارية العراقية المكلفة بالسياسات المالية للبلاد برئاسة وزير المالية هوشيار زيباري الثلاثاء الماضي وبمشاركة وزراء الداخلية والكهرباء والصحة والتخطيط والتعليم العالي والتجارة ومحافظ البنك المركزي ورئيس هيئة المستشارين والامانة العامة في مجلس الوزراء وخبراء وزارة المالية قد اكد على ضرورة تقليص النفقات غير الاساسية في تخصيصات وزارات وهيئات الدولة قدر المستطاع لتفادي تفاقم الازمة المالية والسيولة النقدية التي تواجهها البلاد وامكانية تمويل العجز من عدد من المصادر المتوفرة للفترة الباقية من السنة المالية .
ويقول مسؤولون عراقيون ان العجز الكبير الذي تواجهه الدولة بمليارات الدولارات مفاجئ لان مسودة قانون الموازنة التي اعدتها حكومة نوري المالكي السابقة انطوت على مبالغات بشأن عوائد النفط المتوقعة وامتلأت بالتزامات مالية ثقيلة دفعت السلطة التنفيذية الى طلب مراجعة عقود تسليح والتزامات عسكرية .
وكانت اللجنة النيابية المختصة كشفت مطلع الشهر الحالي إن حكومة المالكي أنفقت كل المبالغ المتأتية من عوائد النفط للشهور السبعة الاولى من العام الحالي رغم أنها لم تدفع مبالغ البترودولار للبصرة وباقي المحافظات المنتجة كما لم تدفع موازنة كردستان فضلا عن نفقات أخرى متوقفة في المحافظات التي سقطت بيد داعش ما يشير الى زيادة كبيرة في الإنفاق وعدم تحسب لحصص محافظات مهمة ظلت تنتظر إطلاق أموالها أو مرتبات موظفيها.