العراق بين تظاهرات “الصدري” ودعوات الحوار مع “التنسيقي” .. لمن تكون الغلبة ؟

العراق بين تظاهرات “الصدري” ودعوات الحوار مع “التنسيقي” .. لمن تكون الغلبة ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خضم التوترات السياسية التي تعكس حالة الانقسام التي يشهدها “العراق”، تظاهر مئات من مناصري (الإطار التنسيقي)، المنافس لزعيم (التيار الصدري)، أمس الإثنين؛ قرب “المنطقة الخضراء” المُحّصنة في “بغداد”، وفي المقابل، يواصل مناصرو “الصدر” اعتصامهم في البرلمان لليوم الثالث، وذلك بعد اقتحامهم البرلمان مرتين، وباشروا داخله اعتصامًا منذ السبت، رفضًا لترشيح “محمد شيّاع السوداني”، من قِبل (الإطار التنسيقي)، لرئاسة الحكومة.

وبتلك الخطوة، أظهر “الصدر”؛ الذي يملك قاعدة شعبية واسعة أنه لا يزال قادرًا على تحريك الجماهير لأهدافه السياسية.

وكمحاولة لدرء الفتنة، دعا زعيم (التيار الصدري) في العراق؛ “مقتدى الصدر”، أمس الإثنين، “متظاهري المحافظات إلى العودة لمنازلهم”.

وقال “صالح محمد العراقي”؛ وزير زعيم (التيار الصدري)، مخاطبًا متظاهري المحافظات، عبر حسابه على (تويتر): “شكرًا لكم.. مظاهرات المحافظات رفعة رأس”. وأضاف: “أقيموا الصلاة وعودوا سالمين غانمين، ولا تنسوا المعتصمين في مجلس الشعب من دعائكم”.

وكان قد وصف “الصدر” التطورات السياسية التي يشهدها “العراق”، بأنها فرصة لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات، معتبرًا أن العراقيين اليوم “على المحك”، فيما دعت اللجنة التنظيمية التابعة لـ (الإطار التنسيقي) إلى التظاهر؛ أمس الإثنين، عند “المنطقة الخضراء” بعد: “تطورات تُنذر بانقلاب مشبوه”.

وأضاف “الصدر”؛ في تغريدة على (تويتر) أنه إما أن يكون “العراق” شامخًا بين الأمم أو أن يكون تابعًا يتحكم فيه الفاسدون وتُحركه أيادٍ خارجية. وقال زعيم (التيار الصدري): “أدعو الجميع لمناصرة الثائرين للإصلاح، لا تحت لوائي، بل تحت لواء العراق وقرار الشعب”. وأضاف أن: “هذه فرصة لتبديد الفساد والمحاصصة والطائفية، وآمل ألا تتكرر مأساة تفويت الفرصة الذهبية عام 2016”.

ووصف زعيم (التيار الصدري) الاحتجاجات: بـ”الثورة العفوية السلمية التي حررت المنطقة الخضراء كمرحلة أولى”، معتبرًا أنها: “فرصة ذهبية لكل من اكتوى من الشعب بنار الظلم والإرهاب والفساد والاحتلال والتبعية”.

وشدد “الصدر” على أن: “من سمع داعية الإصلاح ولم ينصرها فسيكون أسير العنف والميليشيات والخطف والتطميع والترهيب والتهميش والذلة ومحو الكرامة”.

ودعا: “الجميع؛ لمناصرة الثائرين للإصلاح، بمن فيهم عشائرنا الآبية وقواتنا الأمنية البطلة وأفراد (الحشد الشعبي) المجاهد”.

إعادة هيكلة النظام السياسي..

ووسط  تلك التطورات المتسارعة، كشف مصدر مقرب من داخل (التيار الصدري) عن: “خطوة حاسمة” يمكن أن يخطوها “مقتدى الصدر” باتجاه إعادة هيكلة النظام السياسي.

وقال المصدر لصحيفة (الشرق الأوسط)؛ إنه لا أحد يعرف حتى الآن طبيعة وشكل تلك الخطوة التي سيُقدم عليها “الصدر”.

كما أضاف أن: “الصدر وتياره؛ يُدركان أن الصيغة السياسية الحالية المبنية على التوافق والمحاصصة السياسية باتت عديمة الفائدة”.

كذلك أوضح أن الصدريين باتوا؛ في الوقت الحالي، يتحدثون عن صيغة لنظام حكم رئاسي وليس برلمانيًا.

وأخيرًا توقع المصدر أن الخطوات السياسية التي قد يُقدم عليها “الصدر” لن تمر بسهولة وستقف أمامها عقبات عديدة وربما مستحيلة، ضمنها المواقف الإقليمية والدولية رغم القبول الشعبي.

كما أردف أنها: “قد تواجه عقبات أخرى من قبل مرجعية النجف ومعظم القوى السياسية التي ينسجم النظام الحالي مع مصالحها الحزبية إلى جانب التعقيدات القانونية والدستورية المتعلقة بكل ذلك”، وفق قوله.

شروط “الصدر” لقبول الحوار..

وبالأمس؛ قال المسؤول في (التيار الصدري) في العراق؛ “صالح محمد العراقي”، إن الزعيم “مقتدى الصدر”؛ قد حدد شروطًا لقبول دعوة الحوار مع (الإطار التنسيقي).

وبحسب “العراقي”؛ فإن “الصدر” اشترط لقبول الحوار، انسحاب زعيم تحالف (الفتح)؛ “هادي العامري”، وكتلته من (الإطار التنسيقي).

كذلك طلب “الصدر”؛ من “العامري”: “تحديد ضامن لكي نُنقذ العراق من أنياب الفساد”، على حدّ تعبيره.

وأشار “العراقي” إلى أن “الصدر” أكد ضرورة إصدار “العامري”: لـ”استنكار صريح لكلام (سبايكرمان)”، ويقصد ما صرّح به “نوري المالكي”؛ في التسريبات قبل أيام.

وكان (الإطار التنسيقي)؛ قد رحب بمبادرة رئيس إقليم كُردستان؛ “نيجيرفان بارزاني”، والتي دعت لعقد حوار في “أربيل” بين كل الأطراف السياسية.

استخدام المقدمات لتهدئة الشارع..

وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل العراقي؛ “هاشم عبدالكريم”، إن الأزمة في البلاد تزداد تعقيدًا في ظل إصرار كل طرف على مطالبه، فبعد 10 أشهر على الانتخابات يعيش “العراق” شللاً سياسيًا، حيث لم يتم التوافق لا على رئيس ولا رئيس وزراء جراء الانقسامات بين الفرقاء الشيعيين.

وأضاف “عبدالكريم”، في تصريحات لـ (سكاي نيوز عربية)، أن السياسات الخاطئة التي يقوم بها (الإطار التنسيقي)؛ وضعت “العراق” على الهاوية بسبب انسداد الأفق السياسي، مؤكدًا على ضرورة أن يتدارك الجميع الأمر قبل حدوث “تسونامي شعبي” يطال الجميع.

وحول مبادرة “بارزاني”، قال إنه لكي يستجيب المتظاهرون أو (التيار الصدري)، على قوى (الإطار التنسيقي) تهدئة الشارع عبر مقدمات تتضمن سحب ترشيح؛ “محمد شيّاع السوداني”، ومن ثم الجلوس والتفاوض.

وأكد على أن العراقيين يحتاجون إلى تغيير حقيقي وليس شكليًا، ومن ثم الإبقاء على نفس السياسات التي أوصلت البلاد إلى الأوضاع الحالية، لا بد من إلغاء المحاصصة فهناك غضب بالشارع ضد مشروع التوافقية بعد فشله على مدار السنوات السابقة، محذرًا من أن إستراتيجية التظاهر تغيرت وأصبحت اعتصامًا وقد يتوسع إلى مواجهات مسلحة وإقتتال أهلي.

وأشار إلى أن سوء الأحوال السياسية؛ السبب الرئيس في تردي الخدمات العامة وارتفاع معدل الفقر وانتشار البطالة على الرغم من الثروة النفطية، لافتًا إلى أن ما يحدث بيئة خصبة لتنظيم (داعش)؛ ويُنذر بكارثة أمنية.

فرصة أخيرة..

وناصر الشباب الناقم على التركيبة السياسية دعوة “الصدر”، ويرى هؤلاء اغتنام دعوة “الصدر”، بينما يُحذر آخرون من احتمال تخلي “الصدر” عنهم لحظة حصوله على مكاسب لتياره؛ بعد التفاوض مع القوى الشيعية التي دعته للحوار مجددًا.

فدعم رئيس تحرير صحيفة (الصباح) الرسمية؛ “أحمد عبدالحسين”، بيان “الصدر”، ووصفه بأنه: “الأجرأ” منذ تشكيل النظام السياسي بعد عام 2003؛ لأنه: “خالٍ من الضبابية، ويدعو لتغيير العملية السياسية برمتها”.

ويتطلَّع “عبدالحسين” إلى أن يكون: “تعديل الدستور وتأسيس عقد اجتماعي جديد من أولى مهام التغيير”؛ لأن: “ثورة الصدريين الآن فعلاً فرصة أخيرة”، مستدركًا: “لكن البيان لم يذكر شكل التغيير ولا آليات تحقيقه”.

عدم الانخراط بين الكتل المتهمة بالقتل والفساد..

بينما توجد وجهة نظر أخرى يتبناها عراقيون دعوا لعدم الانخراط في الصراع بين الكتل المتهمة: بـ”القتل والفساد”.

وفي ذلك؛ يُعلق “علي الدراجي”، مدون، على توجهات “الصدر” بقوله: “أن تكون لك ميليشيا، وأن لا تكون لك كلمة ثابتة، فهذه أسباب لرفضك، لكن يكفي السبب الأول كفاية تامة”. في إشارة إلى ميليشيا (سرايا السلام) للتيار الصدري.

ويُضيف أن: “العمالة للخارج ليست وحدها هي اللاوطنية، فامتلاك الميليشيات أحد أكبر مقوضات الوطنية، والوقوف مع صاحب الميليشيات؛ وإن كان غير تابع للخارج، يعني تدوير المشكلة بدلاً من التخلص منها مرة واحدة”.

خسارة كبيرة للجيش والشرطة..

وفي تقدير الروائي “كامل عبدالرحيم”، فإن: “الخاسر الأكبر” من الأزمة؛ الجيش والشرطة: “اللذان طُعنا في دورهما المزعوم”، و”أكبر الرابحين” المتظاهرون بعد انسحاب القوات الأمنية.

المرجعية تنأى بنفسها عن الصراعات..

ووسط ما يحدث، تتجه بوصلة الأنظار نحو المرجع الشيعي في النجف، “علي السيستاني”، للحيلولة دون تحول الأزمة لصراع مسلح.

ويقول مصدر داخل المرجعية؛ لـ (سكاي نيوز عربية)، إن: “المرجعية تُراقب بحذر ما يجري، وتنأى بنفسها عن هذه الصراعات؛ لأنها جهة دينية لا تُحبذ الدخول في السياسة”.

أما تدخلاتها: “فتكون في القضايا المصيرية التي تُهدد حياة الناس، مثل دخول (داعش) للعراق عام 2014”.

ورجح أنه: “لربما يُصدر شيء من مكتب؛ السيد علي السيستاني، وهذا التدخل إن حصل، يأتي بعدما عجز الجميع عن إيجاد حلول لوأد الفتنة”.

سيناريوهات مفتوحة أمام “العراق”..

ومن جانبه؛ يرى “هاني سليمان”، مدير المركز (العربي) للبحوث والدراسات الباحث في الشأن الإيراني والعلاقات الدولية، إنه في ظل المسارات المتلاحقة والأحداث تؤكد إننا أمام وتيرة متسارعة للغاية، وذلك نابع من حالة الإحتقان التي يشهدها الشارع العراقي وتوتر الأجواء الموجودة في البلاد خلال الفترة الماضية وحالة الاستقطاب الشديدة الموجودة بين القوى السياسية المختلفة .

توقع “سليمان”؛ في تصريحات لـ (صدى البلد)، أن تلك الأحداث تؤكد أن “العراق” إزاء سيناريوهات مفتوحة خلال الفترة القادمة، وهناك احتمالية لتصاعد أعمال العنف والاشتباك خلال الفترة القادمة.

وأشار إلى أن استمرار الأمر على هذا المنوال ليس في مصلحة المواطن العراقي، والشعب العراقي سوف يدفع وحده الثمن وستكون النخبة الانتهازية العراقية؛ على حد وصفه، هي المسؤولة عما ستؤول إليه الأمور والشعب العراقي لن ينسى ذلك.

وأوضح “سليمان” أنه مازالت هناك حالة انفصال بين النخبة من القوى السياسية والأحزاب والشارع العراقي ووجود فجوة كبيرة، وعدم وجود حالة تواصل بين مطالب المواطن العراقي والحالة الاقتصادية؛ وما بين الممارسة على الأرض، وسوف يُشكل ذلك انتكاسة كبيرة من شأنها أن تجعل هناك نوع من التشاؤم حول استقرار الأوضاع بـ”العراق”، وحتى إذا كان هناك استقرار سيكون استقرار هش ووقتي.

ولفت إلى أن “العراق” غير مهييء لمثل هذه الأحداث والأوضاع لا تحتمل مثل هذه الانتكاسة نظرًا لقيام “العراق” بقطع شوطًا كبيرًا نحو الخروج من الاستقطاب الثنائي ما بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”إيران”، وأيضًا غلق باب الطائفية وتشكيل نوع من الوعي لدى الشارع العراقي، ومن المتوقع أن يقوم الشارع العراقي بتوجيه الدفة نحو مصالحه؛ ولكن عليه أن يكون واعي ومُدّرك.

انسداد الطريق السياسي..

ومن جهته؛ يرى الدكتور “رائد عزاوي”، رئيس مركز (الأمصار) للدراسات والأبحاث، أن التطور الذي حدث بـ”العراق”؛ مؤخرًا، من قيام (التيار الصدري) باقتحام “المنطقة الخضراء” مرة أخرى والاعتصام به واللجوء للخطابات الجماهيرية، يدل على أن الطريق السياسي مسدود ولابد من بحث حل آخر لحل العملية السياسية، مضيفًا أن النخبة السياسية في “العراق” لم تُقدم أي شيء سواء على مستوى الخدمات والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة