23 أبريل، 2024 7:27 م
Search
Close this search box.

العراق بمواجهة شبح الصراع الطائفي .. وألاكراد يتحفزون

Facebook
Twitter
LinkedIn

 حين غادر آخر الجنود الأمريكيين العراق هذا الأسبوع بعد نحو تسع سنوات من سقوط الرئيس السابق صدام حسين حرص المسؤولون الأمريكيون على تصوير البلاد على أنها مستقرة وديمقراطية وإن كانت مازالت تعاني من مشاكل. بعد ذلك ببضعة ايام -وبعد ان زال حائط الصد الذي تمثل في الوجود العسكري الأمريكي- انزلق العراق سريعا الى المشاحنات الطائفية التي تضع الشيعة في مواجهة منافسيهم من السنة وتهدد بتدمير اتفاق اقتسام السلطة الهش بينهم بعد عام واحد فقط.

وسعت حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي يقودها الشيعة الى اعتقال طارق الهاشمي النائب السني للرئيس العراقي واتهمته بالتخطيط لاغتيالات فيما طالبت البرلمان بفصل خصم آخر هو النائب السني صالح المطلك بعد أن قارن المالكي بصدام.

وصور رسم كاريكاتيري بجريدة الصباح الأزمة: جنديان أمريكيان بملابسهما العسكرية يتحدثان ويديران ظهريهما لثلاثة رجال يتشاجرون للحصول على حصة من العراق. ويقول جندي أمريكي للآخر وهما يبتعدان “لقد تركناهم في سلام ووئام.”

وتزايد استياء السنة بالعراق منذ صعود الأغلبية الشيعية بعد سقوط صدام ويشعر الكثير من قيادات الأقلية السنية الآن أنهم همشوا وتجاهلهم في هيكل السلطة زعيم يصفونه بأنه يزداد استبدادا.

ونجح الشيعة في الوصول بصعوبة الى اتفاق لاقتسام السلطة مع القائمة العراقية المدعومة من السنة وتكتلات كردية. ومر عام على اتفاق اقتسام السلطة منذ الانتخابات المتنازع عليها التي جرت عام 2010 ويقضي باقتسام المناصب المهمة فرئيس الوزراء شيعي ورئيس البلاد كردي ورئيس البرلمان سني.

وتهدد تحركات المالكي ضد اثنين من منافسيه من القائمة العراقية والصراع بين رئيس الوزراء الشيعي ومعارضيه السنة بالتحول الى صراع أوسع نطاقا في العراق حيث المشاعر الطائفية قريبة دوما من السطح.

ويقول زعماء شيعة إن الإجراءات تستهدف أفرادا بعينهم وليس السنة في العموم لكن توقيت التحرك ضد خصمين مع انسحاب الأمريكيين يذكي على نحو خطير مخاوف السنة من محاولة الشيعة فرض مزيد من الهيمنة.

وقال ستيفن بيدل من مجلس العلاقات الخارجية “المناورات من هذا النوع تنطوي دائما على مخاطر. فيما مضى كانت الولايات المتحدة تستخدم نفوذها كثيرا لإقناعه بالتراجع وقد ساعد الوجود العسكري الأمريكي في طمأنة السنة الذين يشعرون بالتوتر .. و”الآن بالطبع ليس هناك وجود عسكري ونفوذ الولايات أقل كثيرا. هذا يجعل الرهان والمخاطر اكبر.”

ومما يبرز المخاطر والأثر السياسي المحتمل على حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للترشح لولاية ثانية بعد قراره سحب القوات قال البيت الأبيض إنه تدخل امس الثلاثاء لحث القادة العراقيين على حل خلافاتهم.

واتصل نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بالمالكي ورئيس البرلمان السني. وقال البيت الأبيض إن بايدن “أكد الحاجة الماسة الى أن يجتمع رئيس الوزراء وقادة التكتلات الكبرى لحل خلافاتهم سويا.” ووصف مسؤول أمريكي الاتهامات ضد الهاشمي بأنها لا أساس لها بتاتا.

ويهدد تجدد الأزمة بإغراق الحكومة المعقدة التي شكلت بعد تقسيم عشرات المناصب الحكومية بين التكتلات الشيعية والسنية والكردية بتقريب العراق خطوة من التوترات الطائفية التي فجرت أعمال العنف التي انتشرت على نطاق واسع في عامي 2006 و2007 .

وقد يكون للاضطرابات في العراق تداعيات أوسع نطاقا في منطقة تأخذ فيها الأزمة في سوريا المجاورة اتجاها طائفيا فيما تتنافس ايران الشيعية وتركيا التي يغلب على سكانها السنة بموافقة دول الخليج السنية على النفوذ.

وتقاربت حكومة بغداد مع ايران وربما يؤدي سقوط الرئيس السوري بشار الأسد حليف طهران الذي ينتمي للطائفة العلوية الشيعية الى تبدل ميزان القوى لتصبح في يد الأغلبية السنية بسوريا على أعتاب العراق.

ولعب الوجود الملموس للقوات الأمريكية في العراق دورا رادعا ضمن التركيبة الطائفية والعرقية بالعراق بين الشيعة والسنة وبين الحكومة المركزية ومنطقة كردستان شبه المستقلة بالشمال.

وكتب الصحفي العراقي علاء حسن يقول إن الوضع الراهن يشير الى أن القوات الأمريكية كانت صمام أمان.

ويتوقف ما سيحدث في المرحلة القادمة على المدى الذي ستذهب له حكومة المالكي في التحقيق وكيف سيكون رد فعل السنة وما اذا كانت أطراف ثالثة أخرى تستطيع إعادة الجانبين من على شفا الهاوية.

وخلال سلسلة من الاجتماعات عمل مسؤولون ودبلوماسيون أمريكيون وقيادات سنية وشيعية على تهدئة التوتر بعد أن غادر الهاشمي الى منطقة كردستان شبه المستقلة حيث اتهم المالكي بتلفيق الاتهامات ضده.

ودعا رئيس الوزراء العراقي اليوم السلطات الكردية لتسليم الهاشمي وقال المالكي في مؤتمر صحفي ان مسؤولي الحكومة في بغداد طلبوا من اخوانهم في منطقة كردستان تحمل المسؤولية وتسليم الشخص المطلوب الى السلطات القضائية وذكر ان هروبه الى دولة أخرى سيخلق مشكلة.

وقال دبلوماسي غربي في بغداد “هذا موقف مقلق تفاقمه التصريحات السياسية. ما لم تجر جهود لتهدئة الموقف والانخراط في حوار فإن المسألة قد تخرج سريعا عن نطاق السيطرة.”

وعرقل الافتقار العميق للثقة اتفاق اقتسام السلطة على مدى عام فحال دون إتمام اتفاقات حول اشياء بدءا من قانون مهم للهيدروكربون وانتهاء بتعيينات في مناصب أمنية حيوية مثل وزيري الدفاع والداخلية.

وترجع جذور الخلاف الى انتخابات عام 2010 حين فازت القائمة العراقية باكبر عدد من المقاعد بدعم الكثير من السنة لكنها فشلت في تكوين أغلبية حاكمة. وشكلت الأحزاب الشيعية ائتلافا سمح للمالكي برئاسة الوزراء لولاية ثانية.

وانضمت القائمة العراقية لحكومة وحدة قادها المالكي وحصلت على مناصب مثل رئيس البرلمان وواحد من اثنين من النواب للرئيس علاوة على وزير المالية. وحصل الشيعة على منصب رئيس الوزراء والأكراد على الرئاسة.

ولكن منذ ذلك الحين تقول العراقية إن المالكي فشل في تنفيذ اتفاقات اقتسام السلطة بما في ذلك تكوين مجلس للسياسات الاستراتيجية يرأسه زعيم القائمة العراقية اياد علاوي الذي هو على غرار الهاشمي خصم لدود للمالكي.

وطرحت اسماء مرشحين لمنصب وزير الدفاع العراقي ما لا يقل عن تسع مرات على مدى العام الماضي لكنها في كل مرة رفضت او فشلت في اجتياز المرحلة الأولى بسبب انعدام الثقة او المشاحنات.

وقال محمود عثمان وهو نائب كردي مخضرم إن الحكومة توصف بأنها حكومة شراكة لكن هؤلاء ليسوا شركاء بل أعداء.

ولا تملك العراقية مساحة تذكر للمناورة. وفي غياب دعم التكتلات السياسية الأخرى مثل الأكراد او جماعة شيعية منشقة فقد تجد العراقية صعوبة في الانسحاب من المناصب الحكومية التي توفر لها النفوذ السياسي وترك 80 مقعدا تشغلها من جملة 325 مقعدا بالبرلمان.

ويراهن زعماء الشيعة فيما يبدو على أن الانقسامات داخل القائمة العراقية ستؤدي الى تشبث شخصيات سنية بارزة بمناصبها الحكومية بدلا من الانشقاق لمساندة الهاشمي ومحاولة إسقاط الحكومة.

ويقول نواب شيعة إنه حتى اذا انسحبت العراقية من الحكومة فإن الدستور سيسمح للائتلاف الشيعي بالعمل مع التكتلات الكردية التي يرجح أن تنضم لها لتشكيل حكومة أغلبية.

وقال سامي العسكري وهو نائب كبير وحليف وثيق للمالكي في ائتلافه الذي يحمل اسم دولة القانون إنه لا يعتقد أن العملية السياسية ستنهار لأن العراقية متشرذمة بالفعل.

ويقول قادة كبار من الشيعة إن الاتهامات ضد الهاشمي مرتبطة بمؤامرات ضد المالكي. لكنهم قالوا إن من غير المرجح أن يضغط المالكي على السلطات لتنفيذ أمر اعتقال الهاشمي بسبب التداعيات المتوقعة وردود فعل السنة.

واضاف نائب شيعي كبير “سنترك الباب مفتوحا للعراقية ولكن اذا حاولوا وقف العملية السياسية سنمضي قدما بدونهم… اعتقال نائب الرئيس يمثل مشكلة على الصعيد السياسي.”

لكن التحركات ضد قيادات سنية تمثل مقامرة في الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون المحليون السنة الى مزيد من الاستقلالية عن الحكومة المركزية التي يقودها الشيعة والتي يعتبرها البعض غير مكترثة وترضخ لنزوات ايران الشيعية المجاورة.

وفي الآونة الأخيرة ألقت حكومة المالكي القبض على اكثر من 200 من أعضاء حزب البعث المحظور الذي حكم العراق في عهد صدام ومن بينهم أفراد قال مسؤولون إنهم ضالعون في مؤامرات ضد الحكومة. وأدت الاعتقالات الى اندلاع احتجاجات في محافظة الأنبار معقل السنة.

وقال كريسبين هوز من مجموعة يوراسيا إن تصعيد التصريحات قد يشجع المزيد من الاحتجاجات المدعومة من السنة ويدفع المتشددين الإسلاميين الى تصعيد الهجمات على أهداف حكومية تضعها الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة نصب عينيها بالفعل.

غير أن الفائز الحقيقي هو التكتلات الكردية العراقية التي تعزز موقفها التفاوضي داخل الحكومة المركزية وفي نزاعات كردستان مع المالكي.

واي محاولة للتفاوض على حكومة أغلبية او انقسام سني سيحتاج على الأرجح الى دعم كردي داخل الحكومة المركزية. وتخوض كردستان صراعا على النفط والأراضي مع المالكي وربما تستغل هذه الأزمة كورقة ضغط في المحادثات مع بغداد بشأن العقود التي وقعتها المنطقة مع عملاقة النفط الأمريكية اكسون موبيل والتي تقول الحكومة المركزية في بغداد إنها غير قانونية.

وتقول جالا رياني من مؤسسة (آي.إتش.إس) جلوبال انسايت “لاتزال لدى المالكي فرصة للحفاظ على تماسك الحكومة- الأكراد سيلعبون دورا مهما في هذا… قد يستغلون هذه الفرصة للضغط على المالكي لحل النزاعات المستمرة منذ وقت طويل.”

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب