العراقيون يتكدسون في حافلات وشاحنات وسيارات للهروب من سوريا  

العراقيون يتكدسون في حافلات وشاحنات وسيارات للهروب من سوريا  

فروا من العنف الطائفي في العراق قبل سنوات لكنهم الآن يحاولون باستماتة العودة لبلدهم ويتكدسون في حافلات وشاحنات وسيارات للخروج من سوريا التي كانت يوما ملاذا آمنا لهم لكنها تنزلق الآن الى حرب أهلية. وفي معبر حدودي صحراوي على بعد 560 كيلومترا إلى الغرب من بغداد وصل مئات من الرجال والنساء والأطفال العراقيين تحت أشعة الشمس الحارقة إلى وطنهم الذي ظنوا أنهم لن يعودوا اليه مجددا.
وقالت حنان عبد الأمير التي فرت مع ابنتها فاطمة (8 سنوات) من بلدة قرب العاصمة السورية دمشق مع بزوغ الفجر “كان هناك حريق هائل واشتباكات وسيارات محترقة في الشارع.”
وقالت لرويترز لدى وصولها إلى الجانب العراقي من بوابة الوليد الحدودية “لم يعد أحد يعيش في الحي الذي أعيش به.. حاولنا جميعا الفرار.”
وأضافت “حزمت حقائبي سريعا ووضعت كل شئ ورحلت. ماذا يمكنني أن أفعل غير ذلك؟ سوريا تحترق.” وكانت تقف إلى جوار سيارتها المحملة بحقائب وكراسي وسجادة وبراد للمياه.
وأحدث أسبوع من القتال غير المسبوق داخل دمشق -بما في ذلك تفجير أسفر عن مقتل أربعة من أقرب مستشاري الرئيس بشار الأسد- تحولا في الانتفاضة المستمرة منذ 16 شهرا.
واستعادت قوات الأسد السيطرة على عدد من مناطق دمشق لكنها منيت بخسائر في أماكن اخرى وتنازلت عن السيطرة على أربعة معابر حدودية على حدود تركيا والعراق.
وقال أشخاص وصلوا إلى الوليد إنهم لم يعلموا من الذي سيكون في انتظارهم عند نقاط التفتيش العديدة في سوريا.. هل هم من الجيش السوري أم مقاتلي المعارضة. ولم يكن من الواضح دائما من وراء التفجيرات وإطلاق النار وهي الأصوات التي جعلتهم دائما مستيقظين طوال الرحلة.
وقال أبو حسين وهو سائق شاحنة (32 عاما) “حين كنت أتوقف في الطريق في البلدات كانت هناك هجمات كل يوم… جيش الأسد يفتش كل الشاحنات ويفحص بطاقات الهوية الخاصة بنا بل يقوم بعمليات تفتيش ذاتي… بعد ذلك عندما نجتاز كل نقاط التفتيش يصبح الطريق خطيرا ومليئا باللصوص.”
وعلى مدى الأيام الخمسة الماضية وصل نحو ستة آلاف عراقي إلى معبر الوليد الحدودي ودفعوا ما يصل إلى 700 دولار للأسرة الواحدة للفرار بالسيارات. وقال من عبروا الحدود إنه قبل أسبوع كانت التكلفة مئة دولار للأسرة لكن تصاعد العنف أدى إلى ارتفاع التكلفة.
وهؤلاء هم المحظوظون.. إذ أغلق العراق الأسبوع الماضي أحد المعابر الحدودية الرئيسية إلى الشمال خشية امتداد العنف. لكن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي امر امس الاثنين بفتح المعابر أمام اللاجئين من سوريا ودعا السلطات إلى إقامة مخيمات لهم.
وتسيطر الحكومة السورية على جانبها من معبر الوليد القريب من الحدود مع الأردن على عكس مناطق إلى الشمال حيث سيطر مقاتلو المعارضة على بوابة البوكمال.
وقال اللواء عصام ياسين القائد عند المعبر الحدودي في الوليد “الجيش السوري الحر لا يمكنه أن يصل لهذه الحدود لأنها بعيدة جدا… سيكون أمامهم 300 كيلومتر للوصول إلى هنا” مشيرا إلى عدم وجود قرى على الجانب السوري التي ربما توفر غطاء لتقدم مقاتلي المعارضة.
وأرسل العراق قوات إضافية لتعزيز الامن بامتداد حدوده مع سوريا التي يبلغ طولها 680 كيلومترا.
وتلقي حكومة الأسد باللوم على “مجموعات إرهابية مسلحة” ويقول وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن هناك دليلا على أن أفرادا من القاعدة يستغلون مسارات التهريب لنقل المقاتلين والأسلحة من العراق إلى سوريا.
وقال عائدون من سوريا إن هناك كثيرين محاصرون داخل مطار دمشق وانهم ينامون على الأرض ليلا ويرغبون بشدة في ركوب أي رحلة جوية التي تقلصت أعدادها.
وقال سمير وهو سائق شاحنة عمره 50 عاما “ليس هناك سيارات كافية لنقل الناس. الناس يدفعون المال.. أي شئ ليفروا.” وأضاف “الطريق سيء للغاية من دمشق. هناك اشتباكات وتفجيرات ونيران طائرات.” وأسرته موجودة في مدينة حلب السورية وهو قلق عليها.
وقال نائب الوزير العراقي للهجرة والمهجرين إنه خلال الفترة من الأربعاء حتى الأحد عاد 6977 عراقيا. في حين أن مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين قالت إن العدد 10 آلاف.
ووصل العراقيون العائدون من سوريا إلى بلد ما زال هو ذاته يعاني العنف. وقتل 116 شخصا على الأقل في تفجيرات وهجمات بالأسلحة النارية في انحاء العراق أمس الاثنين.
وفر عشرات الآلاف إلى سوريا خلال اوج الصراع الطائفي في العراق عامي 2006 و2007 . ويقدر مسؤولون عراقيون أن أكثر من 80 ألف من مواطني العراق ما زالوا موجودين في سوريا بعد أن كان العدد 143 ألفا قبل بدء الانتفاضة السورية العام الماضي.
كما ان السوريين يفرون إلى دول أخرى مجاورة. وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إن 18 ألف سوري عبروا الحدود إلى لبنان يومي الأربعاء والخميس.
ووصلت عشرات الحافلات إلى الحدود مكدسة بالحقائب والاكياس وعربات الأطفال وممتلكات الأسر العراقية التي تتنازع على الأماكن بالحافلات مقابل ما بين 80 و100 دولار. وسافر البعض لمدة خمس ساعات للوصول إلى العراق في حين أن آخرين استغرقوا أياما.
وقالت سعاد وهي عراقية تبلغ من العمر 48 عاما كانت تمسك بيدي طفليها الصغيرين بينما كانت تنزل من الحافلة “كنت في صحنايا قرب دمشق وسمعت انفجارا مدويا. حاولت أن ازور عائلتي في طرطوس لكن الطرق كانت مسدودة.” وأضافت “سمعت على الراديو أن هناك هجمات وقعت في الميدان (حي بدمشق) لذلك قررت في السابعة صباحا العودة للعراق.”
ووصف الركاب خروجهم الذي كان بطيئا جدا من شوارع دمشق المليئة بنقاط التفتيش وحواجز الطرق مع استمرار المعارك في أنحاء العاصمة. وكانت المسافة التي يمكن أن تقطعها السيارات في 15 دقيقة تستغرق ساعات.
وقالت ضحى التي تبلغ من العمر 19 عاما “كنت أحب العيش في سوريا لأنها جميلة وأكره العودة للعراق.” وتقدمت الحافلة التي كانت تستقلها مع أسرتها ببطء بسبب الإجراءت الأمنية في طريق قاحل مليء بالأسلاك الشائكة وأكوام من القمامة. وفرت ضحى وأسرتها خشية حدوث المزيد من العنف وقالت “الوضع في دمشق يزداد سوءا.”

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة