27 ديسمبر، 2024 10:16 م

العائدون من سوريا والعراق .. ملف حساس يتسبب في شلل الحكومة النرويجية !

العائدون من سوريا والعراق .. ملف حساس يتسبب في شلل الحكومة النرويجية !

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

تمثل معضلة العائدين من “سوريا” و”العراق” أزمة كبيرة لبلدانهم؛ إذ بينما ترفض بعض الدول مجرد التفكير في السماح لهم بالعودة، تتسبب هذه المشكلة في أزمة جديدة في حكومات دول أخرى، بسبب تباين الآراء والتوجهات بخصوص طرق الحل الآمنة.

ومنذ نشأته، في عام 2014، استقبلت “سوريا” و”العراق” أعداد غفيرة من المجاهدين الأجانب إنضموا إلى تنظيم (داعش) الإرهابي؛ وبقيوا تحت لواءه حتى سقط، بعضهم كان مصيره القتل بينما لا يزال هناك الآلاف من النساء والأطفال محتجزون في مخيمات في انتظار أن تسمح لهم دولهم بالعودة إلى الوطن، لكن حتى لو سُمح لهم بالرجوع يكون مصيرهم الاعتقال أو البقاء تحت الملاحظة لفترات طويلة؛ ما يقيد حرياتهم ولا يسمح لهم بعيش حياة طبيعية؛ إذ تعتبرهم السلطات الأمنية تهديدًا خطيرًا على الأمن القومي.

داعشية عائدة تُعطل حكومة النرويج !

وصلت الأزمة في “النرويج” إلى حد أنها أصابت الحكومة بشلل تام وأدت إلى تفكك الائتلاف الحاكم، بعدما قرر حزب (التقدم) النيوليبرالي الشعبوي، الذي يُعد أحد مكوناتها الأربعة، الانسحاب من الحكومة اعتراضًا على قرار السماح لواحدة من نساء تنظيم (داعش) الجهادي وأطفالها بالعودة من “سوريا”، وهو ما يعكس مدى حساسية ملف العائدين في الدول الأوروبية.

وكانت الحكومة، المحافظة الليبرالية الحالية، قد تشكلت منذ عام واحد، بعد اتحاد الحزب المحافظ والليبرالي واليميني المتشدد، وحصل هذا الائتلاف على أغلبية المقاعد في “البرلمان النرويجي”، وتُعد هذه هي أول حكومة تحظى بأغلبية مطلقة ولا يسيطر عليها حزب (العمال)، منذ عام 1985.

ويُعد حزب (التقدم) ثالث أكبر حزب في البلد الأوروبي، وحصل على 27 مقعدًا في البرلمان من جُملة عدد الأعضاءه، البالغ 169 عضوًا، كما تولى أعضاء الحزب 7 وزارات مهمة مثل: “المالية والعدل والهجرة”، وتسيطر الأحزاب المنضمة إلى الكتلة اليمينية، المشكلة للحكومة، على أغلبية برلمانية بـ 88 مقعدًا، (45 للمحافظين و27 لحزب التقدم و8 لليبراليين و8 للديموقراطي المسيحي)، بينما أدى انسحاب (التقدم) إلى خسارة رئيسة الوزراء للأغلبية أمام الأحزاب المعارضة، التي تُسيطر على 81 مقعدًا داخل البرلمان.

حكومة في أزمة بدون أغلبية..

تُحاول رئيسة الوزراء، “إرنا سولبرغ”، التوصل إلى حل ينهي الأزمة ويخفف من آثار قرار الحزب اليميني المتشدد، بينما لا يسمح الدستور بإجراء انتخابات مبكرة، ما يعني أنها سوف تستمر على رأس الحكومة المعطلة بدون أغلبية برلمانية؛ حتى تنتهي المدة التي حددها القانون للحكومة بأربع سنوات.

ومع ذلك؛ أعلنت “سولبرغ”، في مؤتمر صحافي، أن الأحزاب الثلاثة الأخرى، المُشكلة للحكومة، سوف تواصل عملها، رغم أن قرار حزب (التقدم) اليميني المتشدد قد سلبها أغلبيتها البرلمانية؛ ما سوف يُعرقل الاستمرار في تطبيق برنامجها، كما دافعت عن قرارها مؤكدة أنه رغم العواقب السياسية المحتملة؛ إلا أن السماح لهذه السيدة بالعودة إلى الوطن قرار صحيح وهو الأفضل لها ولأسرتها، واعتبرت الحكومة أن هذا القرار يمكن تبريره بـ”دوافع إنسانية”.

بينما أعلنت زعيمة اليمين المتطرف، ورئيسة الحزب، ووزيرة المالية، “سيف غينسين”، في مداخلة سريعة؛ أنه بات صعبًا للغاية الاستمرار في تنفيذ أجندة الحزب داخل الحكومة، واعتبر الحزب أن قرار “سولبرغ” يُمثل تهديدًا على الأمن القومي، معلنة أن السماح بعودة السيدة من “سوريا” يمثل؛ “القشة التي قسمت ظهر البعير”، في إشارة إلى الخلافات المستمرة مع المحافظين.

وأضافت “غينسين”: “أنا من أدخلت الحزب إلى الحكومة، والآن أُخرجه”، ومع ذلك أشارت إلى ضرورة أن تستمر الحكومة الحالية في أداء مهامها وتحقيق التقدم.

قنابل موقوتة..

أيدت الأحزاب اليمينة المتطرفة إعادة الطفل المريض، لكنها رأت أنه لا يجب السماح لمن إنضموا إلى التنظيمات الإسلامية المتطرفة بالعودة، ولا تمثل مشكلة هذه السيدة حالة فريدة، وإنما تأوي المخيمات، في شمال شرقي “سوريا”، نحو 12 ألف أجنبي، أغلبهم من الأطفال، وتعتبرهم حكوماتهم قنابل موقوتة وأشخاص غير مرغوب فيهم، لذا فإنها تمثل ضغطًا على حكومات “سوريا” و”العراق” من أجل القبول بمحاكمتهم على أرضها، وكانت الحكومة العراقية المستقيلة قد قبلت بهذا الأمر، لكن تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية تحول دون إجراء محاكمات لهؤلاء.

وتشير بيانات السيدة الداعشية العائلة إلى أنها نرويجية من أصل باكستاني؛ غادرت البلاد، من عام 2013، وانتقلت إلى “سوريا”، ويشك في إنتماءها لتنظيم (داعش)، إذ تزوجت من “باستيان فاسكيز”، أحد أبرز عناصر (داعش)، وظهر في عدد من المقاطع الإعلانية التابعة للتنظيم، بينما يحتاج أحد أبناءها إلى الحصول على رعاية صحية؛ إذ يعاني من مرض “التليف الكيسي”، الذي يؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات، وفور وصولها إلى البلاد قامت السلطات باعتقالها ونقل ابنها إلى المستشفى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة