26 أبريل، 2024 4:08 م
Search
Close this search box.

الظروف غير مواتية .. “تبون” فشل في إرتداء عباءة “بوتفليقة” لحل أزمة ليبيا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

وسط التحرك الدولي للتصدي للحرب الأهلية في “ليبيا”، كان من السهل تجاهل صمت “الجزائر”، حينما كان البلد الأكبر في شمال إفريقيا مشتتًا للغاية بسبب الاضطرابات السياسية الداخلية التي عانى منها حتى لم يتسنى الإسهام في الحوار حول الصراع في “ليبيا”، التي تقع على الحدود الشرقية المتاخمة.

تحاول الآن حكومة جديدة في “الجزائر”، العاصمة، أن تجعل صوتها مسموعًا وسط الضجيج، لكن صوتها ليس قويًا بما يكفي، ولا جيوبها عميقة بما فيه الكفاية، للحصول على الاهتمام الذي تستحقه.

يقول الكاتب الأميركي/الهندي في مقاله بشبكة (بلومبرغ) الأميركية، “بوبي جوش”، أن بعض البلدان لها مصلحة في الحرب الأهلية الليبية؛ ولكل من المتصارعين الرئيسين مؤيدين، من “حكومة الوفاق الوطني”، المُعترف بها من قِبل “الأمم المتحدة”، في “طرابلس”، و”الجيش الوطني الليبي” المتمرد بقيادة الجنرال، “خليفة حفتر”.

تتلقى حكومة “طرابلس” دعمًا عسكريًا كبيرًا من “تركيا”، ومساعدة مالية من “قطر” وبعض الدعم الدبلوماسي من “إيطاليا”. بينما من بين رعاة “حفتر”، “روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن وفرنسا”، وأيضًا تتميز ساحة المعركة بمجموعة متنوعة من المرتزقة والمقاتلين الإسلاميين.

كل ما يحدث يثير قلقًا عميقًا بالنسبة لـ”الجزائر”، التي تواجه عواقب عدم الاستقرار السياسي في بلدٍ مجاور؛ بسبب تدفق اللاجئين، ليس فقط من الليبيين، ولكن أيضًا من الأفارقة في جنوب “الصحراء الكبرى”، وتسلل الإسلاميين.

ارتفعت تكاليف تأمين حدود “الجزائر”، مع “ليبيا”، منذ الهجوم الإرهابي، الذي وقع عام 2013، على مصنع للغاز أسفر عن مقتل أكثر من 40 موظفًا، معظمهم من الأجانب. يُعتقد أن العديد من الإرهابيين المرتبطين بتنظيم (القاعدة) تسللوا إلى “الجزائر” من “ليبيا”.

جهود غير مؤثرة..

إن “الجزائر”، التي تُعتبر نفسها بمثابة محور شمال إفريقيا، كانت تاريخيًا حذرة من أي وجود أجنبي في جوارها. وكان النظام في “الجزائر” هو الوسيط المنطقي في الصراع، الذي اندلع بعد سقوط، “معمر القذافي”، في أواخر عام 2011.

لكن الصحة الضعيفة للرئيس، “عبدالعزيز بوتفليقة”، أحد العمالقة طوال الباع في شؤون المغرب العربي والساحل، أكدت وقتها أن “الجزائر” لا يمكنها فرض نفسها على الشؤون الليبية.

حتى قبل إجبار حركة القوى الشعبية على استقالة “بوتفليقة”، في الربيع الماضي، كان الثوار يرفضون تحذيرات عدم الاستقرار في البلاد.

إعترف الجزائريون بـ”حكومة الوفاق الوطني”، لكنهم حاولوا الحفاظ على الحياد، وشجعوا الأطراف المتحاربة على إيجاد حل سلمي. لكن لم تكن مثل هذه الجهود المبذولة في مجال الدبلوماسية مساوية للأسلحة والأموال التي صرفها اللاعبون الآخرون.

في الأسابيع الأخيرة، حاولت الحكومة الجديدة في “الجزائر” إعادة نفسها كمُحكم إقليمي للوساطة في شؤون “ليبيا”. وفي الشهر الماضي، استضافت وزراء خارجية الدول المتاخمة لـ”ليبيا” لمناقشة الوضع، لكن ذلك اللقاء تلاشى وسط لقاءات أخرى حول “ليبيا”، في “موسكو” و”برلين”.

حالة حرجة..

إن الزعيم الجزائري الجديد، الرئيس، “عبدالمجيد تبون”، ليس في وضع يُسمح له بإرتداء عباءة “بوتفليقة” القديمة، ذي الوزن الثقيل في شمال إفريقيا، لأن شرعيته السياسية في الداخل ضئيلة بفعل “حراك”، حركة الاحتجاج التي أطاحت بسلفه، والتي ليس لديها ثقة تُذكر به، خاصة أن انتخاب “تبون” جاء وسط احتجاجات شديدة بأصغر نسبة مشاركة في الانتخابات في تاريخ البلاد.

وتُعتبر أولويته الآن هي معالجة المشاكل التي جلبت الحراك إلى الشوارع، العام الماضي، و”ليبيا” ليست واحدة منها.

أفرج “تبون” عن العديد من السجناء ووعد بالإصلاحات الدستورية، وتطهير الموالين للنظام القديم في الحكومة، واستعادة الأموال التي إختلسها العظماء السابقون. لكن صلاته الطويلة بالنظام القديم تجعله يشك في عيون الشباب الجزائري الذين يُشكلون جزء كبير من الحراك.

ويمكن القول إن التحدي الأكبر، الذي يواجه “تبون”، يتمثل في إحياء الاقتصاد الجزائري، وهي مهمة لا تساعدها أسعار “النفط” المنخفضة. وصف رئيس وزراءه، “عبدالعزيز جراد”، صحة الاقتصاد؛ بأنه: “في حالة حرجة”، مشيرًا إلى أن الدين العام ارتفع من 26% من إجمالي الناتج المحلي إلى 45% في العامين الماضيين.

قد يكون “جراد” على حق في أن كل هذا هو “إرث كارثي”، لـ”بوتفليقة”، لكن التخلص من الضرر سيكون صعبًا على نحو مضاعف لأن أسعار “النفط” لا تزال منخفضة بشدة.

ومثلت إيرادات المحروقات، البالغة 30 مليار دولار في أول 11 شهرًا من عام 2019؛ انخفاضًا بنسبة 14.5%، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي بمقدار 10.6 مليار دولار في الأشهر التسعة الماضية. ومن المستبعد إجراء تخفيضات كبيرة في بند الإنفاق، حيث لا يمكن لـ”جراد” أن يفكر بخفض الدعم المالي للمواد الغذائية والوقود والأدوية تجنبًا للاضطرابات الاجتماعية وخوفًا من تفجر موجة أخرى من الاحتجاجات.

مع وجود مثل هذه الأزمات في الداخل، فإن آمال “الجزائر” في القيام بدور في إنهاء الصراعات بجوارها يجب أن تكون أكثر حيطة وتأنيًا.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب