بغداد/الوكالة الوطنية العراقية للانباء/nina/ تقرير عدوية الهلالي ..احتفلت دول العالم ومنها العراق في العشرين من شهر تشرين الثاني باليوم العالمي للطفل لكون الامم المتحضرة ترى ان ثروتها البشرية لاتقل اهمية عن ثروتها المادية ، ولكي تستطيع ان تحقق اهدافها ، عليها ان تضع على رأس اولوياتها رعاية الاطفال وابعادهم عن جو المشكلات التي تهدد نموهم وتكيفهم مع البيئة..
وفي السنوات الاخيرة ، افرزت الظروف السياسية شريحة جديدة تحتاج الى رعاية مادية ومعنوية هي شريحة ( الاطفال النازحين ) ، اذ ابعدتهم ظروف النزوح من مناطقهم عن مدارسهم واضاع بعضهم سنة او اكثر من سنوات الدراسة ، وبعد استقرارهم في محافظات اخرى ، تمكن اغلبهم من مواصلة دراسته في ظل ظروف غير اعتيادية لكن قرار العودة الى المناطق المحررة من داعش ، افرز مشكلة جديدة اضاعت عاما دراسيا آخر من طلبة تلك المناطق اذ تم تدمير اغلب المدارس وافتقرت الى الكوادر التعليمية ..
سنوات ضائعة
لم تكد سرى تكمل الصف الرابع الابتدائي حتى وجدت نفسها تحمل صفة نازحة وتتنقل مع اسرتها من مكان الى آخر …اضاعت سرى عاما دراسيا كاملا مابين بزيبز ومخيمات النازحين حتى تسنى لها الاستقرار اخيرا في محافظة بغداد لتلتحق باحدى المدارس وتكمل الصف الخامس والسادس بنتيجة سيئة نظرا لاختلاف اساليب التدريس وتضاعف اعداد الطلبة ومعاناة اسرتها من تاثيرات النزوح ..وتبكي سرى وهي تروي كيف ارغمها والدها على مغادرة المدرسة نهائيا بعد تحريرناحية الكرمة التابعة لقضاء الفلوجة وقراره بالعودة اليها ، فالمدرسة المتوسطة الوحيدة الموجودة في قريتها تدمرت بالكامل وعليها ان تواصل دراستها في منطقة اخرى تبعد كثيرا عن قريتها وهو مالم يوافق عليه والدها !!
اما ياسر محمود الذي اضطر لمغادرة المدرسة بعد النزوح من محافظة الانباروالعمل في علوة الخضر في منطقة العامرية فقد اضاع ثلاث سنوات دراسية كان يمكن ان ينتقل خلالها الى المرحلة المتوسطة ، ولايتوقع ياسر قرب عودته الى المدرسة ومواصلة تعليمه ، فمازالت منطقته المحررة من داعش خالية من اغلب الخدمات ويصعب العيش فيها قبل تنظيفها تماما من الانقاض خشية وجود عبوات ناسفة او مواد متفجرة مدفونة فيها ، لكنه يفكر في خوض امتحانات الطلبة الخارجيين رغم مايرافقها من صعوبة فهو لايتذكر أي شيء من المواد السابقة ويعجز عن دراسة مناهج المرحلة المتوسطة بمفرده ودون مساعدة من أحد ..
دعم حكومي
ويؤكد محمد شياع السوداني وزير العمل والشؤون الاجتماعية ورئيس هيئة رعاية الطفولة على ضرورة التقليل من الآثار السلبية لجرائم داعش الارهابية على العوائل والاطفال في المناطق المحررة منتقدا بطء تقديم الخدمات فيها ومشيرا الى ضرورة وضع الخطط والآليات المناسبة لمساندة الاطفال بالتعاون مع الجهات المعنية بالطفل ومنها منظمة اليونسيف من خلال طرح سياسة حماية الطفل التي اقرتها هيئة رعاية الطفولة وتوجيهها بان تكون معالجة للحالات السلبية المترتبة على واقع الطفولة في البلاد …
من جهتها ، اشارت الدكتورة زينة القره غولي المرشحة لمنصب سفيرالطفولة في العراق الى ان المشاريع التي قدمتها للمناطق المحررة تتضمن مشروعا عن تعليم الطفل من ناحية تحديد الاحتياج التربوي والتعليمي للمدارس والاطفال اضافة الى دراسة مقترحات وبرامج كل وزارة عن امكانية تقديم الدعم لاطفال تلك المناطق …
وكانت وزارة التربية قد اطلقت حملة (حقك في التعليم ) لتحسين مستقبل تعليم الشباب النازحين وبالتعاون مع منظمة ميرسي كور الدولية ..وقال المكتب الاعلامي الخاص لوزير التربية ان الحملة تهدف الى اعادة الشباب الى مقاعدهم الدراسية وتقديم الدعم الميداني المباشر من خلال قسم الارشاد التربوي للفئة العمرية مابين (10-20).
أما هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فقد شكلت فريق عمل لدراسة اوضاع الاطفال النازحين ووضع رؤية لتحديد اولوياتهم ، وقالت مديرة مكتب الهيئة الدكتورة عبير مهدي الجلبي ان الاتفاق تم على ان يتولى باحثو الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية مهمة ملء الاستبيان في مخيمات النزوح ثم يقوم الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط باعداد برنامج لتفريغ وتحليل البيانات ، ويضم فريق العمل الذي شكلته هيئة رعاية الطفولة لدراسة اوضاع النازحين ممثلين عن وزارات التربية والصحة والداخلية والشباب والرياضة ووزارة التخطيط ، للعمل على اغاثة المنكوبين واعادة تأهيلهم واعادة الطلبة الى المدارس ..
ويلات النزوح
في مايخصها ،تمكنت منظمة اليونسيف من نصب مبان مدرسية جاهزة لخدمة 42,000 طفل نازح في سن الدراسة ودعم إعادة افتتاح مدارس في المناطق التي كان يصعب الوصول إليها في السابق مثل الأنبار. وحسب – ممثل اليونسيف في العراق بيتر هوكينز –فأن هناك نحو مليون طفل نازح في سن الدراسة في العراق قبل بدء عملية النزوح من مدينة الموصل وان 70% منهم فقدوا سنة دراسية كاملة من التعليم، وأعلنت اليونيسف أنها تقوم مع شركائها، في محافظة الانبار، بتعبئة المجتمعات المحلية من خلال نشاطات حملات “العودة الى المدرسة”؛ وتجديد وتوسيع الأبنية المدرسية، وتوفير المواصلات والكتب والحقائب المدرسية، فضلاً عن مساعدة الأطفال على اللحاق بما فاتهم من الدراسة، وكذلك إعادة الاندماج في النظام التعليمي. وقالت إن نحو10 ملايين طفل في سن الدراسة في عموم العراق، عانى الكثير منهم من ويلات النزوح، أو تعرضوا لأعمال العنف، أو يعانون الاضطرابات النفسية أو غيرها من أشكال الإساءة.
وتسعى اليونيسف جاهدةً لتمكين أطفال العراق من الحصول على مستوى جيدٍ من التعليم ولتوفير بيئة آمنة ومحمية للتعلم. وتقود اليونيسف بالمشاركة مع كل من الحكومة العراقية ومنظمة Save the Children عملية تنسيق الجهود في الاستجابة لاحتياجات قطاع التعليم ككل.
ويرى الباحث التربوي الدكتور سلمان علي ان الأطفال النازحين يواجهون صعوبات في الحصول على فرص التعليم حيثما يستقرون بصفة موقتة. كما يعاني الأطفال في المجتمعات المضيفة للنازحين من تدهور نوعية التعليم بسبب الضغوطات على النظام التعليمي. وقد تأثر بذلك أكثر من 1,1 مليون طفل يعيشون في المجتمعات المضيفة. كما أن المدارس في عموم البلاد مكتظة بأعداد الطلبة المتزايد وتنقصها الكوادر التعليمية مشيرا الى ان العديد من المدارس تعمل بدوامين اثنين أو ثلاثة، الأمر الذي يؤثر في أمد الفترة التدريسية التي توفرها للأطفال.
وفي الصفوف المدرسية القائمة، تعتبر نسبة عدد الطلبة مقابل عدد المعلمين عالية جداً ولا سيما أن الكثير من المعلمين قد نزحوا أيضاً. وتُستَخدم العديد من المدارس لإيواء السكان النازحين، الأمر الذي قد يؤدي الى تأجيل بداية العام الدراسي بالنسبة إلى الأطفال في تلك المناطق ، كما أن هناك مدرسة واحدة من بين كل خمس مدارس لا تصلح للتعليم بسبب النزاع في العراق.