8 نوفمبر، 2024 6:51 م
Search
Close this search box.

الطريق إلى “الإليزيه” .. “باريس” يغرقها “التضخم” ومرشحو الرئاسة يتجاهلون احتياجات الشعب بوعود مثالية أو يمينية !

الطريق إلى “الإليزيه” .. “باريس” يغرقها “التضخم” ومرشحو الرئاسة يتجاهلون احتياجات الشعب بوعود مثالية أو يمينية !

وكالات – كتابات :

تزايدت المخاوف التي أثيرت؛ في الأشهر الأخيرة، حول عودة تضخم قاسٍ يرفع الأسعار ويُهدد استقرار النظام العالمي؛ فقد شهدت مؤشرات الأسعار زيادات تاريخية في عدة دول؛ خلال كانون أول/ديسمبر 2021، بلغت: 7% في “أميركا”، و5% في “منطقة اليورو”، وهو أمر غير مسبوق منذ إنشاء “مكتب الإحصاء الأوروبي”؛ (Eurostat)، عام 1997، لكن معدل التضخم في “منطقة اليورو” يُخفي تفاوتات بين البلدان وطبقاتها، فآثار التضخم ليست موحدة – إلا عندما تخرج عن نطاق السيطرة – فيمكن للتضخم التخفيف من ديون المقترضين، لكنه أيضًا يولد حالة من عدم اليقين ويُبطيء الاستثمارات، ومن ثم، تآكل القوة الشرائية للمستهلكين بشكل كبير.

يمكن تخفيف تأثير التضخم في القوة الشرائية بزيادة الأجور، وهذا الأمر الذي اتبعته “فرنسا”؛ حتى عام 1983، إذ جرى ربط الرواتب بالزيادة في الأسعار. لم يُعد هذا هو الحال اليوم، فـ”فرنسا” تختنق بسبب المفاوضات بين النقابات وأرباب العمل للحصول على زيادات في الأجور من شأنها، ولو جزئيًّا، تعويض ارتفاع الأسعار، لكن تجمدت فرص زيادة رواتب العاملين بالقطاع العام الفرنسي؛ منذ عام 2017، ومع ارتفاع التضخم، المُقدر بين: 3.7 و4.4%؛ وفقًا لـ”بنك فرنسا”، أقر وزير التحول والخدمة العامة؛ “أميلي دي مونتشالين”، بأن الانخفاض في رواتب موظفي الخدمة المدنية كان واقعًا، ما تسبب في اندلاع المظاهرات في “باريس”؛ منذ يوم 17 آذار/مارس 2022، للمطالبة بحياة كريمة.

على أي حال؛ فإن من يُسأل عن سبب تردي الوضع المعيشي في “فرنسا”، مُرشح لإعادة انتخابه، ويَعِد بحل تلك الأزمة إذا اختاره الفرنسيون ثانية، في انتخابات ستجرى على مرحلتين، في 10 و24 نيسان/إبريل 2022؛ كما كانت نقاشات المرشحين الرئاسيين للانتخابات الفرنسية القادمة محبطة، تتعمد إثارة نزعة التفوق ومشاعر الرهبة بين الفرنسيين، بالحديث عن انعدام الأمن والهجرة والهويات والإسلام الراديكالي من جهة مرشحي اليمين المتطرف، مع تجاهل وسائل الإعلام لمقترحات جذرية يقدمها المرشحون اليساريون.

التضخم يغيب عن الانتخابات الفرنسية !

عادت كلمة: “التضخم” للتردد في الخطاب العام؛ بعد أن نسيها معظم الفرنسيين، وبدا شبحها وكأنه يُخيف المواطنين وحدهم. تسارع التضخم بشكل حاد في شباط/فبراير 2022، في “فرنسا” ليقف عند: 3.6% على مدى عام واحد، وفقًا لتقدير أولي قدمه؛ “المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية”؛ (INSEE)، قبل اندلاع الحرب “الروسية-الأوكرانية” بأيام. كانت النسبة أعلى مما كان متوقعًا بالإجماع قبل ذلك، فلم يصل تضخم الأسعار على مدى عام واحد إلى هذا الحجم؛ منذ تموز/يوليو 2008، لكن مر التقدير على أمل تحسن قريب.

جمع “المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية”؛ (INSEE)؛ في آذار/مارس 2022، بيانات جديدة منذ 25 شباط/فبراير، بعد اندلاع الحرب في “أوكرانيا”، ما جعل من الممكن تقدير العواقب الأولى على “فرنسا”. كان من الواضح أن التوقعات العامة للتحسن آخذة في التراجع، بشكل رئيس في “الصناعة”، بجانب قطاعات السوق الأخرى، مثل بعض الخدمات والتجارة، وبدا أيضًا أن التوقعات بشأن ارتفاع الأسعار قد تفاقمت بسبب الصراع.

وفقًا لتلك النتائج المبكرة؛ توقع المعهد تعرض الأسر لانخفاض حاد في المستوى العام للمعيشة في “فرنسا”، وتُلاحظ الأسر ذلك التراجع بشكل أكبر للمرة الأولى، لأن الفترات التي تسبق الانتخابات الرئاسية بشكل عام، تُرافقها رؤية أكثر تفاؤلًا للاقتصاد، لكن لم يحدث ذلك العام الحالي، بل يزداد قلق الفرنسيين بالوضع المالي الشخصي في المستقبل، وارتفاع حاد في توقعات التضخم.

نشرت صحيفة (لوموند ديبلوماتيك)؛ تحليلًا لأنباء التضخم الأخيرة، يصف النظام الاقتصادي بـ”فرنسا”: بـ”نظام نقدي عفا عليه الزمن”، ويُشبه القادة: بـ”سباكين كاريكاتوريين”؛ بدون أدوات لسد تسرب المياه، لينتهي الأمر دائمًا وقد تناثرت المياه في كل مكان، من تضخم أو ركود أو انكماش أو فقاعات المضاربة، خاصة وأن محافظي البنوك المركزية ليسوا مستعدين لإعطاء الأولوية للسيطرة الصارمة على التضخم للحفاظ على التعافي الاقتصادي الهش، والتعايش مع التضخم في نهاية المطاف؛ لذلك يُحذر الفرنسيون من إنفاق أموالهم مع بداية العام الجاري، ويتفادون استخدام بطاقاتهم الائتمانية، لعدم ثقتهم في مرورهم من تلك الأزمة مثل جيرانهم الأوروبيين.

القضاء على المهاجرين حل لكل المشكلات..

ارتفعت أسعار المنتجات على المستهلكين الفرنسيين بشكلٍ حاد؛ منذ بداية عام 2021، بنسبة: 3%، وستصل لنحو: 5% في الربع الثاني من 2022، وهو مستوى لم يشهده المستهلك؛ منذ عام 2008، بسبب ارتفاع مستوى التضخم والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، ولم تحد التدابير الحكومية في استيعاب الأزمة.

في ظل توتر شديد للغاية في سوق عالمية متقلبة، أدت الحرب في “أوكرانيا” إلى تفاقم الاتجاه التصاعدي الواضح بالفعل في أسعار الطاقة وبعض المواد الخام، ليُضاف إلى التفاقم الذي بدأ؛ في أوائل عام 2021، وستنعكس تلك الزيادة المفاجئة والكبيرة على الأسعار لدى المستهلك في السلع المصنعة، وستتراجع نسبة المبيعات أكثر مما كانت عليه؛ في عام 2021، بسبب التضخم، ولن تُحل الأزمة إلا بزيادة الأجور، أو تراجع أسعار “النفط”، وهما حلان مستبعدان بسبب استمرار الأزمة الأوكرانية، وتقليص عدد العمال وصعوبات التوظيف؛ التي دفعت الفرنسيين للعمل في وظائف قصيرة المدى ودون ضمانات.

كان رد المرشحة الجمهورية؛ “فاليري بيكريس”، حاسمًا فيما يتعلق بخفض الضرائب، في لقاء مع الجمهور، فعارضت اقتراح لخفض ضريبة القيمة المضافة إلى: 5.5%، لأنه: “ليس لدينا المال لتغطية ذلك”.

وحاول بعض المرشحين الرئاسيين كسب جميع الأطراف في برامجهم الانتخابية، بتقديم وعود وتسهيلات للمستهلك أو العامل من ناحية، ورجال الأعمال والشركات من ناحية أخرى، دون تحديد مخرج واضح من التضخم؛ قطع “ماكرون” على نفسه عهدًا بصرف ثلاثة أضعاف ما يُسمى: بـ”علاوة ماكرون”، دون رسوم أو ضرائب، ووعد “فابيان روسيل”؛ بتخفيض: 30% من فاتورة الطاقة على المستهلك، ووعدت المرشحة اليمينية المتطرفة؛ “ماريان لوبان”، بتخفيض: 15% من القيمة المضافة على “الوقود والنفط والغاز والكهرباء”، وخفض: 15% من الرسوم على الطرق السريعة، ووعد هؤلاء المرشحون أيضًا برفع مستوى الإعانات العائلية بدءًا من الطفل الأول.

البند الوحيد – تقريبًا – الذي اجتمع المرشحون على إلغائه، عدا المرشح “يانيك غادوت”، هو المعونة الطبية الحكومية لغير الفرنسيين، وإلغاء حق المهاجرين غير الأوروبيين في الصحة والسكن، وذلك ضمن برامج المرشحين لوقف الهجرة وشمل الأسرة.

وعود غير واقعية بزيادة الرواتب !

فيما عدا مقترحات الزيادات: “غير الواقعية” في الرواتب، فإن التفكير في مخرج يكاد يكون غائبًا عن النقاش الانتخابي؛ وحذر تقرير بصحيفة الـ (لوموند) من خيبة أمل وشيكة وراء وعود المرشحين الرئاسيين بزيادة الرواتب؛ فمع أن الشركات الخاصة تُسجل نموًّا وفقًا لـ”بنك فرنسا”؛ رغم موجة: متحور (أوميكرون)، ومع ارتفاع نسبة التضخم منذ الأشهر الأخيرة لعام 2021، تجمدت خطة الشركات لزيادة الرواتب، وظل التعويض المالي للجهود الإضافية المبذولة محدودًا للغاية.

اتسمت نهاية عام 2021 وبداية عام 2022؛ بارتفاع حاد في التضخم وزيادة صعوبات التوظيف في عدة قطاعات، لتضاعف الأزمة، مع ذلك، وعدت “فاليري بيكريس”؛ بزيادة صافي الرواتب بنسبة: 10%، وخفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة: 15%، واحتال “إريك زمور”؛ على مبدأ رفع الأجور بالعودة إلى ما أسماه: بـ”المبدأ الفاضل”؛ المتمثل في: “العمل أكثر لكسب المزيد”، وتسارع كل من: “فابيان روسيل”؛ واليساريان: “جان لوك ميلينشون” و”يانيك غادوت”؛ للوعد بتخفيض ضريبة الدخل، ووعدت “ماريان لوبان”؛ بزيادة الأجور بنسبة: 10% عن طريق إعفاء الشركات التي تُحقق ذلك من الضرائب، وزيادة حصة الإسكان الاجتماعي، وعهد “نيكولاس دوبونت-إيغنان”؛ و”فاليري بيكريس” و”إريك زمور” و”ماريان لوبان”؛ بإلغاء الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي للشركات ورواد الأعمال لتجنب انتقالهم إلى الخارج.

وللرد على تلك الحيل؛ سألت قناة (فرانس إنفو)؛ رؤساء الشركات عما إذا كانوا يعتزمون رفع الأجور لتخفيف التضخم، ونقل التقرير نتائج استطلاع رأي أجراه “اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة”، لكنهم اعترفوا بعدم قدرتهم على مواكبة التضخم كما اعتادوا، بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام والوقود، ما لن يمكنهم من زيادة أجور جميع العاملين، ولن تصل الزيادات السنوية للقلة التي تستحق إلى نسبة: 2%، أي أقل من نسبة التضخم.

البطالة بين كبار السن..

إذا كنت تسأل عن موقف الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته؛ “إيمانويل ماكرون”، من الأزمة الاقتصادية ببلاده، فقد اعترف في برنامجه الانتخابي؛ بأنه لن يكون صادقًا إذا تقدم لشعبه بقائمة من التدابير التي يفكر فيها، لتحسين الوضع الاقتصادي الفرنسي، في سياق الحرب الأوكرانية التي برر بها برنامجًا عاطفيًّا يخلو من الواقعية، لذلك لم يتوقف عن حشد وعود بابتكار الحلول، وأمنيات بـ”فرنسا حصينة”، لكنه لم يتخل في برنامجه الثاني عن أحد وعوده الأساسية؛ في عام 2017، وهو حل العجز في النمو الاقتصادي برفع سن التقاعد.

كان قرار رفع سن التقاعد في “فرنسا”؛ حتى 64 عامًا، سببًا في اندلاع مظاهرات عمالية، في “فرنسا”، في كانون ثان/يناير 2020، وإضرابات لمدة خمسة أسابيع في مختلف المهن، وشلل حركة القطارات، وإغلاق برج “إيفل”، بسبب بند يُجيز التقاعد عند سن: (62 عامًا)، والحصول على معاش أقل.

اجتمع ثلاثة مرشحين رئاسيين على ضرورة رفع سن التقاعد، وهم: “إيمانويل ماكرون وفاليري بيكريس وإريك زمور”، مقابل معارضة سبع مرشحين لذلك القرار. وعد “ماكرون” برفع سن التقاعد القانوني تدريجيًّا إلى: (65 عامًا)، إذا فاز بولاية ثانية، والقضاء على: “البطالة بين كبار السن”، واستثنى من ذلك حالات الإعاقة أو المهن الشاقة، وهو ما اتفقت معه؛ “فاليري بيكريس”، في مداخلتها مع برنامج (الأحد في السياسية)، في حين أعلن “زمور” في برنامجه الانتخابي: “من أجل نموذج اجتماعي لأمة قوية”؛ رفع سن التقاعد إلى: (64 عامًا)، بحلول 2030.

يُعارض اقتراح حل أزمة العجز برفع سن التقاعد كل من: “آن هيدالغو، وفابيان روسيل، وجان لوك ميلينشون، وماريان لوبان، ونيكولاس دوبونت-إيغنان، وفيليب بوتو، ويانيك غادون”؛ يأمل المرشحون السبعة خفض سن التقاعد حتى: (60 عامًا)، و(55 عامًا) لمن عملوا بمهن شاقة، ورفع الحد الأدنى للمعاشات التقاعدية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة