خاص : ترجمة – محمد بناية :
بعد أسبوع من الهجوم الأميركي على مقر (كتائب حزب الله) واستشهاد 30 من مقاتلي (الحشد الشعبي)، صدق “البرلمان العراقي”، الأحد، في جلسته الطارئة، (بغياب نواب الأكراد وبعض نواب أهل السُنة)، على قرار يُلزم الحكومة العراقية بإنهاء وجود القوات العسكرية الأجنبية على الأراضي العراقية.
وكانت بعض التيارات السياسية العراقية قد بدأت، منذ العام الماضي، محاولات جادة لإستصدار قرار برلماني ينص على طرد القوات العسكرية الأجنبية وفي مقدمتها القوات الأميركية، لكن حالت المعارضة السرية والمعلنة، من جانب بعض الأحزاب والتيارات السياسية العراقية، فضلاً عن المساعي الأميركية، دون الاتفاق على هكذا مشروع. بحسب صحيفة (خراسان) الإيرانية الأصولية.
ملاحظات حول القرار البرلماني..
الآن وقد تبلورت بوضوح داخل “العراق” أجواء العداء لـ”الولايات المتحدة”، على خلفية الهجمات الأخيرة، فقد أمتلكت الفصائل السياسية العراقية المعارضة للوجود العسكري الأميركي ورقة رابحة للاستفادة من هذه الأجواء في توجيه ضربة قاضية لـ”البيت الأبيض”.
وفيما يخص قرار “البرلمان العراقي”؛ تُجدر الإشارة إلى عدد من النقاط والملاحظات، أهمها على الإطلاق: عدم كفاية القرار البرلماني وحده لإخراج القوات الأميركية الأجنبية. فالحكومة مسؤولة عن خروج هذه القوات بموجب هذا القرار المُلزم للحكومة. لكن وبعد خطاب رئيس الوزراء المستقيل أمام نواب البرلمان؛ وأبدى فيه موقفًا مثيرًا للاهتمام إزاء استمرار الوجود الأجنبي في “العراق”، ثمة احتمالات بموافقة الحكومة على تنفيذ القرار البرلماني، ما لم تطرأ أي مستجدات أو المزيد من الأحداث.
ثانيًا: البعض يعتبر القرار البرلماني بمثابة مطلب لإلغاء الاتفاقية الأمنية بين “بغداد” و”واشنطن”. والحقيقة أن صلاحية هذه الاتفاقية كانت قد إنتهت بحلول، العام 2011. لكن تتواجد القوات الأجنبية على الأراضي العراقية حاليًا بموجب مطلب من الحكومة العراقية إلى “الولايات المتحدة الأميركية” و”التحالف الدولي” للمساعدة في القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي.
وعليه لا وجود للاتفاقية الأمنية، والحكومة تريد من قوات “التحالف الدولي” ترك قواعدها ومغادرة “العراق” فورًا. ولم تتضح ماهية الموقف الأميركي من قرار “البرلماني العراقي”، حتى الآن، لكن هناك توقعات أن تعارض “الولايات المتحدة” القرار بالنظر إلى أجواء التوتر الأميركية الراهنة مع “الجمهورية الإيرانية” ونفوذ “طهران” في “العراق”، لا سيما في ضوء معارضة جزء كبير من القوى السياسية العراقية للقرار.
وضع غاية في الحساسية..
وما من شك في أن “الولايات المتحدة” سوف تبدأ، منذ اللحظة، تكثيف الضغوط والتهديدات ضد الحكومة والقوى السياسية العراقية للحيلولة دون موافقة الحكومة على قرار البرلمان.
والأجواء الراهنة شديدة الحساسية والتعقيد. فالحكومة هي المسؤول المباشر في المطالبة بطرد القوات العسكرية الأجنبية، فإذا رفضت قرار البرلمان فسوف تكون في موقف سيء داخليًا. وإذا وافقت فسوف نشهد أجواء من تكثيف الضغوط والتوتر الأميركي غير المسبوق تجاه “العراق”، سوف يشمل كل الجوانب السياسية، والاقتصادية، والأمنية العراقية، وربما كان غضب الأميركيين تجاه “بغداد” سبب تنامي وتيرة الفوضى والاضطرابات في “العراق” مؤخرًا.
لكن وإزاء الموافقة الحكومية المحتملة، قد تتعلل “الولايات المتحدة” أو ترفض الخروج، الأمر الذي سوف يثير المزيد من الأسئلة حول مشروعية وجود القوات الأميركية، ومن ثم السماح لـ (الحشد الشعبي) والجماعات المسلحة الأخرى بالصدام مع هذه القوات.
والحقيقة إن قرار “مقتدى الصدر” الجديد؛ بشأن إعادة تفعيل (جيش المهدي) ومطالبه المعادية بشدة لـ”الولايات المتحدة الأميركية”، في رسالته الأخيرة والمنشورة بعد ساعات من إعلان قرار البرلمان، إنما تؤكد إتجاه الأوضاع الميدانية في “العراق” نحو المزيد من التصعيد الذي سوف يزيد من صعوبة عمل العسكريين الأميركيين. والواضح أن العلاقات “العراقية-الأميركية” تواجه مرحلة شديدة الحساسية؛ ربما تؤدي إلى اندلاع موجة توتر بين الحليفين، لكن الأكيد أن التصديق على قرار طرد القوات الأميركية وإحتدام نفور العراقيين من “الولايات المتحدة” هو بمثابة فشل لسياسات “واشنطن” في “العراق”.