9 أبريل، 2024 2:58 م
Search
Close this search box.

“الطابعة، الراديو، التلفاز” .. كل اختراع ساهم بصعود شخصيات بارزة في مجالات مختلفة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

كشفت دراسة حديثة أنه مع ظهور كل اختراع تكنولوجي جديد لمعت مجموعة من الأشخاص في مجالات معينة مرتبطة بهذا الاختراع، وعلى هذا النحو، صعد العسكريون ورجال السياسة في زمن “الطابعة”، والكُتاب خلال عهد “الراديو”، ثم إنصب الاهتمام على الممثلين والرياضيين بعد ظهور “التلفاز” و”السينما”.

وقام الباحثون في معهد “ماساتشوستس” للدراسات التقنية بفحص السير الذاتية لـ 40 ألف شخصية تاريخية؛ فوجدوا أن ظهور “الطابعة” و”التلفاز” و”الراديو” تزامن معه صعود شخصيات في مجالات مختلفة برزت في المجتمع لإرتباطها بهذا الاختراع، بداية من الأنبياء والعسكريين في التاريخ الشفوي حتى لاعبين الكرة والممثلين والمطربين في عهد التلفاز.

وصمم الباحثون قاعدة بيانات (بانثيون)، التي تحتوي على أكثر من 40 ألف سيرة ذاتية لشخصيات تاريخية لمعت في المجالات المختلفة، وجاء على رأس القائمة، “نيت حتب”، أول ملكة فرعونية، حكمت خلال الأسرة الأولى، منذ حوالي 5 آلاف عام، ويعتقد بأنها والدة ثاني فرعون مصري، بينما تنتهي بالأميرة، “شارلوت”، أميرة “كامبريدغ” إبنة الأمير، “ويليام”، التي ولدت عام 2015، ووضع العلماء شروط لإختيار الأشخاص الذين يستحقون وضع سيرهم الذاتية في القائمة وهي؛ أن “تكون سيرته الذاتية منشورة في موقع الموسوعة الحرة، (ويكيبيديا)، بـ 15 لغة مختلفة على الأقل، أو ظهرت في كتاب (إنجازات بشرية)، الذي نشر عام 2004، وضم تفاصيل كثيرة عن 4002 شخصية معاصرة برزت في مجالات السياسة والعلوم والفنون”.

عصر “الطابعة”..

ولاحظ العلماء أن عام 1450 شهد ظاهرة غريبة، إذ تضاعفت أعداد الشخصيات المشهورة واستمرت هذه الزيادة لعقود تلته، ثم ربطوا هذا التطور الكبير بتمكن المخترع الألماني، “يوهان غوتنبرغ”، من اختراع “الطابعة” الحديثة.

ويرى العلماء أن العلاقة بين اختراع “الطابعة” وظهور شخصيات تاريخية جديدة، سببية، ولإثبات هذه العلاقة أعتمد الخبراء على متغير خارجي وهو المسافة بين المدينة التي ولدت بها الشخصيات المشهورة و”ماينتس”، المدينة التي طبع بها “غوتنبرغ” أول نسخة من الإنجيل.

واستخدم الباحثون دليل يوضح أوائل الكتب التي طبعت في “أوروبا”، خلال القرن الخامس عشر، ليكتشفوا أن التاريخ الذي وصلت فيه “الطابعة” إلى كل مدينة من المدن الأوروبية يرتبط إرتباطًا وثيقًا بظهور شخصيات بارزة بها خلال العقود التالية، مع الوضع في الاعتبار أن انتشار الاختراع الجديد حدث بسرعة رهيبة، وبناءً على ذلك، زادت احتمالية ظهور شخصيات مشهورة في مدينة “ماينتس”، التي طبع بها “غوتنبرغ” أول كتاب في التاريخ خلال العقود التالية لهذا الحدث الجلل، الذي غير العالم كله مقارنة بالمدن الأخرى.

رجال السياسة والدين شغلوا 75% من السير الذاتية قبل “الطابعة”..

أوضح الباحث الذي شارك في إعداد الدراسة، “سيزار هيدالغو”، أن التاريخ الشفهي، الذي سبق اختراع “الطابعة”، شهد بروز شخصيات سياسية ودينية، بينما خلال القرن أو القرن ونصف التاليين للعام 1450؛ تضاعفت أعداد علماء الفلك والحساب والفنانين الذين حصلوا على شهرة كبيرة.

وأضاف أنه حتى تلك الحقبة كانت الشخصيات السياسية والدينية والعسكرية تشغل حوالي 75% من السير الذاتية، بينما خلد 10% منها ذكر المفكرين، وخاصة علماء الفلسفة والكُتاب، لكن مع ظهور “الطابعة” تراجعت أعداد السير الخاصة برجال السياسة إلى النصف، ورجال الدين إلى الخُمس.

وأردف “هيدالغو”؛ أن الذاكرة الجماعية للبشرية نمت لإستيعاب مجالات أخرى لم تكن موجودة في عهود سابقة، ومثال على ذلك أنه في أيام “شكسبير” كان هناك ممثلين، لكن الاهتمام إنصب بدرجة أكبر على الكتابة والتأليف.

من السياسة إلى الرياضة..

من اللافت للإنتباه هو أن تلك العلاقة بين اختراع “الطابعة” وصعود شخصيات بارزة في المجتمع؛ ليست متساوية في كل المجالات، فتأثرت المجالات الفنية أكثر من الدين بها، وأضاف الباحث أن “تأثير دخول الطابعة في كل مدينة إرتبط إرتباطًا قويًا بظهور أعداد كبيرة من الفنانين والعلماء، بينما حدث العكس بشأن رجال الدين”، ذلك لأن التاريخ والشخصيات المتعلقة بتلك المجالات إرتبطت أكثر بالتكنولوجيا التي هيمنت في تلك الفترة.

ومع ظهور الراديو تغيرت القطاعات اللامعة بشكل أكبر، وبينما حافظ العسكريون على مكانتهم بدرجة طفيفة استمر رجال الدين في التراجع وبات رجال السياسة يشغلون 20% من العدد الكلي للسير الذاتية، وحل محلهم الممثلين والمخرجين والموسيقيين والمطربين الذين شغلوا الثلث، كما صعد الرياضيون.

كما ساهم ظهور “التلفاز” في تعميق الإتجاهات التي برزت في عهد “الراديو”، فتراجع الاهتمام بالسياسة إلى 7% فقط، وشغل الممثلون والمطربون 31% من السير الذاتية، في حين حدث تغيرًا كبيرًا للغاية فيما يخص الاهتمام بالمجالات الرياضية؛ إذ صعدوا ليشغلوا نصف السير التي تعرض على الشاشات، 28% منهم من لاعبي كرة القدم.

وصرح مدير مجموعة التعليم الجماعي بالمعهد بأن: “ظهور كل نوع جديد من التكنولوجيا يعطي أولوية أكبر لنمو نوع معين من المواهب، ولا يمكن تخيل كرة القدم بدون تلفاز، هل كان من الممكن أن نحكم على الأسطورة، مارادونا، بأنه لاعب جيد للغاية دون أن نتمكن من رؤيته أبدًا !”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب