18 أبريل، 2024 4:35 ص
Search
Close this search box.

الضربات الأميركية على الأهداف العراقية والسورية .. محددة تمنع تأجيج الصراع في المنطقة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

شّنت “واشنطن”؛ فجر أمس السبت، غارات جوية في “العراق” و”سورية” على أكثر من: (85) هدفًا قالت إنها تابعة لـ (فيلق القدس)؛ التابع لـ (الحرس الثوري) الإيراني والمليشيات التابعة له، مسّتخدمة طائرات تضم قاذفات بعيدة المدى، في أعقاب هجوم بطائرة مُسّيرة الأسبوع الماضي في شمال شرق “الأردن”، أدى إلى مقتل: (03) جنود أميركيين

في ثاني رد فعل؛ استدعت “الخارجية العراقية”، أمس السبت، القائم بأعمال سفارة “الولايات المتحدة” في “بغداد”، احتجاجًا على ضربات جوية أميركية.

وقالت الوزارة العراقية، في بيان نشرته عبر منصة (إكس)؛ “تويتر” سابقًا، إنها: “استدعت القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد؛ ديفيد بيركر، وتسّلمه مذكرة احتجاج”.

وأرفقت الوزارة بيانها المقتضب بلقطات فيديو تُظهر “بيركر” في مقر “الخارجية”؛ في “بغداد”، يُجري مناقشات مع المسؤولين العراقيين، فيما يبدو حول المذكرة.

ادعاءات كاذبة..

وفي وقتٍ سابق؛ قال “محمد شيّاع السوداني”، رئيس الوزراء العراقي، في بيان، إن: “الإدارة الأميركية؛ أقدمت على ارتكاب عدوان جديد على سيّادة العراق، إذ تعرضت مواقع وجود قواتنا الأمنية في منطقتي عكاشات والقائم، فضلاً عن الأماكن المدنية المجاورة، إلى قصف من عدة طائرات أميركية”.

وأضاف: “أدى هذا العدوان السّافر إلى مقتل: (16) شخصًا، بينهم مدنيون، إضافة إلى: (25) جريحًا، كما أوقع خسّائر وأضرارًا بالمباني السكنية وممتلكات المواطنين”.

واتهم الجانب الأميركي: بـ”تعمد التدليّس وتزييف الحقائق”، عبر الإعلان عن تنسّيق مُسّبق لتنفيذ الهجمات، مؤكدًا أنه: “ادعاء كاذب يسّتهدف تضليل الرأي العام الدولي، والتنصل من المسؤولية القانونية لهذه الجريمة المرفوضة وفقًا لجميع السّنن والشرائع الدولية”، بحسّب قوله.

تضع أمن “العراق” والمنطقة على حافة الهاوية..

وحذر رئيس الوزراء العراقي من أن: “هذه الضربة العدوانية ستضع الأمن في العراق والمنطقة على حافة الهاوية، كما أنها تتعارض جهود ترسّيخ الاستقرار المطلوب”.

وعبر “السوداني” عن رفضه أن: “تكون أراضي العراق ساحة لتصفية الحسابات، وعلى جميع الأطراف أن تُدرك ذلك، فأرض بلدنا وسيّادته ليس المكان المناسب لإرسّال الرسائل واستعراض القوة بين المتخاصمين”.

رد فعل بطيء..

ولقيت الضربة الأميركية انتقادات من الداخل الأميركي؛ حيث انتقد رئيس “مجلس النواب” الأميركي؛ “مايك جونسون”، إدارة “بايدن”، لما وصفه: بـ”رد الفعل البطيء” على الهجوم على قاعدة أميركية في “الأردن”.

وقال “جونسون”: “إن الوفاة المأساوية لثلاثة جنود أميركيين في الأردن، على يد الميليشيات المدعومة من إيران، كانت تتطلب ردًا واضحًا وقويًا. لكن الإدارة، لسوء الحظ، انتظرت أسبوعًا وأرسلت برقية إلى العالم، بما في ذلك إيران، حول طبيعة ردنا، وهو ما فوّت فرصة لإلحاق أذى حقيقي بإيران وإيلامها”، وفقًا لصحيفة (ذا هيل) الأميركية.

واعتبر “جونسون” أن توقيت الضربات العسكرية بعث برسائل مسّبقة إلى “طهران” بردها، في إشارة إلى التلميحات والتسّريبات وحتى التأكيدات التي صُدرت من “واشنطن”؛ في وقتٍ سابق، بأن الرد على هجوم “الأردن” آت لا محال قريبًا وعلى عدة مستويات.

نجاح تكتيكي وليس استراتيجي..

في السيّاق ذاته؛ قلل السناتور الجمهوري؛ “توم كوتون”، من أهمية هذه الغارات، قائلاً في بيان: “يجب أن يكون لدينا رد جدي وعقابي لم أره بعد”، كما أشار إلى أنه إذا: “أرادت إدارة بايدن بالفعل تجنب الحرب مع إيران، فإن الطريق الأفضل تكون في ضرب أصولها بقوة، كما فعل دونالد ترامب عام 2020، عندما قتل قائد (فيلق القدس)؛ في (الحرس الثوري) الإيراني؛ قاسم سليماني، أو رونالد ريغان عام 1988، عندما أغرق سفينة إيرانية”.

وقال “توم كوتون”؛ في مقابلة على قناة (فوكس نيوز) ليلة الجمعة، إن الضربات قد تُشّكل: “نجاحًا تكتيكيًا”، لكنها ليست: “نجاحًا استراتيجيًا، فقد سمحنا لقادة إيران بإعادة قواتها في سورية والعراق إلى إيران، لذلك أعتقد أننا لم نقتل العديد من القادة الإيرانيين في هذه المناطق”.

برقيات حمقاء..

وردد السيناتور “روجر ويكر”؛ (جمهوري من ميسوري)، في بيانٍ له أن الإدارة: “أمضت ما يقرب من أسبوع في إرسال برقية حمقاء إلى خصومنا عن نوايا الولايات المتحدة، مما منحهم الوقت للانتقال والاختباء”.

وقال السيناتور “دان سوليفان”؛ (جمهوري من آلاسكا)، إن رد الإدارة على الهجمات الأخيرة في الشرق الأوسط: “كان كارثيًا إلى حد الخطورة”، مضيفًا أنه كان يتعين على “الولايات المتحدة” بدلاً من ذلك إغراق: “سفن التجسّس الإيرانية” والنظر في إعادة فرض العقوبات على “النفط والغاز”.

من جهته؛ اعتبر “ميك مولروي”، نائب مساعد وزير الدفاع السابق، أن التأخر في شّن الضربات أعطى “طهران” مهلة لنقل عناصرها بعيدًا عن مواقع الاستهداف.

وقال: إن “البعض قد يرى أن الولايات المتحدة أضاعت فرصة إلحاق أذى حقيقي بإيران وإيلامها”، وفق ما نقلت (وول ستريت جورنال). إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن تلك الغارات قد حدت وقللت على الأرجح من قدرة وكلاء “إيران” في المنطقة على مهاجمة القوات الأميركية.

لم تطل أهداف ذات قيمة..

واعتبر الباحث الأميركي؛ “شارلز ليستر”، مدير برامج مكافحة الإرهاب والتطرف في (معهد الشرق الأوسط)، أن الضربات لم تطل: “أهدافًا ذات قيمة عالية”، بل ركزت على مواقع لوجيستية للفصائل ومخازن للصواريخ والطائرات المُسّيرة.

كما لفت إلى أن عددًا من المسؤولين الإيرانيين ألمحوا إلى أنهم تلقوا تحذيرًا مسّبقًا من “بغداد” قبل الضربات، فتم نقل كبار القادة إلى الحدود “العراقية-الإيرانية”.

مرسّوم ومحدد لمنع تأجيج الصراع..

ويذهب المحلل السياسي وعضو الحزب (الديمقراطي) الأميركي؛ “مهدي عفيفي”، إلى أن: “الهجمات (الأميركية) رسالة محسّوبة لتحذير طهران.. لن تؤدي إلى تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط”.

وأوضح في حديث من “واشنطن”؛ لـ (العين الإخبارية): “شكل وطريقة الرد الأميركي فجر السبت، مرسّوم ومحدد بدقة سّلفًا، لمنع تأجيج الصراع”.

ومنذ اندلاع الحرب في “قطاع غزة”؛ على خلفية هجوم حركة (حماس) على “إسرائيل”، وضعت “واشنطن” نُصّب عينها منع توسّيع رقعة الحرب كهدف استراتيجي حركت من أجله حاملات طائراتها في “شرق المتوسط” للجم رد فعل (حزب الله) اللبناني، لكن التوغل البري الإسرائيلي في “غزة” فتح احتمالات خارج حسابات “البيت الأبيض”.

لكن “عفيفي” رأى أن الجانبين سّعيا إلى ضبط الإيقاع؛ ففي هذا الإطار سّحبت “إيران” قياداتها وعناصرها من المواقع التي قد تكون هدفًا لـ”الولايات المتحدة”، وهو ما يُفسّر قلة أعداد القتلى والمصابين في الغارات الأميركية، في ظل الإجراءات الاحترازية التي اتخذت.

أسباب عدم توسّيع الصراع..

وشّدد عضو الحزب (الديمقراطي)؛ على أن: “الإدارة الأميركية لا تُريد توسيّع الصراع لأسباب عديدة، بينها الرغبة في عدم التركيز على الصراعات في عام الانتخابات الرئاسية، ما يُبعد الأنظار عن إنجازات الرئيس؛ جو بايدن، في الاقتصاد وغيره، وقطع الطريق أيضًا أمام محاولة استغلال المنافس الجمهوري، دونالد ترامب؛ هذه الصراعات لإلقاء اللوم على الرئيس الحالي بأي شكلٍ من الأشكال”.

ويعتقد “عفيفي” أن الإدارة الأميركية تُدرك الآن أن من مصلحتها إيجاد حل في “غزة” لاحتواء أي احتمال لتوسّيع الحرب نتيجة حساب خاطيء لأي من أطراف الأزمة.

محدودية الرد الإيراني..

وعلى هذا الأساس؛ يؤسس السياسي الأميركي توقعاته لرد الفعل الإيراني على الهجوم قائلاً: “لن يكون كبيرًا (الرد الإيراني)، لأن الجميع كان يعلم بالضربات الأميركية”، ونبه أيضًا إلى أن الضربات: “كانت على غير ما يصّبو إليه كثير من أعضاء الكونغرس، خاصة من الجمهوريين الذين طالبوا في وقتٍ سابق أن تكون ضربات استباقية دون تحذير، حيث تستهدف مواقع (الحرس الثوري) وفي الداخل الإيراني”.

وكان الناطق باسم “البيت الأبيض” أكد، الاثنين الماضي، أن “الولايات المتحدة” تعمل على الرد على هجوم شنّته فصائل موالية لـ”إيران” على قوات أميركية على الحدود “الأردنية-السورية” وأدى لمقتل: (03) جنود: بـ”الطريقة الملائمة”.

لكنه قال في الوقت نفسه؛ إن “واشنطن” لا تُريد حربًا مع “طهران”، التي نفت من جانبها ضلوعها في الهجوم على قاعدة (البرج 22)، التي تضم قوات أميركية.

قواعد الاشتباك..

من جانبه؛ قال “بشير عبدالفتاح”، الخبير في الشأن الإيراني بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه: “لا نيّة لدى الفصائل المسلحة بسورية والعراق للتصّعيد وتأجيج الصراع والمواجهات، وهو موقف واشنطن أيضًا”.

وتابع: “ما يجري بين تلك الأطراف المتصارعة في إطار قواعد الاشتباك والخطوط الحمراء المتعارف عليها”، مضيفًا: “لا أتوقع أن تُفضي الغارات على سورية والعراق إلى مزيد من التصّعيد، لأن واشنطن تمّهلت كثيرًا قبل توجيه ضرباتها، وتركت فرصة لإيران لإعادة تموضع قواتها، بل أعلنت أيضًا أنها لا تُريد صدامًا مباشرًا”.

وأوضح أن: “طهران من جانبها استّبقت العمليات، بالإعلان عن عدم مسؤوليتها عن هجوم الأردن، وأن الفصائل بسورية والعراق تتصرف بشكلٍ مسّتقل”.

وكانت فصائل عراقية قد أعلنت؛ في وقتٍ سابق، تعليق هجماتها على المصالح الأميركية في المنطقة بزعم رغبتها في عدم إحراج الحكومة العراقية.

للاحتفاظ بهيبة الردع..

وقال “عبدالفتاح”؛ إن: “إعلان بعض الفصائل المسّلحة أنها ستّرد على الضربات الأميركية، يأتي في إطار الاحتفاظ بصدقية وهيبة الردع فقط، حيث إنه لا نية لديها، أو لواشنطن في تصعيد وتأجيج الصراع والمواجهات”.

وخلص في هذا الصّدد؛ إلى أن: “ما يجري سواء من أذرع إيران أو واشنطن؛ يأتي في إطار قواعد الاشتباك والخطوط الحمراء المتعارف عليها، التي قد تتغيّر بعض الشيء لكنها ستظل حاكمة للصراع”.

لكنه أشار أيضًا إلى أن: “المحك الأساس يتمثل في استهداف الداخل الإيراني فقط، لكن طالما ظل الأمر مرتبطًا باستهداف الفصائل المسلحة في دمشق وبغداد بإخطار مسّبق، وتنسّيق متبادل، فلن تنزلق الأمور لمواجهات مباشرة”.

ويسّتدرك قائلاً: “أما إذا أقدمت الفصائل المسلحة على استهداف أميركيين مرة أخرى، فربما ستتدحرج الأمور لحرب إقليمية، لكني أشك في استقلالية تلك الفصائل لأنها تحت السّيطرة الإيرانية”.

مصالح تجارية واقتصادية..

بدوره؛ يُعدد الباحث السياسي المتخصص في الشأن الإيراني وقضايا الشرق الأوسط؛ “وجدان عبدالرحمن”، دوافع رفض “الولايات المتحدة” تمّدد الصراع في المنطقة.

وفي ملمح جديد،؛ يُبيّن أن: “واشنطن؛ لا ترغب في تمّدد الحرب لاعتبارات ومصالح تجارية واقتصادية، في ظل الاضطرابات التي يشهدها البحر الأحمر، ومخاوف انتقالها إلى مواقع أخرى، وهذا كله يؤثر بشكلٍ كبير على الاقتصاد العالمي وعلى الدول الغربية، إضافة إلى أن تأثيره السلبي الأكبر سيكون على إدارة بايدن الديمقراطية المقبلة على انتخابات”.

وبرهن أيضًا على سّعي الإدارة الأميركية الحالية لمنع تمّدد الصراع، قائلاً: “منح إدارة بايدن مدة زمنية كبيرة نسّبيًا، قبل توجيه ضرباتها للجماعات الموالية لإيران في العراق وسورية وللنظام الإيراني؛ (نحو 06 أيام)، هو إشارة تعكس الرغبة في عدم توسّع الاضطرابات في المنطقة”.

تستخدمهم كخطوط أمامية..

وعلى الجانب الإيراني وردوده المتوقعة؛ قال “عبدالرحمن”: “ما لم تضرب واشنطن العمق الإيراني بشكلٍ مباشر، فمن المسّتبعد أن ترد الأخيرة”.

بل زاد الباحث في الشأن الإيراني قائلاً إن: “طهران لن تتدخل حتى لمناصرة حلفائها وأذرعها في المنطقة، والرد على استهدافهم بسورية والعراق”.

ويُفسّر هذا التحليل؛ قائلاً: “الجماعات الموالية لإيران في المنطقة تُعد بمثابة الخطوط الأمامية في جميع معاركها، وأعتقد أن طهران ستُضحي بآخر عنصر من تلك الجماعات قبل أن تدخل في أي مواجهات مباشرة مع أميركا أو إسرائيل”.

ومضى قائلاً: “غرض إيران من تشّكيل فصائل موالية لها في المنطقة هو خدمة مصالحها القومية ومشروعها في المنطقة، واستخدامهم كأوراق ضغط في مفاوضاتها، ولن تُبالي بالخسّائر التي تحدث لتلك الفصائل”.

وأضاف: “الإيرانيون لديهم صبر طويل وقدرة كبيرة على امتصاص الغضب والضربات، ولن تخوض إيران حربًا مباشرة على الإطلاق مع الولايات؛ لأن حفظ النظام من أوجب الواجبات في عقيدتها”.

الأمور تحت السّيطرة..

كما أكد الدكتور “محمد قواص”، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، أن: “الأمور تحت السّيطرة حتى الآن، بعد أن جرى دراسة الضربات الأميركية بالشكل الذي لا يؤدي إلى اتسّاع وتمّدد الصراع في المنطقة، خاصة مع خوض بايدن العام الجاري الانتخابات الرئاسية”.

وشّدد أيضًا على أن: “التأكيد الأميركي على عدم استهداف الداخل الإيراني يُسّهم في منع تمّدد الحرب”.

وعن درجة الرد على الضربات الأميركية؛ قال المحلل السياسي اللبناني إن: “الرد سيكون تقليديًا من خلال الفصائل الموالية لطهران، وبشكلٍ مدروس؛ لأن طهران تسّعى فقط لتحسّين شروط تفاوضها المقبل مع الولايات المتحدة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب