خاص : ترجمة – آية حسين علي :
بعيدًا عن مبادرة “الحزام والطريق”، التي أطلقها الرئيس الصيني، “تشي غين بينغ”، عام 2013، لإعادة إنشاء “طريق الحرير” الذي يربط آسيا بإفريقيا وأوروبا، ومشروعات تحسين البنى التحتية المرتبطة به، وجدت “بكين” فرصة ذهبية لاستغلال الأراضي الإفريقية، وانتقل عدد كبير من رجال الأعمال الصينيين إلى إفريقيا وقاموا بتأسيس مشاريعهم الخاصة هناك، على خلفية السمعة التي تركتها الدولة الآسيوية.
الصين تقدم مشروعات وتأخذ المقابل..
تدرك “بكين” أهمية استغلال الثروات الإفريقية جيدًا، ودفعت الظروف الاقتصادية القاسية في “الصين”، بسبب ارتفاع تكاليف العمل، والإفراط في التصنيع، بالإضافة إلى المعايير البيئية شديدة الصرامة، كثير من أصحاب العمل إلى السعي لتحقيق طموحاتهم في أماكن أخرى، بعضهم لجأوا إلى دول مجاورة مثل، “كمبوديا”، والجزء الآخر ذهبوا إلى إفريقيا.
تُعتبر “نيجيريا” – كمثال على دول غرب إفريقيا – وجهة لكثير من رجال الأعمال الصينيين؛ وشهدت العلاقات بين البلدين تقاربًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة الماضية، إذ أنشأت “بكين” عدد من مشاريع البنية التحتية في البلد الإفريقي، التي تُخص البنى التحتيتة، شملت إنشاء خطوط سكك حديدية وسدود وموانيء واتصالات، أبرزها؛ أو خط سكة حديد حديث في إفريقيا يربط بين العاصمة، “أبوغا وكادونا”، وهناك عدد من المشروعات قيد التنفيذ، بالطبع لم تقدم “الصين” كل هذا بدون مقابل.
واللافت للإنتباه هو تضاعف حجم المشروعات الصينية الفترة، وخلال الفترة من 2000 إلى 2014 ارتفع حجم الاستثمارات الصينية في إفريقيا من 2% فقط إلى 55%، وكشفت شركة “ماكنزي” للاستشارات أنه على أساس الإيقاع الحالي سوف تتخطى “الصين” مستوى النفوذ الأميركي في القارة السمراء خلال عقد من الزمان.
وصرح السفير الصيني في نيجيريا، “تشو بيانغ غيان”، بأن “نيجيريا” بها المقومات التي تجعلها رائدة التصنيع في العالم، وهذا هو مستقبل البلد الإفريقي، لكن الواقع مختلف، إذ كشفت بيانات “البنك الدولي”، أن قطاع الصناعة يمثل 9% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في “نيجيريا”، وشكا رئيسها، “محمد بخاري”، من أن “نيجيريا” تعتمد بشكل كامل على الاستيراد بداية من أعواد تنظيف الأسنان؛ وحتى صلصة الطماطم.
منطقة التجارة الحرة..
قال مدير منطقة التجارة الحرة في “إغبسا” بنيجيريا، “فلسون فو”: “سوف يكون لدينا فندق 5 نجوم ونادي غولف وفرع (وول مارت)”، “سوف تشبه هذه المنطقة، دبي”، وجاءت رحلة “فو”، الذي كان يعمل مهندسًا للكهرباء، إلى إفريقيا بعد تعيينه في فرع شركة (باور كونستركشن) الصينية في “ميانمار”، التي كانت تقوم بأعمال تحديث شبكة الكهرباء في البلد الإفريقي، وفي عام 2011؛ دفعته رغبته في المغامرة إلى حزم أمتعته والتوجه صوب “نيجيريا”، وعين هناك مديرًا لمنطقة التجارة الحرة في ولاية “أوغين”، وهي منطقة أُنشئت بالتعاون بين القطاعين العام وتمثله الحكومة النيجيرية والقطاع الخاص من خلال الشركات الصينية التي تقدم التمويل اللازم.
وأضاف: “إنها تشبه الصين في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حينما كان ممكنًا فتح مشروع وتحقيق ثروة كبيرة”، وواصل: “هذا لم يعد ممكنًا في الصين اليوم”.
ويُعتبر “فو” واحدًا من مئات الآلاف من المواطنين الصينيين الذين قرروا الانتقال إلى إفريقيا، خلال العقدين الماضيين، بحثًا عن الثروة، ويقدر عددهم بحوالي مليون نسمة.
تزايد التواجد الصيني في القارة..
علمت “واشنطن” بالتواجد الصيني المتزايد، الذي غير القارة الإفريقية مؤخرًا، وفي كانون أول/ديسمبر الماضي، اتهم مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، “جون بولتون”، “بكين”، باستخدام رشاوى واتفاقات مبهمة والاستغلال الإستراتيجي للديون لإبقاء الدول أسرى لرغباتها وأوامرها.
ومع ذلك؛ لا تعتبر الشركات الكبرى مثل، (هواوي) وغيرها من الشؤكات التابعة للحكومة، هي الجهات الفاعلة الوحيدة في القارة، وما لا تدركه “واشنطن” هو أن آلاف رجال الأعمال المغامرين، مثل “فو”، يتعمقون في كل المجالات من خلال تجارة التجزأة والمصانع ولهم تأثيرًا كبيرًا.
وقالت العضوة المشاركة في (ماكنزي)، “إيرين يوان سون”، إن: “الاستثمار الصيني في مجالات التصنيع يعد الأمل الأفضل لإفريقيا”، وأضافت: “بعيدًا عن مبادرات الدولة توجد شركات القطاع الخاص التي توفر فرص عمل أكبر، وتأخذ مكانة بسرعة ولها تأثير اقتصادي واجتماعي كبير”.
وتعاني “نيجيريا”، مثل كثير من الدول الإفريقية/ من مشكلات في البنى التحتية، وتفتقر إلى الخدمات الأساسية التي توفر الطاقة والماء وطرق سريعة، لذا قامت شركة (نيو ساوز غروب)، التي تُعد من أوائل الشركات الصينية التي قدمت إلى إفريقيا، بتأسيس البلد منذ الصفر، فأنشأت مولدات للغاز الطبيعي وطرق بدون أرصفة تربط المنطقة الحرة ببحيرات وأماكن أخرى.
وأوضح “فو” أن الأمر يشبه إدارة بلد بأكمله، “لدينا عاداتنا وشرطتنا وعملياتنا الخاصة، تقدم حكومة نيجيريا الأرض ونستخدم أموالنا من أجل أعمال الإنشاءات”، وبعد 7 أعوام من العمليات وصل عدد الشركات العاملة في منطقة التجارة الحرة إلى 50 شركة في مجالات مختلفة، ويرى “فو” أنه خلال 15 أو 20 عامًا؛ سوف يحدث توسعًا كبيرًا ليصل العدد إلى 10 آلاف شركة.