الصيد في الماء العكر .. قطر تُكايد السعودية بإعادة العلاقات مع الأردن !

الصيد في الماء العكر .. قطر تُكايد السعودية بإعادة العلاقات مع الأردن !

خاص – كتابات :

رغم عدم دعوتها إلى “مؤتمر مكة”، لدعم “الأردن” اقتصاديًا، وهو الأمر المتوقع لما بين البلد الأكبر خليجيًا – “السعودية” – وبينها من مقاطعة وحصار لأكثر من عام كامل.. إلا أنها قررت الدخول على خط الدعم والمساعدة رغم ما إتخذه البلد العربي الصغير من قرارات سلبية بحقها إرضاءًا لمن يمنح ويعطي.

أمر يستحق التدخل..

فقد رأت “الدوحة” في ما ضرب “عَمان” من تظاهرات واحتجاجات أمرًا يستحق التدخل واستغلال تلك الفرصة لإستعادة قوة العلاقات؛ وكنوع من المكايدة السياسية في مواجهة دول المقاطعة، خاصة مع إنشغال ولي العهد السعودي الأمير الطامح للسلطة، “محمد بن سلمان”، بالوصول إلى العرش وتركه الملف الأردني يخرج عن نطاق سيطرته.

فقد تعهدت “قطر” أخيرًا بتقديم دعم اقتصادي للأردن، ربما يكون الأكبر خليجيًا حتى الآن، رغم عدم مشاركة الدوحة في “قمة مكة”، التي إنعقدت لبحث سبل دعم الاقتصاد الأردني، وخرج بها “الأردن” بـ 2.5 مليار دولار كدعم من الدول المشاركة، (السعودية، الإمارات والكويت).

زيارة استثنائية بعد طول غياب..

وسرعان ما استقبل الملك “عبدالله الثاني”، العاهل الأردني، في الثالث عشر من حزيران/يونيو 2018، بقصر “الحسينية” بعمان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، “محمد بن عبدالرحمن”، وجرى في تلك الزيارة، وفق البيانات الرسمية، استعراض العلاقات بين البلدين لكن علامات الترحيب الدافيء بدت واضحة بين الجانبين !

رغم تخفيض التمثيل الدبلوماسي وغلق الجزيرة..

الإعلان عن الدعم القطري المفاجيء للأردن يأتي رغم تخفيض “الأردن” تمثيله الدبلوماسي مع “الدوحة”، في عام 2017، وإغلاقه مكاتب فضائية (الجزيرة) القطرية لديه؛ بالتزامن مع إجراءات المقاطعة التي فرضتها دول الرباعي “السعودية، الإمارات، البحرين ومصر”، في الخامس من حزيران/يونيو 2017.

انتفاضة على مواقع التواصل الاجتماعي..

ومع هذا الدعم القطري المقدم لـ”عَمان”، تصدر في “الأردن” و”قطر” هاشتاغ على (تويتر) بعنوان: “قطر والأردن نبض واحد”، إذ وجد الإعلان عن دعم الدوحة لعَمان صدى لدى الأردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ وطالب بعضهم بعودة السفير القطري إلى العاصمة الأردنية عَمان.

تغريدات كثيرة تفاعلت مع الدعم القطري، فنجد الصحافي والناشط الأردني، “خيرالدين الجابري”، قد علق على تلك الأنباء بقوله: “دولة ما في بينك وبينها مشاكل ولا أزمات ولا تسببت بأي عداء رحت خفضت التمثيل الدبلوماسي معها وروحت سفيرها وسكرت مكتب قناة بتمثلها، ومع هيك ما قطعت العلاقة معك ولا عادتك.. واليوم لما مريت بالمحنة والشدة أبت إلا أن توقف معك وتكون سندك وعونك !”.

بينما ذهب الإعلامي القطري، “جابر الحرمي”، للقول إنه في نفس اليوم.. “حتى تعرف الشعوب العربية: قطر توفر 10 آلاف فرصة للأردنيين وتدعم الأردن بحزمة مشروعات تقدر بـ 500 مليون دولار.. وتصوت للشقيقة المغرب لإستضافة كأس العالم 2026..”، وهي تغريدة ربما أُريد لها أن تظهر الفرق في المواقف بين “قطر” وبين “السعودية”.

إستعادة العلاقات وعودة السفير..

بدوره قال النائب الأردني، “خليل عطية”، في منشور له على موقع (فيس بوك): “بعد مواقف القطريين المشرفة في دعم صمود الشعب الأردني في مواجهة الاستهداف، لا مبرر إطلاقًا لأي تأخير في عودة سفير قطر إلى عمله وسط أهله ومحبيه..”

وينضم العقيد الأردني المتقاعد، “علاء عناسوه”، إلى المرحبين بعودة العلاقات بين “الأردن” و”قطر” بقوله تعليقًا على تلك الزيارة إن “البهجة والسرور ظهروًا على وجه الملك الأردني وضيفه وزير خارجية قطر.. أجمل عيدية من الدوحة الحبيبة لشقيقتها عَمان.. مفاجأة سارة لنا بكل تأكيد وغير سارة لبعض الناس”، وهنا أيضًا يلمح إلى “السعودية” وربما معها دول الحصار والمقاطعة.

أخيرًا حكومة تواجه المسؤولية..

في الأخير؛ فإن هناك حكومة أردنية جديدة في حضرة العاهل الأردني وفي فُلكه تدور، ووزراء يتعهدون بتحمل المسؤولية، لكن الحمل ثقيل هذه المرة، فالتحديات الداخلية والخارجية بالغة الخطورة..

ورغم ذلك نجد أن نصف وزراء الحكومة المستقيلة قد حافظوا على مناصبهم الوزارية وفي مقدمة الباقين وزراء الداخلية والخارجية والعدل..، وهي نقاط ربما يستخدمها الخصوم ضد الحكومة.. !

لكن المستبشرين بتلك الحكومة يرون في الباقين خيارات مقنعة، إذ نجد أن رئيس الوزراء الجديد يستند إلى رصيد شعبي؛ فهو شخصية اقتصادية دولية عُرف بنظافة اليد ورغبة حقيقية في التغيير..

من جانب آخر فإن في الحكومة الأردنية الجديدة وجوه شابة تحمل أفكارًا إصلاحية، فمثلاً هناك الناشط الإصلاحي، “مثنى غرايبة”، الذي أُسندت إليه وزارة الاتصالات.

7 مناصب جديدة للنساء وحكومة الحل الوسط..

نحن أمام 7 مناصب جديدة أُوكلت إلى نساء، ولعلها النسبة الأكبر في تاريخ الحكومات الأردنية، لكن التركيبة الجديدة يمكن تسميتها بـ”حكومة الحل الوسط”، فالمناصب الوزارية تقاسمها محافظون وإصلاحيون.. وهي قسمة تطرح سؤالاً كبيرًا عن قدرة الحكومة في إحداث التغيير.. ؟!

فأهم التحديات التي تواجه حكومة “الرزاز”، أولها تحديات خارجية بإستعادة الثقة لدى الدول المانحة وإعادة تموضع السياسات الخارجية الأردنية في الملفات الإقليمية وفق ما يخدم المصالح الأردنية، بمعنى أن لا ينحاز “الأردن” لدول إلا وفق مصالحه الوطنية وإستراتيجية الأمن الوطني العليا، وهنا المقصود ما تورط فيه “الأردن” بالإندفاع خلف “السعودية والإمارات”، ومع أول اختلاف في مواقف سياسية وجد نفسه وحيدًا وقدر رفع عنه الدعم المالي لعدة أشهر !

أما داخليًا؛ فإن التحدي الأكبر يظل عدم عودة الحراك الذي يعد محورًا رئيسًا وهاجسًا كبيرًا يُقلق “الرزاز”، الذي ترث حكومته تركة ثقيلة، إذ إن في الأفق ترحيل لأزمات اقتصادية راهنة و”صفقة قرن” تعبث بمصالح المملكة ومستقبلها وخيارات مفتوحة على تحالفات إقليمية جديدة، كما تقول أغلب التحليلات الواردة من “الأردن”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة