9 أبريل، 2024 11:21 ص
Search
Close this search box.

الصراع “الإيراني-الأميركي” يلتهب .. هل مضيق هرمز على موعد مع “حرب ناقلات” أخرى ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

تخشى شركات الشحن البحري من اتسّاع نطاق الصراع في المنطقة بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، فهل تندلع حرب ناقلات أخرى تمتد من “مضيق هرمز” إلى “باب المندب” ؟

تناول تقرير لمجلة (فورين بوليسي-The Foreign Policy) الأميركية؛ تداعيات رد إدارة “جو بايدن” على هجوم “الأردن”؛ الذي أدى إلى مقتل: (03) وإصابة العشرات من القوات الأميركية في قاعدة (البرج 22)، وقلق شركات الشحن التجاري الدولي من كرة الثلج المتدحرجة في المنطقة على خلفية الحرب الإسرائيلية على “قطاع غزة”.

الرد الأميركي على هجوم “الأردن”..

كان الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، قد اتخذ خطوات في سبيل الانتقام لمقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأميركيين في غارة؛ تقول “الولايات المتحدة” إن ميليشيات مدعومة من “إيران” شنَّتها على قاعدة أميركية في “الأردن”، في 28 كانون ثان/يناير 2024. ومن ثم أعلنت “الولايات المتحدة” في 02 شباط/فبراير الجاري؛ عن شنِّ غارات على مواقع وأهداف قالت إنها مرتبطة بـ”إيران” في “سورية والعراق”.

مع ذلك؛ ومهما كانت الخطوات الأخرى التي ستتخذها “واشنطن”، فإن أوضاع الشحن في “مضيق هرمز” لن تزداد إلا اضطرابًا. فالسفن التجارية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على هذا الممر المائي، لكن “إيران” تُسّيطر على أحد طرفي المضيق، وكثيرًا ما تتهمها “الولايات المتحدة” ودول غربية بالتضيّيق على حركة الشحن هناك، تقول (فورين بوليسي).

تأمل “الولايات المتحدة” أن تُرسل الضربات ردًا حازمًا لـ”إيران” دون تصعيد الصراع غير المباشر بين البلدين في المنطقة إلى صراع مباشر. ومع ذلك، فقد نشهد مزيدًا من الضربات في سيّاق الردِّ الأميركي.

إذ قال “جون كيربي”؛ المتحدث باسم “مجلس الأمن القومي” الأميركي، في 31 كانون ثان/يناير الماضي: “لن يكون الرد في مرة واحدة”. وأكَّد “بايدن” في تصريحاتٍ له أنه لا يُريد التصعيّد، وقال في 30 كانون ثان/يناير: “لا أظن أن في الأمر فسّحة لحربٍ أوسع في الشرق الأوسط، وليس هذا ما نريده”. ومع ذلك، فحتى لو لم يتسّع نطاق القتال، فإن المضيق أصبح أكثر خطورة بكثير في الآونة الأخيرة، بحسّب تقرير المجلة الأميركية.

و”مضيق هرمز”؛ عبارة عن ممرّ مائي بالغ الأهمية. ففي عام 2022، مرَّ عبر المضيق: (21) مليون برميل نفط يوميًا، وتُعادل هذه الكمية: (21%) من استهلاك السّوائل النفطية في العالم. والمضيق أيضًا محطة تفتيش، فهو مسّطح مائي ضيق تتقاسّم “إيران” و”سلطنة عُمان” السّيطرة عليه، ويمكن أن تتعطل حركة المرور فيه بسّهولة بسبب العواصف أو الحوادث أو أعمال متعمدة من الأطراف التي تُريد ذلك.

حرب الناقلات بين “العراق” و”إيران”..

خلال الحرب “الإيرانية-العراقية”؛ في الثمانينيات، بدأ “العراق” بمهاجمة السفن المتجهة إلى “إيران”، فردَّت “إيران” بمهاجمة السفن المتجهة إلى “العراق”. ولم يمضِ إلا قليل حتى اشتعل في منطقة “الخليج العربي” و”مضيق هرمز”؛ صراع عُرف بعد ذلك باسم: “حرب الناقلات”.

وكانت الحرب شرسة؛ فقد استهدفت الدولتان؛ (خاصة العراق)، السفن التجارية بالصواريخ والألغام الأرضية. وتعرضت للاعتداء سفنٌ رفعت أعلام “قبرص واليونان وإيران واليابان والكويت وليبيريا ومالطا والنرويج وبنما والسعودية وسنغافورة وتركيا وبريطانيا”، وغيرها.

لكن السفن استمرت في الإبحار إلى المضيق والخليج لأن العالم كان يحتاج إلى هذا النفط. وكتب خبير الشؤون البحرية؛ “رونالد أورورك”، في مجلة (Proceedings)؛ الصادرة عن “المعهد البحري الأميركي” في عام 1988: “حاولت بعض السفن العبور خُفيةً عبر مضيق هرمز… واستعانت بظلمةِ الليل، لأن إيران أقل قدرة على مهاجمة السفن خلاله. وكانت بعض السفن تواجه الإيرانيين في البحر، فتتجاهل إنذاراتهم أو تُضللهم بشأن الموانيء المقصودة”، و”رفعت إحدى السفن اسمًا مزيفًا على بدنها، لكن الإيرانيين لم ينخدعوا. فلجأ قادة السفن بعد ذلك إلى البقاء على مقربةٍ من السفن البحرية الغربية”، وبات بعضهم: “يُفضل الانضمام إلى قوافل السفن التي يقودها الغرب لعبور الخليج”.

قُتل وجُرح وفُقد ما يزيد على: (320) بحارًا تجاريًا خلال حرب الناقلات تلك، وتضررت: (340) سفينة تجارية، بعضها تعرض للهجوم أكثر من مرة. وطالت الأضرار نحو: (30) مليون طن من حمولات السفن، وغرقت: (11) سفينة، ولحقت خسّائر بثلاثين سفينة في الإجمال.

وبحسّب (فورين بوليسي)؛ لم تكن حرب الناقلات فكرة إيرانية في البداية، إلا أن الإيرانيين استخلصوا عبرة واضحة منها: ما دام العالم يحتاج إلى “النفط”، فإن ناقلات النفط تحتاج إلى “الخليج العربي”، وهذه فرصة سانحة لاستهداف السفن متى أرادت “طهران” ذلك.

وهذا في الواقع ما فعلته “إيران” مرة تلو أخرى على مدى السنوات الخمس الماضية. وقد دفع ذلك “الولايات المتحدة”؛ في آب/أغسطس الماضي، إلى إرسّال فرقة عمل من البحارة، ومشاة البحرية، وسفينة هجومية برمائية، وسفينة إنزال، وقوارب بحرية لتأمين السفن التجارية في المضيق.

ماذا بعد الضربات الأميركية ؟

الآن؛ بعد أن ردت “واشنطن” على مقتل جنودها الثلاثة، يمكن أن تثأر “إيران” بأن تستهدف بعض السفن في “مضيق هرمز”. وقال “أندرو لويس”؛ نائب الأدميرال المتقاعد في “البحرية الأميركية” وقائد الأسطول الثاني الأميركي حتى عام 2021، لـ (فورين بوليسي)، إن: “خسارة نفط الخليج العربي لن يضر الولايات المتحدة كثيرًا، لكنه يضر حلفاءنا”.

في غضون ذلك؛ شّرعت شركات الشحن بالفعل في تقدير المخاطر التي ستتعرض لها إذا استمرت الهجمات على السفن في المضيق. وقال “سفين رينغباكين”؛ رئيس شركة التأمين البحري (DNK): “لقد بحثنا هذا الأمر مطولاً”، و”بغض النظر عما إذا اكتفت الولايات المتحدة بهذا الرد، أو قررت الانتقام كذلك من (الحرس الثوري) الإيراني، فإن الإيرانيين يمكنهم مهاجمة السفن التجارية. وهم يفعلون ذلك منذ عدة سنوات، ولا سبب يدعونا للاعتقاد بأنهم لن يسّتغلوا هذه الفرصة”.

وأشار “رينغباكين” إلى أن الإيرانيين يمكن أن يهاجموا السفن سرًا: “يمكنهم الاختباء وراء ذريعة إنكار معقولة، أو التظاهر بأن الهجوم مرتبط بالرد على حادث سابق، أو التصدي لمحاولة تهريب أو ما شّابه، أو تنفيذ هجمات خارج مياههم الإقليمية كما حدث في عام 2019”.

ففي شهر آيار/مايو من ذلك العام، هوجمت أربع ناقلات نفط قبالة “ميناء الفجيرة” الإماراتي، بالقرب من الطرف الجنوبي لـ”مضيق هرمز”؛ وخلصت “الأمم المتحدة” بعد ذلك إلى أن الهجمات ارتكبتها جهة حكومية مجهولة. وفي الشهر التالي، تعرضت ناقلتان للهجوم في مكان قريب.

وما دامت “إيران” لا تُعلن الحرب على “الولايات المتحدة” ولا غيرها من الدول المرتبطة بالسفن التي تمر عبر “مضيق هرمز”، فليس لدى القوات البحرية الأميركية ولا الدول الأخرى إلا وسائل محدودة لحماية الشحن هناك. وقال “لويس”: “إذا لم تكن حربًا معلنة، فهناك حدود تستّند إلى (اتفاقية الأمم المتحدة بشأن) قانون البحار”. وأضاف “رينغباكين”: “القوات البحرية تستطيع المراقبة، وربما التدخل في المياه الدولية، لكن لا تستطيع فعل الكثير فيما عدا ذلك”.

ما احتمالات غلق “مضيق هرمز” ؟

ومع ذلك؛ قال “نيل روبرتس”، سكرتير لجنة الحرب المشتركة التي تضم أعضاء من “رابطة صناعة التأمين البحري” وتُشرف على تقيّيم المخاطر البحرية، لقد: “أثبتت إيران قدراتها، لكنها لن تسّتفيد شيئًا إذا أغلقت مضيق هرمز، ولهذا السبب حرصت على إبقاء أفعالها السابقة مكبوحة عند حدِّ معين”.

لكن في الواقع؛ لا تحتاج “إيران” إلى إغلاق المضيق لبيانِ أهميته، ويكفيها أن تلوِّح فقط بأن المخاطر التي يتعرض لها الشحن التجاري هناك على وشك الزيادة. وقال “لويس”: “قرار الاستمرار في نقل النفط من الخليج العربي لا تتخذه الدول، وإنما الشركات”، بمعنى أن: “استجابة شركات الشحن البحري؛ هي التي تُحدد إذا كان مضيق هرمز سيُغلق أم لن يُغلق”.

وبطبيعة الحال؛ إذا قررت “إيران” زيادة التصعيّد إلى حد المخاطرة باندلاع حرب ناقلات جديدة، فإن صناعة الشحن وشركات التأمين التابعة لها ستواجه حسابات مضطربة وبالغة التأثير. فقد أدَّت هجمات (الحوثيين) في “البحر الأحمر” إلى زيادة المخاطر التي تتعرض لها سفن الشحن، لكن تصاعد الهجمات في “مضيق هرمز” أكثر خطورة بكثير.

فقد تحملت صناعة الشحن؛ في الثمانينيات، الإضرار ببعض السفن وغرق بعضها، بل صبرت كذلك على وقوع خسائر في الأرواح. فهل تُطيّق أن تتحمل مثل تلك التداعيات اليوم ؟

صحيح أن صناعة الشحن البحري ليست هادئة في العموم – ويكفي الإشارة إلى أن أكثر من: (400) ألف بحار تقطّعت بهم السُبل على متن السفن خلال جائحة (كورونا) لأن الدول لم تسمح للسفن بالرسّو في موانئها – إلا أن وفاة ما يزيد على: (300) بحار؛ (كما حدث في حرب الناقلات)، سيكون أمرًا ذا شأن حتى بالقياس إلى المشكلات الكبيرة التي تعترض صناعة الشحن بين فينة وأخرى.

وفي هذا الإطار؛ قال “روبرتس”: “إذا اندلعت حرب ناقلات جديدة، فإن السؤال هو: هل الحساسية المسّتجدة (بشأن تزايد الخسائر والضحايا) ستكون ثانوية بالقياس إلى أهمية استمرار الإمدادات ؟”، بمعنى أن السؤال عما إذا كانت إمدادات الطاقة العالمية أهمَّ من حياة البحارة ربما يُصبح سؤالاً ملحًا عما قريب. وقال “رينغباكين”: “في الوقت الحالي، فنحن مضطرين إلى التعايش مع خطر تصاعد الصراع”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب