بعد ثلاثة ايام من اجتماعه مع حليفه الانتخابي عمار الحكيم في طهران فقد عاد الى مدينة النجف اليوم زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر قادما من طهران عشية انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية العامة في 30 من الشهر المقبل ما اثار تكهنات بأنه راغب في شد ازر انصاره المرشحين الى هذه الانتخابات.
وقال مصدر في مكتب الصدر في النجف (160 كم جنوب بغداد) ان الصدر عاد الى المدينة بعد ان كان غادرها الشهر الماضي الى العاصمة الايرانية اثر اعلان اعتزاله السياسة . واشار الى ان عددا من
قيادات التيار الصدري ومسؤولي المكمكاتبه قد استقبلوا الصدر في المطار ملاحظا ان هذه العودة تأتي قبيل انطلاق الحملة الدعائية لمرشحي الانتخابات في 25 من الشهر الحالي ما يثير اعتقادا برغبته بالوقوف الى جانبهم في الصراع الانتخابي خاصة بعد ان قادوا تظاهرات شارك فيها الالاف في مختلف المدن العراقية على مدى الايام الاربعة الماضية دعما لزعيمهم في مواجهة الاتهامات التي كالها له غريمه الشيعي رئيس الوزراء نوري المالكي.
وغادر الصدر الى طهران مطلع الشهر الماضي بعد اعلان اعتزاله العمل السياسي لاكمال دراسته الحوزوية في مدينة قم واثر اصداره بيانا الاعتماد على “المبدأ الإعلامي الانفتاحي الشمولي والرأي والرأي الآخر في المقومات الإعلامية الجديدة لمجلة (الهدى) المعبرة عن التيار الصدري” .
وكان الصدر عاد الى النجف مطلع عام 2011 بعد اربعة اعوام قضاها في مدينة قم الايرانية لمتابعة دراسته الحوزوية هناك منذ اوائل عام 2007 . ويتمتع الصدر المولود مطلع السبعينات بشعبية واسعة في اوساط فقراء الشيعة وخصوصا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية في العاصمة بغداد.
وقد ورث مقتدى الصدر هذه الشعبية عن والده المرجع محمد محمد صادق الصدر الذي اغتاله النظام السابق عام 1999 مع اثنين من ابنائه.
عودة الصدر صداع جديد للمالكي
وقد جاءت عودة الصدر الى العراق جاءت بالتنسيق مع رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم حليفه الانتخابي في مواجهة المالكي حيث التقيا في طهران قبل ثلاثة ايام على هامش مؤتمر اسلامي انعقد هناك مطلع الاسبوع الحالي حيث بحثا اخر التطورات على الساحة السياسية العراقية ومصير التيار الصدر والاستعدادات للانتخابات البرلمانية العامة المقبلة.
واكد مراقبون ان عودة الصدر الى العراق ستشكل صداعا لغريمه المالكي قبيل الانتخابات وبعد الهجومات التي تبادلها الاثنان خلال الايام القليلة الماضية . واشاروا الى ان الحكيم قاد فور عودته الى بغداد من طهران ولقائه الصدر هجوما عنيفا ضد المالكي محذرا مما اسماه فتح باب التسقيط السياسي مع قرب انطلاق الحملات الانتخابية متوعدا بمفاجأة أي معتدي على سمعة أي شخصية من الشخصيات السياسية لتياره داعيا الجميع إلى أن يكونوا أكبر من اللحظة الوقتية التي يعيشونها وأن يحاولوا جاهدين لتشذيب أساليبهم الانتخابية». وشدد على ان باب التسقيط السياسي “إذا فتح، فلن يستطيع أحد أن يغلقه” في اشارة الى الهجوم الاخير للمالكي على الصدر ووصفه بالجاهل في الامور السياسية. .
وطالب الحكيم السياسيين كافة لأن يكونوا “أكبر من اللحظة الوقتية التي يعيشونها” ويبتعدوا عن الوقوع ضحية “الهيستريا” الانتخابية و”التسقيط السياسي الرخيص” محذراً من رد “قوي وحاسم” سيفاجئ الجميع ضد من “يتجرأ على عبور الخطوط الحمراء” و”يفتعل الملفات الكيدية” ضد الشخصيات السياسية. وقال الحكيم خلال كلمته في الملتقى الثقافي الاسبوعي امس إن على “السياسيين جميعاً تشذيب أساليبهم الانتخابية وأن يكونوا أكبر من اللحظة الوقتية التي يعيشونها”. وأضاف أنه “ليس هناك أحداً يعجز عن الدفاع عن نفسه، وليس هناك من يفتقر إلى الوسائل للدفاع عن نفسه” وقال ” نتمنى ألا يجرب صبرنا أي طرف لأننا سنفاجئ من يتجرأ على عبور الخطوط الحمراء”.
وعلى امتداد الايام الاربعة الماضية فقد تظاهر الاف من انصار الصدر بينهم وزراء ونواب في عدد من المدن العراقية ضد المالكي معتبرين تصريحاته ضد زعيمهم كاذبة مؤكدين ان الصدر خط احمر متهمين اياه بأختلاق الازمات .
فقد انطلقت في مدن العراق الوسطة والجنوبية تظاهرات للصدريين شارك فيها الالاف حاملين صور الصدر وشعارات تندد بتصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي ضده وتؤكد ان “الصدر خط احمر”. وقام المتظاهرون بحرق صور المالكي بعد ان انزلوها من الشوارع والاماكن العامة المعلقة فيها وقاموا بحرقها .. وحاول قسم من المتظاهرين مهاجمة مقرات حزب الدعوة بقيادة المالكي لكن قوات الامن منعتهم من ذلك غير انهم حطموا لوحات اعلانية تحمل صوره وهاجموا مقر حزب الدعوة تنظيم العراق بقيادة نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي.
وطالب المتظاهرون الذي كان بينهم وزراء ونواب صدريون و شخصيات عشائرية وأكاديميين ورجال دين وطلبة معاهد وكليات المالكي بالاعتذار عن تصريحاته الاخيرة الى قناة فرنسية السبت الماضي والتي قال فيها ان مقتدى الصدر “حديث على السياسة” و”لا يعرف أصول العملية السياسية والدستور لا يعني شيئاً عند مقتدى الصدر وهو لا يفهم قضية الدستور”. وأشار الى أن وصف الصدر له بالدكتاتور “لا يستحق الرد كونه رجل لا يعرف شيئا وهو حديث على السياسة ولا يعرف شيئاً عنها”.. موضحا أن “الصدر لا يعرف شيئاً عن الدستور وضوابطه غريبة عليه”.
معروف ان هناك عداء بين التيار الصدري وحزب الدعوة حيث كان زعيمه المالكي قد قاد القوات الامنية في مهاجمة جيش المهدي التابع الى الصدر مطلع عام 2008 راح ضحيتها العشرات من القتلى والمصابين وتبع ذلك اعلان الكتلة البرلمانية الصدرية تعليق مشاركتها في اجتماعات مجلس النواب.