خاص : كتبت – نشوى الحفني :
صفعة مدوية تلقاها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، “بنيامين نتانياهو”، بعدما فشل حزبه، “الليكود”، في حسم أغلبية مقاعد البرلمان، وبالتالي خسر منصب رئيس وزراء “إسرئيل”، بحسب النتائج الرسمية الأولية المعلنة، للانتخابات العامة.
وأظهرت النتائج الأولية عدم فوز أي من المرشحين لمنصب رئيس وزارء “إسرائيل”؛ حيث فشل كل من رئيس الوزراء المنتهية ولايته، “بنيامين نتانياهو”، زعيم حزب “الليكود” اليميني المتطرف، وكذلك المرشح المنافس له، “بيني غانتس”، زعيم حزب “أزرق-أبيض”، في حسم الأغلبية في مقاعد “الكنيست” الإسرائيلي؛ وبالتالي ستضطر البلاد لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الطرفين “اليمين واليسار”.
عمليات المنظمات الفلسطينية أثرت على التصويت لصالح “الليكود”..
خسارة “نتانياهو”، غير المتوقعة، تحدثت عنها وسائل الإعلام كلًا حسب وجهة نظره، فكشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية، أن استمرار عمليات المنظمات الفلسطينية في “قطاع غزة” بإطلاق الصواريخ على مستوطنات الغلاف، أثر على نسبة التصويت لصالح “الليكود” في المدن والمستوطنات التي كانت معاقل تقليدية لحزب “الليكود”، مثل مدينة “عسقلان” ومستوطنة “سديروت”.
ووفقًا للصحيفة العبرية؛ شهد التصويت لصالح “الليكود” انخفاضًا ملحوظًا في مدينة “أسدود”، التي هرب منها “نتانياهو” خلال إنطلاق صافرات الإنذار قبل الانتخابات بفترة قصيرة.
وأضافت؛ منذ الانتخابات السابقة، والتي أجريت بشهر نيسان/أبريل من هذا العام، لم يكن في المنطقة الجنوبية جولة قتال واسعة؛ ومع ذلك استمر إطلاق الصواريخ على المستوطنات الجنوبية.
وقالت (يديعوت أحرونوت) أن الجميع يذكر ما جرى مع “نتانياهو” عندما كان في بث مباشر في “أسدود” وأطلقت “الجهاد الإسلامي” صاروخًا، ما تسبب بهروبه إلى مكان آمن.
وأوضحت الصحيفة، أنه في “عسقلان” حصل حزب “الليكود”، بالانتخابات التي أجريت في نيسان/أبريل 2019، على 42.5%؛ أما الآن فقد حصل “الليكود” على 40.5% وهذه النتيجة مأساوية، وفي “سديروت” هبط “الليكود” من 47.7%، في نيسان/أبريل، إلى 42.19% في الانتخابات الأخيرة.
ضربة سياسية مميتة لـ”نتانياهو”..
أما صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية فقالت تحت عنوان: “هزيمة نتانياهو أخبار سارة لإسرائيل وللولايات المتحدة أيضًا”؛ إن رئيس الوزراء، “بنيامين نتانياهو”، الذي تسيد الانتخابات الإسرائيلية لمدة عقد، عانى هزيمة أقعدته وربما كانت ضربة سياسية مميتة في انتخابات، يوم الثلاثاء الماضي، و”لكل الأسباب الصحيحة”.
فبعد حملة “حقيرة” ضد الناخبين العرب، خسر “نتانياهو” وحزبه “الليكود” مئات الآلاف من الأصوات ومقاعد مهمة جدًا؛ مقارنة مع الانتخابات السابقة في نيسان/إبريل 2019، فيما زادت نسبة التمثيل العربي إلى 30%.
ورغم وعوده بضم أجزاء من “الضفة الغربية”، حصل تحالف “أزرق-أبيض” على المرتبة الأولى، وهو يعارض الضم وأي خطوات لا تشمل إنشاء دولة فلسطينية، إلا أن الانتخابات لم تنتج رابحًا واضحًا لديه الأغلبية، وهناك فرصة في المناورات التي ستعقب الانتخابات ليعثر “نتانياهو” على طرق للبقاء في منصب رئيس الوزراء، إلا في حالة إلتزام الأحزاب الأخرى بمواقفها الانتخابية، فيمكن أن يجبر الزعيم الذي خلق حالة استقطاب في بلده وأثر على وضع “إسرائيل” في “الولايات المتحدة” على الخروج من منصبه أخيرًا أو منعه من مواصلة نهجه المتطرف وتنفيذ وعوده.
اتهامات الفساد تنتظره في الأسابيع المقبلة..
وترى الصحيفة الأميركية أن في مركز مرحلة ما بعد الانتخابات هو، “أفيغدور ليبرمان”، أحد أتباع “نتانياهو” السابقين؛ والذي يقود حزبًا علمانيًا يمينيًا متطرفًا، وبيده الآن الأصوات المتأرجحة في “الكنيست”. وكان هو الشخص الذي دفع بإتجاه الانتخابات الأخيرة عندما رفض الإنضمام إلى حكومة “نتانياهو”.
ومن جانبه؛ قال زعيم “أزرق-أبيض”، “بيني غانتس”، إن حزبه لن يشارك في حكومة يقودها “نتانياهو”.
وسواء إلتزما هذان السياسيان بوعودهما؛ إلا أنهما سيقاومان جهود “نتانياهو” لحماية نفسه عبر المؤسسة التشريعية من لائحة الاتهامات بالفساد التي ستوجه إليه في الأسابيع المقبلة.
وقد يخرج من منصب رئيس الوزراء؛ حتى وإن لم يتحرك حزب “الليكود” ويستبدله بشخص آخر.
وترى (واشنطن بوست) أن حكومة وسط ستوقف جهود “الليكود” لتجريد المحكمة العليا من سلطاتها والحد من نشاطات جماعات حقوق الإنسان.
وربما شعر الرئيس، “دونالد ترامب”، بالحزن للإطاحة بـ”نتانياهو” أو تحديد سلطاته، فقد كان الزعيم الإسرائيلي من أهم أتباعه الأجانب والشخص الذي شاركه كراهية الإعلام والمؤسسات الديمقراطية الأخرى. إلا أن العلاقة الإسرائيلية مع “الولايات المتحدة” قد تتحسن، خاصة أن إصطفاف “نتانياهو” مع الحزب “الجمهوري” أسهم في خلق حالة استقطاب داخل “أميركا” تجاه “إسرائيل”.
أوقفت إنزلاق إسرائيل بإتجاه الميول القومية..
وتشير الاستطلاعات إلى أن دعم أعضاء الحزب “الديمقراطي”، لـ”إسرائيل”، تراجع. ولو شكلت حكومة ليبرالية إسرائيلية تعيد الإلتزام بالأعراف الليبرالية فإنها قد تصلح الضرر. ولو تم تشكيل تحالف وسط فسيكون منفتحًا للسلام (الإسرائيلي-الفلسطيني)؛ الذي يقول “ترامب” إنه يريد تحقيقه. ولن يتم إنجاز شيء في القريب العاجل إلا أن ما فعلته الانتخابات الإسرائيلية هي أنها أوقفت إنزلاق “إسرائيل” بإتجاه الميول القومية التي تهزم الذات.
لا يصلح للبقاء في منصبه..
وترى صحيفة (الغارديان) البريطانية، في افتتاحيتها؛ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، “بنيامين نتانياهو”، لا يصلح للبقاء في منصبه، إلا أن المشكلة في “إسرائيل” هي أكبر منه.
فبحسب ما قال كاتب سيرة “نتانياهو” الذاتية، فقد إنكسرت صورته عندما قامر، أطول رئيس وزراء يحكم “إسرائيل” منذ نشوئها، بانتخابات ثانية على أمل الحصول على تفويض لم يستطع الحصول عليه قبل ستة أشهر. إلا أن النتائج تُظهر أن الفائز هو منافسه زعيم حزب “أزرق-أبيض”، “بيني غانتس”.
ولم يذهب الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الإقتراع، يوم الثلاثاء الماضي، بحماسة شديدة، وحقق حزب “أزرق-أبيض” نتائج أفضل من تلك التي حصل عليها في الانتخابات الأولى، مع أن لا تغيير حدث على أشكال التصويت لدى الناخب الإسرائيلي. ولاحظ استطلاع أن نسبة صغيرة من المتطرفين ذهبت إلى الحزب العلماني القومي بقيادة، “أفيغدور ليبرمان”، بشكل حوّله إلى “صانع الملوك” في “الكنيست”.
وكانت النتيجة متقاربة، حيث لم يتفوق حزب “غانتس” إلا بمقعد واحد على “الليكود”، فيما تعهد زعيما الحزبين بتشكيل الحكومة المقبلة.
سياساته انقلبت سلبًا عليه !
وتقول الصحيفة البريطانية إن “نتانياهو” مقاتل يتقن النجاة من المصاعب، وشحذت إرادته للقتال من خلال وعيه بأن حريته تعتمد على بقائه في السلطة، فهو يواجه جلسات استماع في المحكمة بتهم الفساد، وبدون منصب لا توجد حصانة.
وتعلق الصحيفة أن الوسائل الشرسة التي استخدمها “نتانياهو” فشلت في فعل السحر. ففي الماضي قام بشيطنة الناخبين العرب في “إسرائيل” وحاول استفزازهم، إلا أن السياسات إنعكست سلبًا عليه، فقد زاد إقبالهم على الانتخابات، مع أن قدرة “أيمن عودة” على تشكيل قائمة مشتركة لعبت دورًا، ففشل حزب السلطة اليهودي بالحصول على النسبة التي تؤهله للمشاركة في الانتخابات كان مدعاة للإرتياح، إلا أن “نتانياهو” حصل على دعم جوهري رغم الخطاب الخطير والتصرفات التي تخلو من ضمير وأخلاق، والتي كانت في الأيام العادية كفيلة بالإطاحة بزعيم لديه أي حس من الحياء.
ولم يرفض الناخب أفعال “نتانياهو” العنصرية ولا معاملته للفلسطينيين في “الضفة الغربية” و”غزة”. وكان النزاع واضحًا، من خلال عدم الاهتمام به، مما يشير إلى التحول نحو اليمين الذي تشهده البلاد، حيث لم يعد الساسة مهتمين بحل النزاع بقدر ما يبحثون عن طرق للتحكم بالفلسطينيين.
تاريخ مناورة “نتانياهو” خانه..
وترى (الغارديان) أن “غانتس” يحظى باحترام في “إسرائيل”، فهو رئيس سابق للجيش ولا تلاحقه اتهامات فساد، ولن يتعامل بحماسة مع ساسة مثل؛ “فيكتور أروبان”، ومن المحتمل تعزيزه للمؤسسات الديمقراطية التي ضربها “نتانياهو”. ويُنظر إليه كشخصية مسؤولة وأقل مدعاة للانقسام، ولكنه قدم نفسه كشخصية متشددة في مجال الأمن، فعندما تعهد “نتانياهو” بضم “وادي الأردن”، وهي الخطوة التي حذرت منها المجموعة اليهودية الليبرالية في “أميركا”، (جي ستريت)، بأنها: “ستدمر الديمقراطية الإسرائيلية وتشكل خرقًا صارخًا للقانون الدولي”، رد حزب “أزرق-أبيض” بأن “نتانياهو” سرق الفكرة منهم.
فلو استمر “نتانياهو” في الحكم، سيقوم بدعم من إدارة “ترامب” بمواصلة عمليات الضم، ولكن “بيني غانتس” لا يختلف بالضرورة عن سلفه، فهو أقل من التغيير الذي تحتاجه “إسرائيل”. ولو ترك “نتانياهو” منصبه بسبب الانتخابات الأخيرة، فهذا راجع إلى أن تاريخ المناورة عاد وعضّه بعدما فقد الناخب الإسرائيلي الثقة به.
ومثل زميله “ترامب”، لم يكن “نتانياهو” مناسبًا للمنصب بل دمره. ولكنه في النهاية عرض لما أصاب السياسة في البلد ولن تنتهي مشاكله برحيل “نتانياهو”.