29 مارس، 2024 2:37 م
Search
Close this search box.

الصحافة الأميركية في مواجهة “ترامب” .. من الفائز في المعركة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في مواجهة حادة، شنت مئات الصحف الأميركية، الخميس 16 آب/أغسطس 2018، هجومًا موسعًا ضد ما أسمته “حرب ترامب القذرة ضد الصحافة”؛ لتذكره بأن الدستور الأميركي يضمن لها كامل حريتها.

دعوة الحملة أطلقتها صحيفة (بوسطن غلوب)، الأسبوع الماضي، وأطلقت هاشتاغ (#EnemyOfNone) على موقع (تويتر)، وطالبت خلالها بإدانة واسعة في أنحاء الولايات المتحدة لما سمّته “الحرب القذرة” من الرئيس الأميركي على وسائل الإعلام.

وسخر “ترامب” كثيرًا من وسائل الإعلام ووصفها بأنها تروج “أخبارًا كاذبة”، وهاجم الصحافيين واعتبرهم “أعداء الشعب”. وقال خبراء في “الأمم المتحدة” إن هذا قد يحرض على العنف ضد الصحافيين.

ووصف “ترامب”، الذي يتعامل مع وسائل الإعلام في بعض الأحيان كما لو كانت حزبًا معارضًا، تقارير منتقدة بأنها “أخبار كاذبة”.

وكان “ترامب” قد غرد على (تويتر)، في شباط/فبراير 2017، قائلاً: “وسائل إعلام الأخبار الكاذبة، (نيويورك تايمز، إن. بي. سي. نيوز، إيه. بي. سي، سي. بي. إس، وسي. إن. إن)، ليست عدوًا لي بل هي عدو للشعب الأميركي”.

هجوم حاد على وسائل التواصل الاجتماعي..

ولم يتوقف هجوم “ترامب” على الصحافة فقط؛ وإنما اتهم، السبت 18 آب/أغسطس 2018، منصات وسائل التواصل الاجتماعي بـ”الإنحياز بشكل كامل” ضد مستخدمين من أصحاب الآراء اليمينية، واصفًا شبكتي (سي. إن. إن) و(إم. إس. إن. بي. سي) بأنهما “مريضتا السلوك”.

وبحسب وكالة (فرانس برس)، تأتي انتقادات “ترامب” بعدما عمدت منصات كبرى للتواصل الاجتماعي، بينها (فيس بوك) و(سبوتيفاي)، إلى التضييق، وأحيانًا منع، حسابات صاحب نظرية المؤامرة، “أليكس غونز”، اليميني المتطرف.

وأعلن “ترامب”، في سلسلة تغريدات صباحية، أن “وسائل التواصل الاجتماعي منحازة بشكل كامل ضد أصوات الجمهوريين والمحافظين”.

وتابع الرئيس الأميركي: “باسم إدارة ترامب، لن نسمح بذلك، إنهم يخفتون أصوات العديد من الأشخاص اليمينيين، وفي الوقت نفسه لا يحركون ساكنًا مع آخرين”.

واعتبر “ترامب” أن الرقابة “أمر خطير جدًا ويستحيل تمامًا التحكم فيه”، مضيفًا: “إذا كنتم تستأصلون الأخبار المضللة، فإن (سي. إن. إن) و(إم. إس. إن. بي. سي) هما الأكثر تضليلاً، ومع ذلك أنا لا أطلب وضع حد لسلوكهما المريض”.

ودعا “ترامب” إلى “السماح للجميع بالمشاركة، أخيارًا وأشرارًا، وأن يترك لنا جميعًا أمر” التوصل للحقائق.

واتهم موقع (إنفو وورز)، الذي أسسه “غونز”، ضحايا إطلاق النار في مدرسة “ساندي هوك”، في 2012، بأنهم “ممثلون”، ضمن مخطط لتقويض مصداقية مجموعة الضغط الداعمة لحرية حيازة الأسلحة، ما يشكل انتهاكًا لسياسة (فيس بوك) بمنع خطاب الكراهية، بحسب ما أعلنت شبكة التواصل الاجتماعي.

منع الصفحات الداعية للعنف..

وأعلنت (فيس بوك) منع الصفحات بسبب “تمجيد العنف، الذي يشكل انتهاكًا لسياسة منع العنف التصويري، واستخدام لغة تحط من كرامة الإنسان لوصف متحولين جنسيًا ومسلمين ومهاجرين، وهو ما يشكل انتهاكًا لسياسة منع خطاب الكراهية”.

من جهتها؛ قررت (تويتر)، وسيلة التواصل المفضلة لـ”ترامب”، وحيث يتابع حسابه 53,8 مليون شخص، السماح لـ”غونز” بمواصلة استخدام منصتها، إنما ضمن ضوابط، ومنعته من إطلاق التغريدات لمدة زمنية غير محددة.

وأشارت تقارير إلى أن حساباته وضعت في نمط “القراءة فقط” لمدة أسبوع، ما يعني منعه من إطلاق التغريدات أو إعادة التغريد.

“لسنا أعداء أحد”..

كانت صحيفة (بوسطن غلوب)، التي نظمت حملة ضد “ترامب” تحت عنوان “لسنا أعداء أحد”؛ وانضمت إليها نحو 200 صحيفة لاحقًا، قد قالت في افتتاحيتها: “لدينا اليوم في الولايات المتحدة رئيس خلق شعارًا يقول إن وسائل الإعلام التي لا تدعم بشكل صارخ سياسات الإدارة الأميركية الحالية هي عدوة الشعب”.

الهجوم مستمر على الصحافة الحرة..

واتهم مجلس تحرير الصحيفة، في مقال نشر على الإنترنت، الأربعاء، “ترامب”؛ بشن “هجوم مستمر على الصحافة الحرة”.

وجاء في المقال: “إن عظمة أميركا تعتمد على دور الصحافة الحرة في قول الحقيقة لأصحاب النفوذ.. ووصم الصحافة بأنها عدو الشعب هو أمر غير أميركي، إذ يشكل خطرًا على الميثاق المدني الذي نشترك فيه منذ أكثر من قرنين من الزمان”.

مسألة خطيرة..

فيما نشرت صحيفة (نيويورك تايمز)، افتتاحية قصيرة من سبع فقرات بعنوان ضخم كتب بالأحرف العريضة: “الصحافة الحرة بحاجة إليكم”، أوضحت فيها أنه “يحق للناس انتقاد الصحافة إذا أخطأت”.

وذكرت الصحيفة: “لكن الإصرار على أن الحقائق التي لا تعجبك هي أخبار كاذبة، خطر على شريان حياة الديمقراطية. وتسمية الصحافيين بأنهم أعداء الشعب مسألة خطيرة”.

والتحقت بالمبادرة صحف أخرى في أنحاء البلاد للدفاع عن دورها في المجتمع، منها (إريزونا ديلي ستار)، التي كتبت في صفحتها الأولى: “على مستوى العمل، نحن الصحافيين نتابع اجتماعات حكومية مملة ونتعلم معادلات تمويل المدارس الحكومية، حتى لا تضطروا أنتم للقيام بذلك. ذلك ليس بأهمية المادة الأولى، لكنه يقوم بالمهمة”.

وانضمت صحيفة (توبيكا كابيتال غورنال) إلى الحملة، رغم إنها مؤيدة لـ”ترامب”، وقالت إن هجوم “ترامب” على الإعلام: “مشؤوم. ومدمر. ويجب أن يتوقف فورًا”.

تصريحاته تلغي دور السلطة المضادة..

واعتبر المدافعون عن حرية الصحافة أن تصريحات “ترامب” تلغي دور السلطة المضادة الذي تمارسه الصحافة، وتتعارض مع المادة الأولى من الدستور الأميركي الذي يضمن حرية التعبير ويحمي حقوق الصحافيين.

وأظهر استطلاع للرأي، أجرته جامعة “كوينبياك” الأميركية، أن 51 في المئة من الناخبين الجمهوريين الآن يعتقدون بأن الصحافة “عدوة للشعب مقابل كونها جزء مهم من الديمقراطية”، بينما لم يشعر 52 في المئة من أنصار “الحزب الجمهوري”، من المستطلعين آراؤهم، أن انتقاد “ترامب” سيؤدي إلى إثارة العنف ضد الصحافيين.

غير أن 65 في المئة، من إجمالي المستطلع آراؤهم، يعتقدون بأن وسائل الإعلام جزء مهم من الديمقراطية.

الحملة تسير عكس مبدأ الاستقلال..

في المقابل؛ عارضت وسائل إعلام أميركية حملة (بوسطن غلوب)، ورفضت (وول ستريت غورنال) المشاركة في الحملة. وقال “جيمس فريمان”؛ في مقال له، إن “ترامب” له الحق في الحديث بحرية، وإن حملة (غلوب) تسير عكس مبدأ الاستقلال التي لطالما سعت إليه.

وشن “توم ترادوب”، في موقع (تاونهول. كوم) المحافظ، هجومًا على حملة (غلوب) وقال؛ إنها “محاولة مثيرة للشفقة للتظاهر بأنها لا تزال موجودة”. وكتب قائلاً: “لا يفترض أن أقول لأحد ماذا عليه أن يعتقده أو يفعله. لكن بالنسبة لي، وبالنسبة لكثيرين أيضًا، لن أضع أي عملات في صناديق بيع الصحف في يوم 16 آب/أغسطس 2018”.

لا يمكن للصحافة أن تقف مكتوفة الأيدي..

فيما قال رئيس تحرير صحيفة (يو. إس. إيه. توداي) السابق، “كن بولسون”: “لا أعتقد أن الصحافة بإمكانها الجلوس مكتوفة الأيدي، يتعين عليها أن تدافع عن نفسها عندما يحاول أقوى رجل في العالم نسف المادة الأولى، (من الدستور)”.

مشيرًا “بولسون” إلى أن “الأشخاص الذين يقرأون الافتتاحيات ليسوا بحاجة للإقناع، فهم ليسوا أشخاصًا يصرخون بوجهكم خلال التجمعات الرئاسية”.

وحول انتقاد البيت الأبيض “الشديد” للصحف الأميركية، قال “بولسون”: “وسائل الإعلام بحاجة لحملة تسويق أكبر لإبراز أهمية الصحافة الحرة وقيمتها الجوهرية”.

قد يكون لها تأثير معاكس..

فيما اعتبر “جاك شيفر”، من صحيفة (بوليتيكو)، المعروف بانتقاده لـ”ترامب”، أن هذه الحملة قد يكون لها تأثير معاكس؛ فتقدم لـ”ترامب” الدليل على أن الصحافة الوطنية تحشد بهدف وحيد هو الوقوف في وجهه.

المتخصص في الشأن الأميركي، “خالد داود”، قال تعليقًا على المواجهة الشرسة بين الطرفين، إن الأمر لم يقتصر على مجرد تغريدات أطلقها “ترامب” بخصوص الصحافة والصحافيين؛ وإنما تعدى ذلك إلى إجراءات على الأرض تنطوي على إهانة للصحافيين وتقييد لحرية الصحافة، وكلنا شاهدنا رفض الرئيس الأميركي الإجابة على تساؤلات الصحافيين في المؤتمر الصحافي مع رئيسة الوزراء البريطانية، قبل أسابيع، وسحب البطاقات الخاصة ببعض الصحافيين في “البيت الأبيض” ومنعهم من تغطية بعض النشاطات.

مضيفًا؛ إن هذا من شأنه أن يؤثر على حرية الصحافة خارج “الولايات المتحدة” ويزيد من مستوى المطالبة بأن تكون الصحافة صوتًا واحدًا، خاصة في العالم الثالث. وأشار “خالد داود” إلى أن هذه الحملة من الممكن أن تحدث أثرها من خلال إحراج الرئيس الأميركي، خاصة قبيل التجديد النصفي لـ”الكونغرس”.

قد تسبب له مزيدًا من الإحراج أمام الرأي العام..

من جانبها؛ أوضحت الكاتبة الصحافية، “فابيولا بدوي”، في باريس، إن هجوم “ترامب” على الصحافة ليس جديدًا وليس مستغربًا، فخلال حملته الانتخابية لطالما هاجم “ترامب” الصحافة ووصفها بأقذع الألفاظ، وليس مستغربًا على شخصية “ترامب” أن يتطاول على الصحافة والصحافيين وينعتهم بأنهم أعداء الشعب.

وأضافت “بدوي” قائلة؛ إن هذه الحملة من وسائل الإعلام ضد الحرب القذرة لـ”ترامب” يؤيدها كل صحافي شريف في العالم، ورجحت أن تؤثر في الرئيس الأميركي وتسبب له مزيدًا من الإحراج أمام الرأي العام في العالم كله، لأن هذا إنتقاص من حرية الصحافة وإنتكاسة جديدة للديمقراطية في أميركا.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب