24 أبريل، 2024 10:46 ص
Search
Close this search box.

الشمس تشتعل فوق الرؤوس والاحتجاجات تلهب الشوارع .. “الكهرباء” أزمة عراقية لا تنتهي !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع ارتفاع درجات الحرارة التي قاربت الـ 50 درجة مئوية، بدأت بعض محافظات جنوبي “العراق” احتجاجات شعبية ضد تجدد أزمة الكهرباء، منددين بالتقاعس الحكومي تجاه حلها، وهو ما يحدث للعام الثاني على التوالي، إلا أن ما حدث العام الماضي خلف وراؤه قتلى وجرحى بالعشرات.

وتتواصل، منذ الأسبوع الماضي، الاحتجاجات في بعض أقضية ونواحي محافظة “البصرة”، الغنية بـ”النفط” جنوبي البلاد، ضد أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

وتقلصت ساعات تجهيز الكهرباء في أنحاء واسعة من المحافظة، واتسعت الاحتجاجات لتصل إلى محافظات جنوبية أخرى مثل “ذي قار” و”الديوانية” و”ميسان”.

ويرى “مجلس محافظة البصرة” أن أزمة الكهرباء المتجددة في فصل الصيف؛ هي إدارية وفنية بالمقام الأول، خصوصًا بعد أن تم توفير الأموال اللازمة من قِبل الحكومة الاتحادية.

وقال “علي شداد”، رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة البصرة، إن: “محافظة البصرة سابقًا لم تدخل في نظام البرمجة، (نظام القطع المبرمج أربع ساعات تجهيزًا للكهرباء وساعتين انطفاء)، حيث بدأ النظام منذ أسبوعين؛ وهناك تذبذب في تجهيز الكهرباء للبصرة”.

موضحًا أن: “مجلس محافظة البصرة منح في خطة 2019، الأولوية لقطاعي الكهرباء والماء، حيث خصص للقطاعين نحو 1.3 تريليون دينار، (نحو مليون دولار)، لكن المشكلة في إدارة الأزمات في المحافظة”.

وتابع: “محافظ البصرة، منح صلاحيات واسعة في تنفيذ المشاريع من قِبل الحكومة الاتحادية، لكن تلك الصلاحيات لم تستثمر لتنفيذ المشاريع الأساسية في المحافظة”.

أزمة سياسية وخدمية..

الخبراء يرون أن قضية انقطاع الكهرباء، في عموم “العراق”، لها أسباب سياسية وخدمية في آن واحد، وهناك أيادٍ تعبث بملف الخدمات المقدمة للعراقيين لتصفية الحسابات.

ويعاني “العراق”، منذ تسعينيات القرن الماضي، من أزمة كهرباء رغم إنفاق نحو 40 مليار دولار على هذا القطاع، منذ عام 2003، بحسب تقارير رسمية، ويعتبر من أكثر القطاعات فسادًا بسبب المشاريع التي تحال إلى شركات عبر وسطاء تابعين إلى أحزاب وكتل سياسية متنفذة وشركات محددة؛ هي من تتولى تنفيذ هذه المشاريع عبر المسؤولين الفاسدين، حسب برلمانيين وخبراء اقتصاد.

وأشار مراقبون إلى أن “العراق” يمتلك كل مقومات جلب الاستثمارات، لكن “قطاع الطاقة” لم تتم إدارته بشكل صحيح؛ فهنالك هدر وضائعات مع فساد إداري وسيطرة الأحزاب على “وزارة الكهرباء” وعدم وجود تنسيق مع “وزارة النفط” أو بنى تحتية لتنفيذ المشاريع..

ودعا المراقبون إلى مكافحة المافيات والفساد؛ إذا كانت الحكومة جادة بحل ملف الكهرباء.

وأكدوا على أن “وزارة الكهرباء” لم تكن تبحث عن حل حقيقي وجذري في السابق بل عن حلول ترقيعية، أما الآن، فهي مطالبة، وبعد زوال حجة سوء الظرف الأمني، بالتعاون مع الشركات العالمية الموثوق بها وإزالة عقبات الفساد والروتين الحكومي، لحل أزمة الكهرباء واستمتاع المواطنين العراقيين بتيار كهربائي مستمر وصيف خال من المعاناة.

حملات “فيسبوكية” ضد وزارة الكهرباء..

وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي في “العراق”، منذ أيام، حملات واسعة ضد “وزارة الكهرباء”.

وتناول المغردون موجة الحر وانقطاع التيار الكهربائي من زوايا وأساليب مختلفة، بالتنديد أحيانًا والسخرية أحيانًا أخرى.

وتحت هاشتاغ (#شوكت_تجي_الكهرباء)، اتهم مغردون المسؤولين في بلدهم بالتقاعس في حل أزمة الكهرباء؛ واصفين ما يحدث بجريمة إبادة بحق الشعب.

كما طالب المتفاعلون بحقهم في عائدات “النفط” و”الغاز” والتشغيل؛ داعين لتشكيل جبهة وطنية لمحاربة الفساد وإيقاف “الأيادي العابثة بثروات العراق”.

الصراع “الأميركي-الإيراني” فرصة للتنبيه..

ورأى نشطاء، في الصراع “الأميركي-الإيراني”؛ فرصة لتنبيه “العراق” إلى ضرورة الاعتماد على نفسه لسد احتياجاته ومحاولة تخفيف الإعتماد على الاستيراد.

يُذكر أن “العراق” يستورد حوالي 28 مليون متر مكعب من “الغاز الطبيعي”، من “طهران”، وأكثر من 1300 ميغاواط من الكهرباء.

في المقابل، شدد نشطاء ومغردون على ضرورة تحييد “وزارة الطاقة” عن التجاذبات الإقليمية والحزبية.

وفي هذا السياق؛ حمل المغرد، “حسين راشد”، الصراع “الأميركي-الإيراني”، في “العراق”، مسؤولية ما يمر به “قطاع الكهرباء”.

فكتب: “16عامًا وأكثر؛ وعشرات التعاقدات الداخلية والخارجية وكهرباء العراق دون تحسن. العمة أميركا تمدد إعفاء العراق من استيراد الكهرباء والغاز من الخالة إيران؛ حتى يدخل عقد الشركات الأميركية المستثمرة بقطاع الكهرباء حيز التنفيذ”.

وعلقت “رويدة العبيدي”: “أزمة الكهرباء سياسية. ليست فنية، إنعدام الوطنية وخضوع قراراتنا للعبة المحاور؛ تجعلنا نعاني بالرغم من ثرواتنا. قد تسبب أزمة الكهرباء في حرب بين إيران وأميركا في قادم الأيام”.

وقال حساب “حميد الحاج راضي”: “يقول المثل العراقي، (عيش وشوف)، العراق عاد 500 عام إلى الوراء”.

وسخر حساب “عباس عيدان”؛ قائلًا: “لماذا لم تشعلوا (فانوس)”.

وذكر حساب “مصطفى العراقي”: “هذه فضيحة أمام المسافرين الأجانب”، تعليقًا على انقطاع التيار الكهرباء عن “مطار بغداد الدولي”.

وكتب حساب “علي الطفيلي الكربلائي”: “مسألة طبيعية جدًا، طالما أنت في العراق فلا عجب !”.

وأضاف حساب “Aziz Fnoon”: “الحكومة أرجعت العراق 150 سنة للوراء”.

وكان نشطاء في مدينة “البصرة” قد أطلقوا، قبل أيام، حملة ساخرة بعنوان “قاطعوا أشعة الشمس”، وزعوا خلالها ملصقات خطوا عليها كلمات اقتبسوها من أبيات شعرية واستبدلوا كلماتها بأخرى تشتكي من أشعة الشمس الحارقة.

وحاول هذا الناشط توعية الناس إلى خطر التعرض لأشعة الشمس بطريقة كوميدية، فأستعان بقصيدة الشاعر العراقي، “شاكر السياب”: (الشمس أجمل في بلادي)، وحول كلماتها.

أما هذا الناشط فنشر أغنية المطرب العراقي الشهير، “كاظم الساهر”، (شمس يا شموسة يا حلوة يا عروسة).

وقام البعض بكتابة هذه الشعارات على زجاج السيارات وجدران المنازل، آملين أن يصل صوتهم للحكومة.

تمديد إعفاء العراق من العقوبات للمرة الثالثة..

يذكر أن “الولايات المتحدة” كانت قد جددت، للمرة الثالثة، تمديد إعفاء “العراق” مدة 90 يومًا من العقوبات التي فرضتها على “إيران”.

وسيتمكن “العراق”، بموجب هذا الإعفاء، من استيراد “الكهرباء” و”الغاز” من “إيران”.

وقد أعادت “واشنطن” فرض عقوبات على “قطاع الطاقة” الإيراني، في تشرين ثان/نوفمبر 2018، بعد انسحابها من “الاتفاق النووي”، الموقع بين الدول العظمى و”طهران”، في 2018.

وسعت “الولايات المتحدة الأميركية” إلى تقليص نفوذ “طهران” في هذا الملف.

اتفاقية أميركية مع العراق في قطاع الكهرباء..

وقد أكد “بريت مكغورك”، مبعوث الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إلى “العراق”، العام الماضي، أن “الولايات المتحدة” توشك على توقيع اتفاقية كبيرة في “قطاع الكهرباء” مع “بغداد”.

ويعاني “العراق”، منذ التسعينيات” من مشاكل في توليد الطاقة الكهربائية، ليتعمق العجز بعد الغزو الأميركي، في 2003.

ومنذ عام 2004؛ أخفق الوزراء المتعاقبون على إدارة حقيبة الكهرباء في سد العجز، إلا أنه في الأعوام الأخيرة، قررت بعض المحافظات التعاون مع أصحاب المولدات ودعمها بالوقود بأسعار مخفضة كحل مؤقت للأزمة.

وعلى مدار عقود؛ زودت شركات “جنرال إلكتريك” و”سيمنس”، “العراق”، بمحطات لتوليد الكهرباء وغيرها من المعدات الكهربائية. والكثير من هذه المنشآت بحاجة إلى إصلاح وتطوير بعد سنوات من الحرب، وهو ما يوجد مجالًا كبيرًا أمام الشركتين للعمل في “العراق”.

بحسب مصادر مطلعة؛ وقعت “جنرال إلكتريك”، منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي، اتفاقيات لتطوير وصيانة وإعادة بناء منشآت لزيادة طاقة توليد الكهرباء بمقدار 5000 ميغاوات. وقالت المصادر إن الشركة، التي مقرها “بوسطن”، تم إشراكها أيضًا كجزء من خارطة طريق تشرين أول/أكتوبر 2018؛ لبناء محطتين لتوليد الكهرباء قدرة كل منهما 750 ميغاوات.

وقال متحدث باسم “جنرال إلكتريك”: “العراق وجنرال إلكتريك في مناقشات إيجابية لتعزيز قطاع الكهرباء في البلاد”. وقالت “جنرال إلكتريك”، الشهر الماضي، إن تربينًا بقدرة 125 ميغاوات، من صنع الشركة، بدأ تشغيله في محطة “القدس” لتوليد الطاقة في “العراق”.

وقالت “سيمنس” أنها إتخذت “خطوة أولى كبيرة بإتجاه التنفيذ الفعلي لخارطة الطريق” عندما وقعت اتفاقية مع “العراق”، في الثلاثين من نيسان/أبريل 2019، تحدد المشاريع والميزانيات والأطر الزمنية. وتتضمن تلك الاتفاقية ثلاثة عقود قيمتها حوالي 700 مليون يورو لبناء محطة جديدة لتوليد الكهرباء بقدرة 500 ميغاوات وتطوير 40 تربينًا تعمل بالغاز وإنشاء محطات فرعية جديدة.

و”العراق” هو أحد النقاط القليلة المشرقة في سوق عالمية منكمشة لمحطات ومعدات الطاقة التي تعمل بـ”الوقود الأحفوري”. وقالت “وكالة الطاقة الدولية”، في نيسان/أبريل 2019، إن حاجات البلاد من الكهرباء عند الذروة تتجاوز قدراتها للتوليد بنسبة الثلث، ومن المتوقع أن تتسع الفجوة مع نمو اقتصاد “العراق”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب