الشرق الأقصى .. بعيد المنال على أميركا !

الشرق الأقصى .. بعيد المنال على أميركا !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

قبل فترة؛ كثر الحديث في أغلب المحافل والأوساط العملية وغير العملية المختلفة عن النفوذ المتنامي والمتزايد للقوة المسيطرة المعروفة باسم “الولايات المتحدة الأميركية”، ومعارضة هكذا موضوع يجافي الواقع ويتعارض مع الأمر القائم.

واليوم لا يُطرح الحديث عن المزيد من النفوذ؛ وإنما عن كيفية المحافظة على القوة؛ وبالطبع الأفول الأميركي في العالم. والسبب أن الشعوب والأمم المختلفة أكثر صمودًا اليوم في مواجهة كل أنواع التدخل وفرض السياسات الأميركية.

ومن بين النماذج المختلفة؛ تعتبر جنوب شرق آسيا أحد المناطق التي ينطبق عليه تراجع النفوذ والقوة، وحتى المساومة الأميركية. وبحسب تاريخ هذه المنطقة، فلقد كان جنوب شرق آسيا محل استعمار واستثمار دول “إسبانيا” و”هولندا” و”إنكلترا”، ولكن احتلت “الولايات المتحدة” مكان هذه الدول، خلال العقد الأخير، وعملت على توطيد نفوذها وتنفيذ سياساتها في دول هذه المنطقة.

والحقيقة أن دول هذه المنطقة تحولت، بعد الاستقلال، إلى قواعد للنفوذ الأميركي وإزدادت أهميتها بسبب موقعها الجغرافي القريب من “الصين”. وبلغ استبداد “الولايات المتحدة”، في هذه المنطقة، درجة عدم المساءلة على جرائمها وقمع بعض السياسيين والفصائل التي تعارض نفوذ “الولايات المتحدة” في بلدانهم وعدم السماح بتداول مثل هذه الأفكار بين الشعوب. بحسب “محمد جواديان”؛ الخبير الإيراني في شؤون آسيا الجنوبية، في أحدث مقالاته التحليلية بصحيفة (جام جم)؛ الصادرة عن “هيئة الإذاعة والتليفزيون” الإيرانية.

تغيير النظرة للولايات المتحدة..

بنظرة على الوضع العام لجنوب شرق آسيا، يتضح بشكل جيد تغيير ملامح هذه المنطقة لصالح الشعوب بما يتعارض والمصالح الأميركية. بدءً من الانتخابات السياسية وحتى المسيرات والمظاهرات المختلفة، وكذلك تصريحات زعماء هذه الدول التي تعارض بشكل صريح السياسات الأميركية !

وقبل فترة؛ فقد صوت شعب “الفلبين”، في خطوة معلنة، وبعد سنوات من نفوذ “الولايات المتحدة” المباشر وغير المباشر، لصالح رئيس معاد لـ”البيت الأبيض” والقضاء على النفوذ الأميركي في “الفلبين”.

لقد أصبح “رودريغو دوترته”، رئيسًا لـ”الفلبين”؛ بسبب تصريحاته المعادية لـ”أميركا”، والذي وطد، بعد أسبوع من انتخابه، علاقاته مع الجار الشمالي، (الصين). في حين كانت “الفلبين” تعيش أسوأ حالتها بسبب النفوذ الأميركي، حتى حرم الصيادون الفلبينيون من الصيد في المياه الشمالية.

في السياق ذاته؛ رفض الشعب الإندونيسي، للمرة الثانية، التصويت لصالح مرشح مدعوم من “الولايات المتحدة”، في حين بذلت الإدارة الأميركية كل مساعيها لضمان استمرار نفوذها في هذا البلد.

لكن تصويت الشعب الإندونيسي جاء لصالح، “غوكو فيدودو”، أدى إلى مزيد من تعارض السياسات الإعلامية الإندونيسة مع “الولايات المتحدة”؛ حتى أن “إندونيسا” وصفت على الصعيد الدولي وبشكل صريح، السياسات الأميركية، بالعدائية.

وقد برزت هذه الأمور فيما يخص “القضية الفلسطينية”، حيث أعلنت “إندونيسا” رسميًا معارضتها القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية إلى “القدس”؛ وأعدت مظاهرات هائلة ضد القرار. وهنا لا ننسى أن “إندونيسا” هي البلد الذي قضى على أكثر من 2 مليون إندونيسي على خلفية ميولهم الشيوعية، نزولاً على رغبة “الولايات المتحدة” ونفوذها العسكري.

وفي “ماليزيا”؛ تقوض نفوذ “الولايات المتحدة” وحلفاءها، (السعودية والكيان الصهيوني)، بانتخاب، “مهاتير محمد”، لدرجة احتدمت معها التساؤلات بشأن الوجود السعودي، وكذلك إتخاذ “ماليزيا” سياسات رسمية ضد “الكيان الصهيوني”.

وقبل فترة؛ انتقد “مهاتير محمد”، السياسات الأميركية، وأعلن أن “ماليزيا” لن تسمح بتمرير السياسات الإعلامية الأميركية، وأنها سوف تتبنى سياساتها المستقلة الخاصة.

وكذلك أعترف رئيس الوزراء الماليزي بمعارضة السياسات الأميركية ضد “إيران”. كذلك أعلنت “ماليزيا” مرارًا استعدادها للتعاون لكسر سلطة “الدولار” على العالم؛ لأنها لم تعد تصنف “الولايات المتحدة” كالقوة الوحيدة في العالم.

أفكار معادية للولايات المتحدة..

الحقيقة أن مكانة “الولايات المتحدة” تختلف عما كانت عليه قبل 40 سنة، سواءً من حيث مواقف المسؤولين في الدول المؤثرة بجنوب شرق آسيا، أو من حيث نفور شعوب هذه الدول من “الولايات المتحدة”.

ونمو الأفكار المعادية لـ”الولايات المتحدة” وإنتباه شعوب المنطقة للسياسات الأميركية الخبيثة لا يترك لـ”البيت الأبيض” أي سيادة في هذه المنطقة.. واستمرار هذا المسار لا يمكن أن يُطلق عليه سوى أفول نجم “الولايات المتحدة” في جنوب شرق آسيا. وهو ما يعتبر بداية سقوط هذه الإمبراطورية في العالم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة