حادث مؤلم لا شك.. راح ضحيته نحو 28 مصرياً نتيجة استهداف مسلح لحافلتهم في صحراء محافظة المنيا المصرية في السادس والعشرين من آيار/مايو 2017، أعلن المسؤولية عنه تنظيم داعش في مصر.
مجلس حرب بقيادة “السيسي”..
لكنه لم يكن حادث عادي، إذ إن القتلى والمصابين من المسيحيين المدنيين بينهم نساء وأطفال كانوا في طريقهم إلى “دير الآنبا صموئيل” ضمن رحلة أسبوعية، ما استدعى ظهور الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” بعد 7 ساعات من الحادث على شاشات التليفزيون المصري وإلى جواره كامل تشكيل مجلس الدفاع الوطني من وزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة الأسلحة المختلفة بالجيش، فضلاً عن وزير الداخلية، وكأنه إعلان بدء حالة الحرب !
بالفعل أكد الرجل أنه في أثناء حديثه نفذت القوات الجوية المصرية غارات مؤثرة بعد معلومات دقيقة عن مراكز دعم وتدريب العناصرالتي نفذت الهجوم الإرهابي في ليبيا – غرب مصر – وتحديداً في “مدينة درنة”.
للمرة الأولى.. خطط لإستهداف من يدعم الإرهابيين في الخارج..
لم يقف حديث “السيسي” عند هذه النقطة، بل أكد على اتجاه جديد في مواجهة الإرهاب للمرة الأولى يعلنه بشكل مباشر وهو التصدي لجميع أشكال الدعم والتخطيط لأي عمل يمس أمن مصر القومي ليس فقط في الداخل، بل في الخارج وأنها لن تكون المرة الأولى التي ستستهدف المقاتلات المصرية أهدافاً خارج مصر، موجهاً رسالة إلى الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” بأنه يثق فيه وفي رغبته الحقيقية في مواجهة الإرهاب ودعمه الكامل لمصر في مواجهة الإرهاب !
“ترامب” يعطي الضوء الأخضر للسيسي..
“ترامب” بدوره استقبل الرسالة وقال إنه سيقف مع حلفائه لمواجهة الإرهاب وإن سفك دماء المسيحيين يجب أن يتوقف، كما يجب معاقبة جميع من يساعدون القتلة.. وهي رسالة يبدو أنها أعطت الضوء الأخضر للسيسي لتنفيذ ضربات جديدة خارج مصر.
اللافت في الأمر أن الغارات المصرية على أهداف في ليبيا ليست الأولى، لكنها لم تكن قبل ذلك معلنة بشكل رسمي باستثناء تلك التي نفذتها مصر وبثت لقطات لها عندما ذبح تنظيم “داعش” 21 مصرياً مسيحياً في “مدينة سرت” الليبية قبل نحو عامين وتحديداً في شباط/فبراير 2015.
ثقة كبيرة بعد استلام “الرافال” وامتلاك شفرات “الإواكس” !
أما اليوم، يتحدث الرئيس المصري بثقة كبيرة نتيجة تطوير جيش بلاده ودعمه بمقاتلات “الرافال” الفرنسية التي تسلمتها مصر بالفعل وتدرب عليها الطيارون المصريون مع بدايات عام 2017، وهي مقاتلات قادرة على استهداف أهداف بعيدة عن الحدود المصرية، فضلاً عن قدرة القوات الجوية المصرية على إحداث تناغم كامل بين طائرات الـ”إف 16″ الأميركية وطائرة الإنذار المبكر التي ستصبح ذات قيمة كبيرة طالما أصبحت مصر حليفة لأميركا لأنها ستمد القاهرة بشفرات هذه الطائرة “الكنز” لأي قوات جوية !
ليبيا ليست الهدف القادم !
فاللقطات التي بثها التليفزيون المصري هذه المرة تظهر مرافقة المقاتلات التي شنت غارات على “درنة” الليبية لطائرة الإنذار المبكر “أواكس” والتي تمتلك مصر 8 طائرات منها من أميركا، ما يعني أن هذه الغارات لن تكون الأولى.. بل إنه بيان تجريبي عسكري لغارات مستمرة خارج الحدود المصرية، أرادت القوات الجوية استخدام “الأواكس” خلالها استعداداً لما هو قادم !
إذ إنه من المستبعد أن تتعرض المقاتلات المصرية لأي هجوم من الأرض أو السواحل الليبية، وبالتالي فإن استخدام طائرة الإنذار المبكر التي تحمل على ظهرها 3 رادارات (جوي – بحري – بري) والقادرة على كشف مئات الأهداف والمواقع في وقت واحد لم يكن المقصود بها ليبيا !
لقد قال “السيسي” إن مصر تحتفظ لنفسها بالحق في الحفاظ على أمنها وأي تهديد لمصر في أي مكان، وكرر الجملة، ما يبين أن هناك نية لدى الرجل لشن غارات أخرى ربما بحجم أقوى على أهداف حدودية أخرى وقد تتجاوز الأهداف الحدودية.
استهداف مصالح قطر وتركيا في السودان..
تتزامن تصريحات الرئيس المصري “القوية” مع حملة يشنها إعلام بلاده مؤخراً بشراسة ضد دولة قطر وتركيا حول مزاعم دعمهما تسليحياً للإرهابيين في ليبيا وكذلك عناصر معارضة لمصر في السودان، كما تتزامن مع ما أعلنه الرئيس السوداني “عمر البشير” من ضبط عدد كبير من السيارات المصرية المدرعة مع مسلحين قادمين من ليبيا لزعزعة استقرار السودان !
استبدال طائرات بقاعدة جوية قرب السودان بمقاتلات متطورة..
في السياق ذاته، كشف متابعون للشأن العسكري المصري قيام القوات الجوية المصرية باستبدال طائرات “الميج 21″ الروسية المتواجدة بقاعدة أسوان الجوية القريبة من الحدود السودانية بطائرات الـ”إف 16” الأميركية المتطورة، فضلاً عن تحديث منظومة الدفاع الجوي ووسائل المراقبة والإتصالات استعداداً لعملية عسكرية قريبة في العمق الإفريقي حماية للأمن القومي المصري، مؤكدين أن جميع الدول التي تشهد تجمعات لإرهابيين أو تهدد الأمن القومي هي هدف للغارات المصرية في المستقبل القريب !
إثيوبيا أحد الأهداف المخطط لها !
ذهب البعض إلى القول إن مصر قد تستهدف إثيوبيا وتحديداً منطقة “سد النهضة” الذي من المقرر أن يبدأ ملء خزان المياه به مع بداية تموز/يوليو 2017، والذي سيؤثر بشكل كبير على حصة مصر من مياه النيل، وقال خبراء مياه إنه سيتسبب في تعطيش مصر وتبوير مساحات كبيرة من الأراضي التي تعتمد في ريها على النيل !
دعم أميركي إسرائيلي إماراتي.. هل يفعلها السيسي ؟
إن قوة تصريحات وخطوات الرئيس المصري هذه المرة تأتي من الدعم الذي يحصل عليه من الرئيس الأميركي الذي أعلن منذ التقى به أول مرة أن مصر لم تعد مجرد دولة صديقة بل “حليفة”، كما يعول السيسي على الدعم الإماراتي غير المحدود بعد أن أقامت وطورت مطاراً مصرياً كبيراً قرب الحدود الليبية لدعم قائد الجيش الليبي “خليفة حفتر” عسكرياً بغارات لطالما وصفت بالـ”مجهولة” في مواجهة من يطلق عليهم في ليبيا “الثوار”.
كما يعتمد السيسي مؤخراً على الدعم الإسرائيلي له في مواجهة الإرهاب، ويكفي أن كلاً من بلدية تل أبيب وبرج خليفة في الإمارات قد أناروا المبنيين بعلم مصر إعلاناً لدعمهم ووقوفهم الكامل مع السيسي في مواجهة الإرهاب الذي استهدف أقباط مصر !
تقارب إفريقي ومساعدات للصومال لتفويت الفرصة على تركيا..
كما استبق “السيسي” الضربات المقرر لها في إفريقيا بعقد عدد من اللقاءات التي تضمن تحقيق التوافق مع رؤساء أفارقة على الأقل لتحييدهم عندما يتخذ خطوته، كما أنه سارع لإرسال 3 طائرات عسكرية ضخمة بمساعدات طبية وغذائية للصومال في أقل من 3 أسابيع لتفويت الفرصة على تركيا التي تحاول أن تجد لها موطئ قدم هناك من جانب، ومن جانب آخر محاولة العودة للدور المصري الفاعل في إفريقيا والذي تراجع كثير في عهد الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك”.