خاص : ترجمة – لميس السيد :
أدى التناحر بين فصائل “السودان” وسوء العلاقات بين المدنيين والعسكريين إلى فشل الانتفاضات السابقة، ويسير ذلك بالتوازي مع تدهور التنمية الاقتصادية في البلاد، وذلك أول الطريق لتحديد أخطاء الماضي لتلافي سقطات أدت لسقوط ثورة الشعب السوداني، وفقًا لما ذكرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية.
الخوف من استبداد الجيش..
وصل “السودان”، بعد الثورة؛ التي أطاحت برئيسه، “عمر البشير”، في نيسان/أبريل الماضي، إلى اتفاق لتقاسم السلطة، يضم المتظاهرين ممثلين في “قوى الحرية والتغيير” من جهة، و”المجلس العسكري الانتقالي” من جهة أخرى، ويستمر الاتفاق لمدة ثلاث سنوات ثم تُعقد بعدها الانتخابات الرئاسية، على أن يتم إدارة البلاد من خلال الجيش لمدة 21 شهرًا؛ ثم يتولى بعد ذلك السلطة إدارة مدنية لمدة 18 شهرًا.
شهد “السودان” الانتفاضة الثالثة، التي أدت إلى تغيير النظام في “السودان”، وذلك في أعقاب الثورتين السابقتين، في تشرين أول/أكتوبر 1964 وأبريل/نيسان 1985، اللتين فشلتا بسبب تحديات تمثلت في طريقة المفاوضات السياسية والترتيب المدني العسكري الذي يحدد الدور الحالي والمستقبلي للجيش في السياسة، وإستراتيجية التنمية الاقتصادية.
وأكدت المجلة الأميركية على أن التحديات التي تواجه الانتفاضة الحالية تتمثل في الخوف من استبداد الجيش؛ كما جرى في مذبحة، 3 حزيران/يونيو الماضي، وبالتالي يقوم بالقضاء على اتفاق 17 آب/أغسطس الماضي؛ والتنكر له.
وفي حالة إذا ما ظهر مثل هذا السيناريو – الذي يرفض فيه الجيش في النهاية ائتلافًا مع مجموعات مدنية ويحكم الأمة وحده – فإن البلاد قد تعود إلى القمع والفساد الذي خيم على “السودان” لثلاثة عقود متواصلة.
المرحلة الانتقالية تصالحية لخدمة الجميع..
ويواجه الاستقرار السياسي في “السودان” كثير من المنظمات والكيانات السياسية المتنافسة، حيث يوجد أكثر من 120 حزبًا سياسيًا مسجلًا في البلاد.
عندما قامت الثورة كان هناك اتفاق على ضم الإسلاميين والعلمانيين والأحزاب التقليدية والجماعات التقدمية وراء هدف موحد؛ وهو الإطاحة بنظام “البشير”، غير أنه ينبغي أن تكون المرحلة الانتقالية مرحلة تصالحية، وذلك لتجنب الأمراض الحزبية التي أسهمت في الإنهيار الديمقراطي في مناسبتين سابقتين في تاريخ “السودان”.
وتشير (فورين بوليسي) إلى أنه في الخمسينيات من القرن الماضي، منعت المؤسسة السياسية التي حلت محل ديكتاتورية الجنرال، “إبراهيم عبود” “الحزب الشيوعي السوداني”، من ممارسة الأنشطة السياسية في البلاد، ما جعل هذه الخطوة غير الديمقراطية تدفع بـ”الحزب الشيوعي” إلى دعم الانقلاب العسكري للجنرال، “جعفر نميري”، في أيار/مايو 1969.
لذا تُعتبر الطريقة الوحيدة لحماية الانتفاضة من نتائج مماثلة، تتمثل في توسيع التحالف الثوري ليشمل الأحزاب التي لم توقع على إعلان “قوى الحرية والتغيير”.
على مدار التاريخ، طغى التوتر على العلاقات بين العسكريين والمدنيين منذ عهد الاستقلال، حيث مرت البلاد بأكثر من أربعة عقود من الحكم العسكري وأكثر من 13 محاولة انقلابية، وهو رقم يشير إلى ميل الجيش إلى الإنخراط في السياسة.