السلطات تقطع أوصال بغداد .. خوفا!‏

السلطات تقطع أوصال بغداد .. خوفا!‏

 أشبه بفيلم «ليلة القبض على فاطمة».. متظاهرون تابعون للتيار الصدري زحفوا من مناطق بغداد ‏الشرقية (جانب الرصافة من بغداد الذي يضم أكبر مدينة ذات غالبية شيعية هي مدينة الصدر) ليحيطوا ‏المنطقة الخضراء الواقعة في الجانب الغربي من بغداد (جانب الكرخ حيث تتاخم منطقة كرادة مريم ‏التي تقع ضمنها المنطقة الخضراء أكبر الأحياء السنية في بغداد وهي أحياء المنصور والجامعة ‏والخضراء الأولى والثانية والعامرية والغزالية). ‏

المتظاهرون الصدريون وطبقا لما أعلنه عضو البرلمان العراقي عن التيار الصدري محمد رضا ‏الخفاجي لـ«الشرق الأوسط» كانوا قد «لبوا نداء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من أجل الضغط ‏على الكتل السياسية والبرلمان لإقرار الموازنة العامة للدولة وذلك من خلال إيصال صوت الشعب إلى ‏المقيمين في المنطقة الخضراء المحصنة بدءا من رئيس الحكومة والنواب والوزراء وكبار ‏المسؤولين». وحيث إن البرلمان أجل التصويت على الموازنة لحين الاتفاق بين أعضاء اللجنة ‏الوزارية التي تضم ممثلين عن الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، فإن الصدريين قرروا أن ‏يحولوا مظاهراتهم إلى اعتصام مفتوح. ‏
وفي وقت بدأ فيه التعاطي الرسمي بين ممثلي المتظاهرين من جهة وممثلي البرلمان من جهة أخرى، ‏فإن الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية في قطاع الكرخ من بغداد تحولت إلى نوع من «العقوبة ‏الجماعية لأحياء بالكامل لأنها من مكون معين»، في إشارة إلى المكون السني طبقا لما أعلنه ‏لـ«الشرق الأوسط» عضو البرلمان العراقي عن «العراقية» وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ‏مظهر الجنابي. واعتبر الجنابي ما جرى في أحياء بغداد السنية «أمرا يبعث على الخجل مرتين.. مرة ‏جراء ما حصل من هلع وخوف غير مبرر من قبل الأجهزة الأمنية، ومرة لأننا بتنا نضطر للكلام عن ‏أحياء سنية وأخرى شيعية في بغداد في وقت لم يكن هذا الأمر معروفا من قبل، حيث كان العراقي، ‏والبغدادي بالذات، يفتخر بالانتماء إلى المحلة والحي والقطاع دون أن يعنيه أن يكون سكانه شيعة أم ‏سنية مسلمين أم مسيحيين»، وأضاف الجنابي: «هناك أمر آخر يبعث على الحزن والأسى وهو أن ‏الأجهزة الأمنية قطعت نصف أوصال بغداد وعاقبت أحياء مترامية الأطراف ومنعت الناس من ‏الدخول إليها أو الخروج منها من أجل متظاهرين لا يزيد تعدادهم على مائتين أو ثلاثمائة في حين ‏تغض، وهنا أقصد الحكومة، أبصارها عن أكثر من مليوني متظاهر دخلت مظاهراتهم شهرها الثالث، ‏فكيف يمكن أن يكون الكيل بمكيالين؟!»، مشيرا إلى أن «ما حصل الثلاثاء كان عقوبة سواء كان ‏الهدف حماية متظاهري المنطقة الخضراء مع احترامنا لهم ودعمنا لما يطالبون به، أو خوفا منهم، فإنه ‏لا يبرر أن تهرع إلى أحياء تبعد عدة كيلومترات عن موقع المظاهرة»، متسائلا: «كيف لحكومة أن ‏تستمر في السلطة وهي تخاف من شعبها بهذه الطريقة المرعبة؟». ‏
وردا على سؤال بشأن تفسيره للإجراءات الأمنية المبالغ فيها في أحياء الكرخ من بغداد، قال الخفاجي، ‏القيادي الصدري، إن «المفارقة اللافتة للنظر أن الحكومة عاشت ليلة رعب حقيقي وهو ما دفعها إلى ‏غلق مناطق وأحياء بالكامل لخشيتها من احتمال اندلاع ثورة عارمة ضدها بانضمام أبناء الأحياء ‏القريبة من المتظاهرين في الكرخ، وهو ما قد يؤدي إلى اقتحام المنطقة الخضراء»، وأشار إلى أنه ‏‏«وبعد سلسلة اتصالات مع السيد الصدر، فقد أمر الصدريين بالانسحاب المؤقت ما داموا اتخذوا بعض ‏الإجراءات مع التأكيد على مهلة الأيام الثلاثة لأنه في حال لم تقر الميزانية في غضون هذه الأيام، ‏فسوف يكون لنا كلام آخر». ‏
وزارة الداخلية أعلنت رفضها لكل السيناريوهات التي ناقشتها أجهزة الإعلام بشأن ما حصل. وقال ‏الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ما قيل بشأن وجود ‏متسللين من محافظات إلى بغداد للقيام بمظاهرات، أو منع الدخول إلى هذه المنطقة أو تلك عن طريق ‏بطاقة السكن، أمر غير صحيح، وإنه مجرد كلام أطلقته وسائل إعلام مسمومة لم يعد لها همّ سوى ‏تعكير الأجواء وإثارة الرعب في صفوف المواطنين». ‏
وردا على سؤال بشأن المبالغة في الإجراءات التي لا يمكن نكرانها بصرف النظر عن المبررات، قال ‏العميد معن إن «المعروف أن الطرق السالكة في بغداد قليلة، لا سيما مع قطع الطريق السريع المار ‏بالمنطقة الخضراء، وحيث إن وجود تظاهرة قبالة المنطقة الخضراء واحتمال استغلالها من قبل ‏جماعات مسلحة لتوتير الأجواء وإثارة المشكلات، فقد تم إغلاق الطرق المؤدية إلى مكان التظاهرة»، ‏وأضاف: «وحيث إن الطرق البديلة قليلة أصلا، فإن ما حصل هو عبارة عن زخم مروري شمل ‏الأحياء الغربية والشمالية من بغداد»، وأوضح: «أستطيع أن أؤكد أن الإجراء كان روتينيا ربما يكون ‏مبالغا فيه صحيح، لكننا في ظل وضع أمني صعب نحتاج فيه إلى أن نأخذ دائما أسوأ الاحتمالات من ‏أجل حماية المواطن، وإلا فإنني أتساءل: هل تم اعتقال أحد؟ الإجابة: كلا، كما أن ما قيل عن تسلل ‏عناصر من محافظات أخرى إلى بغداد أمر غير صحيح، حيث لم تتوفر أية معلومات بهذا الشأن». ‏

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة