السلالة الجديدة من “كورونا” تغزو العالم .. ولندن “بؤرة الانتشار” هذه المرة !

السلالة الجديدة من “كورونا” تغزو العالم .. ولندن “بؤرة الانتشار” هذه المرة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لم يكد العالم يتنفس الصعداء بعد أشهر مريرة خيم عليها ظل الوباء، مع إنطلاق اللقاحات، حتى أطل الفيروس التاجي، الذي ظهر لأول مرة في “الصين”، في كانون أول/ديسمبر الماضي، بسلالة جديدة متحورة أشد عدوى وانتقالاً من الأصلية بنسبة 70%، وخرجت عن السيطرة، حسبما أعلنت السلطات البريطانية.

وبسبب ارتفاع نسبة الإصابة في “لندن” إلى 200%، هرب السكان من العاصمة الضبابية، وهو ما جعل وزير الصحة، “مات هانكوك”، ينتقدهم واصفًا سلوكهم بغير المسؤول لفِرارهم من العاصمة؛ بعد أن ألغى، “بوريس غونسون”، رئيس الوزراء، احتفالات عيد الميلاد لما يقرب من 18 مليون شخص فى جنوب إنكلترا.

وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تناقلت صورًا لتدافع المسافرين في محطات القطار الرئيسة بالعاصمة، “لندن”، للهروب في رحلات صوب المناطق الشمالية، الأمر الذي اعتبره وزير الصحة أنهم سوف يجلبون السلالة المتحورة إلى شمال البلاد.

وانتقد مستخدمو (تويتر)، من الشمال والغرب، حشودًا كبيرة تقف في طابور في محطة “سانت بانكراس”، بلندن، للصعود إلى آخر قطار متجه إلى “ليدز”، ليلة أمس، واصفين إياهم: بـ”غير المسؤولين” و”الجرذان الطاعونية”.

وحذر “هانكوك” أن الشرطة ستضع حواجز على الطرق ومنع العائلات من ركوب القطارات في محاولة لوقف انتشار الطفرة الجديدة في أنحاء البلاد، مؤكدًا إنه سيتم نشر المزيد من ضباط شرطة النقل البريطانية: “لضمان القيام بالرحلات الضرورية فقط”.

وبموجب القرار يتعين على الأنشطة غير الضرورية والصالات الرياضية ودور السينما والكازينوهات ومصففى الشعر؛ أن تظل مغلقة.

وتوالت الانتقادات على “غونسون”؛ بسبب “التضارب والإرتباك”، حيث دعا نواب “حزب المحافظين”، إلى استقالات مجلس الوزراء.

واضطر “غونسون” إلى تغيير قراراته بسرعة؛ بعد أن أكدت السلطات الصحية أن السلالة الجديدة تسببت في ارتفاع الإصابات بنسبة 200%.

وكانت المنطقة الأكثر تضررًا هي، “روتشفورد”، “إسيكس”، حيث زادت الحالات بنسبة 207%، بينما سجلت “لندن” ارتفاعًا بنسبة 150%.

وحذر السير “باتريك فالانس”، كبير المستشارين العلميين فى بريطانيا، من أن الفيروس قد إنطلق وإنه يتحرك بسرعة. وقال عالم الأوبئة، “جون إدموندز”، أن: “هذه أسوأ لحظة للوباء؛ بسبب العدوى غير العادية للسلالة الجديدة”.

وحذرت صحيفة (الأوبزرفر)؛ أن السلالة الجديدة من (كورونا) تدفع “بريطانيا” نحو إغلاق كامل وموجة ثالثة من الوباء. وأكدت أن السلالة الجديدة تسببت في نحو 1200 إصابة خلال الأيام الخمسة الماضية.

وأظهر التحليل الجينومي أنها تحتوي على طفرات تم رصدها في جنوب وشرقي إنكلترا، تؤثر على مستقبلات الخلايا البشرية التي تؤدي لإرتباط الفيروس بها، ولذلك أصبحت أكثر قابلية للعدوى.

حظر السفر إلى بريطانيا..

على إثر هذا الإعلان، حظرت دول أوروبية دخول المسافرين من “بريطانيا”، فعلقت “ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وأيرلندا”، الرحلات الجوية وسُبل سفر أخرى. لكن طبيعة الإجراءات تباينت بين هذه الدول.

كما انضمت “أميركا الجنوبية وكندا وإيران والكويت والسعودية والمغرب”، لهذا الحظر .

وعقد اجتماع لـ”الاتحاد الأوروبي”، صباح الإثنين، لبحث كيفية التعامل مع الأمر على نحو أكثر تنسيقًا.

انتقلت العدوى لثلاث دول أخرى..

وقالت “منظمة الصحة العالمية” إن السلالة الجديدة نفسها رُصدت في ثلاث دول أخرى هي؛ “هولندا والدنمارك وأستراليا”.

كما ذكرت المنظمة، عبر موقع (تويتر)؛ إنها على اتصال مع مسؤولين بريطانيين حول الموضوع.

وقالت إن “المملكة المتحدة” تطلعها على المعلومات المستقاة من دراسات جديدة حول السلالة الجديدة للفيروس، وإن المنظمة ستطلع الدول الأعضاء والمواطنين على أي معلومات جديدة تتوفر حول خاصيات الفيروس الجديد وما يترتب عليها.

وقال “كريس ويتي”، كبير مسؤولي القطاع الطبي: “أعتقد أن هذا الوضع سيزيد الأمور تعقيدًا ، لكن هناك أمورًا تبعث على التفاؤل ببدء حملة التطعيم، على فرض أن اللقاح فعال مع فصيلة الفيروس هذه أيضًا”.

قرار “غير معقول”..

وتوالت التعليقات على ذلك الإعلان، حيث انتقدت مصادر طبية روسية، قرار بعض البلدان الأوروبية بوقف حركة الطيران مع “بريطانيا”؛ بسبب اكتشاف السلالة الجديدة من فيروس (كورونا) المستجد، واصفة القرار: بـ”غير المعقول”.

وقال الطبيب الروسي المعروف، “ألكسندر مياسنيكوف”، إن الفيروسات كانت تتحور في الماضي وستتحور مستقبلاً، وتحور فيروس “ووهان” أكثر من مرة.

ونقلت قناة (روسيا اليوم) الإخبارية، عن “مياسنيكوف” قوله: “إن السياسيين يتخذون قرارات دون الاعتماد على الواقع، أما الفيروسات فتستمر في التحور”، مضيفًا أن السلالة الجديدة توجد هناك، منذ أيلول/سبتمبر الماضي، وقد انتقلت خارج الحدود البريطانية فعليًا منذ زمن.

وأضاف الطبيب؛ أن الفيروس لا يزال يتحور مرورًا بأجهزة المناعة للكثير من الناس، مشيرًا إلى أن اللقاحات والأدوية التي وضعها العلماء فعالة ضد الفيروس الأولي وطفراته على حد سواء.

منتشرة في فرنسا ولم يتم تشخيصها..

وقال وزير الصحة الفرنسي، “أوليفييه فيران”، غداة إعلان “باريس” إغلاق حدودها برًا وجوًا وبحرًا مع “بريطانيا”، إن السلالة الجديدة لفيروس (كوفيد-19) قد تكون منتشرة في “فرنسا” ولم يتم تشخيصها بعد، وذلك في حديث لإذاعة “أوروب 1” (Europe 1).

إيطاليا غاضبة من بريطانيا..

فيما أعرب مستشار وزير الصحة الإيطالي، “ڤالتر ريتشاردي”، عن غضبه من عدم إعلان “بريطانيا” عن السلالة الجديدة من (كورونا)؛ رغم علمها بذلك منذ أيلول/سبتمبر الماضي، ما سيدفع “إيطاليا” إلى إغلاق صارم للغاية.

وقال “ريتشاردي”، في تصريحات لصحيفة (ميساغيرو)، الإثنين، إن: “السلالة الجديدة لا تُعد قاتلة، لكنها تنتشر بسرعة أعلى بنسبة 70 – 80%”، مشيرًا إلى أنه وفقًا للبيانات البريطانية، فإن: “الفيروس لديه 3 طفرات لاختراق الغشاء المخاطي للأنف بشكل أفضل”.

وقال مستشار وزير الصحة الإيطالي إنه: “في هذه الظروف سيكون من الصعب إعادة فتح المدارس، في 7 كانون ثان/يناير المقبل، لا سيما في ظل خطر حدوث زيادة جديدة في الإصابات خلال فترة الأعياد”.

وأوضح أن: “وقف الرحلات إن تم تطبيقه من قبل دولة واحدة فقط، فلن يكون ذا فعالية، بل يجب أن يشمل جميع أنحاء أوروبا”، وقال: “نأسف لأن الحكومة البريطانية حذرتنا الآن فقط. أخبرنا زملاؤنا في المملكة المتحدة أن الطفرة لن تؤثر على اللقاح، لكنها تسبب تضاعف عدد الإصابات تقريبًا”.

رُصدت في جنوب إفريقيا ولوحظت في مصر..

وبحسب (نيويورك تايمز)، تم رصد نسخة مماثلة من السلالة البريطانية في “جنوب إفريقيا” أيضًا، وتم العثور عليها لدى 90 في المئة من العينات التي خضعت لتحليل المتواليات الجينية، منذ منتصف تشرين ثان/نوفمبر الماضي.

وفي “مصر”، قال الدكتور “محمد النادي”، عضو اللجنة العلمية لمواجهة (كورونا) بوزارة الصحة، إن السلالة الجديدة للفيروس؛ والمنتشرة في “بريطانيا”، موجودة منذ فترة طويلة، وتنتشر في “إفريقيا”؛ ويرجح احتمالية وجودها في “مصر”، قائلاً: “لو عملنا دراسة هنلاقي هذه السلالة في مصر لأنها سريعة الانتشار”.

وأضاف: “أعتقد أن السلالة الجديدة موجودة في مصر، وهذا تحت قيد الملاحظة، وليس الدراسة، لكن مراقبة المرضى وأقاربهم في نفس المكان وسرعة الانتشار هي مؤشرات قد تدل على وجود السلالة في مصر”.

قلق علماء الأوبئة..

وحتى الآن تبدوا المعلومات حول هذه السلالة الجديدة مقلقة جدًا، وفق ما قال البروفيسور “بيتر أوبنشو”، المتخصص في جهاز المناعة في “إمبريال كوليدغ لندن”، لموقع (ساينس ميديا سنتر)؛ خصوصًا لأنه: “يبدو أنها أكثر قابلية للانتقال بنسبة تتراوح بين 40 إلى 70 في المئة”.

وأضاف البروفيسور “جون إدموندز”، من كلية “لندن” للصحة وطب المناطق المدارية: “هذه أنباء سيئة للغاية. يبدو أن هذه السلالة معدية أكثر بكثير من السلالة السابقة”.

كما ذكر المتخصص الفرنسي في علم الوراثة، “أكسل كان”، على صفحته في (فيس بوك)، أنه حتى الآن: “تم رصد 300 ألف سلالة من (كوف-2) في العالم”.

وتحمل السلالة الجديدة طفرة تسمى: (إن 501 واي)، في بروتين “شويكة” فيروس (كورونا)، وهي موجودة على سطحها وتسمح لها بالإلتصاق بالخلايا البشرية لاختراقها.

ووفقًا للدكتور “غوليان تانغ”، من جامعة “ليستر”: “كانت هذه السلالة تنتشر بشكل متقطع، في وقت سابق من العام الحالي، خارج المملكة المتحدة، في أستراليا، بين حزيران/يونيو وتموز/يوليو، والولايات المتحدة في تموز/يوليو، وفي البرازيل في نيسان/أبريل”.

ولفت البروفيسور “غوليان هيسكوكس”، من جامعة “ليفربول”، إلى أن: “فيروسات (كورونا) تتحوّر طوال الوقت، وبالتالي ليس من المستغرب ظهور سلالات جديدة من (سارس-كوف-2). الشيء الأكثر أهمية هو معرفة ما إذا كانت هذه السلالة لديها خصائص من شأنها التأثير على الصحة البشرية والتشخيصات واللقاحات”.

وأشار “أكسل كان” إلى أنه: “كلما ارتفع عدد الإصابات، ارتفعت احتمالات حصول تحور عشوائي للفيروس وارتفعت وتيرة حصول تحور”.

وتقول “غيسي بلوم”، وهي باحثة البيولوجيا التطورية في مركز “فردي هوتشينسون” لبحوث السرطان بمدينة “سياتل”، إن هذه الطفرة تكشف أهمية أن يبقى العلماء في يقظة من أمرهم. “علينا أن نرصد هذه الطفرات حتى نحدد منها ما قد يحدث آثارًا”.

وتتسم السلالة البريطانية بـ 20 طفرة، بعضها يرتبط على نحو وثيق بالطريقة التي يظهر بها الفيروس للخلايا البشرية، وكيف يصيبها ويتسلل إليها.

ويرى الخبير والباحث في الأمراض المعدية بجامعة “سانت أندروس” باسكتلندا، “ميوغ سيفيك”، أن هذه الطفرة الجديدة تتيح للفيروس أن يتكاثر وتنتقل عدواه بشكل أكبر.

وفيما قالت الحكومة البريطانية إن السلالة الجديدة أكثر قدرة على الانتقال بنسبة 70 في المئة، أوضحت أن هذا التقدير مبني على نماذج حسابية نظرية، وليس بالاستناد إلى تجارب في المختبر.

غير أن ما يشغل العالم في الوقت الحالي هو احتمال أن تؤثر هذه السلالة على نجاح اللقاحات التي ترقبتها البشرية طيلة العام الجاري، أملاً في العودة إلى الحياة الطبيعية.

وتقول الباحثة، “بلوم”، في تصريح يبدو داعيًا للطمأنينة، إنه لا داعي للقلق من احتمال تسبب طفرة كارثية واحدة في نسف كافة الأجسام المضادة وما يقوم به الجهاز المناعي لدى الإنسان.

مضيفة أن الأمر ربما يستغرق سنوات طويلة حتى يحصل، أي أن تتراكم طفرات كثيرة، لأن المسألة ليست شبيهة بالضغط على زر.

يمكنه التغير لعدم التعرف عليه..

وكانت أوراق علمية سابقة؛ كشفت أن فيروس (كورونا) يستطيع أن يتغير من أجل تفادي التعرف عليه من قبل جسم مضاد أو حتى جسم مضاد أو مواد أخرى، لكن من حسن الحظ، أن الجسم يؤدي دوره بشكل ذكي في هذه الحالة.

ويحتاج الفيروس إلى سلسلة كبيرة من الطفرات حتى يستعصي على رصد الجهاز المناعي لدى الإنسان، وهدف كل طفرة من الطفرات هو خداع الدفاع الذي يقوم به الجسم والتغلب عليه.

وتشرح الباحثة، “بلوم”، أنه حتى فيروس (الإنفلونزا) يحتاج إلى ما بين 5 و7 سنوات لأجل مراكمة ما يكفي من الطفرات حتى يصبح الجهاز المناعي عاجزًا عن رصده.

ومع هذا، يراهن العلماء على تلقيح ما يقارب من 60 في المئة من سكان العالم خلال العام المقبل، وهو أمرٌ لا يخلو من التحديات، فضلاً عن خفض عدد الإصابات الجديدة قدر الإمكان.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة