خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
بعد خمس سنوات من القتال الذي أودى بحياة أكثر من مئة ألف يمني وموت أعداد مماثلة، جراء المجاعة والمرض، تراجعت “الولايات المتحدة” و”السعودية” عن زعمهما بأن “الحوثيين” هم مجرد ميليشيات تعمل لصالح “إيران”.
وبدأ الأمل يلوح الآن في الأُفُق لإنهاء الكارثة الإنسانية، لا سيما بعد تراجع حِدَّة الغارات الجوية السعودية وإتمام صفقة تبادل الأسرى، بحسب المحلل الإسرائيلي، “شموئيل لدرمان”.
الحوثيون استطاعوا الصمود..
يقول “لدرمان”: لأول مرة، منذ اندلاع الحرب في “اليمن”، تلوح في الاُفق فرصة حقيقية لإحراز تسوية بين “المملكة العربية السعودية” والمتمردين “الحوثيين”.
مضيفًا أن “الحوثيين” – الذين سيطروا على العاصمة، “صنعاء”، في أواخر عام 2014، وواصلوا احتلال مناطق أخرى في “اليمن”، بما في ذلك ميناء “الحُديدة” – استطاعوا أن يصمدوا طوال تلك الفترة، في مواجهة قوات أكثر عُدَّة وعتادًا، تابعة لـ”التحالف العربي”، الذي تقوده “السعودية” و”الإمارات”، وهو التحالف الذي يلقى دعمًا عسكريًا وسياسيًا من “الولايات المتحدة”.
ولقد أودت تلك الحرب حتى الآن، بحياة قرابة مئتي ألف قتيل يمني، نصفهم جرَّاء المعارك والنصف الآخر جرَّاء الجوع والأمراض التي تفشت بالأساس جرّاء الحصار السعودي على “اليمن”، منذ أواخر عام 2015.
السعودية تُعيد حساباتها !
أوضح المحلل الإسرائيلي أنه جرت عدة محاولات، خلال السنوات الأخيرة، لإيجاد تسوية بين “المملكة العربية السعودية” و”الحوثيين”، ولكن الطرفين كانا سيخسران كثيرًا، بعدما سيطر “الحوثيون” على مناطق شاسعة وحيوية، بما فيها من ثروات ومصادر تمويل.
أما السعوديون، فقد أنفقوا موارد اقتصادية طائلة وبذلوا جهودًا سياسية جبارة في تلك الحرب، لذا فقد بذل ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، كل ما في وسعه حتى لا يتكبد الخسارة في “اليمن”.
غير أن هناك عدة عوامل دفعت “المملكة السعودية” لإعادة حسابتها في “اليمن”. وعلى رأس تلك العوامل، إخفاق “الرياض” المستمر في محاولة إلحاق الهزيمة بـ”الحوثيين”، وهجمات “الحوثيين” المتكررة ضد أهداف داخل الأراضي السعودية؛ والانتقاد الدولى الموجه للنظام السعودي جراء الكارثة الإنسانية التي أحدثها في “اليمن”؛ والانتقاد المتزايد الموجَّه للإدارة الأميركية.
وربما الأهم من كل تلك العواملة، هو قصف المنشآت النفطية داخل “المملكة العربية السعودية”، في أيلول/سبتمبر الماضي، والذي أعلن “الحوثيون” المسؤولية عنه، رغم أن الغرب قد حمَّل “إيران” مسؤولية ذلك.
تراجع الغارات السعودية..
بدا أول مؤشر على قُرب إنفراج الأزمة، حينما تراجع القصف الجوي السعودي ضد موقع “الحوثيين” في “اليمن” إلى أدنى معدلاته منذ اندلاع الحرب، وكان ذلك في شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي. فيما تراجع مُعدَّل القصف إلى المستوى الأدنى، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي. وأتضح أن السعوديين و”الحوثيين” يُجرون محادثات غير مباشرة لإنهاء الحرب.
واشنطن تتبنى موقفًا جديدًا..
في أوائل شهر كانون أول/ديسمبر الجاري، بدأت الإدارة الأميركية تتبنى موقفًا جديدًا حيال الأزمة اليمنية، حيث باتت “واشنطن” تُعلن الآن أن “الحوثيين” ليسوا تنظيمًا تابعًا لـ”إيران”، ورغم نفوذ الإيرانيين عليهم، إلا أنهم مستقلون ويتصرفون وفق مصالحهم الخاصة.
وبذلك أبدت الإدارة الأميركية تغييرًا جذريًا في موقفها الذي ظلت تتبناه طوال سنوات الحرب اليمنية.
الحوثيون سيكون لهم دور في مستقبل اليمن..
أشار ” لدرمان” إلى أن الجدل حول مدى النفوذ الإيراني على “الحوثيين”، قد استمر منذ بداية الحرب السعودية في “اليمن”، بل وحتى قبل ذلك، حينما نشبت المعارك المتكررة بين “الحوثيين” والرئيس اليمني السابق، “علي عبدالله صالح”.
وفي ظل تورط الإدارة الأميركية في تلك الحرب – ودعمها لـ”الرياض”، وصعوبة تبرير ذلك الدعم الذي تسبب في كارثة إنسانية – لم يكن أمام “واشنطن” سوى الزعم بأن “الحوثيين” هم فصيل تابع لـ”إيران” وينفذ أجندة “نظام الملالي”، مثلما يفعل تنظيم “حزب الله” في “لبنان”. وبذلك، كان بإمكان “الولايات المتحدة” أن تزعم أن دعمها للحرب في “اليمن” يأتي ضمن سياق الحرب ضد “إيران”.
وبعد يومين من إفصاح الإدارة الأميركية عن موقفها الجديد، صرَّح وزير الخارجية السعودي، “عادل الجبير”، أن كل اليمنيين، بمن فيهم “الحوثيون”، سيكون لهم دور في مستقبل اليمن.
ويمثل ذلك التصريح؛ نقطة تحول مفصلي في موقف “الرياض”، بعدما كان السعوديون يؤكدون أن “الحوثيين” ما هم إلا أداة في يد الإيرانيين، وأن الحل الوحيد لإنهاء الأزمة هو عودة “الحوثيين” إلى أماكنهم الأصلية في شمال “اليمن”.