وكالات – كتابات :
سلط موقع (المونيتور) الأميركي الضوء على كارثة تزايد الإصابات بـ”السرطان” في “العراق”، وخاصة في الجنوب، والتي تُعتبر من بين أسبابها الرئيسة التلوث البيئي الناتج عن إنبعاثات الغاز من النشاطات النفطية، بالإضافة إلى تأثيرات الحروب على السلامة الصحية للإنسان العراقي.
وذكر الموقع الأميركي، في تقرير له؛ تصريحات لمدير إدارة البيئة في جنوب العراق، “وليد حامد”، في 21 أيار/مايو الماضي، والتي كشف فيها إن: “إحصاءات وزارة الصحة تُشير إلى تسجيل: 2000 حالة إصابة بالسرطان سنويًا بسبب مشاعل النفط التي تُطلق غازات سامة في الهواء نتيجة عمليات الاستخراج في حقول البصرة”. وانتقد المسؤول العراقي، الشركات النفطية، لتجاهلها المعايير والضوابط البيئية والصحية المعتمدة.
“البصرة” تتصدر محافظات العراق في الإصابة..
وأشار إلى أنه كانت هناك دعوات متزايدة لمعالجة هذه الأزمة الصحية، مذكرًا بأنه، في العام 2018، أعلن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في “البصرة”؛ أنه يتم رصد حوالي 800 حالة إصابة بالسرطان شهريًا في المحافظة، مشيرًا إلى أن “البصرة” تتصدر المدن العراقية في حالات الإصابة بالسرطان، حيث تم تسجيل: 600 إلى 700 حالة بشكل شهري، خلال العام 2020.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت “جمعية البيئة والصحة” العراقية، في “لندن”، في العام 2019، أن صناعات “النفط” و”الغاز”، في “العراق”، فشلت في تحمل مسؤولياتها فيما يتعلق بالتداعيات البيئية لمشاريع “النفط”، مع العلم أن مثل هذه المشاريع تنطوي على مخاطر صحية جسيمة.
الصناعات النفطية في قفص الاتهام..
وبحسب الموقع الأميركي؛ فإن هذه الإحصاءات، حول وجود صلة بين انتشار “السرطان” وعمل الشركات النفطية، لم تمنع المتحدث باسم وزارة النفط، “عاصم جهاد”، من القول لـ (المونيتور)؛ أنه على الرغم من حقيقة أن النشاطات النفطية تلوث البيئة، “إلا أن ليس من الصواب ربط صلة بين حالات السرطان والتلوث النفطي، حيث لم يبرهن علميًا إلى الآن، أنه السبب في ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان في المحافظات الجنوبية، بما في ذلك البصرة”.
واعتبر “جهاد” أن: “العديد من التقارير تتجاهل أو تتغاضى عن آثار الحروب، التي شهدها العراق، بما في ذلك الحرب (الإيرانية-العراقية)، التي استمرت ثماني سنوات؛ وحرب الخليج التي استخدمت فيها أسلحة محظورة، بما في ذلك (اليورانيوم) المخصب، وكذلك ملايين القنابل والمقذوفات والمخلفات الملوثة من الحرب، والتي لا تزال تهدد حياة سكان المحافظة”، مشيرًا إلى أن آثار الملوثات العسكرية والكيميائية ما زالت ملموسة منذ عقود، ولا يمكن محو آثارها بشكل سهل.
لعبة الإهمال..
كما اعتبر “جهاد” أن: “الإهمال هو اسم اللعبة”، فيما يتعلق بمعالجة هذه الملوثات أو إزالة مخلفات الحرب التي تودي بحياة العشرات سنويًا. وأوضح أنه قام بزيارة “مستشفى البصرة”، الذي يعالج الأمراض السرطانية وأستمع إلى دراسة قدمها طبيب أثبتت أن مخلفات الحروب والأسلحة المحرمة وآثارها هي الأسباب الرئيسة لحالات السرطان في المحافظة. وأشار إلى أن “الوزارة مهتمة بمعالجة التلوث البيئي، حيث تسعى لوقف ظاهرة حرق “الغاز”، بحلول العام 2025، من خلال اتفاقات مع شركات عالمية في: “البصرة وميسان وذي قار”، وتمكنت من استثمار ما بين 50% إلى 60% من “الغاز” المصاحب.
وردًا على سؤال حول الاتهامات الموجهة للشركات العالمية، قال “جهاد” إن الشركات العالمية: “تعمل على تطوير حقول النفط، وفق أدق المعايير البيئية والصحية، وهي معروفة بإلتزاماتها في هذا الصدد”.
كما أشار إلى أن “وزارة النفط” تساهم بفاعلية في تحسين الوضع الصحي، في “العراق”، من خلال تقديم دعم مالي شهري ومعدات وأدوية جيدة للمستشفيات المتخصصة في علاج الأمراض السرطانية وتجهيزها بأجهزة الفحص المبكر للكشف عن هذه الأمراض، مضيفًا أن الوزارة تتولى تكاليف تطوير وبناء وحدات طبية متطورة في المستشفيات.
لا توجد إحصائيات لدى “الصحة”..
لكن بخلاف رأي “وزارة النفط”، قال مدير عام إدارة الصحة العامة بوزارة الصحة، “رياض عبدالأمير”، للموقع الأميركي؛ إن: “الوزارة لا تملك إحصائيات عن مواطنين توفوا بسبب السرطان الناتج عن الإشتعال النفطي”. وتابع القول: “لا توجد دراسة علمية تُثبت وجود صلة بين الحقول النفطية والسرطان”.
ونقل الموقع الأميركي، عن النائب “علي البديري”؛ قوله إن المسح الميداني يؤكد زيادة حالات الإصابة بالسرطان في المحافظات النفطية، وفي مقدمتها محافظة “البصرة”، لكنه أشار إلى أنه ليس لديه دليل على أن الإشتعال النفطي هو السبب.
ومع ذلك، قال “البديري”؛ أن الشركات العاملة في “قطاع النفط” ليس لديها معايير صحية لإتباعها، بالإضافة إلى الفساد المستشري في وزارة النفط، وقلة المحاسبة مما أدى إلى انتشار الأمراض الفتاكة والخطيرة نتيجة عدم الإلتزام بالمعايير البيئية التي حددتها القوانين.
النفط سبب رئيس للسرطان..
إلا أن الدكتور “حيدر سلمان”، من مديرية صحة البصرة، يعتقد أن هناك علاقة فعلية بين ارتفاع حالات “السرطان” والنشاط النفطي، مشيرًا إلى أن “الغاز” غير المستخدم والإحتراق يؤدي إلى مشاكل بيئية كبيرة.
وأضاف أن: “شركات الغاز تُحجم عن إحتواء ما يتم حرقه، ومثل هذه الإنبعاثات إذا تم استغلالها ستوقف التلوث البيئي، مما يوفر حاضنة لأمراض السرطان”.
وذكر “سلمان” بأن “البصرة” شهدت هطول أمطار كبريتية حمضية، في 2018، أدت إلى تسمم: 4500 شخص خلال ثلاثة أيام، وكانت المستشفيات مكتظة في ذلك الوقت، وفشلت وسائل الإعلام في تسليط الضوء على هذه القضية.
“السرطان” بات يقلق العراق..
وفي 4 مايو/أيار الماضي، كشف أطباء عراقيون أن حالات “السرطان” سجلت ارتفاعًا مثيرًا للقلق في: “البصرة وميسان والناصرية”.
وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية، “علي البياتي”: “هناك تقصير في الإهتمام بالأوضاع الصحية لسكان المناطق المحيطة بحقول النفط، ويتجلى ذلك في أن يتم استغلال الميزات الاجتماعية التي تمنحها شركات الترخيص النفطي في مشاريع لا تدعم القطاع الصحي. وفي ظل غياب الرقابة، فشلت هذه الشركات في الوفاء بإلتزاماتها المنصوص عليها في عقود جولة التراخيص، حيث لم تزل بعد آثار التلوث المرتبط بعمليات الحرق والاستخراج”.
وخلص (المونيتور)؛ إلى القول أنه من الواضح أن هناك عدم يقين بين وزارتي: “النفط” و”الصحة”؛ عندما يتعلق الأمر بانتشار “السرطان” وإشتعالات “النفط” و”الغاز”، لكن المؤكد أن التلوث البيئي في مناطق حقول “النفط” لم تتم معالجته حتى الآن.