9 أبريل، 2024 9:55 م
Search
Close this search box.

الرياض والدوحة .. مع استمرار الصراع على فريضة الحج .. فهل يجوز أداء المناسك خارج “السعودية” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

نشر موقع (ميدا) العبري مقالاً تحليليًا للكاتبة الإسرائيلية، “نوعم بينيت”، الباحثة في شؤون الشرق الأوسط والعالم العربي، تناولت فيه حالة الانقسام التي تسود العالم الإسلامي، لا سيما داخل محور المعسكر السُني. وركزت “بينيت” على الصراع المُحتدم بين “السعودية” و”قطر” حول “فريضة الحج”.

تغريدة “القرضاوي”..

تستهل الباحثة الإسرائيلية قائلة: “تخيلوا لو أن أحدًا من صغار الحاخامات اليهود قال يومًا إنه لا حاجة للحفاظ على قدسية يوم السبت أو أن الله في غنى عن الصلاة. بالطبع فإن مثل هذا القول كفيل بإحداث ضجة شديدة، بل إنه سيتصدر مانشيتات الأخبار في جميع وسائل الإعلام. والآن تخيلوا أن أحدًا من أعظم علماء الفقه الإسلامي قال في تغريدة له إن فريضة الحج ليس لله تعالى حاجة فيها، رغم كونها من أركان الإسلام. وهذا بالفعل ما قاله الشيخ، “يوسف القرضاوي”، الأسبوع الماضي، وهو يُعد أهم مرجعية فقهية في نظر مئات الملايين من المسلمين في أرجاء العالم”.

تغيير مكان “الحج” ليس جديدًا على المسلمين واليهود !

تشير “بينيت” إلى أن تغريدة “القرضاوي” تذكرنا بحالتين مشابهتين وقعتا في أزمان ماضية، حيث كان الحاكم في الحالتين يطالب أتباعه بعدم الخروج إلى “الحج” في المكان المُتبع في عصره، والتوجه بدلاً من ذلك للحج في مكان آخر.

وكانت الحالة الأولى مع اليهود – عندما خشي “يربعام بن نباط” – وهو أول حاكم لـ”مملكة إسرائيل” – من أن يدين الحجاج المتوجهين إلى “الهيكل” في “القدس” بالولاء مرة أخرى لـ”رحفعام بن شلومو”، ملك يهوذا. ولذلك صنع، “بن نباط”، عجلين من ذهب أحدهما في “بيت إيل” والآخر في “دان” لكي يحج الناس إليهما.

أما الحالة الثانية؛ فكانت عند المسلمين في نهاية القرن السابع، عندما منع الخليفة الأموي، “عبدالملك بن مروان”، أهالي الشام من القيام برحلة الحج إلى بيت الله الحرام في “مكة”، وما دفعه إلى ذلك هو أن “عبدالله بن الزبير” قد انقلب عليه، ونصب نفسه خليفة للمسلمين. عندئذ خشي، “عبدالملك بن مروان”، من أن يقوم المُنقلب عليه في “مكة” بإجبار الحجاج من أتباعه على أن يدينوا له بالولاء، فقام “عبدالملك بن مروان” بعمل مشابه لما قام به الملك اليهودي، “يربعام بن نباط”، حيث قرر بناء “مسجد قبة الصخرة”، عام 691، لكي يحُض أتباعه للحج إلى “مدينة القدس” بدلاً من “مكة”.

انتقادات للسعودية..

تضيف “بينيت”؛ أن “المملكة العربية السعودية” هي التي تستضيف حاليًا حجاج بيت الله في “مكة”، ومن حين لآخر تتعرض للانتقاد حول أسلوب ضيافتها، بسبب ما قد يتعرض له الحجاج من كوارث أو بسبب خلافات سياسية مع دول إسلامية أخرى.

فعلى سبيل المثال أعلن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، عام 2016، أنه يجب مقاطعة الحج إلى الأماكن المقدسة في “السعودية”. وجاء تصريح “خامنئي” عقب الكارثة التي وقعت أثناء تأدية مناسك الحج لعام 2015، وفيها قُتل قرابة 2300 شخص، بينهم 464 من الإيرانيين. وخلال فترة المقاطعة، طالب مسؤولون إيرانيون وغيرهم من الشيعة أيضًا، بإحالة مسؤولية تنظيم الحج إلى جهة إسلامية، وحرمان “المملكة السعودية” من ذلك الدور المرموق.

بين الشريعة والحداثة..

ترى الباحثة الإسرائيلية أنه ليس غريبًا على الشيخ “القرضاوي” إطلاق الفتاوى والتصريحات الإستفزازية، فقد تسببت مواقفه السياسية والدينية في الماضي، فضلاً عن سلاطة لسانه، إلى طرده من “جامعة الأزهر” المصرية عام 1961، خلال عهد الرئيس الراحل، “جمال عبدالناصر”، فتوجه للعيش في “قطر” عام 1962، وهناك  أصبح حُرًا في تنفيذ أجندته الدينية، كما أنه حظي بالقرب من أفراد العائلة المالكة.

ومعروف عن “القرضاوي” أنه يربط بين المفاهيم الدينية الروحية والحياة العملية الواقعية في برنامجه التليفزيوني الأسبوعي، الذي تبثه قناة (الجزيرة)؛ بعنوان “الشريعة والحياة”، كما ألف “القرضاوي” كتاب (فقه الأقليات) من أجل المسلمين في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، وذلك للحفاظ على هويتهم الإسلامية وحمايتهم من القيم الغربية.

ويستند “القرضاوي” في آرائه على  مؤسس “جماعة الإخوان المسلمين”، وهو الشيخ “حسن البنا”، الذي كان يُجله منذ الطفولة. وهو يؤمن بمقاصد الشريعة الإسلامية، لكنه يفسرها بما يتوافق مع روح العصر الحديث، الذي يقوم على المنطق العقلي والفكر المتحرر.

كما يحاول “القرضاوي” أن يبدو مختلفًا عن “جماعة الإخوان المسلمين” وعن أفكارها الإيديولوجية، ويسعى لخلق إنطباع بأنه يمثل الاعتدال، لذا فإنه يتزعم ما يُسمى بتيار الوسطية، الذي يتخذ موقفًا وسطًا بين التيار السلفي – المتمسك بالشريعة الإسلامية والسُنة النبوية كما كانت عليه في عهد النبي “محمد” وأصحابه – وبين الليبراليين الذين يتبنون تفسيرًا حديثًا للمصادر الإسلامية.

تمزُق العالم السُني..

بحسب “بينيت”؛ فإن تغريدة “القرضاوي” عن الحج تعكس حالة الانقسام داخل معسكر الدول السُنية. إذ يُعد “القرضاوي” أحد كبار عُلماء محور “الإخوان المسلمين”، الذي تقوده كل من “قطر وتركيا”، اللتين تساعدان أيضًا “حركة حماس”، وهي الجناح الفلسطيني لـ”الإخوان المسلمين”.

وكان “القرضاوي” قد زار “قطاع غزة”، في آيار/مايو 2013، أي قبل شهرين فقط من الإطاحة بحُكم “الإخوان المسلمين” في “مصر”.

وهناك دول عربية سُنية تتصدى لمحور “الإخوان المسلمين”، وهي: “مصر والمملكة العربية السعودية والأردن والبحرين والإمارات العربية المتحدة”. وتُعتبر تلك الدول أقرب في مواقفها إلى سياسة الدول الغربية، كما تربطها علاقات مُعلنة أو سرية بدولة “إسرائيل”.

ستظل “مكة” قبلة الحجاج..

تتساءل الباحثة الإسرائيلية: هل ستشهد المرحلة القادمة – بعد استمرار الخلافات حول “الحج” – حدوث خطوة مماثلة لما قام به “عبدالملك بن مروان”، بحيث يقوم “القرضاوي”، أو أي عالم إسلامي آخر، بإضفاء القداسة على “المسجد الأقصى” ودعوة المسلمين للحج إليه بدلاً من الحج إلى “الكعبة” ؟..

وتُجيب على ذلك بقولها: يبدو أن ذلك لن يحدث، لأن “قطر” و”إيران” قد امتنعتا حتى الآن – رغم خلافاتهما مع “السعودية” – عن إضفاء القداسة على أي مكان آخر سواء داخل أراضيهما أو في الخارج.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب