الرد الإيراني على زيارة “بايدن” للسعودية .. ضرورة تسريع وتيرة “مفاوضات بغداد” !

الرد الإيراني على زيارة “بايدن” للسعودية .. ضرورة تسريع وتيرة “مفاوضات بغداد” !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

منذ أيام نشر الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، مقال بصحيفة الـ (واشنطن بوست)؛ عن دوافعه لزيارة “السعودية”، ينطوي على الكثير من الملاحظات الهامة.

وإنطلاقًا من الأوضاع الداخلية الأميركية وحالة النظم الدولية؛ يستعرض “أبوالفضل بازركان”؛ عضو وحدة الصراع والتعاون بالشرق الأوسط، لأهمية هذه الزيارة وفرص وتحديات “الجمهورية الإيرانية”؛ في مقاله التحليلي الذي نشر على موقع مركز (الشرق الأوسط) للبحوث العلمية والدراسات الإستراتيجية الإيراني.

01 – العودة إلى سياسات الواقعية..

لطالما أكد “بايدن” في دعاياته الانتخابية على ضرورة أن تدفع “السعودية” ضريبة تصرفاتها، في إشارة إلى اغتيال الصحافي السعودي؛ “جمال خاشقجي”، بتوجيه مباشر من ولي العهد؛ “محمد بن سلمان”، وانتهاك “السعودية” قوانين حقوق الإنسان في حربها على “اليمن”.

لذلك تعرض الرئيس الأميركي إلى انتقادات شديدة منذ الإعلان عن زيارة محتملة إلى “السعودية”، وتوقع الكثيرون أن تسبب هذه الزيارة مشاكل للرئيس؛ “بايدن”، في الانتخابات المقبلة، إلا أنه واجه قرارًا صعبًا إنتهى بزيارة “السعودية”.

وتنطوي هذه الزيارة على رسائل واضحة للمُنّظرين في العلاقات الدولية وأشكال المثالية والواقعية في سياسات “البيت الأبيض”؛ وهي: أن “الولايات المتحدة” لا تهتم للمثالية بشأن حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية في العالم، وأنها بالنهاية قررت مد يد الصداقة إلى أكثر دولة غير ديمقراطية وتنتهك حقوق الانسان بشكلٍ صارخ لقاء تأمين مصالحها.

لذلك يمكن اعتبار مقال الـ (واشنطن بوست)؛ مجرد تبرير للرأي العام الأميركي، وأن “بايدن” يسعى إلى بناء خطاب جديد وتحريف الرأي العام عن قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية.

02 – الأزمة الأوكرانية.. لعبة دول المنطقة الجديدة..

تسببت العقوبات على “روسيا” في ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات حول العالم، ولا يُخفى على أحد أن “أوروبا” تواجه؛ وكذلك “الولايات المتحدة”، أزمة جديدة.

لكن ما لم يكن متوقعًا إعلان “السعودية”؛ باعتبارها حليف لـ”الولايات المتحدة” وأكبر مُصّدر لـ”النفط” في العالم، عدم دعم السياسات النفطية الأميركية ضد “روسيا” (!!)، والواقع أن القضايا من مثل الخروج الأميركي المفاجيء من “أفغانستان” والانسحاب التدريجي من المنطقة بشكلٍ عام، وفشل الدعم الأميركي في الحيلولة دون الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، فرض منطق جديد على دول المنطقة التي ربطت قبل عقود أمنها ومكاسبها بالوجود الأميركي في المنطقة، أن عليها اختبار طرق بديلة لتأمين هذه المكاسب.

ولعل أبرز مثال على هذا المنطق الجديد؛ هو عدم تماهي دول المنطقة مع قرار العقوبات “الأميركية-الأوروبية” على “روسيا”، لاسيما بعد المشاورات الأميركية الكبيرة مع “السعودية والإمارات” وغيرها من الدول النفطية بالمنطقة؛ بشأن مضاعفة صادراتها النفطية والحد من الأزمة الأوروبية والسيطرة على سوق الطاقة العالمي، لكن “السعودية” رفضت؛ كذلك “الإمارات”، وفضلت المحافظة على علاقاتها مع “روسيا” في منظمة (أوبك+) وتحقيق المزيد من المصالح بارتفاع أسعار “النفط”.

من هذا المنطق تنبع أهمية زيارة “بايدن” إلى “السعودية” وإقناعها بزيادة الصادرات النفطية؛ لعلها تتماشى مع السياسات الأميركية كما كان الحال سابقًا.

03 – توسيع نطاق النفوذ الصيني بالمنطقة..

فيما يخص مسألة تجاوز النظام الدولي والانسحاب الأميركي من المنطقة، بدأت “الصين” باعتبارها القوى العظمى الثانية والمرشح للسيطرة على النظم العالمية مستقبلًا التواجد بشكل بطيء وهام في المنطقة، وتسعى تدريجيًا إلى مليء الفراغ الأميركي في المنطقة.

كذلك ترى دول المنطقة مصلحتها في التعاون مع هذه القوى الاقتصادية الجديدة، دون التفات إلى أن هذا الشريك الجديد هو أكبر منافس لـ”الولايات المتحدة”؛ باعتبارها حليف تقليدي لتلك الدول.

ويتعاون كل حلفاء “أميركا” التقليديين في المنطقة؛ أعني: “السعودية والإمارات وقطر”، وحتى “تركيا”؛ التي هي عضو حلف الـ (ناتو)، مع “الصين” بشكلٍ كبير يفوق حتى التعاون “الإيراني-الصيني”، وهو ما يُهدد المصالح الأميركية بالمنطقة.

ومن أبزر وأهم هذا التعاون؛ وبخاصة في المجالات الأمنية والاقتصادية، يمكن الإشارة إلى التعاون الأمني السعودي مع “الصين” في مجال تصنيع صواريخ (باليستية)، وكذلك بناء قواعد عسكرية صينية في “الإمارات” والخليج، ناهيك عن الاتفاق السعودي مع “الصين” على تنفيذ المعاملات النفطية بعُملة “اليوان”؛ وهو ما يُعتبر تهديدًا مباشرًا لسلطة “الدولار الأميركي”.

لذلك تسعى “الولايات المتحدة” إلى احتواء “الصين”، والتأكيد على أن خسارة منطقة غرب “آسيا” لصالح “الصين” مسألة غير مقبولة.

حلول “إيران” إزاء تداعيات زيارة “بايدن” إلى المنطقة..

تعيش “السعودية” باعتبارها دولة رئيسة بين الدول العربية والخليجية أجواءً خاصة. فلقد فشلت من جهة في حربها التي استغرقت 08 سنوات على “اليمن”، ومن جهة أخرى فقدت الثقة في دعم “الولايات المتحدة”؛ بعد انسحابها المفاجيء من “أفغانستان” وموقفها في الحرب الأوكرانية، كذلك هي مضطرة للتعاون مع القوى الدولية الجديدة؛ وأعني: “الصين وروسيا”، وبالتالي اتخاذ مواقف أكثر اعتدالًا تجاه “إيران”، لاسيما وأن “الصين” تُريد، على عكس “الولايات المتحدة”؛ تحسين العلاقات “الإيرانية-السعودية”.

كذلك لا تستطيع “السعودية” رغم التطبيع أن تُعتبر “الكيان الصهيوني” حلفيًا إستراتيجيًا. فإذا أخذنا كل ذلك في الاعتبار فإن “الجمهورية الإيرانية” حاليًا في وضع أفضل مقارنةً بالسنوات العشر الماضية، والدخول في مفاوضات مع “السعودية” من موقع قوة، استكمالًا لملف مفاوضات “بغداد” التي قد تُستأنف قريبًا.

وتسريع المفاوضات “الإيرانية-السعودية” وتبادل السفراء سيكون الإجراء الأكثر تأثيرًا كرد فعل على زيارة “بايدن” إلى المنطقة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة