الرابحون والخاسرون من زيارة “بايدن” .. المكاسب كلها لإسرائيل أما الفلسطينيون فلهم قصيدة شِعر !

الرابحون والخاسرون من زيارة “بايدن” .. المكاسب كلها لإسرائيل أما الفلسطينيون فلهم قصيدة شِعر !

وكالات – كتابات :

قال “باتريك كنغسلي”، في تحليل نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) إن الرئيس؛ “بايدن”، وجه رسائل متناقضة للإسرائيليين والفلسطينيين؛ يوم الجمعة، قبل مغادرته “إسرائيل” متوجهًا إلى “السعودية”، معلنًا عن خطوات جديدة نحو الاندماج الإسرائيلي في الشرق الأوسط، بينما حذر الفلسطينيين من أن الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لمحادثات سلام جديدة لإنهاء: “الصراع” (الإسرائيلي-الفلسطيني).

بدأ السيد “بايدن”؛ السبت، بإعلانه أن “المملكة العربية السعودية”، أقوى دولة عربية، ستسمح برحلات جوية مباشرة من وإلى “إسرائيل”. فبعد سنوات من المناقشات السرية خلف الكواليس بين “السعودية” و”إسرائيل”، كان هذا الاتفاق أول خطوة علنية من قِبل السعوديين لإنشاء علاقة رسمية مع الإسرائيليين.

أوضح “كنغسلي”؛ أن “بايدن” أشاد بهذه الخطوة ووصفها بأنها: “تاريخية”، وهي أحدث علامة على قبول “إسرائيل” المتزايد بين القادة العرب بعد سنوات من: “العزلة الإقليمية”، حيث حلت المخاوف من “إيران” النووية – التي تشترك فيها كل من “إسرائيل” والعديد من القادة العرب السُنة – محل التضامن العربي مع الفلسطينيين.

بالنسبة للفلسطينيين؛ عرض “بايدن” التعاطف والتمويل وقليل من الآمال طويلة الأجل. فقد أعلن في زيارة قصيرة لـ”الضفة الغربية”؛ عن تقديم أكثر من: 300 مليون دولار للمستشفيات واللاجئين الفلسطينيين، بعضها خاضع لموافقة “الكونغرس”. وذكر أن “إسرائيل” وافقت على منح الفلسطينيين إمكانية الوصول إلى الإنترنت من الجيل الرابع، وهو قرار لم تؤكده “إسرائيل” بعد.

كما كرر دعمه لـ”دولة فلسطينية مستقبلية”، عاصمتها في جزء – على الأقل – من “القدس”، وقال إن قبول “إسرائيل” المتزايد داخل العالم العربي يمكن أن يؤدي إلى زخم جديد لعملية السلام الخاملة. لكن حذر “بايدن” من أن الظروف ليست مهيأة في هذه اللحظة لاستئناف المفاوضات، وأعلن عن عدم وجود برنامج طويل الأجل لإحيائها، باستثناء الأمل في أن التحالفات المتغيرة في الشرق الأوسط قد تسمح في مرحلة ما بتحقيق انفراج في العلاقات “الإسرائيلية-الفلسطينية”.

قال السيد “بايدن”: “في هذه اللحظة، عندما تعمل إسرائيل على تحسين العلاقات مع جيرانها في جميع أنحاء المنطقة، يمكننا تسخير نفس الزخم لإعادة تنشيط عملية السلام بين الشعبين: الفلسطيني والإسرائيلي”، مشيرًا إلى ترتيبات الطيران السعودية الجديدة، ومجموعة من الاتفاقيات السابقة بين “إسرائيل، والبحرين، والمغرب، والإمارات العربية المتحدة”. لقد سلط ذلك الضوء على التناقض الشديد في زيارته التي استمرت: 49 ساعة إلى “إسرائيل والضفة الغربية”.

الرابحون والخاسرون من الزيارة..

بالنسبة للإسرائيليين كان ذلك مصدرًا للاحتفال – بوصول صهيوني فخور، وأحد أقدم أصدقائهم وأوثقهم، والآن حامل لواء اندماج “إسرائيل” في الشرق الأوسط. “زيارة أثرت فينا جميعًا”، جاء ذلك على لسان؛ “يائير لابيد”، رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت، بعدما غادر “بايدن” إلى “السعودية”.

أما بالنسبة للفلسطينيين – يُشير “كنغسلي” – قد تكون أجزاء من الزيارة موضع ترحيب: فقد جلب السيد “بايدن” التمويل والاهتمام والتأكيد على أن “الولايات المتحدة” لا تزال تدعم مفهوم “السيادة الفلسطينية”.

لكنه كان أيضًا تذكيرًا بأن التطلعات الفلسطينية ليست من أولويات إدارة “بايدن”. فقد أمضى السيد “بايدن” ثلاث ساعات فقط في “الضفة الغربية”؛ مقابل: 46 ساعة في “إسرائيل”. وقد خيب آمال الفلسطينيين من خلال تجنب انتقاد “إسرائيل”، وبدد التوقعات بتدشين عملية سلام متجددة بقيادة أميركية، وحافظ على العديد من قرارات إدارة “ترامب” التي انتقدها الفلسطينيون على نطاق واسع.

قال “محمود عباس”، رئيس “السلطة الفلسطينية”، في مؤتمر صحافي مشترك مع “بايدن”؛ في “بيت لحم”: “السيد الرئيس، ألم يحن الوقت لإنهاء هذا الاحتلال ؟”. أشاد البعض بقرار السيد “بايدن” إعادة التمويل الأميركي لشبكة مستشفيات فلسطينية، حيث صرح مدير المستشفى؛ “فادي أتروش”، قائلًا إن الرئيس: “جلب الأمل لآلاف المرضى الفلسطينيين”.

لكن البعض الآخر صور الوعود بمزيد من المساعدات على أنها مجرد إجراءات قصيرة الأجل لم تفعل شيئًا يُذكر لمعالجة المشكلة الأكثر جوهرية للصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”. وقد شكرت ممرضة في “مستشفى أوغستا فيكتوريا”؛ في “القدس الشرقية”، “بايدن”، على التبرع، لكنها قالت إن الفلسطينيين في حاجة إلى أكثر من المال: “نحن في حاجة إلى مزيد من العدالة، نحن في حاجة إلى مزيد من الكرامة”.

أكد “كنغسلي” أنه قد سادت حالة من الإحباط أيضًا من أنباء ذوبان الجليد في العلاقات بين “إسرائيل” والعالم العربي. لسنوات شدد معظم القادة العرب على أنهم لن يعترفوا بـ”إسرائيل” قبل إنشاء “دولة فلسطينية مستقلة”. في عام 2002؛ قادت “السعودية” اقتراح سلام قائم على هذه الفرضية – وحاول السيد “عباس” في اجتماعه مع السيد “بايدن”؛ إثارة الفكرة نفسها. وقال السيد “عباس”: “إن مفتاح السلام والأمن في منطقتنا يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين”، لكن يبدو أن كلمات السيد “بايدن” وأفعاله تقوض الفكرة.

في غضون ساعات كان السيد “بايدن” في طريقه إلى “جدة”؛ بـ”المملكة العربية السعودية”. وكانت هذه واحدة من أولى الرحلات الجوية المباشرة القليلة بين “إسرائيل” و”السعودية”، وأحدث مؤشر على حصول “إسرائيل” على قبول إقليمي لأن المخاوف الأمنية والطموحات التجارية تكتسب أهمية أكبر لبعض القادة العرب من حل فوري للصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”.

الفلسطينيون لا بواكي لهم..

إنه وقت كئيب بشكلٍ عام بالنسبة للفلسطينيين، حيث تنقسم قيادتهم بين “السلطة الفلسطينية”، التي تُدير أجزاء من “الضفة الغربية”، و(حماس) التي انتزعت السيطرة على “غزة” من السلطة؛ عام 2007. ولا يرى معظم الفلسطينيين سوى القليل من الأمل في المصالحة، وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة.

في “غزة”؛ دخل الحصار الذي تفرضه “إسرائيل” و”مصر” عامه الخامس عشر. ويُلفت الكاتب إلى أن واحدًا من كل أربعة فلسطينيين عاطل عن العمل عام 2021. ويقول سبعة من كل 10 إنهم يعتقدون أن “الدولة الفلسطينية” لم تُعد ممكنة بسبب التوسع في المستوطنات الإسرائيلية في “الضفة الغربية”، وفقًا لاستطلاع الرأي في حزيران/يونيو. كما يرغب حوالي: 80% منهم استقالة السيد “عباس”، والأغلبية العظمى ترى أن كلًا من السلطة و(حماس) فاسدان، بحسب التحليل.

على هذه الخلفية – يُضيف “كنغسلي” – أبدى “بايدن” انتقادات ضعيفة لـ”القيادة الفلسطينية”، حيث قال: “لدى السلطة الفلسطينية عمل مهم يجب أن تقوم به كذلك، إذا سمحتم لي. حان الوقت الآن لتقوية المؤسسات الفلسطينية لتحسين الحكم والشفافية والمساءلة”.

لكن العديد من الفلسطينيين يوجهون انتقاداتهم لإدارة “بايدن”، حيث عارض: 65% منهم الحوار بين قيادتهم و”الولايات المتحدة”. لم ينقض “بايدن” رسميًا قرار إدارة “ترامب”؛ بإضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في “الضفة الغربية”، والتي يعتبرها معظم العالم غير قانونية. وبسبب الضغط الإسرائيلي لم تفتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في “القدس” والبعثة الفلسطينية في “واشنطن” مجددًا، وكلاهما أُغلق في عهد “ترامب”.

كما أغضبت إدارة “بايدن”؛ الفلسطينيين، برفضها مؤخرًا دفع “إسرائيل” لإجراء تحقيق جنائي في مقتل الصحافية الفلسطينية الأميركية؛ “شيرين أبوعاقلة”، في آيار/مايو، حيث وجدت تحقيقات متعددة، بما في ذلك تحقيق أجرته صحيفة (نيويورك تايمز)، أن الرصاصة القاتلة إنطلقت من موقع وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي.

في غضون ذلك تظاهر فلسطينيون ضد “بايدن”؛ يوم الجمعة، في كل من: “القدس وبيت لحم”، وانتقد بعض الفلسطينيين السيد “عباس” للقائه به. وقال “صهيب زاهدة”؛ (39 عامًا)، وهو ناشط سياسي في مدينة “نابلس”؛ بـ”الضفة الغربية”: “يعتبر الفلسطينيون؛ الولايات المتحدة، شريكًا في الاحتلال، سواء بتمويلها، أو بدعم إسرائيل سياسيًا”.

قال “بايدن” إنه يتعاطف مع الإحباطات الفلسطينية: “الشعب الفلسطيني يتألم الآن – يمكنك أن تشعر به”، مضيفًا أن تجربة الفلسطينيين ذكرته بتراثه الإيرلندي، ونضال الإيرلنديين تحت الحكم الاستعماري البريطاني. واقتبس الرئيس فقرة من قصيدة: “الشفاء في طروادة” للشاعر الإيرلندي الحائز على “نوبل” في الآداب؛ “شيموس هيني”:

يقول التاريخ إن الأمل استحالة

ما دمت حيًّا لم يضمك قبر

ورغم ذلك قد يثور طوفان العدالة

حتى ولو لمرةٍ في العمرْ

ذاك الذي ظلت الخلق ترقبهْ

طوال أزمنة مديدة

عندئذٍ يتناغم التاريخ والأمل

ثم أضاف السيد “بايدن” أنه يأمل أن: “نصل إلى إحدى تلك اللحظات التي يتناغم فيها الأمل مع التاريخ”. لكنه لم يوضح كيف ولماذا ؟.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة