6 أبريل، 2024 11:07 م
Search
Close this search box.

الرئيس سهواً جلال الطالباني من جاش 1966 إلى رئيس 2011

Facebook
Twitter
LinkedIn

في البدء كانت الأرزاق.
لم يقم الدافع إلى العمل السياسي، لدى إغلب الساسة الكرد، في التعطش للحرية أو تحقيق الرفاه للناس البسطاء من الشعب الكردي بل هو كمن في التعطش للمال والسلطة. ومنذ بداية المشوار كانت المصلحة الشخصية، ومن ثم العائلية، هي البوصلة الرئيسية التي تقود الخطوات. كان العمل الحزبي و”النضال” التحرري نوعاً من سلوك يغوص في المقاولات والسمسرة والمنافع الضخمة. وعليه فقد كان الحزب والوطن مصطلحات رمزية جوهرها الرزق والكسب والإنتفاع.
سوف نرى في هذا الكتاب كيف أن شخصاً مثل جلال الطالباني، وصل إلى قمة السلطة السياسية في بلد عريق كالعراق، لم يكترث يوماً لأكثر من تأمين الرخاء والأمان والغنى لنفسه ولعائلته. هناك الهدف الأول الذي يسبق أي هدف آخر، ومآله أن يكون هؤلاء في المركز في كل فعل ونشاط ومبادرة. أن تكون لهم الحظوة والثروة والكلمة العليا. أن يكونوا مهيمين مهما كان الثمن. وليست بعيدة عن أذهاننا الصراعات الضارية  بين حزبي البرزاني والطالباني(إقرأ: عائلتي البرزاني والطالباني) على الموارد والنفوذ والتي لم يتورع فيها الجانبان من إقتراف جرائم حرب بحق الناس من الطرفين. كما لم يتورع كل منهما من الإلتجاء إلى “أعداء” الشعب الكردي لحماية مصالحهما الخاصة. وقد توصل الجانبان في نهاية الأمر إلى خلاصة مفادها ضرورة تقاسم المال والنفوذ بدل التقاتل عليها طالما أن من غير الممكن حسم الصراع بإندحار طرف وإنتصار الطرف الآخر وطالما أن أي منهما لن يقبل بأن يتحول إلى معارضة سياسية كما تقتضي اللعبة الديمقراطية عادة.
إنهم يريدون كل شيء الآن وهنا تحدوهم الرغبة الجامحة في السيطرة المطلقة على كل زاوية من البلد الذي يستحوذون على موارده كما لو كانت مزرعة مملوكة لهم. أفراد العائلة يثرون ويتخمون ويستحوذون على كل المقدرات التي يمكن لأيديهم أن تطالها فيما الناس يشقون النفس كي يتمكنوا من تأمين لقمة العيش لأبناءهم.
لقد نشأت سلالة حاكمة ضخمة من الأبناء وأبناء الأخوة وأبناء العم والخال وما بعدهم من الأقارب. الثروة الفلكية التي تراكمت في العائلة أتاحت لها تأسيس إمبراطورية متماسكة دعامتها المال والقوة فيما نشأت على ضفافها حاشية رذيلة من المستشارين والمخبرين والمصفقين والوصوليين والمتزلفين من كل صنف ولون.
وتقوم إستراتيجية العائلة على مبدأ الترغيب والترهيب. عليها أن تجعل الناس أمام خيارين: إما أن يشكروها على ما تمنحهم من فضلات أو أن يخافوا منها. ولقد تعلموا من النظام الذي سبقهم قاعدة ذهبية تقول: إن كنت لا تخيف أحداً فلن يرهبك الناس وعندئذ تكون نهايتك.
لقد أدرك جلال الطالباني وعائلته وحاشيته أن من يتحكم بالمال يتحكم بالناس. وهو توصل إلى هذا الدرس من تجربته الخاصة. فلطالما وقف على أبواب السفارات وتزلف إلى الحكومات كي تمنحه الفرصة للحصول على الأموال من هنا وهناك. فالمرء يكون في موقع القيادة فقط حين يستطيع التحكم بالأرزاق والمصائر. وحين يكون بين يديه قدر هائل من المال يتقاطر إليه الإنتهازيون من كل حدب وصوب.
وضعت عائلة الطالباني نظاماً محكماً لبسط النفوذ وتوزيع الأتباع. وخارج الدائرة الضيقة للعائلة، المكونة من الرئيس وإبنيه، بافل وقباد، وأخوته وأبناء أخوته والسيدة الأولى هيرو خان  وأختها شهناز خان) يقف الباقون من مسؤولي الحزب، من المكتب السياسي واللجنة المركزية واللجان الفرعية وسواها، كضيوف شرف يمكن لأي واحد منهم أن يرحل في أية لحظة. إن أشخاصاً مثل فؤلد معصوم وكمال فؤاد وملا بختيار وسعدي بيره وعدنان المفتي وأرسلان بايز وآزاد جندياني وجوهر كرمانج وسواهم لا وزن لهم إلا بقدر إقترابهم من العائلة المالكة. ومن يفكر في إظهار أقل قدر من الإعتراض أو التململ يلقى المصير المنتظر: الطرد، أي الحرمان من المال.( حين إعترض نوشيروان مصطفى على سلوك جلال الطالباني وسياساته تم تأليب الآخرين عليه ثم جرى طرده  فأسس حركة التغيير وهدد بكشف فضائح الطالباني الأمر الذي دفع الأخير إلى دفع مبلغ خمسة عشر مليون دولار أميركي كصفقة ثمناً لسكوت غريمه).
في مدينة السليمانية، معقل جلال الطالباني وعائلته وحزبه، تغيرت الأشياء في السنوات الأخيرة بشكل مذهل. كانت المدينة تعتبر، منذ نشوء الدولة العراقية وحتى آخر يوم من حكم صدام حسين، مركزاً للثقافة والفنون الكردية ونموذجاً للنظافة والرقي، وهي أصبحت الآن بؤرة للركود والتفسخ ومرتعاً للوساخة. بإستثناء الأحياء التي يسكن فيها المقربون من العائلة الحاكمة، حيث يتوفر كل أسباب الراحة والرفاه فإن المدينة كلها باتت عرضة للإهمال. العائلة وحاشيتها لاتجد الوقت للإنشغال بالثقافة أو المسارح أو الفنون  فهي في عجلة من أمرها لإمتصاص الموارد والإستحواذ على مصادر الثروة وتحويلها إلى البنوك في الولايات المتحدة وسويسرا.
ويتسابق المقاولون والمنتفعون للسيطرة على كل فسحة وتحويلها إلى شركات ومعامل. تظهر أبنية إسمنتية غير متناسقة لها شرفات من الألمنيوم نتنفخ كما الدمامل خارجة من كل فتحة. بنايات دميمة وغير متناسقة متناثرة هنا وهناك من غير أي إعتبار للوجه الجمالي للمدينة. لقد تغير كل شيء في السنوات الأخيرة وحدث ذلك بوتيرة سريعة وبشكل غير متوقع وبات الناس يستشعرون ذلك من دون أن يدركوا كنه ما يجري.
لا وجود لأية حقوق أو قوانين تنظم علاقات أرباب العمل، المقربين من العائلة المالكة، مع العمال. الأمر متروك للعامل كي يتفاوض على حقوقه ورواتبه من خلال الروابط الأسرية والعشائرية والحزبية.  ثمة عمال يأتون من الريف أو من الدول الفقيرة، مثل سيريلاتكا وبنغلاديش والفليليبين، وليست لديهم أية خبرات ويتقاضون أجوراً بخسة للغاية ويعيشون في ظروف بائسة. وغالباً ما يجبر العمال على التوقيع على عقود تشير إلى رواتب كبيرة لا يستلمونها أبداً.
لقد طرأ تحول في العلاقات بين القوى والأحزاب، التي كانت تشكل تحالفات سياسية فيما بينها. الآن ظهرت تحالفات تضم عائلات مستقلة بعضها عن بعض غير أنها ترتبط من خلال خدمات مالية مشتركة. وبدلاً من البرامج الحزبية السابقة باتت هناك الآن جداول للواردات والمصاريف ولجان لإدارة الأعمال وتقاسم الأرباح. يجري الآن تبييض المال السياسي من دون الإضطرار إلى المرور بالسياسة كما كان الأمر في السابق. إن عائلات مثل الطالباني والبارزاني وزيباري ودزيي وسنجاري وسواها باتت  الآن تحتل المشهد العام في الإقليم كله. وعلى مثال عائلات المافيا الإيطالية فإن ثمة تأرجح أبدي بين حميمية أبوية ومنافسة دموية. ويمكن في أية لحظة أن ينقلب التفاهم الأخوي إلى إقتتال رهيب.
يقوم الجميع بالتسابق على شراء كل شيء. ويجري إستخدام أفراد، مستقلين نظرياً، كواجهة لشركات العائلات ( كما في حالة الفنان زكريا ومدير شركة آسياسيل فاروق مصطفى).
لقد خرج هؤلاء من الحرب ونزلوا من الجبال وشرعوا من فورهم في توطيد حضورهم المالي والمتاجرة بكل شي: السلاح والعقارات والمخدرات والكحول والألبسة والمأكولات والدخان والأسمنت ومولدات الكهرباء. وندع جانباً الأموال الخرافية التي يتم الحصول عليها من الحكومة المركزية في بغداد فضلاً عن إستخراج وبيع النفط سراً وعلناً وتهريباً.
والشركات الخارجية التي تريد الإستثمار في الإقليم مجبرة على دفع حصة من الأرباح إلى العائلة المالكة. وترتبط عائلة الطالباني يعقود ضخمة مع شركات كبيرة من تركيا وإيران.
إن العائلة المالكة شركة متعددة الأوجه كثيرة الأغراض تتحكم بالسوق وهي قادرة على سحق أي منافس سواء من خلال القوة أو عبر التحكم بالأسعار(هناك رادع القوة الذي يضبط علاقات العائلات المتنفذة بعضها ببعض ولهذا نادراً ما يحصل إصطدام بينها وإن حدث فسرعان ما يتم حل الإشكال بطرق ودية).
ومع أن هناك إحتمال دائم بوقوع صدام علني بين العائلات المالكة، ليس لأسباب سياسية أو إيديولوجية بل لتضارب المصالح، فإن المصلحة المشتركة تقتضي التوفيق بينها وإخماد نار الخلافات بسرعة قبل أن يستشري فيهدد الجميع بالهلاك. ولهذا فثمة إنفاق مضمر في الحفاظ على الستاتيكو القائم والعمل على عدم الإخلال به تحت أي ظرف. ويتمسك الجميع بالإستراتيجية الوحيدة المربحة وهي جني المال بأسرع ما يمكن وكسب ثقة المستثمرين ورجال الأعمال قبل أن يحدث مالا يحمد عقباه.
المرتزقة والمرتشون والمريدون أصبحوا مثل علقات طفيلية تتكاثر من دون توقف في الإقليم الكردي. وشرع الطالباني وأتباعه يغدقون العطايا على صحافيين وكتاب مهمتهم الوحيدة تلميع صورة القائد ورسمه في هيئة الأب الحنون الذي لا يخطأ. لقد ظهرت كتب وكراسات تشيد بالطالباني وتمدح عظمته وتحلل حكمته على يد أشخاص مغمورين لم يسبق أن كان لهم شأن في الكتابة من قبل. وبدل صحافيون، أكراد وعرب، موقعهم وأخذوا يدبجون المقالات الوردية عن الطالباني. وفيما أخذ هؤلاء على قيام نظام الرئيس السابق صدام حسين بشراء ذمم الصحافيين في ما أطلق عليها فضيحة كوبات النفط فإنهم يغرقون حتى آذانهم في مستنقع الكوبونات الطالبانية (مثل: معد فياض  الصحفي في صحيفة الشرق الأوسط السعودية وفخري كريم صاحب مؤسسة المدى الذي جعله الطالباني مستشاراً له).
يقولون أن الحياة في الإقليم الكردي باتت كالمنجم ينبغي أن يكون المرء سريعاً وحاذقاً كي يعرف كيف وأين يحفر قبل أن يكون الوقت فات. ويصير وجود العائلة في سدة السلطة ضامناً للإغتناء والإثراء ولهذا يأخذ هؤلاء على عاتقهم أمر الحرص عليها والتشييد بها وتقديم الولاء لها.
وإذا حاول أحد الإعتراض على واقع الحال ورفع الصوت بالنقد يهب الجميع للهجوم عليه وإغراقه بأبشع النعوت  راسمينه في هيئة عدو الشعب الكردي. يجد الناقد نفسه وحيدأ وتبدأ حملة من التشنيع والترهيب في حقه إلى أن يضطر إما إلى السكوت أو الرحيل أو العيش في عزلة يائسة.
وتجري المحاولات للحيلولة دون تحول الناقد، المعزول أو المسجون أو المقتول( نعم، جرى قتل العديد من الصحافيين الكرد على يد مخابرات حزب الطالباني) إلى ضحية في عيون الناس ولمنع كلمته من الإنتشار. وكثيراً ما يظن الناس أن تهديد إنسان أعزل وحيد لا يملك سوى القلم بالموت هو عمل أحمق وساذج وأن ذلك يضفي الشك على العائلة ويمنح المصداقية لأفكار القتيل. ولكن لا. إستراتيجية العائلة حاسمة ولاتقبل التردد: قتل واحد يؤدي إلى إسكات الآخرين. الخوف يقتل.
في البدء كانت الأنانية
في 25 مايو (أيار) 1975 إلتقى أربعة أفراد من قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي أسسه وتزعمه الزعيم الكردي مصطفى البرزاني، في مقهى وسط دمشق. هؤلاء هم جلال طالباني وفؤاد معصوم وعادل مراد وعبد الرزاق ميرزا، وذلك كي يتداولوا حول وضع الثورة الكردية التي توقفت بسبب الاتفاقية التي وقعت بين شاه إيران محمد رضا بهلوي وصدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية في الجزائر عام 1975 والتي أدت إلى أن يوقف شاه إيران دعمه للثورة الكردية في العراق.
بعد مداولات مطولة قرر الرفاق الأربعة تأسيس تحالف سياسي جديد بإسم الاتحاد الوطني الكردستاني. وقد تمت دعوة تنظيمات راديكالية صغيرة للإلتحاق بالتنظيم الجديد. وتحقق ذلك وانتخب جلال الطالباني بالإجماع أميناً عاماً.
لم يكن الآخرون سوى ديكور ضرور إستعان به الطالباني لتسويق نفسه كزعيم للحركة الكردية بديلاً من الزعيم التاريخي مصطفى البارزاني. وهو أراد الإنفصال عن جسم الحركة ويملك تنظيمه الخاص ليكون هو الوحيد الذي يتحكم بالمصائر والموارد ويروح يشيد إمبراطوريته العائلية الخاصة به. منذ ذلك الحين وحتى الآن وهو لم يزل الرئيس الأوحد للتنظيم العتيد، الذي لا يعدو أن يكون غطاء للسلطة الفردية والعائلية.
في أعقاب حرب تحرير الكويت وبعد النزوح الملاييني للأكراد من قراهم وبلداتهم خوفاً من هجوم القوات العراقية سأل أحد الصحافيين جلال الطالباني عن أمنيته فقال أن جل ما يصبو إليه هو أن يقوم صدام حسين بمنح الأكراد حكماً ذاتياً يشغل هو مرتبة فيه ويكون مخلصاً للحكومة المركزية فينفذ ما تطلب منه.
لم يكن يخطر في باله قط أن الولايات المتحدة سوف تقوم بشن حرب مهلكة على العراق فتدمر البلد وتقضي على السلطة وتحل الجيش وتقيم حكومة تابعة لها فيه.
حين إنتهت مدة رئاسة غازي الياور، أول رئيس للعراق في ظل الإحتلال الأميركي، حدث فراغ في الرئاسة وإحتار بول بريمر والمتعاونون معه من العراقيين في العثور على شخص يسد الفراغ. وفجأة إنتبه الجميع إلى جلال الطالباني وهو ينهض ويجلس كأن ثعباناً لدغه. إبتسم بريمر وخاطب الجمع: لقد وجدته.
هكذا صار جلال الطالباني، سهواً،  رئيساً لدولة عريقة كان حلمه أن يكون موظفاً في إقليمها الشمالي ذي الحكم الذاتي.
جلال حسام الدين الطالباني يتقن اللعب على الحبال ولايتورع عن القيام بأي شيء للوصول إلى ما يصبو إليه، ففي بداية شبابه وحين كان طالباً في المراحل الإبتدائية والمتوسطة، كان يمارس الألاعيب وينسج المؤامرات على رفاقه في المدرسة من أجل أن يكون محط أنظار المعلمين. وينقل عنه أحدهم، ممن كان معه في الصف، أنه كان يكتب ما يشبه التقارير السرية للمعلمين عن زملاءه في الصف. وكان يصب حقده  بشكل خاص على الطلاب المتفوقين.وفي مسقط رأسه في قضاء كوي سنجق أصبح ماركسياُ لا لشيء إلا لأنه كان يكره أترابه ممن كانت أحوالهم جيدة ، وبعدها انضم الى الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة ملا مصطفى البارزاني، وكانت له، في الوقت نفسه، علاقات مع الاستخبارات العراقية كما كانت له علاقات مع ابراهيم احمد سكرتير الحزب ( أصبح فما بعد والد زوجته هيرو خان) وكان الاخير ماركسيا لايحب رؤساء العشائر لانهم اقطاعيين على النقيض من مصطفى البارزاني الذي كان متنفذا ويحب رؤساء العشائر سيما وانه تزوج  حمايل بنت محمود آغا الزيباري (اخت وزير الخارجية العراقي الحالي هشيار زيباري ) ، لذا بدت في الافق بداية صراع خفي بين ملامصطفى البارزاني وانصاره المحافظين وجماعة ابراهيم احمد ومعه جلال الطالباني واخرين، ومما دعم هذا الامر ان ابراهيم احمد ومعه الطالباني كانا من منطقة السوران ، بينما البارزاني وانصاره من منطقة بهدينان ويختلف الجانبان في اللهجة والعادات والتقاليد ، لذلك انفجر الصراع الى حرب بين الجانبين ، حيث تعاون البارزاني مع المشير الركن عبدالسلام عارف ، بينما انحاز خصومه الى جانب شاه ايران وهربوا الى ايران، وكان قد سبق لابراهيم احمد والطالباني ان التقوا بالاسرائيليين في باريس عام 1963م دون علم البارزاني ، وبعد عدة تجاذبات سياسية ومحاولات لرأب الصدع بين الجانبين لم تنجح المحاولات وانشقت الحركة الكردية المسلحة الى قسمين : قسم عشائري تابع للبارزاني ، وقسم آخر إلتحق  بابراهيم احمد والطالباني اللذين فضلا التفاوض مع الحكومة المركزية، وهذا ما دعا البارزاني وانصاره الى تسمية جماعة ابراهيم احمد والطالباني ب(جاش 1966م) لانهم انضموا الى جانب الحكومة العراقية.
وبعد اتفاقية اذار عام 1970 انضم الطالباني مرة اخرى الى جانب خصمه البارزاني وغادر العراق الى مصر ولبنان وسوريا حيث كون علاقات مع بعض الأحزاب اليسارية العربية ، وبعد انهار الحركة الكردية بقيادة البارزاني عام 1970م نتيجة وقف الدعم الايراني والاسرائيلي ، اسس الطالباني الاتحاد الوطني الكردستاني ، وفي اول بيان شن حملة قاسية على القيادة العشائرية البارزانية واتهمها بالعمالة لامريكا واسرائيل وأشار إلى انها سبب نكبات الاكراد المتتالية ، بعدها جرى صراع سياسي بين حزبه والقيادة المؤقتة ( حزب البارزانيين الجديد بقيادة  سامي سنجاري ) واعتبارا من عام 1976 تحول الصراع الى قتال ومعارك شرسة خسر فيها الجانبان افضل مقاتليهم ، واستمر ذلك الصراع الى ان استطاعت المخابرات الايرانية ( الساوما ) وقف القتال وتوحيد جهود الاكراد للقتال ضد العراق في عام 1988م ، حيث تعاون حزب الطالباني مع الجيش والحرس الثوري الايراني وادخلالمخابرات الايرانية عشرات المرات الى الاراضي العراقية ولاسيما المناطق الشمالية مثل بنجوين وحلبجة الأمر الذي تسبب في حدوث الفاجعة الكبيرة هناك.

مع صدام حسين: غرام وإنتقام
بقيت العلاقة بين جلال الطالباني وصدام حسين تتأرجح بين مد وجزر فقد كان الطالباني يتقرب من الحكومة العراقية ويتحالف معها حيناً بحيث أنه يتحول إلى مايشبه الدليل الإستشاري في ما يخص الوضع الكردي ويزود الحكومة بأدق التفاصيل عن تحركات حزب البارزاني والأحزاب العراقية المعارضة الأخرى، ولكنه لا يلبث أن ينقلب فجأة ويترك بغداد ويقطع صلته بالحكومة ويتمرد ويروح إلى عواصم معادية للعراق فيمضي يصب اللعنات والشتائم على صدام حسين ويصف الحكومة العراقية بكلمات عنيفة وبشكل مفاجئ. ولهذا فقد بدا صدام حسين وكأنه فقد كل أمل في أن يستقر الطالباني على رأي وصار كلما أصدر قرارا بالإعفاء عن مجموعة من السياسيين أو السجناء همش قراره بعبارة «يستثنى من هذا القرار العميل جلال طالباني». ويعلق طالباني على ذلك قائلا «كان صدام حسين يعتبرني رجلا خطيرا جدا. مع أنه كانت توجد علاقات تاريخية بين عائلة طالباني والبيجات (البيكات) التي ينحدر منها صدام حسين. لهذا كان على صدام حسين أن يعفو عني منذ البداية لكنه كان يستثنيني من كل عفو يصدره. علما بأن علاقتي الشخصية مع صدام حسين كانت جيدة قبل تجدد القتال في كردستان. فعندما تزوجت أقام حفلة كبيرة في نادي الصيد وكذلك في جزيرة الأعراس دعا إليها عددا كبيرا من الشخصيات العراقية وأهدى لزوجتي هيرو خان سيارة. ولا أدري لماذا حقد عليّ فيما بعد كل هذا الحقد الشديد”.
ويستطرد قائلا «ربما لهذا السبب. أي إن صدام حسين كان يعتبرني رجلا خطيرا جدا. فقد جرت من قبل أجهزته الأمنية محاولات كثيرة لاغتيالي. وفي إحدى المرات ألقي القبض على شخص في دمشق عرفت أنه كان يخطط لاغتيالي مقابل مليوني دولار من الحكومة العراقية. مليون تسلمها مقدما والمليون الثانية كان سيتسلمها بعد تنفيذ الاغتيال. حتى إن نوشيروان مصطفى علق مازحا وقال: ليعطونا المليوني دولار نواصل فيها نضالنا ونحن نسلمك لهم. لأنه لم يكن عندنا أموال وقتذاك. أنا لم أحقد على صدام حسين رغم كل شيء. فبعد تحرير العراق في 2003 جاءني عز الدين المجيد. ابن عم صدام. وقال لي إن عائلة صدام حسين تعيش بصورة مزرية ووضعهم سيئ للغاية. فقلت له اذهب وأخبر السيدة ساجدة بأن تأتي مع بناتها وكل أفراد عائلتها وسأخصص لهم قصرا في منتجع دوكان وأنا أتكفل باستضافتهم وحمايتهم عملا بالآية الكريمة التي تقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى). فهم غير مسؤولين عما قام به صدام حسين. وذهب عز الدين ولم يعد. إذ وجدت عائلة صدام طريقها إلى خارج العراق».
 ويشير الطالباني إلى علاقته بصدام فيقول: التقيت مع صدام حسين في مراحل مختلفة من عمره. فهو قبل أن يأتي إلى الحكم كان يبدو شابا ذكيا ومتفهما للوضع العراقي. وكان يتحدث عن الجرائم التي حدثت عام 1963 ويدينها وينتقد المسؤولين عنها. وكان يرى أن القضية الكردية لا تحل بالسلاح وإنما بمنحهم حقوقهم. فكانت آراؤه تقدمية. ولهذا كان الكثير يعلق عليه الآمال باعتباره عنصرا يساريا وتقدميا داخل حزب البعث. ولأنه لم يكن عسكريا. فإنه كان يمكن أن يبعد العسكرتارية عن الحكم ويمنع الديكتاتورية. وعلى المستوى الخارجي كانت علاقاته جيدة مع الاتحاد السوفياتي ودعم الأحزاب اليسارية والاشتراكية في العالم. لهذا كان كشاب يبدو كنجم سياسي صاعد. تقدمي ومتمدن. يتحدث عن حقوق الأكراد. وكان قد عين في مكتبه شيوعيا سابقا وكرديا وشيعيا.
الملا مصطفى والطالباني: الفرس والجحش
يصف طالباني علاقته بالزعيم  الكردي الراحل مصطفى البارزاني قائلا: «كانت علاقتي جيدة جدا بالزعيم بارزاني. وكنت من أشد الموالين له. وكان يكن الكثير من المحبة لي. وهو الذي رشحني وباقتراح منه لأترأس الوفد الكردي المفاوض مع الحكومة العراقية. وكنت غالبا ما أمزح معه ويتقبل هذا المزاح».
غير أن الحقائق على أرض الواقع تخالف هذا الوصف.
كان جلال الطالباني وأعوانه  يتهمون المرحوم مصطفى البارزاني بالتجسس لحساب إسرائيل والصهيونية. (راجع كتاب “إرتباط القيادة البارزانية بإسرائيل وجهاز مخابراتها الموساد”، منشورات الإتحاد الوطني الكردستاني، مطبعة الشهيد جعفر عبدالواحد، تشرين الثاني، نوفمبر، 1981.هذا فضلاً عن عشرات الكراسات ومئات المقالات التي نشرها قادة الإتحاد الوطني الكردستاني التي تدين البرازاني وتوجه إليه أبشع الشتائم وترسمه في هيئة رجعي متخلف تستخدمه أميركا والشاه وإسؤائيل كمخلب قط ضد العراق).
والحال أن البرازانيين وسواهم في كردستان العراق وخارجها لم يملكوا يوماً أدنى ثقة في الطالباني وتوصلوا إلى قناعة أنه شخص عديم الإستقامة لايملك أقل قدر من االنزاهة وأنه يمكن له أن يبيع أصدقائه وحلفائه بأبخس الأثمان. وفي مقابلة مع كريس كوتشيرا وردأ على سؤال عن الفرق في التفاوض مع صدام حسين والتفاوض مع جلال الطالباني يقول مسعود البرازاني: ربما الأسهل التفاهم مع صدام لأنه يفصح عما يريده. الفرق هو أن المرء لايعرف مالذي يريده جلال الطالباني ومتى يمكن له أن يتخلى عن تعهداته. حتى الآن وقعت ثلاث إتفاقيات مع جلال الطالباني وفي كل مرة كان يخرق الإتفاقيات قبل أن يجف الحبر الذي كتبت بها.(مجلة ذي ميدل إيست، العدد 250/ نوفمبر 1995، ص 5ـ6).
بعد نجاح الثورة الإيرانية أرسل جلال الطالباني رسالة إلى رئيس الوزراء مهدي بازركان في تموز 1979 طلب فيها إليهم أن يقوم بتسليم القادة البارزانيين إلى السلطات العراقية. وجاء في الرسالة: لا نعرف كيف يمكن إفساح المجال لعملاء أميركا وإسرائيل في أن يتحركوا بحرية في إيران وأن يتلقوا الحماية والمساعدة منكم. في الحقيقة إن تقديم المساعدة لهؤلاء هو عمل ضد الثورة الإسلامية ومكتسباتها وضد الشعب العراقي. نرجو ألا تعطوا المجال لهؤلاء فتخسروا صداقتكم مع الشعب العراقي من العرب والأكراد في ثورتهم ضد الحكم الفاشي في بغداد.
وقد نشرت الرسالة في صحيفة أيندكان في يوم الأحد 7 مرداد 1358 الموافق 92 تموز، يوليو، 1979.
ولم يقتصر التحريض ضد الحزب الديمقراطي بل شمل الأحزلب الأخرى.
في 17 أيار 1983 أرسل جلال الطالباني رسالة إلى حسن النقيب الذي كان موجوداً في دمشق يحرضه فيها ضد الأحزاب الكردية. وجاء في الرسالة مايلي: إن جماعة الباسوك المتفرعة أصلاً من منظة الكازيك العنصرية المعادية للعرب تشتم في نشراتها الخاصة السيد الرئيس حافظ الأسد الذي يقف اليوم في قمة الصمود العربي ويقود معركة الأمة العربية ضد الإستعمار والصهيونية وتزعم أن خطره أكبر من صدام على الأمة الكردية. وردت هذه الشتائم والأباطيل في رسائل  آزاد مصطفي ( الذي تصفونه في رسالتكم بالأخ الكريم والمناضل الصادق آزاد المحترم). الرسائل موجودة لدي وإنني مستعد لإرسال صور فوتوغرافية لرسائل آزاد التي يشتم فيها الرفيق الأسد والقوى التقدمية العربية والجيش السوري البطل. كما أن جماعة رسول مامند وجماعة باسوك تخططان مع أولاد البارزاني والحزب الشيوعي للإنفراد بعيداُ عن القوى التقدمية العربية والكردية ويصفون الجميع بما فيه شخصكم الكريم  ب”مرتزقة سوريا”. لذلك أرى من المفيد أن أخبركم بأن التعاون مع أعداء سوريا الصامدة ومع أعداء الرئيس الرفيق حافظ الأسد لايليق بكم ولا بأي عراقي يحضر نفسه ضد الفاشية. إنني مستعد لإرسال صور من الوثائق والرسائل لكم أو إستقبال مندوبكم الشخصي للإطلاع على هذه الوثائق والرسائل.

أخوكم جلال الطالباني.
في عام 1995 خاض جلال الطالباني حرباً مدمرة ضد أهالي كردستان بدعوى محاربة الحزب الديمقراطي الكردستاني. وقد مارس أتباعه النهب والسلب في أربيل وتزعم الحملة على أربيل كوسرت رسول بإشراف شخصي من جلال الطالباني الذي أمر بقتل جميع الاسرى من الحزب الديقراطي وطلب من أنصاره الإستيلاء على كل محتويات السوبرماركات وعلى السيارات التابعة للحزب ووزع كل شيء على أتباعه. وقام الإتحاد الوطني بالإستيلاء على ودائع مصرف الإقليم في أربيل والبالغة 15 مليار دولار ووزع كوسرت الأراضي التابع لسلطات الإقليم على أعضاء الإتحاد الوطني. وقد تم منح  الشاعر شيركو بيكس، المنضوي في صفوف الإتحاد، قصراً فاخراً وسيارة رباعية الدفع وعين له خادم  وذلك لدفاعه عن الإتحاد ونشره قصائد تشتم عائلة البارزاني وتتهمها بالخيانة التاريخية. وجرى حرق مقرات الصحف والمجلات التابعة للحزب الديمقراطي مثل التآخي وكولان ونهبت محتوياتها كما نهبت المكتبات الخاصة التابعة لبعض قادة الحزب ( مثل ما جرى لمكتبة نزاد سورمي مثلاً). ليس ثمة رادع أخلاقي أو إيديولوجي أمام قادة الإتحاد الوطني. وفضلاً عن الإنتهازية والنفاق والقسوة إزاء الأحزاب الأخرى فإن مناخاً من التكاذب والوشاية وعدم الإحترام ما برح يسود صفوف أعضاءه في علاقاتهم بعضهم ببعض. ولقد خلق جلال الطالباني فضاء يستصغر فيه الآخرون وتضمحل شخصياتهم أمامه فيلجأون إلى الكذب والإنتهازية والوشايات. إنه هو الكل بالكل. الآخرون مجرد هياكل فارغة تنفذ ما يطلب منها وتقبض رواتبها الدسمة وحسب. إنهم ديكورات ملونة متملقة متزلفة جبانة تماماً مثل البطانة الني كانت تحيط بصدام حسين. مايهمهم هو المال والجاه والسيارات والرفاه أما ماعدا ذلك فالأسرة الطالبانية الحاكمة تتولى أمره.
لقد قام عضو المكتب السياسي في الإتحاد الوطني الكردستاني فريدون عبدالقادر بزيارة إلى  نيجيرفان البارزاني كي يطلب منه كتاباً لتسهيل مهمته في نقل آلات البلدوزر، التي كان الإتحاد إستولى عليها بعد إنسحاب القوات العراقية من كردستان، إلى إيران لبيعها هناك. في المقابلة أخذ يمدح البرازانيين وينتقد جلال الطالباني قائلاً إن سياسته زئبقية وحمقاء فيما يتصرف مسعود البارزاني بعقلانية وتحكم. وحين سمع أعضاء المكتب السياسي في الإتحاد هذا القول أخذوا يرددون أن فريدن هو المسؤول عن الإعتداء على الحزب الديمقراطي وأنه يمارس تحريضاً شديداً ضد البرازانيين وأنه يتحمل القسط الأكبر من الإقتتال بين الحزبين. وحين عاد فريدون في اليوم التالي لإنهاء المعاملات أخبروه بما قالوا عنه فسأل عمن قال ذلك وقيل له أن سعدي بيره، عضو المكتب السياسي في الإتحاد، فعل ذلك فقال أمام الصحافيين: سعدي كاذب. إنه مجرد ذيل لكوسرت رسول وليس له أي إعتبار في الإتحاد الوطني  وهو لايستحق أكثر من بصقة في وجهه.
وبعد تحرير أربيل من أيدي الإتحاد الوطني الوطني كتب سامي شورش مقالاً  بعنوان: أربيل، قلعة البارزانيين، قال فيها: هناك من لا يتعلم من التاريخ ويكرر الجرائم التي تنبع من خصالهم البشعة في الجحود ونكران الجميل وعدم الوفاء. وإذا أعادوا محاولتهم للإعتداء على أربيل مرة أخرى فإن الناس سوف يستقبلونهم ببصقة كبيرة في وجوههم. إن أربيل هي قلعة البارزانيين، وملكهم، ودعامتهم. ( نشرة ليستي ديموقراطي، 27ـ1ـ 2005).
وكان شورش ناطقاً بإسم الإتحاد الوطني الكردستاني قبل أن ينشق ويلتحق بالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني.
 وقال فؤاد معصوم، وكان رئيساً لحكومة الإقليم عنما إندلع القتال بين الحزبين، أن “مسعود البارزاني كان جمع أفراد أسرته وأهله ومحازبيه وأقاربه وذلك إستعداداً للهرب إلى تركيا بعد أن تمكنت ميليشيلت الإتحاد الوطني من الإستيلاء على معظم المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطي وأخذت تحاصر منتجع سري رش حيث كان يتحصن البارزاني والمقربين منه. إلا أن نجدة صدام حسين له أنقذته من هلاك محتم”.

الشيء ونقيضه
في نيسان 1980 كتب جلال الطالباني رسالة عبر الصحافة إلى آية الله الخميني، وكان حرس الثورة الإيراني آنذاك يحرق القرى الكردية في كردستان إيران، وصف فيها الخميني بأنه “حامل مشعل الإنسانية” ووصف ثورة الخميني بأنها “حركة في سبيل المستضعفين ضد المتآمرين الأميركيين والصهاينة”. وكتب بأن ” أحرار العراق كلهم هم أتباع للثورة الإسلامية للقضاء على نظام صدام التكريتي عميل أميركا”. (صحيفة بامداد الإيرانية الصادرة يوم 3ـ4ـ 1980).
وفي 16 آب، أغسطس، 1984 نشرت مجلة “الطليعة العربية” مقابلة مع الطالباني قال فيها عن نظام الخميني مايلي: إنه بمختصر الكلمة نظام متخلف وتوسعي وطائفي. إنهم يبتغون غزو العراق والهيمنة عليه وهذا ما لا نوافق عليه أبداً”. وفي عام 1988 قامت ميليشياته بإرشاد القوات الإيرانية لدخول حلبجة وسواها من المدن الكردية العراقية وذلك للضغط على الحكومة العراقية.
وفي آذار 1988 قال لجريدة الموند الفرنسية ما يلي: “صدام مجرم حرب ونحن لن نتفاوض معه أبداً”. وحين زار بغداد عام 1992 وقبل وجنتي صدام حسين قال في مقابلة صحفية:” وجدنا سيادته متفهماً للأوضاع وحريصاً على الأخوة العربية الكردية. وكنا على قناعة بأننا إن لم نتفق مع صدام حسين فلن نتفق مع أية حكومة عراقية أخرى”.
وحين سافر فيما بعد إلى تركيا قال ما يلي: “لو كانت الديمقراطية الموجودة في تركيا قائمة في العراق أيضاً لإستغنينا عن المطالبة بالحكم الذاتي في العراق”. غير أنه سافر بعد ثلاثة أشهر إلى سوريا (وكان الخلاف السوري التركي في أوجه) فإجتمع مع عبدالحليم خدام، وكان صديقه الشخصي، وقال:” الأكراد في تركيا وإيران محرومون من حقوقهم ولكنهم يتمتعون بحق المواطنة الكاملة في سوريا وذلك بفضل الحركة التصحيحية”،(الحياة 19ـ2ـ1993).
وعلى أثر ذلك كتب الصحافي في جريدة الحياة جوزيف سماحة تعليقاً بعنوان “طالباني، لكل مقام مقال” قال فيه: “يمثل الزعيم الكردي جلال الطالباني الوجه الرديء للعمل السياسي. ولا شك أنه يعتبر نفسه شاطراً إلى حد أنه يسمح لنفسه بقول أي كلام وبالإقدام على الخطوة ونقيضها”( الحياة، 20ـ2ـ1993).
وقد هب السيد سامي شورش للدفاع عن سيده الطالباني فتهجم على سماحة ونعته بالشوفينية والحقد (وقد حدث ذلك حين كان سامي يعمل مندوباً للإتحاد الوطني في لندن ويصدر نشرة يهاجم فيها البارزانيين ويتهمهم بالخيانة القومية قبل أن ينشق لأسباب مادية بحتة ويغادر إلى صفوف حزب البارزاني ويصب جام غضبه على الطالباني).
وكتب الناشط السياسي  صلاح بدر الدين مقالة عن الطالباني بعنوان “رسالة إلى غراب قلاجوالان” قال فيها: لقد ألحقت المزيد من الإساءة والأذى إلى سمعة الكرد لدى الرأي العام العربي. فأنت تبدي للبعض من العرب حلاوة اللسان ثم تمعن أنت وأفراد حاشيتك في المضي في نسج العلاقات السرية مع الأجهزة الإسرائيلية على حساب التآخي العربي الكردي. أنا يشرفني أن أشارك في الذكرى الواحدة والخمسين لأهم وأعظم حركة كردية في العصر الحديث بناها ورعاها أبو الكرد الخالد مصطفى البرازاني وأقولها وأكرر أن كلمة السيد مسعود البرازاني ذات مضمون سياسي عميق وتصلح كوثيقة كردية تاريخية ومرجع من مراجع النظرية القومية الكردية أما أنت أيها الغراب البشع فقد أصبحت مع مجموعة من المرتزقة قتلة ومجرمين وهناك مئات الجرائم في رقابكم ووصلت سجلاتكم الدموية إلى بعض الدول الأوربية. ويهمني أن أكشف عن ألاعيبك وألقنك درساً في أدب التعامل مع الآخرين. هناك حقيقة يعرفها كل القادة الكرد وهي أن أول من نسج علاقات مشبوهة مع الموساد هو أنت وأستاذك إبراهيم أحمد وقمت دوماً بدور الدليل للجيوش الأجنبية المعادية لسيادة الوطن. أما لماذا أطلقت عليك تسمية الغراب فلسببين: السبب الأول لأن الغراب في المنظور الشعبي الكردي جالب شؤم وأنت جلبت الشؤم للأكراد ولكردستان العراق والسبب الثاني لأن الغراب لا يمشي بشكل طبيعي مثل سائر الطيور بل ينط على شكل قفزات غير محسوبة تؤدي إلى إختلال التوازن.( مجلة الإتحاد، العدد 24، تشرين الأول 1997).
كيف يصار إلى تحقيق مهمّة بالغة الحداثة، كمثل التمهيد لإنشاء وطن ودولة، بأدوات وقيادات وأنماط عمل بالغة القدامة؟
لقد نهضت “دولة” كردستان وسط مجتمع تقليدي وساهم النفط بعائداته الهائلة في تحويل العائلة إلى دولة أسطورية لا حد لسطوتها ونفوذها حيث تهيمن على كل مفاصل المجتمع من الإعلام والصحافة والمدرسة والجامعة وصولاً إلى الجيش والشرطة والأمن والمخابرات. وكما في حالة الدولة المركزية العراقية في ظل سلطة صدام حسين وحزب البعث فإن الميل قوي للتحول إلى قيام سلطة شمولية تشكل العائلة نواتها والإيديولوجيا القومية غطاءها. إن الطريق معبد إلى دولة القرابة  والحزب الواحد (في حالة كردستان الحزبين الواحدين، في السليمانية وإربيل) حيث تبقى الأحزاب والتنظيمات الصغيرة الأخرى مجرد واجهة للديكور والدعاية الخارجية.
هناك تنافض بنيوي بين فكرة الدولة بوصفها فضاء مفتوحاً لكل عناصر المجتمع وبين العائلة المنغلقة والمكتفية ذاتيا. في هذا الكتاب أحاول، من خلال معطيات ملموسة إلقاء الضوء على السلوك الجهنمي لعائلة الطالباني وحاشيته سعياً وراء غاية واحدة ووحيدة: البقاء في السلطة والقبض على الثروة، بأي ثمن لإرواء جشع “رئيس” لايرتوي، صار حاكماً لبلاد الرافدين بإشارة ساهية من الحاكم الأميركي بول بريمر. 
(من مقدمة كتاب سيصدر قريباً).

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب