26 ديسمبر، 2024 8:33 م

الدية العشائرية ترعب أطباء العراق وضحيتها “شذى” القابعة بسجن السماوة

الدية العشائرية ترعب أطباء العراق وضحيتها “شذى” القابعة بسجن السماوة

كتب عمار كريم من بغداد: يمتنع اطباء في مدينة السماوة العراقية عن اجراء عمليات جراحية خوفا من ان يلقوا مصير زميلتهم شذى الشطب التي سجنت بسبب عرف عشائري على خلفية قضية امراة توفيت بعد عام من خضوعها لعملية جراحية طارئة.
وارعبت قضية الحكم على الطبيبة الاخصائية والدية العشائرية التي ارغمت على دفعها لعائلة المتوفية الاطباء العاملين في السماوة، كبرى مدن محافظة المثنى الجنوبية، ودفعتهم الى طلب نقلهم من هناك فيما يمتنع اخرون عن اجراء العمليات.
وترك ثلاثة اطباء جراحين المدينة فيما يرفض الكثير منهم اجراء عمليات جراحية، بحسب ما تؤكد مصادر مسؤولة في المدينة خاصة بعد ان قضت محكمة في السماوة في نيسان/ابريل الماضي على شذى (50 عاما) بالسجن سنة ونصف السنة اثر وفاة مريضة اجرت لها عملية قيصرية قبل عام. لكن المراة توفيت اثناء عملية قيصرية ثانية على يد طبيب اخر، قال انه عثر على قطعة شاش في بطن المريضة، الامر الذي اعتمدته المحكمة دليلا للادانة.
وتقول شذى من سجنها وهي تجهش بالبكاء “تعرضت للظلم والسجن وهدر الكرامة حكموا علي دون دليل”.
وارغمت الطبيبة على دفع 45 مليون دينار (40 الف دولار) دية لزوج المتوفية. وشجع التعويض الذي حصل عليه الزوج من خلال “الفصل العشائري”، اي العرف، مرضى اخرين خضعوا لعمليات سابقة ولا يزالون يعانون من اعراض على رفع شكاوى ضد الاطباء وملاحقتهم عشائريا، بحسب طبيب رفض الكشف عن اسمه.
وتقول شذى التي نالت شهادتها في الطب والجراحة عام 1985 “لا اصدق ما حدث معي، لا امانع سجني لو ارتكبت خطأ لكنني بريئة”، مشيرة بمرارة الى “اهالي السماوة الذين خدمتهم منذ عام 1994لكنهم ردوا الجميل بصورة تاجر موت”.
ويذكر ان رئيس الوزراء نوري المالكي اصدر عفوا خاصا عن الطبيبة، الا ان هذا العفو يجب ان يحصل على موافقة رئاسة الجمهورية ووزارة العدل قبل ان ياخذ مجراه، ما قد يستغرق وقتا. واقر المتحدث باسم وزارة الصحة زياد طارق ب”قسوة الحكم” على الطبيبة، لكنه اكد ان الوزارة “جهة تنفيذية وترضخ لقرارات القضاء” مضيفا “لا يحق لنا نقض او مناقشة قرارته”.
واضاف في تصريح لفرانس برس ان “الطبيب يقاضى وفقا لقانون العقوبات العراقي، وحتى اليوم لا يوجد في القانون مفردة الخطا الطبي، كما في انحاء العالم”، داعيا الى تسريع اصدار قانون مزاولة المهنة.
وتروي شذى ان “المتوفية كانت تعاني من وجود كيس على المبيض واوضحت لها الامر ونصحتها بعدم الحمل مرة اخرى لخطورة ذلك، وبعد ستة اشهر فوجئت بمجيئها وهي حامل تعاني من الم في البطن اظهرت صور الاشعة وجود الكيس الجنيني”.
وتضيف ان “الجراح الذي عاين المتوفية قبل احالتها الى المستشفى اكد الاشتباه بانسداد في الامعاء وهي حالة طارئة تستوجب التدخل السريع وقال بعد ستة ايام من تركها في المستشفى انه عثر على قطعة شاش في بطنها تعود لاخر عملية قيصرية”.
وتقول الطبيبة “لكنه لم يحتفظ به، ورماه في المهملات دون فحص او تدقيق”.
وبعد اسبوع من بقائها في المستشفى، غادرت وادعى الجراح ان حالتها تحسنت، لكن بعد عشرة ايام وصل نبأ وفاتها، بحسب الطبيبة. وتوضح شذى “ابلغني القاضي بوجوب دفع الفصل العشائري وانهاء المسألة لكنني لم ادفع لعدم وجود ادلة، هناك فقط شهادة الجراح غير المدعومة بدليل لكن القاضي اعتمدها”.
وتؤكد انها من اجل الحصول على حريتها وافقت على دفع ثلاثين مليونا تعويضا بالتساوي عن الام والجنين “لكن الزوج رفض التوقيع الا بعد حصوله على 15 مليونا اخرى ابتزازا امام اعين القضاة والمسؤولين وبعد التنازل، فوجئت بصدور الحكم من محكمة الاستئناف”.
ويقول الجراح زكريا زهير ان “كل شخص لا بد وان يتعرض الى اخطاء غير مقصودة لكن آلية المحاسبة في قضية شذى غير صحيحة، اذ تمثلت بتنظيم مجلس تحقيقي بسبب وفاة المريضة، الا انه افتقر الى ممثل عن نقابة الاطباء كعضو اساس في المجلس”.
ويضيف “كان الاجدر بالطبيب الذي قال انه عثر على قطعة صغيرة في احشاء المريضة، ان يحتفظ بالقطعة ويرسلها الى التحليل النسيجي، وسؤال عدد من الاطباء لملاحظة الحالة وتثبيتها في محضر اجتماع، لكنه اكتفى برمي القطعة في سلة المهملات”. وتابع ان “قرار القضاء دفع بالاطباء الى طلب النقل من المحافظة وامتناعهم من اجراء عمليات وشجع ضعاف النفوس على المطالبة بالفصل العشائري”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة