خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
سياسة “دونالد ترمب” في الشرق الأوسط ضد “إيران”؛ لا سيّما خلال زيارته الأخيرة إلى “المملكة العربية السعودية”، هي انعكاس للمساعي والجهود المنَّظمة الرامية إلى تغييّر توازن القوة في المنقطة. بحسب ما استهلت “فاطمة خادم الشيرازي”؛ مقالها التحليلي المنشور على موقع “المركز الدولي لدراسات السلام” الإيراني.
ويستخدم “ترمب” أدوات من مثل الضغوط الاقتصادية، والحرب النفسية، وإهانة “إيران” بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، للوصول إلى أهدافه بشأن احتواء القوة الإقليمية الإيرانية.
حرب “ترمب” ضد إيران..
وهذه السياسة تشَّبه إلى حدٍ كبير استراتيجية “ضغوط الحد الأقصى”؛ التي بدأت مع وصوله إلى الرئاسة الأميركية في الدورة الأولى. والانسحاب من “الاتفاق النووي”، وإعادة العقوبات ضد “إيران”، دفع “ترمب” إلى تصور أن “واشنطن” سوف تتمكن بالنهاية من إجبار “إيران” على قبول مطالبها عبر الضغوط الاقتصادية.
واستخدم المنابر الدبلوماسية مثلما حدث في زيارة “الرياض”، والأدوات النفسية كالإعلام، في تضخيم المشاكل الإيرانية الداخلية، وتسّليط الضوء على الضعف الإداري، والاستياء الشعبي لخلق فجوة بين الشعب والحكومة. وهذا يثبَّت أن فكرته عن المجتمع الإيراني، لا تقوم على معرفة كافية بانسجام الإيرانيين.
وسّعى “ترمب” عبر تضخيم المشكلات الداخلية الإيرانية، إلى إلقاء مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الصعبة على عاتق الحكومة الإيرانية بشكلٍ مباشر، والحرص في الوقت نفسه، على طرح خياراته الدبلوماسية باعبتارها الحل الوحيد المتاح للحد من الضغوط.
وهذا شكل من أشكال الحرب الناعمة تهدف إلى تأكيد أن الاستسلام والرضوخ أمام “الولايات المتحدة” مقترن برفاهية الشعب الإيراني.
التجربة الإيرانية..
لكن التجربة الإيرانية في مواجهة السياسات العدائية الأجنبية، أثبتت أن التهديدات الخارجية إنما تقوي لحمة الاتحاد الوطني.
ورُغم العقوبات والضغوط تمكنت “إيران” من المحافظة على مكانتها الاستراتيجية في المنطقة، والحيلولة دون الانهيار الاقتصادي. وهذا الواقع أثبت أن سياسة “ترمب”؛ المعروفة باسم: “ضغوط الحد الأقصى”، في فترته الرئاسية الأولى، فشلت في تركيع “إيران”.
وأدرك الشعب الإيراني أن سياساته إنما تهدف إلى اضعاف “إيران” وتقوية حلفائها الإقليميين، لا مساعدة الشعب الإيراني. وهذا الوعى أدى إلى فشل مساعي “ترمب” الرامية إلى خلق فجوة داخلية.
وقد سعى بوعى بقدرة “إيران” العسكرية والإقليمية، إلى تشويه هذه الحقيقة وإجبار “إيران”؛ عبر العقوبات والحرب النفسية، على الاستسلام.
إلا أن “إيران” أثبتت امتلاك “إيران” القدرات اللازمة للتعامل مع الضغوط. من ثم فقد أدت سياسات “ترمب” إلى تقوية التناغم الداخلي الإيراني.
سياسة “ترمب” بالمنطقة..
وتُمثّل سياسات “ترمب”؛ في فترة رئاسته الثانية، تجاه الشرق الأوسط، مزيجًا من الأهداف الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، والتي صُممت لتقوية حلفاء “الولايات المتحدة” في المنطقة، وإضعاف “إيران”، ومواجهة نفوذ المنافسين الآخرين مثل: “روسيا والصين”.
وقد ساعدت صفقات السلاح السعودية الضخمة، “ترمب”، على تعزيز المصالح الاقتصادية الداخلية لـ”الولايات المتحدة” من جهة، وتوطيد علاقته مع “السعودية”، التي تُعدّ أحد أبرز حلفائه في المنطقة، من ناحية أخرى. كما ساعدت “السعودية” على أداء دور رادع ضد “إيران”.
الاتفاقيات الإبراهيمية..
ويُعتبّر “الاتفاق الإبراهيمي”، وتطبيع علاقات “إسرائيل” وبعض الدول العربية مثل: “الإمارات والبحرين”، أحد أبرز إنجازات إدارة “ترمب” في الشرق الأوسط، والتي تسّعى إلى ضم “السعودية” إلى هذا الاتفاق أيضًا، بشكلٍ قد يُسهم في تشكيل تحالف أوسع ضد “إيران” وإضعاف مكانتها في المنطقة، كما يتُيح للكيان الإسرائيلي فرصة تعزيز علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية مع العالم العربي، والعمل جنبًا إلى جنب مع “الولايات المتحدة” وحلفائها لفرض نظام إقليمي جديد يقوم على التجارة والتعاون الاقتصادي بدلًا من التوتر والصراع.
في “سورية”..
ختامًا، تتمحور أنشطة “ترمب” في الشرق الأوسط؛ حول تعزيز مكانة “الولايات المتحدة” وحلفائها في المنطقة، وزعزعة استقرار المنافسين الرئيسيين.
ومع ذلك؛ تواجه هذه السياسات تحديات متعدَّدة، بما في ذلك العلاقة المعقدة مع “تركيا” حول “سورية” والأكراد، والرد المحتمل من “إيران” عبر جماعات المقاومة في المنطقة، فضلًا عن ضغوط “إيران وروسيا” للحفاظ على نفوذهما في “سورية”، وهو ما قد يُعقّد سياسات “ترمب” الإقليمية.
بشكلٍ عام، يعتمد نجاح سياسات “ترمب” في الشرق الأوسط بشكلٍ كبير على دعم الدول العربية والحفاظ على التحالفات الاستراتيجية، لكن هذه السياسات قد تؤدي إلى تأجيج فوضى جديد في المنطقة.