خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
تُمثل الجلسة الافتتاحية لاجتماعات؛ “آسيا الوسطى مع مجلس التعاون الخليجي”، في “المملكة العربية السعودية”، منعطفٍ هام في تقوية التعاون بين دول “مجلس التعاون الخليجي” و”آسيا الوسطى”؛ بحسّب ما استهل “معصومة محمدي”، باحث العلاقات الدولية، تقريره التحليلي المنشور على موقع المركز (الدولي لدراسات السلام) الإيراني.
ومن البديهي عقب جلسة “جدة”؛ أن ينطوي ممر “الخليج-آسيا الوسطى” على إمكانيات عظيمة للتطور سواءً من المنظور السياسي أو الاقتصادي، وقد يُمهد لارتفاع مسّتويات الاستقرار، والرفاه، والتعاون في تلك المنطقة القابلة للتوحد.
وقد بدأت “السعودية”؛ هذا الاجتماع، بهدف توطيد العلاقات التجارية، والاقتصادية، والثقافية، والإنسانية، بالتوازي مع تسّهيل المشاريع الاستثمارية. وتُمثل هذه الجلسة (انطلاقًا من استثمارات دول الخليج في المنطقة)؛ بيئة تهدف إلى تقوية المشاركات والاتفاق على آلية واحدة من شأنها تدعيم الوجود والنفوذ الإقليمي رُغم الفجوة الجغرافية والتحديات القائمة.
كيفية تجاوز العقبات..
ومن بين تعقيدات الآفاق العالمية، يُهييء هذا المّمر فرصة تاريخية للقوى الإقليمية للقيام بدورها في تحديد مصيرها. وأن على “مجلس التعاون الخليجي” ودول “آسيا الوسطى” تأسيس مجلس دولي جديد للوصول إلى استراتيجية شاملة.
وقبل عام؛ استضافت “الرياض” أولى جلسات وزراء “مجلس التعاون لدول الخليج” و”آسيا الوسطى”، بحضور وزراء خارجية: “السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وعُمان، وقطر، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاغيكستان، وأوزبكستان، وتُركمانستان”؛ حيث شدّد المشاركون على توطيد التعاون في المجالات المختلفة من مثل استعادة سّلاسل التوريد المُعّطلة بسبب الوباء، وتقوية الأمن الغذاء والطاقة والمياه، والتوسّع في الطاقة الخضراء، والتعامل مع التحديات البيئية، وتبادل أفضل الوسائل، والاتفاق على آليات تجارية واستثمارية.
استثمارات دول الخليج في “آسيا الوسطى”..
تستثمر دول الخليج بشكلٍ فعال في المنطقة؛ وتحرص على تقوية المشاركات الاقتصادية. ومما لا شك فيه أن حجر الأساس في تطوير هذا المّمر يسّتلزم القيام باستثمارات هائلة في البُنية التحتية وتهيئة إمكانية نقل الأفراد، والسّلع، والخدمات، والأفكار.
وهذه الاستثمارات سوف تبعث على النمو الاقتصادي؛ ومن ثم المزيد من الرفاهية للشعوب في هذه المناطق. وتتوفر عدة فرص للاستثمار في القطاعات الحيوية بمنطقة “آسيا الوسطى”، منها على سبيل المثال العلاقات البناءة بين “قرغيزستان” و”المملكة العربية السعودية”.
وكذلك اتفاقية الاستثمار بين “أوزبكستان” و”السعودية” بقيمة: 14 مليار دولار. وزيادة الاستثمارات الإماراتية في “أوزبكستان”؛ لا سيما في قطاع الطاقة. بالإضافة إلى الاستثمارات القطرية الكبيرة؛ ومنها على سبيل المثال المسّاعدة بمبلغ: 100 مليون دولار لبناء أكبر مسجد في “طاغيكستان”.
ظهور شكل جديد..
هذا القالب الجديد يوحي بتشكيل تجمع جيوسياسي جديد للمشاريع الكبرى بالمنطقة؛ والتي تُلفت انتباه الأطراف الخارجية مثل: “روسيا، والولايات المتحدة، والصين، والاتحاد الأوروبي، وإيران، وتركيا”.
ويسّعى “مجلس التعاون الخليجي”؛ باعتباره لاعب خارجي، إلى تبني رؤية موحدة حيال دول “آسيا الوسطى”.
ومن المنظور التاريخي؛ تعمل دول الخليج بشكلٍ مستقل في المشاريع التجارية، لكن هذه الجلسة تُمثل فرصة لتطويد وجود دول الخليج في “آسيا الوسطى” عن طريق آلية واحدة.
الخلاصة..
تُقدم دول “الخليج-آسيا الوسطى”، رؤية مركزة وبراغماتية، على عكس المفهوم الغامض والأقل جاذبية. وهذا الأمر يسّتلزم التحفيز على التعاون بين المناطق من منطق الثقافة المشتركة، على نحو يجعلها قدرة على تجاوز التحديات العالمية بمرونة ونمو لصالح شعوبها.
وجلسة “مجلس التعاون الخليجي” مع “آسيا الوسطى” قد تتمخض عن تأثيرات هامة في المنطقة. وقد تُفضي إلى تقوية التعاون الاقتصادي، والأمني، والسياسي بين هذه المناطق.
وكذلك الحد من التوتر، ورفع مستويات التبادل التجاري والثقافي بين المنطقتين. صحيح أن النتائج النهائية والواقعية لتلك الجلسة ترتبط بالقرارات والتعاملات الدقيقة بين هذه الدول، لكن قد تؤدي هذه الجلسة إلى التوقيع على اتفاقيات جديدة في المجالات المختلفة كالاقتصاد، والطاقة، والتجارة، والنقل، وتبادل التكنولوجيا.
كذلك قد تُسّاعد التعاملات السياسية والدبلوماسية بين الدول الأعضاء في التخلص من بعض المشكلات الإقليمية مثل التوتر والصراعات.
هذا بخلاف دور هذه الجلسة في تقوية التعاون الإقليمي وتعديل المنافسات. كما يمكن أن تُهييء هذه الجلسة فرصة تحسّين العلاقات بين الدول المختلفة عبر تبادل وجهات النظر ومن ثم القضاء على المشكلات والصراعات.
بشكلٍ عام فإن تداعيات وتأثيرات هذه الجلسة، رهن بالعديد من العوامل مثل إرادة الدول المشاركة، والأوضاع الدولية، والاتفاقيات الدقيقة، والقرارات النهائية.