خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
لعبت “كوريا الجنوبية”، في العقود الأخيرة، دورًا مهمًا في التفاعلات الدولية كواحدة من القوى الاقتصادية والتكنولوجية العالمية. وكان الخليج والدول العربية أعضاء “مجلس التعاون الخليجي”، من بين المناطق الاستراتيجية التي أولتها “كوريا الجنوبية” عناية خاصة؛ حيث أصبحت هذه الدول شريكًا أساسيًا لـ”كوريا الجنوبية”، بسبب مواردها الهائلة من الطاقة، وموقعها الجيوسياسي، وخططها التنموية الطموحة. بحسب تحليل “فاطمة خادم الشيرازي”؛ المدرس الجامعي، المنشور على موقع المركز (الدولي لدراسات السلام) الإيراني.
تتناول هذه المقالة؛ نهج “كوريا الجنوبية” تجاه الدول العربية في “الخليج العربي”، مع التركيز على التعاون الاقتصادي والأمني والاستراتيجي، كما تُحلل تأثير الأزمات الداخلية في “كوريا الجنوبية” والمنافسة مع القوى الآسيوية الأخرى.
التعاون الدبلوماسي..
تعززت علاقات “كوريا الجنوبية” الدبلوماسية مع الدول العربية الخليجية؛ خلال السنوات الأخيرة. وتتطلع “سيول” إلى تعزيز حضورها في المنظمات الدولية والإقليمية، وبالتالي تعمل على جذب دعم الدول العربية لتحقيق هذه الهدف، كما تتعاون مع دول الخليج في مجال أمن الطاقة واستقرار المنطقة.
الدبلوماسية الأمنية والعسكرية..
الأمن الاقتصادي؛ ومرونة سلسلة التوريد، وأمن الطاقة، والأمن المعدني الحيوي، هي سمات مشتركة تقريبًا في كل التفاعلات الدبلوماسية الكورية، والتي انعكست في البيانات المشتركة لسلسلة الزيارات رفيعة المستوى العام الماضي إلى الشرق الأوسط.
ووقّعت “كوريا الجنوبية” في نهاية العام 2023م، اتفاقية تجارة حرة مع “مجلس التعاون الخليجي”، واتفاقية شراكة اقتصادية أوثق مع “الإمارات”، مما يعكس تركيزًا أكبر على أمن الطاقة ومرونة سلسلة التوريد.
وخلال السنوات الأخيرة، ازداد اعتماد “كوريا الجنوبية” على الطاقة من دول “مجلس التعاون الخليجي” بسبب تعليق واردات “النفط الإيراني”؛ تحت العقوبات والتحول العالمي نحو إزالة الكربون.
هذا الاعتماد المتزايد دفع “كوريا الجنوبية” إلى اتخاذ إجراءات عسكرية مستقلة، مثل نشر قوات في “أبوظبي” وتوطين قوات عسكرية في “مضيق هرمز”، لحماية شركاتها في الشرق الأوسط وضمان تدفق مستدام لموارد الطاقة من الخليج.
وقد أظهرت “كوريا الجنوبية”؛ لدول “مجلس التعاون الخليجي”، بوجودها العسكري في الخليج، أنها يمكن أن تكون شريكًا أمنيًا فاعلًا. وقد عزّز هذا التعاون الدفاعي الثقة بين “كوريا الجنوبية” ودول المجلس، مما سيدعم بدوره المبادرات الاقتصادية للحكومة الكورية. وستكون هذه الثقة عاملًا حاسمًا في تمكين الشركات الكورية من ضمان المشاريع التجارية المستقبلية في المنطقة.
وقد شهد هذا الاتجاه في علاقات “كوريا الجنوبية” مع “مجلس التعاون الخليجي”، زيادة في مستويات المشاركة العسكرية الكورية في المنطقة.
ومع استمرار “كوريا الجنوبية” في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول “مجلس التعاون”، فقد أصبح الدعم الحكومي لضمان عمل الشركات الكورية بأمان في منطقة الخليج بالغ الأهمية.
وتسعى “كوريا الجنوبية”، بخلاف التعاون العسكري، إلى تعزيز وجودها في أسواق الدفاع المربحة بالخليج؛ حيث تلعب صناعة الدفاع الكورية، التي تُعتبر صناعة استراتيجية وطنية، دورًا محوريًا في الأمن الوطني والنمو الاقتصادي.
وفي العام 2022م، وقّعت شركة كورية عقدًا بقيمة (3.32) مليار دولار مع “الإمارات” لتصدير نظام صواريخ “أرض-جو”؛ طراز Cheongung-II (SAM).
وأوضح وزير الدفاع الكوري قيمة الدبلوماسية الدفاعية من خلال زيارته لثلاث دول في الشرق الأوسط في شباط/فبراير 2024م، حيث وقّع عقودًا دفاعية واتفاقية أسلحة بقيمة (3.2) مليار دولار. وكانت زيارة الوزير؛ “شين وون سيك”، إلى “قطر والسعودية والإمارات”، بمثابة مراجعة لـ (15 عامًا) من التعاون الدفاعي الثنائي لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الخاصة.
وفي “الرياض”، اتفق “شين” ووزير الحرس الوطني السعودي على تعزيز التعاون في صناعة الدفاع وزيادة تبادل الأفراد والتدريبات المشتركة بين الجانبين. كما تم توقيع عقد تصدير نظام اعتراض الصواريخ متوسطة المدى (Cheongung II) الكوري بقيمة (3.2) مليار دولار.
وفي “قطر”، تم توقيع مذكرة تفاهم لتنظيم اجتماعات دورية لوزراء الدفاع وإنشاء إطار مؤسسي للتعاون الدفاعي. إلى جانب تصدير الأسلحة، شاركت “كوريا الجنوبية” بنشاط في تدريب القوات العسكرية لدول الخليج.
على سبيل المثال، توجد وحدة عسكرية كورية تُدعى (آخ)؛ في “الإمارات” وتقوم بتدريب القوات الخاصة الإماراتية. ويعكس هذا التعاون رغبة “كوريا الجنوبية” في لعب دور أكبر في الأمن الإقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، شاركت “كوريا الجنوبية” في عمليات حفظ السلام التابعة لـ”الأمم المتحدة”؛ في منطقة الخليج. على سبيل المثال، قامت وحدة (دانغ ميونغ) الكورية في “لبنان” بأنشطة حفظ سلام وإعادة إعمار. كما نشرت “كوريا” قوات بحرية لمكافحة القرصنة في “خليج عدن ومضيق هرمز”.