خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
لعبت الأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية أدورًا متعددة في تغيّير موازنة القوى بدولة “سورية”؛ حيث تدخلت الأطراف الإقليمية في التطورات السورية بشكلٍ مباشر حرصًا على تأمين مصالحها. بحسب ما استهلت “فاطمة خادم الشيرازي”؛ الباحث والمدرس الجامعي، تحليليها المنشور على موقع المركز (الدولي لدراسات السلام) الإيراني.
من جهة أخرى؛ لعبت هذه الدول دورًا رئيسًا في بلورة نتائج الأزمة السورية؛ من خلال دعم بعض الفصائل المعينة عسكريًا وسياسيًا، ومساعيها الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق أو الحيلولة دون نفوذ الدول الأخرى في المعادلات السورية.
من ثم وقعت التطورات السياسية والعسكرية السورية تحت تأثير هذه الدول واستراتيجياتها. ومع تشكيل الحكومة الانتقالية في “سورية”، فإن النتيجة هي سيناريو سياسي مجزأ قد يتحول بسهولة إلى الفوضى.
وعليه سوف تدور هذه المقالة؛ حول الدول الأكثر تأثيرًا على الحالة السورية، والدول التي ستستفيد من الحكومة السورية الجديدة.
أولًا: الأدوار..
التنظيم الجديد الحاكم في “دمشق”؛ هو جبهة (تحرير الشام)، جناح (القاعدة) سابقًا، وأهم قوى تحالف التمرد، ومع هذا ورُغم المخاوف المتزايدة حيال الحكومة المؤقتة أحادية الحزب، فالمُرجّح أن يستثمر هذا التنظيم جهود الإطاحة بنظام “بشار الأسد” العامة، وانتهاء الحرب الأهلية التي استمرت قرابة (13) عامًا، في تحقيق الاستقرار السياسي على المدى القصير.
ويبدو أن سائر فصائل المعارضة، وبعضها له سوابق عنف، سوف تدعم مشروع (تحرير الشام) قصير الأمد، والتفاوض على دورها في المشكلات السياسية الجديدة.
مع هذا فالمؤشرات الأولية تحكي أن (تحرير الشام) ما تزال تتمسك بأسلوب الحكم الاستبدادي والشمولي، رغم الاستفادة من الخطاب الشامل. كذلك سيكون دور الأطراف الإقليمية والدولية محوريًا في بلورة المستقبل السوري، وسيكون دورهم ضروريًا لضمان التزام عملية الانتقال السياسي بخريطة الطريق المتفق عليها في قرار “مجلس الأمن” رقم (2254)، ويتعين على الأطراف الخارجية دعم الانتقال في “سورية”، وفي الوقت نفسه تقديم ضمانات للعدالة والانصاف.
ومن المهم كذلك؛ الحاجة للحيلولة دون احتكار (تحرير الشام) العملية أو فرض وجهة نظرها الأحادية الجانب على البلاد.
وفي هذا الصدّد؛ من الضروري مراقبة كيفية دور وأدوات الأطراف الدولية، يشمل تقييّم كيفية الاستفادة من بعض الأدوات مثل إقصاء (تحرير الشام) أو إلغاء العقوبات بهدف ترويج الانتقال السلمي والشامل في “سورية”.
مع هذا من المهم أن نعترف بأن النتائج غير مضمونة، وهناك خطورة أن تُغّلب هذه الأطراف مصالحها؛ (من مثل إعادة اللاجئين، ومكافحة تنظيم داعش، أو محاكمة المقاتلين الأجانب في محاكم محلية)، على متطلبات الشعب السوري.
العلاقات شديدة الحساسية مع الأكراد..
كذلك يبدو دور الأكراد كبيرًا؛ حيث أدارت القوى تحت قيادة الأكراد المتحالفين مع “الولايات المتحدة الأميركية” منطقة تتمتع بحُكم شبه ذاتي شمال شرق “سورية”، ولعبوا دورًا رئيسًا في مكافحة ميلشيا “الدولة الإسلامية”.
وبينما كان كلاهما معارضًا للحكومة خلال الحرب الأهلية، فإن العلاقات بين الأكراد وجماعات المعارضة العربية متوترة. ودمج الشرق مجددًا ربما يعني منح امتياز للحكم الذاتي الكُردي، وهو ما يُنذر بغضب “تركيا”؛ التي تُعارض بقوة الفصائل الكُردية في شمال شرق “سورية”.
وربما سيشعر “العراق” بتداعيات النجاح التركي، ذلك أن ظهور دولة بقيادة سنَّية في “سورية”، سوف يقوي أيادي “أنقرة” في المناطق ذات الأغلبية السَّنية بـ”العراق”.
والدور التركي يعقد ديناميات القوة الإقليمية؛ لا سيّما بالنسبة لـ”المملكة العربية السعودية” وحلفائها، والتي كانت تقدم نفسها كقائد للعامل السَّني، والمكافحة ضد النفوذ الشيعي الإيراني، ومن ثم سوف يؤثر التفوق التركي على هذه الرواية.
وتلقى سياسات “أنقرة”؛ ذات الميول الإسلامية، صدى لدى مجموعة واسعة من المسلمين السَّنة والإسلاميين السياسيين، مما يوفر بديلًا لممالك الخليج.
كذلك برزت “إسرائيل” و”أميركا” كمسَّتفيدتين غير مباشرتين من الاضطرابات الحالية في “سورية”. وقد استثمرت “إسرائيل”، على وجه الخصوص، في إضعاف (جبهة المقاومة).
من ثم تتحوط “إسرائيل” و”أميركا” حيال النفوذ التركي المتنامي. وبينما تدعي “أنقرة” دعم (تحرير الشام) تُضفي طموحاتها الأوسع في “سورية” المزيد من التعقيد على توزان القوى الإقليمية. إذ أن سقوط “الأسد” بدور تركي حاسم؛ ساهم في تغييّر آفاق الإقليم.
ورغم غموض النتائج، فالتداعيات عميقة بالنسبة للأطراف المحلية والإقليمية. ومع تكامل الديناميات فقد تزداد أوضاع بعض الأطراف؛ كـ”السعودية والإمارات والأردن” تعقيدًا.
وبالنسبة للأكراد؛ فإن هذه التغيّيرات تحمل مخاطر وفرصًا على حدٍ سواء. وسوف تحدَّد قدرتهم على التغلب على هذه التحديات دورهم في مستقبل المنطقة.