وكالات – وكالات :
عاد حقل (الدرة)؛ المشترك بين “الكويت” و”السعودية”، للأضواء مجددًا مع إرسال “الكويت” رسالة حازمة ترفض فيها ادعاءات “إيران” بأن لها حقوقًا في الحقل، فما هي قصة هذا الحقل وما وراء المطالبات الإيرانية بحصة في هذا الحقل من نصيب “الكويت” ؟
لحقل (الدرة) أهمية كبيرة على الصعيّدين الاقتصادي والسياسي، حيث تكمن أهميته باعتباره مخزنًا منتظرًا لإنتاج كمية كبيرة من الغاز الذي قفزت أسعاره منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، لكن موقعه الذي يقع في منطقة حدودية عطل إنتاجه منذ تاريخ استكشافه في الستينيات، حسّبما ورد في تقرير لموقع قناة (العربية).
ومن المتوقع أن يُنتج الحقل البحري – المكتشف عام 1967 – مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميًا، و84 ألف برميل يوميًا من المكثفات، وفقًا لبيان صُدر سابق عن “مؤسسة البترول الكويتية”.
رسالة كويتية حازمة بشأن حقل “الدرة”..
وأكد وزير النفط الكويتي؛ “سعد البراك”، الاثنين، رفض بلاده جملة وتفصيلاً ما وصفها: بـ”الادعاءات والإجراءات الإيرانية” حيال حقل (الدرة) البحري للغاز، وشّدد على أن: “الحقل ھو ثروة طبیعیة (كویتیة-سعودیة)؛ ولیس لأي طرف آخر أي حقوق فیه حتى حسّم ترسّیم الحدود البحریة”.
يأتي رد الفعل الكويتي بعد أن هدّدت “طهران” ببدء عمليات الحفر والتنقيب في حقل (الدرة) للغاز، الذي يقع في المنطقة المغمورة المشتركة بين “الكويت” و”السعودية”، وتدعي “طهران” أن جزءًا منه يقع في مياهها الإقليمية غير المرسّمة مع “الكويت”.
وملكية هذا الحقل هي مناصفة بين “السعودية” و”الكويت”، مثل الحقول الأخرى في المنطقة المشتركة بين “السعودية” و”الكويت”.
وأضاف “البراك”: “تفاجأنا بالادعاءات والنوایا الإیرانیة حول حقل (الدرة)؛ التي تتنافى مع أبسّط قواعد العلاقات الدولیة”.
وشدّد على: “أن الطرفین الكویتي والسعودي؛ متفقان تمامًا كطرف تفاوضي واحد”، داعیًا: “إیران إلى الالتزام أولاً بترسّیم الحدود الدولیة البحریة؛ قبل أن یكون لھا أي حق في حقل (الدرة)”.
وبحسّب ما نقلته وكالة الأنباء الكويتية الرسّمية؛ (كونا)، عن مصدر مسؤول في “وزارة الخارجية”، لم تسّمه، فإن دولة “الكويت” تُجدد دعوتها لـ”إيران” للبدء في مفاوضات حول ترسّيم الحدود البحرية مع “الكويت” و”السعودية” كطرف تفاوضي واحد.
تطورات الاتفاق بين الكويت والسعودية حول الحقل والموقف الإيراني..
وبدأت “طهران” التنقيب في (الدرة) في 2001، مما دفع “الكويت” و”السعودية” إلى اتفاق لترسّيم حدودهما البحرية والتخطيط لتطوير المكامن النفطية المشتركة.
وعلى رغم أن حقل الغاز الواقع بين “السعودية” و”الكويت”، اكتشف في ستينيات القرن الماضي في مياه “الخليج العربي”، إلا أن أول اتفاقات الاستفادة من مخزونه كانت بين “الكويت” و”السعودية”؛ في كانون أول/ديسمبر من عام 2019، إذ وقّع الطرفان مذكرة تفاهم في ذلك الوقت نصّت على العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل (الدرة).
كما نصّت مذكرة التفاهم الأولى على تسّهيل عمليات الدخول والخروج إلى المنطقة المقسّومة البرية، للوصول إلى المنشآت النفطية والحقول والآبار من الجانبين، وذلك في أعقاب اجتماع اللجنة المشتركة الدائمة “الكويتية-السعودية”.
في ذلك الوقت؛ كان وزير الطاقة السعودي؛ الأمير “عبدالعزيز بن سلمان”، قد كشف عن إقامة مشروع جديد للغاز في حقل (الدرة) البحري، وأن العمل على تنفيذه سيبدأ قريبًا.
وأكد بعد يوم من توقيع اتفاق مع “الكويت”، أنهى نزاعًا حول المنطقة المحايدة، المعروفة أيضًا بالمقسّومة، والتي تتشاركها البلدان، أن (الدرة) حقل غاز في المنطقة المشتركة لم يُستفد منه حتى الآن، لافتًا إلى أهمية السرعة في إنجازه، إضافة إلى حاجة الطرفين للطاقة المنتجة من الغاز في الحقل.
وفي آذار/مارس 2022؛ وقّعت “الكويت” وثيقة مع “السعودية” لتطوير حقل (الدرة).
لكن “إيران” قالت إن الوثيقة: “غير قانونية” لأن “طهران” تُشارك في الحقل؛ ويجب أن تنضم لأي إجراء لتشغيله وتطويره.
وقالت “وزارة الخارجية” الإيرانية؛ حينها، إن: “هناك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت”.
كما قال وزير النفط الإيراني؛ “جواد أوجي”، في ذلك الوقت، إن بلاده ستبدأ “قريبًا” التنقيب في حقل غاز (أراش)؛ (الاسم الفارسي لحقل الدرة)، في “الخليج العربي”، ردًا على صفقة “كويتية-سعودية” لتطوير حقل الغاز المشترك.
وقال “أوجي”؛ في 28 آذار/مارس 2022، إنه بينما تميل “إيران” إلى التفاوض والتعاون مع “الكويت” و”السعودية” لتطوير حقل الغاز، فإن: “إجراءاتهم الأحادية الجانب لن تمنع” طهران من المضي قدمًا في خططها الخاصة، وردت “الكويت” بأن الحقل “سعودي-كويتي” وليس إيرانيًا.
وسبق أن أكد وزير الطاقة السعودي؛ الأمير “عبدالعزيز بن سلمان”، قبل تصريح الوزير الإيراني بيومين، اتفاق بلاده مع “الكويت” على بحث أزمة حقل (الدرة) للغاز الواقع في المنطقة المقسّومة مع “إيران”، مبينًا عزمهما تطويره بهدف الاستفادة من إمكاناته الضخمة.
وفي نيسان/إبريل 2022، وجهت “السعودية” و”الكويت” إلى “إيران”؛ دعوة من أجل التفاوض حول حقل (الدرة)، حيث قال بيان لوزارتي: “الخارجية السعودية والكويتية” في ذلك الوقت إن البلدين يُجددان: “بصفتهما طرفًا تفاوضيًا واحدًا” دعوة “إيران” إلى ترسّيم الحدود الشرقية للمنطقة المقسّمة المغمورة بين البلدين الخليجيين.
وأضاف البيان أن “الكويت والسعودية”: “دعتا في السابق جمهورية إيران الإسلامية للتفاوض بشأن ترسّيم الحدود الشرقية للمنطقة المقسّمة المغمورة، لكن هذه الدعوات لم تتم تلبيتها”.
وفي آيار/مايو من ذات العام، قال سفير إيران بالكويت؛ “محمد إيراني”، لصحيفة (الرأي) الكويتية إن بلاده أرسلت دعوة رسمية للجانب الكويتي المختص بالمحادثات في شأن حقل (الدرة) للجلوس مع “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”: “لاستئناف المفاوضات بين البلدين من حيث توقفت في العام 2014”.
أسباب الخلاف أن امتيازات التنقيب في المنطقة متداخلة..
يقع حقل (الدرة) في تقاطع المطالبات الإقليمية المتنافسة من قبل “الكويت وإيران والمملكة العربية السعودية”، وذلك في المياه الضحلة قبالة الشاطيء في شمال “الخليج العربي”، حسّبما ورد في منصة (طاقة).
وأجرت “إيران والكويت” على مدى أعوام، مباحثات لتسّوية النزاع حول منطقة “الجرف القاري” على الحدود البحرية بين البلدين، إلا أنها لم تُسّفر عن نتيجة.
ويعود النزاع بين “إيران” و”الكويت” الى ستينيات القرن الماضي، إذ منحت “الكويت” و”إيران” امتيازات بحرية متداخلة بسبب الحدود البحرية غير المحددة، في ذلك الوقت منحت “إيران” امتياز التنقيب والاستغلال للشركة “الإيرانية-البريطانية” للنفط، في حين منحت “الكويت” الامتياز لشركة (رويال داتش شل)، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل (الدرة).
في المقابل؛ طوّرت “الكويت والسعودية” منطقة محايدة، تُعرف باسم المنطقة المحايدة المقسّومة، تُغطي منطقة الحدود البرية والبحرية، بحيث تُطَوَّر جميع حقول الهيدروكربونات فيها بالاشتراك بين شركات النفط الوطنية في البلدين.
في منتصف ستينيات القرن الماضي؛ اكتُشِف حقل الغاز في وقتٍ كانت فيه الحدود البحرية غير محدّدة على نحوٍ جيد، ولم يكن الغاز يُعدّ من الأصول الاستراتيجية في ذلك الوقت.
ويحتوي الحقل الذي اكتشف عام 1960؛ على مخزون كبير من الغاز، ويُقدر احتياطي الغاز القابل للاستخراج من حقل (الدرة) بنحو: 200 مليار متر مكعب، إضافة إلى أكثر من: 300 مليون برميل نفطي.
ولم تكن الحدود التي رسّمها السياسي البريطاني؛ “بيرسي كوكس”، في العام 1922، عبر “معاهدة العقير”، التي اعتمدتها الدول الثلاث، واضحة فيما يتعلق بالكنوز التي تمتليء في باطنها، وهذا ما حدث في المنطقة المقسّومة بين “السعودية والكويت”، والتي تحظى بحقلي نفط، بإمكانهما إنتاج: 500 ألف برميل يوميًا، إضافة إلى حقل (الدرة) الذي ينتظر أن يُنتج منه الغاز خلال الفترة المقبلة، حسّب تقرير (العربية).
وفي عام 2012؛ قامت شركة (الخفجي)، وهي مشروع مشترك بين (آرامكو لأعمال الخليج) والشركة (الكويتية لنفط الخليج) بإرسّاء حق التطوير والإنتاج على شركة (شل) النفطية العالمية.
واكتسبت جهود “الكويت والسعودية” للاستفادة من حقل (الدرة) بشكلٍ مشترك زخمًا كبيرًا بتوقيع وثيقة بين البلدين؛ في 21 من آذار/مارس 2022، تطوير واستغلال الحقل الغني بالغاز لإنتاج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يوميًا و84 ألف برميل من المكثفات يوميًا، يتقاسّمها البلدان، وهو ما أثار غضب “إيران”.
ونصّت الوثيقة، على أن تقوم شركة عمليات (الخفجي) المشتركة، بالاتفاق على اختيار استشاري يقوم بإجراء الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل، وفقًا لأفضل الأساليب والتقنيات الحديثة والممارسات التي تراعي السلامة والصحة والحفاظ على البيئة، فضلاً عن وضع التصاميم الهندسية الأكثر كفاءة وفاعلية من الناحيتين الرأسمالية والتشغيلية.
ويُلاحظ أنه رغم أن الحقل ملكية مشتركة بين “السعودية والكويت”؛ وأن البلدين أكدا أنهما طرف واحد في التعامل مع “إيران” في هذا الملف، ولكن “إيران” تنازع “الكويت” في الحقل أكثر من “السعودية”؛ لأن المنطقة التي تدعي “طهران” ملكيتها تقع من الجانب الكويتي، وبالتالي هي تُحاول انتزاع جزء من حصة “الكويت” وليس “الرياض”.