خاص : ترجمة – د. محمد بناية:
قام الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، بزيارة إلى “الجمهورية الجزائرية”، بتاريخ 21 تشرين ثان/نوفمبر الماضي؛ حيث كان باستقباله لدى وصوله نظيره؛ “عبدالمجيد تبون”. وقد رافق الرئيس التركي في الزيارة عدد من الوزراء تشتمل سّيرتهم الذاتية على موضوعات للتعاون بين “الجزائر” و”تركيا” في مجال المال، والطاقة، والدفاع، والاستخبارات، والتجارة، والنقل، والبُنية التحتية، وبالتأكيد العلاقات الخارجية للبلدين. بحسب تقرير “أردوان أمير أرسلاني”، المنشور على موقع (الدبلوماسية الجديدة) الإيراني.
الجزائر كبوابة إلى “إفريقيا”..
وبالإضافة إلى أنها تُعتبر شريك اقتصادي رائد؛ تُعتبر “الجزائر” بمثابة المدخل التركي إلى “إفريقيا”. وبالنظر إلى تدهور العلاقات مع الدول الغربية وبالتالي خسارة الأسواق في هذا البلدان، تُبدي “الجزائر” استعدادًا جيدًا لتفضيل “تركيا” على الغرب.
والأرقام توحي بإحياء العلاقات بين الجانبين؛ حيث بلغت الاستثمارات التركية بـ”الجزائر”؛ عام 2022م، حوالي: (06) مليار دولار، في حين بلغ حجم التبادل التجاري نحو: (05) مليار دولار، وسوف تضاف هذه الأرقام على المدى المتوسط.
وحاليًا تأسس أكثر من: (1500) شركة تركية في “الجزائر”، وهذه المعطيات وحدها ضع “الجزائر” في المرتبة الثانية على قائمة الشركات التجاريين الأتراك في “إفريقيا”، وكذلك في المرتبة الأولى من حيث الاستثمار.
وخلال زيارة “إردوغان” إلى “الجزائر” تم التوقيع على عدد: (10) اتفاقيات تعاون ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات من مثل الطاقة، والفضاء، والبيئة، بل والإنتاج السينمائي.
على خطى “الإمبراطورية العثمانية”..
هذا اللقاء دليل على التقدم الملحوظ في “السياسات الإفريقية-التركية”؛ برعاية “إردوغان”، والتي بدأت في العام 2003م. ولا عجب حيث يتبع الرئيس التركي مشروع خريطة “الإمبراطورية العثمانية”، والذي بلغ ذروته في عهد السلطان “سليمان القانوني”. وكانت “الإمبراطورية العثمانية”؛ في تلك الفترة، في أوج قوتها ونفوذها في أغلب مناطق “إفريقيا الشمالية” وصولًا إلى “القرن الإفريقي”.
والطموحات التركية حاليًا في القارة الإفريقية لا تنفك عن التأثر بمشكلات الاقتصاد والطاقة. وقد احتلت “الجزائر” المرتبة الرابعة على قائمة الدول المُصّدرة لـ”الغاز” إلى “تركيا” بعد “روسيا، وأذربيجان، وإيران”.
والوجود التركي في “ليبيا” يُبرره مكاسب الطاقة والسّيطرة على التيارات بداية من “جنوب الصحراء الإفريقية” وحتى “أوروبا”، وهذا الموضوع ينطوي على جوانب حيوية بالنسبة للعلاقات التركية مع “الاتحاد الأوروبي”.
إفريقيا بالنسبة إلى تركيا..
وتُمثل “إفريقيا” بما تمتلك من: (50) دولة؛ وعدد: (1.4) مليار نسّمة، بحسّب تعداد العام 2023م، سوقًا عظيمًة، ووفق إحصائيات “الأمم المتحدة” من المتوقع أن تزداد الكثافة السكانية للقارة الإفريقية في العام 2050م؛ بحيث توازي ربع سكان العالم.
و”تركيا” بما لها من ميراث قديم وتنبؤات فكرية مستقبلية، بدأت الاستثمار سريعًا في هذا القارة. وقد ازداد أعضاء البعثات الدبلوماسية التركية في “إفريقيا” بمقدار ثلاثة أضعاف على مدى: (15) عامًا، وازداد حجم التبادل التجاري بمقدار أربعة أضعاف، وبالتالي تمكنت “أنقرة” من الحصول على أسواق جديدة؛ وبخاصة في “غرب إفريقيا”؛ بحيث تكون بديلًا مربحًا للأسواق غير المستقرة في الشرق الأوسط.
أهداف تركية..
وتهدف “تركيا” بخلاف التنمية الاقتصادية التي تصب في خدمة شبكة رجال الأعمال المقربين من هرم السلطة في “تركيا”، لتحقيق جوانب مذهبية وجيوسياسية. والوجود التركي في “الصومال” معروف وينعكس على الاستراتيجيات العامة لذلك البلد.
والالتزام التركي الحاسم تجاه “شرق إفريقيا” نتيجة الفوضى والاضطرابات مثير للدهشة.
و”القرن الإفريقي” يُعتبر تقاطع ومدخل هام بين “آسيا” و”إفريقيا”، و”المحيط الهندي” و”البحر الأبيض المتوسط” عبر “مضيق باب المندب” و”قناة السويس”، حيث يعبّر ما يوازي ثُلث التجارة البحرية العالمية.
وكان “إردوغان”؛ أول رئيس غير إفريقي يزور “الصومال”؛ عام 2011م، وذلك منذ بداية الحرب الأهلية في هذا البلد. ورحبت “مقديشو” بافتتاح أكبر سفارة تركية، وتأسيس قاعدة عسكرية، وكذلك أكبر مستشفى باسم “إردوغان”.
وتُسّيطر “تركيا”؛ (دون احتسّاب ميل أنقرة للاستفادة من مصادر الهيدروكربون المحتملة على الساحل الصومالي)، على إدارة الموانيء الصومالية مدة (20) عامًا. بخلاف إطلاق يد “تركيا” في ملاحقة شبكة “فتح الله كولن” في “إفريقيا”.