خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
تضع “إيران”؛ وكذلك “الولايات المتحدة”، أياديهما على الزناد؛ حيث يقف كلًا من الطرفين في مواجهة الآخر داخل مياه الخليج؛ بحسّب ما استهل “جلال خوش چهره”، التقرير التحليلي المنشور على موقع (الدبلوماسية الإيرانية)؛ المقرب من “وزارة الخارجية” الإيرانية.
وهل من المقرر خلافًا للمصالح المتبادلة في السابق؛ أن يحدث شيء آخر هذه المرة ؟.. أم هل نحن بصّدد عرض من الهتافات التي ستُفضي في النهاية إلى استمرار الأوضاع في حالة من عدم اليقين المزمن ؟..
وبالطبع فإن هذا الخطر كان سببًا باستمرار في الحرب، وهي ليست حاسّبات غير محددة سّلفًا، وإنما أي إجراء أو سلوك غير متوقع قد يُشعل فجأة فتيل الذخيرة المخزنة؛ (على غرار ما يجري في الخليج). والنقطة الأهم في هذه الحالة، أن الإعلام لا يأبه بالمتسّبب في هذا الوضع، وإنما ستكون السياسات التي تقود دفة الصراع هي المحدد للنتائج.
الاستعراض الأميركي للقوة..
ويقوم الجيش الأميركي بمسرحية حربية في منطقة الخليج، و”بحر عُمان”، و”مضيق هرمز”. وهذه المسرحية عبارة عن إرسّال أسّراب من مقاتلات (F-16) و(F-35) و(A-10 تاندر بولت-2)؛ بصحبة غواصات، وحاملات طائرات، ومدمرات وكذلك عدد: 3000 من جنود ومقاتلي البحرية، وذلك بهدف استعراض القوة العسكرية ضد “إيران”؛ في “مضيق هرمز” و”بحر عُمان” و”سوريا”، وربما “العراق” و”لبنان”.
ووفق المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين الأميركيين، فـ”الولايات المتحدة” تُراقب ويدها على الزناد؛ سلوك “إيران” في المناطق المذكورة سلفًا.
رد الفعل الإيراني..
في المقابل؛ لم تقف “إيران” مكتوفة الأيدي؛ وإنما عبّرت عن رد فعلها من خلال استعراض ذاتها؛ حيث قام (الحرس الثوري) بتوطين مجموعة من الطائرات، والسفن، والصواريخ والسيارات في الجزر الإيرانية.
وفي السّياق ذاته؛ قامت بحرية (الحرس الثوري)؛ للمرة الأولى، باستعراض صاروخ يصل مداه إلى: 600 كيلومتر، بالإضافة إلى صواريخ (فتح) بمدى: 120 كيلومتر، وصاروخ (كروز)؛ (الغدير)، ومداه: 600 كيلومتر.
ووفق التقارير؛ فقد استخدام (الحرس الثوري) في المناورات المشتركة مع القوات المسلحة الإيرانية، الطائرات المُسيّرة والسفن ذات التحكم عن بُعد، وسيناريوهات رد الفعل السّريع للدفاع عن الجزر الإيرانية.
ويصف المراقبون؛ المناورات الإيرانية، خلال الأسبوع الماضي، سابقة إيرانية نادرة للإعلان عن الاستعداد إزاء أي هجوم عسكري محتمل.
المسرحيات العسكرية هل هي نقطة نهاية الدبلوماسية ؟
والسؤال: هل تعني هذه المسرحيات الاقتراب من نقطة انتهاء مرحلة الدبلوماسية ؟.. هل “طهران” و”واشنطن”؛ مثل الماضي وقبل الوصول إلى نقطة النهاية، رؤية المصلحة والتراجع واستئناف سياسة: “اليوم من جديد” للسّيطرة على الخلافات وإدارتها ؟.. الحقيقة لا توجد مؤشرات واضحة على ذلك، والسبب أن “واشنطن” تُضيف تدريجيًا التوجه العسكري لسياسات العقوبات “الاقتصادية-التجارية” على “إيران”.
وتزداد الأوضاع سوءًا بسبب عدم وجود أفق واضح في المفاوضات “الإيرانية-الأميركية”. ولم يُقّدم الوسّطاء حتى الآن أي موقف واضح حول الإفراج عن السجناء من مزدوجي الجنسية، والأفراج عن الأقل عن: 20 مليار دولار من الأموال الإيرانية المُجمّدة.
الأهداف الاستراتيجية الأميركية..
وبينما أسّندت إدارة “جو بادين” ملف الخلافات مع “طهران” إلى مستشار الأمن القومي، ومسرحية استعراض القوة الأخيرة، يتضح إنشغالها بالعمليات النفسية للحصول على أهداف محددة.
وتسّعى في إطار هذه العمليات لإقناع وتحفيز الرأي العام الأميركي والعالمي بالتبعية؛ بقانونية وشّرعية أي نوع من العمليات ضد دولة تزعم انتهاكها للقوانين الدولية في المّمرات المائية الدولية.
وفي الوقت الذي تتابع فيه “الولايات المتحدة” تحقيق أهدافها الاستراتيجية؛ فإنها تُسيّطر على مصادر “النفط والغاز” في المنطقة، وكذلك تحتكر تصديره وتحديد سعره.
الشق الآخر للأهداف الأميركية “الاستراتيجية-النفسية” في هذه المرحلة، هو بناء تحالف يسّعى للحصول على التأييد من جانب الدول المحّايدة.
في هذه الحالة؛ والمحافظة على هذا التحالف، يمكن تبرير العملية العسكرية المحتملة ضد “إيران” بغطاء القوانين الدولية والإنسانية، وبالتالي تكون مقبولة بالنسّبة للرأي العام. ويمكن توقع أن تسّعى “واشنطن”؛ قبل أي إجراء عسكري، إجبار “إيران” على الاستسلام من خلال المسّار الحالي؛ حيث فرض العُزلة على “طهران” بشكلٍ أكبر.
لكن هل يُجدر البحث عن أسباب تغييّر موقف “واشنطن” في سياسات “تل أبيب” وسوق إدارة “بايدن” لاتخاذ موقف عسكري بدل سياسات “العقوبات-الدبلوماسية” ؟.. وما هي حدود “أوروبا” من “واشنطن” في هذا التوجه ؟.. هل سيُضر احتكار “واشنطن” للمبادرات في المنطقة، بأمن الطاقة واستقلال “أوروبا” على المدى الطويل ؟.. وكيف سيكون رد الفعل الروسي والصيني ؟..
الحقيقة أن الاصطفاف الحالي هو نتاج حسابات خاطئة، وحاليًا تراقبان “إيران” و”أميركا” بعضهما البعض ويديهما على الزناد.