خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
من الطبيعي أن الوصول إلى اتفاق مشَّرف، وأكثر الطرق منطقية، وأقل تكلفة لإدارة التوتر الراهن بين “الجمهورية الإيرانية” و”الولايات المتحدة الأميركية”، لأن زيادة التوتر مع إدارة؛ “دونالد ترمب”، سيكون مصحوبًا بتكثيف العقوبات واحتمال اندلاع حرب بين الطرفين، لكن للاتفاق المشَّرف مع “الولايات المتحدة”، وعلى النقيض زيادة التوتر واندلاع حرب مع “الولايات المتحدة”، محركات على الأصعدة الوطنية الإيرانية، والأميركية، والإقليمية، وفوق الإقليمية، وتحليل هذه المحركات قد يضع أمامنا آفاق الاتفاق أو التعارض بين “إيران” و”الولايات المتحدة” في عهد “ترمب”.
وفي هذه المقالة؛ التي أعدها “سيد محمد حسيني”، خبير الشأن الإقليمي، ونشرتها صحيفة (الدبلوماسية الإيرانية)، تتحدث عن محركات الاتفاق أو التعارض مع “الولايات المتحدة” على الصعيد الوطني الإيراني، وفي المقالة التالية سوف نناقش الصعد التالية.
محركات الاتفاق في الداخل الإيراني عبارة عن:
01 – براغماتية السياسية الخارجية الإيرانية على مدار الـ (45) عامًا الماضية، المخبوءة في سياق السياسة الخارجية الإيرانية، وكلما كان الحفاظ على “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، وهو من وجهة نظر قائد الثورة أوجب الواجبات، فإن هذا يقتضي اتخاذ قرارات براغماتية.
وعليه سمة البراغماتية في السياسة الخارجية الإيرانية هي القوة الدافعة للتوصل إلى اتفاق.
02 – توجه حكومة “مسعود بزشكيان”؛ يعتمد كذلك سياسة الوصول إلى اتفاق مشرف؛ لأنه في دعايته الانتخابية تحدث عن ضرورة التعامل مع العالم، واعتبر أن الوصول إلى اتفاق مع “الولايات المتحدة” ورفع العقوبات الجائرة ضد “إيران” ممكنًا.
بدوره لطالما تحدث السيد “عباس عراقجي”؛ عن مفهوم: “إدارة التعارض مع الولايات المتحدة”، ومن خلال ذلك يمكن استنتاج ميل جهاز الدبلوماسية للتفاوض مع “الولايات المتحدة”.
03 – الضغوط الناجمة عن العقوبات الأميركية الجائرة، مثل شبكة عالمية تُجبر حتى أصدقاء “إيران” من دول الجوار على التماهي مع “الولايات المتحدة الأميركية”.
ولا يُخفى على أحد أن فترة ما بعد “الاتفاق النووي”، اقترنت باستقرار نسّبي ونمو اقتصادي بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية”، وكذلك فإن انسحاب “ترمب”؛ في العام 2018م، تسبب في تباطؤ النمو الاقتصادي، وانهيار قيمة العُملة الوطنية، وتضخم غير مسّبوق.
ومع وصول؛ “جو بايدن”، إلى “البيت الأبيض”، حصلت انفراجه في الاقتصاد الإيراني، كانت مزيجًا من الدبلوماسية الإيرانية، ورغبة “بايدن” في السيطرة على البرنامج النووي، والتوتر مع “إيران”.
وكان “ترمب”؛ قد انتقد غير مرة خلال الأشهر الأخيرة سياسات “بايدن” تجاه “إيران”، وتوعد بزيادة العقوبات. والواقع أن زيادة العقوبات هل أقل تكلفة استراتيجية بالنسبة لـ”أميركا (ترمب)، وهي استراتيجية حققت نتائج حسّب قوله.
وعليه فالمخاوف من زيادة العقوبات هو أيضًا من محركات التوافق مع “الولايات المتحدة” على الصعيد الوطني.
محركات معرقلة للاتفاق مع “واشنطن”..
في المقابل ثمة أربع محركات لا تعرقل فقط الاتفاق مع “الولايات المتحدة”، وإنما تُزيد من التوتر والصراع بل والحرب مع “الولايات المتحدة”، هي:
01 – الفهم التاريخي لـ”الولايات المتحدة”؛ الذي له تاريخ سّلبي لدى السياسيين والرأي العام العارف بالتاريخ.
02 – تحول العداء لـ”الولايات المتحدة”، باعتباره مناهضة للغطرسة، من عناصر الهوية في السياسة الخارجية “الجمهورية الإيرانية”، وهو أمر يصعب التخلي عنه.
03 – بعض القوى السياسة التي تمتلك قدرة المناورة في اتخاذ القرارات العامة، تُمثل هى الأخرى عقبة قوية أمام التفاوض مع “الولايات المتحدة”، ولكل منها دوافع وأسباب مخصوصة لعدم التفاوض مع “أميركا”.
04 – التجربة الصعبة والسلبية لـ”الجمهورية الإيرانية” مع “الاتفاق النووي”، وسوء عهد “الولايات المتحدة الأميركية”، وانسحاب “دونالد ترمب”؛ من الاتفاق عام 2018م، يُزيد من صعوبة العمل على الوصول إلى اتفاق مع إدارة “ترمب”.
وختامًا إذا نضع محركات الاتفاق والتعارض معًا سوف نلاحظ أن إرادة حكومة “بزشكيان”؛ ومطلب القوى الإصلاحية، للتقدم على مسار الاتفاق مع “الولايات المتحدة” سوف يواجه عقبات حقيقية، بمعنى أن التصورات التاريخية، والهوية المعادية لـ”الولايات المتحدة”، وكذلك التيارات السياسية المناوئة لـ”الولايات المتحدة”، والتجربة السلبية مع “الاتفاق النووي”، تُكبح كل منها جماح الاتفاق والتفاوض مع “الولايات المتحدة”، في المقابل فإن براغماتية السياسة الخارجية الإيرانية، وكذلك موضوع الضغوط المضاعفة نتيجة العقوبات، قد تُهيء أجواء تجاوز العقبات والاتفاق مع إدارة “ترمب” الثانية.