خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
منذ مدة يعتقد المحللون بعد كل سلسلة من الأحداث، وفشل الكيان الصهيوني، أن عمل “بنيامين نتانياهو”؛ رئيس الوزراء الصهيوني، قد انتهى، وأنه سيتّعرض للإقصاء قريبًا من الساحة السياسية. ولكن، ولدهشة الجميع، لا يزال في السلطة ويواصل أفعاله المتهورة. بحسّب ما استهل “محمد علي مهتدي”؛ تحليله المنشور على موقع (الدبلوماسية الإيرانية).
لقد أدى تدمير وإبادة “قطاع غزة” وتجويع مليوني فلسطيني وقتل الأطفال بشكلٍ وحشي؛ إلى بلوغ نفور الرأي العام العالمي من هذا الكيان المعادي للإنسانية ذروته، لا سيّما في العواصم الغربية؛ بل وانطلقت المظاهرات داخل المجتمع الصهيوني نفسه ضد جرائم هذا النظام.
مع هذا؛ تجاهل “نتانياهو” وحكومته الإجرامية هذه الاحتجاجات واتخذ قرار احتلال “قطاع غزة” وطرد الغزاويين. فما هي القوى التي تبَّقيه وأعوانه في السلطة؟
“إسرائيل الكبرى”..
وقد تكشفت أسرار هذا البقاء واستمرار الجرائم الوحشية في حوار “نتانياهو” الأخير، والذي انتشر حول العالم سريعًا؛ حيث أكد بهدوءٍ تام وبنبرة مملوءة بالمشاعر الدينية أنه مُكلف بمهمة سماوية لتأسيس: “إسرائيل الكبرى”، وأنه عازم على إنجاز هذه المهمة.
وتشمل “إسرائيل الكبرى”؛ بحسّب الخريطة الجغرافية التي عرضها، والتي طُبعت أيضًا على شارة كتف جميع جنود النظام، رفع علم الكيان الصهيوني على المنطقة من “النيل إلى الفرات”؛ (أي الأردن وجنوب لبنان وأجزاء من سورية ونصف العراق وأجزاء من الشمال السعودي وبعض المواقع في مصر والسودان).
وهناك مقاطع مصورة أيضًا يظهر فيها حاخامات صهاينة يبُاركون “نتانياهو” ويشَّجعونه على تنفيّذ هذه المهمة السماوية. ووفقًا لمعتقداتهم، يستّلزم إقامة “إسرائيل الكبرى”، خوض حرب نهاية الزمان أو معركة (هرمجدون)؛ التي ستؤدي، بحسّب رؤيا القديس (يوحنا) في العهد الجديد، إلى ظهور (المسيح المخلّص).
تحت الهوس الديني..
وبذلك يتضح أن تجاهل النظام الصهيوني القوانين والأنظمة الدولية، وتحديه العالمي، وأعماله العدوانية في “لبنان وسورية”، وهجماته العسكرية على “إيران”، ومجازره في “قطاع غزة والضفة الغربية”، كلها تجري ضمن إطار هذا الوهم.
بعبارة أخرى؛ يقوم “نتانياهو” والمهووسيّن في حكومته أمثال: “إيتمار بن غفير” و”بتسلئيل سموتريتش” بقتل الفلسطينيين، وخاصة الأطفال، بوازع ديني، ولا يترددون في ارتكاب أي جريمة في هذا السبيل.
يُمارسّون في البداية ضغوطًا سياسية على دول المنطقة ويهدّدونها بهدف تدمير أي قوة أو سلاح قد يشكّل تهديدًا لأمن الكيان. ثم يلجؤون في المرحلة التالية، إلى العدوان العسكري والاحتلال لتوسيّع حدود “إسرائيل الكبرى” وفق خريطتهم.
واشنطن تؤمن بنفس العقيدة و”ترمب” يرى نفسه مبعوث سماوي..
والسؤال: هل هذا المشروع قابل للتحقيق؟ دان المسؤولين في تلك الدول، الذين يرون في مشروع “إسرائيل الكبرى” خطرًا على عروشهم، تصريحات “نتانياهو” عبر بيانات رسمية. ولكن هل تكفي الإدانة اللفظية؟
عليهم أن يسألوا أنفسهم: ما الذي يمكن أن يوقّف “نتانياهو” ويمنع تنفيذّ هذا المشروع؟ ربما يظنون أنهم قادرون على الضغط على “الولايات المتحدة”، لكن الحقيقة أن إدارة؛ “دونالد ترمب”، تؤمن بهذا المشروع وبمعركة (هرمجدون)، فالرئيس الأميركي يرى نفسه مكلفًا تمامًا مثل “نتانياهو” برسالة سماوية، ويعمل المحافظون الجدَّد في “الكونغرس”، و”حركة الصهيونية المسيحية” في “أميركا” وفق عقيدة: “من أجل عودة المسيح المخلّص، يجب رفع إسرائيل إلى ذروة القوة”.
الدور القادم على “مصر والسعودية”..
في الواقع؛ لا يوجد سوى طريق واحد هو المقاومة، ويُمكن أن يسَّاهم تشكيل تحالف إقليمي قوي في إفشال هذا المشروع. ولكن لا يبدو أن تشكيل مثل هذا التحالف مسألة بسيّطة، خاصة مع تركيز النظام الصهيوني على الشرق، ووضع “غزة ولبنان وسورية والعراق” على رأس أولوياته، قبل أن يتحرك صوب الجنوب.
ويعزف الكيان الصهيوني وحلفائه عن تهدّيد “مصر والسعودية” رسميًا؛ حتى الآن، لأنهم يحتاجون “مصر” لحل “قضية غزة”، و”السعودية” للمساعدة في كسر المقاومة في “لبنان”.
لكن لا شك أنه بمجرد انتهائهم من الجبهة الشرقية، سيتجهون نحو “مصر والسعودية”. والمصريون، رغم تأخرهم، بدأوا يستيقظون ويظهرون مؤشرات إيجابية خجولة. فقد كان عليهم التحرك قبل سنوات، حينما سيّطر النظام الصهيوني على أمن “البحر الأحمر” من خلال إنشاء قواعد عسكرية في جزر “إريتريا”، ثم التواطؤ مع “إثيوبيا” وبناء “سد النهضة”، وتهديد أمن “مصر” المائي.
لكن الآن، لم يُعدّ أمام “مصر” خيار سوى أن تستيقظ، وتخرج من عُزلتها، وتستعيّد دورها الإقليمي كأكبر دولة عربية.
وكذلك يجب على “السعودية” إدراك حقيقة أن “نتانياهو” سيُعلن عاجلًا أم آجلًا الاستيلاء على شمال “جزيرة العرب”، وعندها سيتبخر مشروع (رؤية 2030) ومشروع (نيوم) الضخم الذي خُصصت له مئات المليارات من الدولارات.
أخيرًا يجب على الجميع إدراك حقيقة أن (محور المقاومة) في المنطقة، لا يزال رغم الضربات القاسية التي تلقاها في العام الماضي، يقف بقوة وصلابة وإرادة لا تليّن في مواجهة أوهام الكيان الصهيوني وحلفائه بخصوص إنشاء (إسرائيل الكبرى) ولن يتراجع قيّد أنمَّلة عن هذا الطريق.