29 أكتوبر، 2024 2:27 ص
Search
Close this search box.

“الدبلوماسية الإيرانية” تبحث عن إجابة .. ما هي رسالة المشاركة بنسبة 40% ؟

“الدبلوماسية الإيرانية” تبحث عن إجابة .. ما هي رسالة المشاركة بنسبة 40% ؟

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

تنطوي شرعية الأنظمة السياسية على مؤشرات مختلفة؛ أحدها المشاركة السياسية للمواطن في الانتخابات. فكلما ازدادت نسّب المشاركة، كانت مؤشر على شرعية النظام السياسي، لكن العكس صحيحًا بالضرورة إذ تتراجع نسّب المشاركة إلى ما دون: (40%) في الكثير من الأنظمة الديمقراطية، مع هذا لا يُريد الشعب الإطاحة بالنظام السياسي. بحسب “سيد محمد حسيني”؛ خبير الشأن السياسي، في مقاله التحليلي المنشور بصحيفة (الدبلوماسية الإيرانية).

مؤشر على الاستياء الشعبي من النظام السياسي..

والسؤال: لماذا ؟.. لأن الشعب في في تلك الدول يثق في: “آلية تدّوير النُخب السياسية في قالب النظام الحزبي”، وعليه لا يرى ضرورة للمشاركة في الانتخابات.

لكن في “الجمهورية الإيرانية” لا توجد آلية حزبية لتدّوير النُخب، ولذلك لا يمكن اعتبار انحسّار معدلات المشاركة بمثابة ثقة شعبية في الآلية الحزبية، بل على العكس فإن التراجع الملموس في المشاركة الشعبية بانتخابات الأعوام الماضية، هو مؤشر على الشكوى والاستياء الشعبي من النظام السياسي.

جرس إنذار للجمهورية الإيرانية..

ومشاركة: (40%) فقط من الكتلة التصّويتية بانتخابات؛ الجمعة الماضية، هو بمثابة جرس إنذار لـ”الجمهورية الإيرانية”. ويأتي هذا النقص الشديد في معدلات المشاركة؛ بينما هيأ النظام السياسي إمكانية المشاركة للمواطنيين على اختلاف الميّول والاتجاهات قدر المسُّتطاع.

وترتبط “الجمهورية الإيرانية” في ذاتها؛ (حسّب تعبير المرشد)، بالمشاركة الشعبية، وانحسّار هذه المشاركة يضع النظام السياسي في دائرة الخطر.

ولست بصّدد الحديث عن عوامل رفع نسّب المشاركة، ولكن أعتزم في هذه المقالة القصير الإشارة إلى ما يدور في أذهان قادة الدول الأخرى عبر ردود الأفعال على معدلات المشاركة السياسية الإيرانية.

لا يعني سقوط النظام السياسي..

السؤال الأول: هل يعني انحسّار معدلات المشاركة في “إيران” سقوط “الجمهورية” على المدى القصير أو حتى المتوسط ؟..

الإجابة: بالطبع لا، فإذا كانت الأنظمة السياسية تكتسّب المزيد من الاتسّاق بالمشاركة السياسية، لكن تراجع معدلات المشاركة؛ حتى وإن كان دون: (20%)، فلن يكون العامل الوحيد في سقوط النظام، بل يجعل من نواة النظام الصلبة أكثر انطوائية وتناغم، وأن يستطيع النظام السياسي بهذا الدعم الشعبي البسّيط من الاستمرار في البقاء؛ لا سيما إن كان هذا الحد الأدنى من الدعم إيديولوجي.

من ثم؛ فإن من يتصورون أن سقوط معدلات المشاركة السياسية، يُمهد لسقوط “الجمهورية الإيرانية”، فإنهم مخطؤون بشدة ولم يقرأوا التاريخ، وإلا أدركوا أن انحسّار الشرعية بقوة لا يمكن أن يؤدي وحده إلى سقوط النظام السياسي.

مركز القوة الوطنية في النظام الدولي..

السؤال الثاني: هل يؤدي تراجع معدلات المشاركة الشعبية إلى تآكل القوة الوطنية في النظام الدولي ؟..

مؤكد لا؛ فالتاريخ والعلاقات الدولية يُخبرنا أن القوة الوطنية للحكومات تزداد كلما ازدادت شرعية النظام السياسي، بل إن ازدياد الشرعية يُعّوض النقص المادي. والحكومات في مواجهة تلك الأخرى التي تحظى بدعم شعبي كبير، لا ترى نفسها على قدم المسّاواة مع فصيل سياسي، وإنما تفترض نفسها في مواجهة مع الشعب.

وتجربة “الجمهورية الإيرانية”؛ على مدار (45) عامًا الماضية، تؤيد حقيقة أن الحكومات التي كانت تحظى بدعم شعبي كبير، كانت تتسم بقوة أكبر على المسّاوامة في مواجهة الدول الصديقة والمعادية بل والمنافسة:

01 – مقاومة “الجمهورية الإيرانية”؛ حديثة النشأة مع “العراق”، (المسُّلح والمتمتع بدعم الشرق والغرب)، على مدار ثمانِ سنوات، كانت رهن بالدعم الشعبي الكبير.

ويمكن مقارنة القرار رقم (598) بغيرها من القرارات التي صُّدرت ضد “إيران” في بداية الحرب. والحصول على مثل هذا القرار الذي يتضمن مطالب “إيران” المشّروعة، كان بمثابة إنجاز كبير في نهاية الحرب، تحقق في ظل الدعم الشعبي للنظام والقيادة.

02 – سياسة (الشمال والجنوب سواء)؛ التي اتبعتها حكومة الإصلاح، ونجاح الدبلوماسية الإيرانية في المنطقة من مثل تطوير التعامل مع “المملكة العربية السعودية”؛ في فترة “أحمدي نجاد” الرئاسية، كان أيضًا نتاج الدعم الشعبي لتلك الحكومات.

03 – ارتبطت الدبلوماسية النووية الإيرانية منذ العام 2004م، وحتى الآن، بإدارك الحكومة الأوروبية للدعم الشعبي التي حظيت به الحكومات الإيرانية.

والدليل أن سوء فهم الغربيين للعلاقة بين الحكومة الإيرانية والشعب عقب أحداث العام 2009م، تسبب في تشديد العقوبات وعرقلة المفاوضات، وقد أثر فهم أطراف المفاوضات للعلاقة بين حكومة الرئيس “حسن روحاني” الأولى والشعب في التوقيع على “الاتفاق النووي”.

وعليه فإن تراجع معدلات المشاركة في انتخابات الجمعة الماضية؛ سيؤثر سلبًا على دبلوماسية الحكومة الرابعة عشر. وقد يكون هذا التوقع خاطئًا فالأمر منوط بمعدل المشاركة السياسية الشعبية في الجولة الثانية في الانتخابات، والحكومة المدعومة بمعدل أصوات كبير ومشاركة أغلب، تمثل المصالح الوطنية الإيرانية في المنطقة والنظام الدولي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة