مجاميع مسلحة ترتدي الزي الأسود يستقل أفرادها سيارات دفع رباعي تجوب شوارع العاصمة العراقية بغداد، تقوم بخطف رجال دين وأكاديميين وأطباء، وآخرها كان اختطاف 18 عاملاً تركياً (موظفون في شركة تركية تبني مجمعاً رياضياً) في بغداد.
ويعود مسلسل الخطف بقوة إلى بغداد، بعدما أقدمت مساء الأربعاء الماضي، مجاميع مسلحة على خطف إمام وخطيب “جامع نجيب”، الشيخ عدنان النعيمي، في منطقة الأعظمية ببغداد، بالإضافة إلى خطف أكاديمي في منطقة زيونة شرق العاصمة العراقية.
ويروي شاهد العيان مصطفى محمد، قصة خطف إمام جامع نجيب قائلاً: “مسلحون يرتدون الزي الأسود x، يُعتقد انتماؤهم لمليشيا الحشد الشعبي، اعترضوا سيارة الشيخ عدنان النعيمي في ساحة ناظم الطبقجلي بالأعظمية، وتم اختطافه تحت تهديد السلاح”.
وأكد أن “مكان الحادث الذي خطف فيه الشيخ يقع بالقرب من سيطرة أمنية تابعة للجيش العراقي، وهي المسؤولة عن حماية مدينة الأعظمية”، لافتاً إلى أن “عناصر السيطرة الأمنية اكتفوا بالتفرج على عملية اعتقال الشيخ النعيمي”.
وبهذا الصدد، قال المتحدث باسم المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء، الشيخ عبد الوهاب السامرائي، إن “الخطف موجود ولم يتوقف من قبل جماعات تحمل السلاح خارج نطاق الدولة، تستهدف الأئمة والخطباء والأكاديميين والأطباء”، مطالباً الحكومة العراقية “أن تضرب بيد من حديد على جميع المليشيات الطائفية، التي تقوم بقتل وخطف المواطنين والتجاوز على الممتلكات” بحسب قوله.
وتابع السامرائي أن “أبرز رجال الدين خطفوا في بغداد ولم نجد لهم أثراً لغاية الآن”، مشيراً إلى أن “عدد المخطوفين من رجال الدين المجهول مصيرهم بلغ 10 أشخاص، وهم من خيرة رجال الدين”.
وطالب الحكومة العراقية، كذلك، أن “تتحمل مسؤولية حماية مواطنيها، خاصة الإمام والخطيب؛ لكونه شخصية عامة، يدعو إلى الحق وينهى عن الباطل”.
وطالب عبد الوهاب ديوان الوقف السني “بموقف إعلامي واضح ممّا يجري من انتهاكات بحق أهل السنة، وتشكيل فريق من المحامين؛ يتابعون ملف الأئمة والخطباء المعتقلين في السجون”.
من جهته، قال ضابط برتبة نقيب في استخبارات وزارة الدفاع العراقية، رفض الكشف عن هويته، إن “مسلحين من “حزب الله” وعصائب أهل الحق هم المسؤولون عن عمليات الخطف التي طالت رجال دين سنة، وأكاديميين، وأطباء، بالإضافة إلى عملية اختطاف العمال الأتراك”.
وأضاف: “هناك توجه في الوزارات الأمنية بضرورة كشف المتورطين، وسحب السلاح من أية جهة غير منتمية إلى وزارتي الداخلية والدفاع، وجهازي الأمن الوطني والاستخبارات، ولكن هناك أحزاب سياسية وشخصيات ترفض هذا القرار”.
وتابع: أن”هناك من يرتدي الزي الأمني، ويحمل هويات رسمية تابعة للوزارات الأمنية، ولا يستطيع أحد محاسبته أو إيقافه، ويسمح له بابتزاز المواطنين والخطف، وكل ذلك يحصل بعلم الحكومة والجهات الأمنية”.
إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن السياسي رافع العبيدي، “أن بروز قوة نفوذ المليشيات الشيعية، جاء من خلال تمكينها من قبل السياسيين والأحزاب الحاكمة، من اختراق مؤسسات الدولة، خاصة المؤسستين العسكرية والأمنية، وتوظيف مقدّراتهما في عمليات واسعة، لتصفية حسابات طائفية تراوحت بين الاختطاف والتعذيب في معتقلات سرية، وكذلك في القتل على الهوية باستخدام السلاح الرسمي للدولة”.
وتابع حديثه لـ”الخليج أونلاين” قائلاً: “تلك الحرب (قتال تنظيم “الدولة”) منحت قادة المليشيات الشيعية فرصة ذهبية لتحويل مليشياتهم إلى جيـش رديف، يحظى بدعم “سخي” من إيران، تمويلاً وتسليحاً وتدريباً”، لافتاً إلى أن “هذه الحرب في حد ذاتهـا، ومن خلال الدور الذي لعبته تلك المليشيات في تحقيق تقدم نسبي فيها، منحها مزيداً من السلطة والمشروعيـة”.
وتشهد العاصمة العراقية والعديد من المدن، تصاعداً في عمليات الخطف في الآونة الأخيرة، التي يكون بعضها بقصد الحصول على الفدية المالية، وبعضها الآخر لدوافع طائفية، غالباً ما تنتهي بمقتل المخطوف.