14 أغسطس، 2025 12:16 ص

“الخضراء” تلتهب احتجاجًا على ترشيح “السوداني” .. إلى أين تتجه بوصلة المشهد العراقي ؟

“الخضراء” تلتهب احتجاجًا على ترشيح “السوداني” .. إلى أين تتجه بوصلة المشهد العراقي ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في احتجاجات مبكرة رافضة لترشيح “السوداني”؛ لتشكيل الحكومة العراقية، عاش (الإطار التنسيقي) 04 ساعات من الرعب بعد اقتحام أنصار زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، لـ”المنطقة الخضراء” و”البرلمان العراقي”، قبل أن يطلب “الصدر” من أنصاره الانسحاب، معتبرًا إياها: “جرة أذن”.

فقد دعا “الصدر”؛ في تغريدة عبر (تويتر)، ليلة الأربعاء، أنصاره إلى الانسحاب من “المنطقة الخضراء” والبرلمان والعودة إلى منازلهم.

وقال “الصدر”: “وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين. صلوا ركعتين وعودوا إلى منازلكم سالمين. كانت جرّة أذن”. ووصف تحركهم بأنه: “ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد”.

وحمل المتظاهرون لافتات تُندد بمرشح (الإطار التنسيقي) لرئاسة مجلس الوزراء؛ “محمد السوداني”، وتصفه: بـ”رجل المالكي”، في إشارة إلى رئيس الوزراء العراقي السابق، وزعيم تحالف (دولة القانون)، “نوري المالكي”.

فتنة من أجل الفوضى وضرب السلم الأهلي..

بينما وصف (الإطار التنسيقي)؛ في بيان، احتجاجات أنصار “الصدر” بأنها: “فتنة” ويُراد منها الفوضى وضرب السلم الأهلي، واتهم الحكومة العراقية، بتسهيل عملية اقتحامهم لـ”المنطقة الخضراء”، معقل الحكومة ومؤسسات الدولة العراقية والبعثات الدبلوماسية الدولية.

وقال (الإطار) في بيانه، إنه بعد أن أكمل الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفق بالإجماع على ترشيح شخصية مشهودٍ لها بالكفاءة والنزاهة، رصد ومنذ يوم أمس تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي.

تحميل الحكومة المسؤولية..

(الإطار) أضاف، أن ما جرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام “مجلس النواب” والمؤسسات الدستورية، وعدم قيام القوات المعنية بواجبها، يُثير الشبهات بشكلٍ كبير.

وأردف، أنه يُحّمل حكومة تصريف الأعمال المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة الدوائر الحكومية ومنتسبيها والبعثات الدبلوماسية والأملاك العامة والخاصة، وطالبها باتخاذ: “إجراءات حازمة لحفظ الأمن والنظام ومنع الفوضى والممارسات غير القانونية”.

“الشياع” يؤكد تمسكه بالترشح لتشكيل الحكومة..

فيما جدد “محمد شياع السوداني”؛ تمسكه بالترشيح لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، قائلاً: “لا صحة لما تم تداوله؛ ولن أنسحب من هذا الترشيح على الإطلاق وهو مسؤولية كبيرة تقع علينا لإنقاذ العراق”.

موقف (الإطار)، جاء بعد خروج الآلاف من أنصار “مقتدى الصدر”، مساء الأربعاء، الذي يملك أكبر قاعدة شعبية في “العراق”، للاحتجاج في “ساحة التحرير” وسط العاصمة؛ “بغداد”، قبل أن يتوجهوا إلى “المنطقة الخضراء”، واقتحام مبنى البرلمان.

بينما أتى حراك أتباع زعيم (التيار الصدري)، بعد تغريدة مطولة لـ”الصدر”؛ عبر (تويتر)، بمناسبة حلول “شهر محرم”، وذكرى “واقعة الطف”؛ التي شهدت مقتل “الإمام الحسين”، قائلاً فيها: “اتخذوا ثورة الطف نموذجًا لرفض الباطل والظلم والفساد”.

وبعد إعلان (الإطار التنسيقي)؛ المُقرب من “طهران”، في بيان رسمي له، يوم الإثنين، ترشيح رئيس (تحالف الفراتين)، “محمد شياع السوداني”، لمنصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة.

رسالة عفوية إصلاحية..

وكان السياسي العراقي المُقرب من “الصدر”، “صالح محمد العراقي”، قد وصف المظاهرات بأنها: “رسالة عفوية إصلاحية شعبية رائعة”.

وأعرب في بيان، نيابة عن “الصدر”، عن شكره للمتظاهرين، قائلاً إن: “سلامتهم أهم من كل شيء”، وإنه سيحترم قرارهم إذا شاؤوا الانسحاب من المبنى.

الإلتزام بالتظاهر السلمي..

ودعا رئيس الوزراء العراقي؛ “مصطفى الكاظمي”، في بيان نُشر على الحساب الرسمي لمكتبه، المتظاهرين إلى: “الإلتزام بالسلمية، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم؛ حسب الضوابط والقوانين”. كما طالبهم: بـ”الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء”.

وأضاف “الكاظمي” أن: “القوات الأمنية مُلتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أي إخلال بالأمن والنظام”.

من جانبه؛ قال رئيس الجمهورية العراقية؛ “برهم صالح”، إن التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستوريًا، فيما شدد على ضرورة إلتزام التهدئة وتغليب لغة العقل.

وقال “صالح” في بيان: “نؤكد على ضرورة إلتزام التهدئة وتغليب لغة العقل، وتجنّب أي تصعيد قد يمس السلم والأمن المجتمعيين”.

وأكدت بعثة “الأمم المتحدة” في العراق؛ أن التظاهر السلمي: “أساس للديمقراطية”، لكنها نوهت أنه يجب أن: “يحترم مؤسسات الدولة”.

فرصة لإعادة ما سرقته الأحزاب..

تعليقًا على ما يحدث، يقول الناشط الصدري؛ “طالب الحسن”، لـ (موقع سكاي نيوز)، إن: “خروج الصدريين في الساعة الرابعة بتوقيت العراق، هو مواصلة لتظاهرات تُندد بأي مرشح لا يُمثل الشعب العراقي بكل تلاوينه”، مبينًا أن: “ما يُريدهُ المتظاهرون هي القطيعة مع منظومة المحاصصة والتوافق، وإحياء ما قتله الناشؤون والمنتفعون السماسرة، أولئك الذين استبدلوا دمنا بالمال، وتضحياتنا بالمناصب”.

ووصف ما يجري الآن في “بغداد”: بـ”الفرصة الثمينة التي لا تعوض لإعادة ما سرقته تلك الأحزاب منا نحن أبناء الاحتجاج والاحتجاج فقط”، مؤكدًا أن احتجاجهم  يأتي: “للتقويم لا السلطة، للتصحيح لا الإنتفاع، لم نكن لنتظاهر لإفراز بديل مشوه يرفع شعارنا الملطخ بالدم ليُصافح الفاسد واستبداله بالظل”. في إشارة إلى ترشيح “السوداني” من قِبل “نوري المالكي”؛ رئيس الوزراء الأسبق.

وفي ظل تعاطي القوات الأمنية الهادئة مع المتظاهرين؛ الذي يرومون الدخول إلى معقل النظام السياسي؛ (المنطقة الخضراء)، يقوم المتظاهرون بإسقاط حواجز الصد الكونكريتية أمام بوابة المنطقة المحصنة، فيما يتابع أغلب العراقيين المشهد الاحتجاجي بعين الترقب والتوجس مما قد يحصل بين “الصدر” وخصومه من الكتل الولائية لـ”إيران”؛ داخل ما يُسمى: (الإطار التنسيقي).

تناحر حزبي..

ويقول الصحافي؛ “فلاح الخطيب”، لـ (موقع سكاي نيوز عربية)، إن: “التظاهر السلمي من أهم سمات النظام الديمقراطي، وعدد المتظاهرين مهما قل أو كثر، يُعبر عن وجود أزمة توجب على النظام استيعابها، فهي متطلبات اجتماعية وتغذية عكسية لمخرجاته”.

ويرى أن الاحتجاج الصدري الجاري في “بغداد”: “لا يعكس كل الرأي العام بالضرورة”، مبينًا أن: “خروج متظاهرين على مرشح لتكليف الحكومة لم يُكلف رسميًا أصلاً، لا يمكن وصفه إلا بتناحر حزبي، بين أحزاب (الإطار التنسيقي) من جهة، و(التيار الصدري) من جهةٍ أخرى”.

وأشار إلى أن: “مشكلة العراق، هي بذات الوجوه السياسية التي تدور بذات الدائرة منذ عام 2006″، مضيفًا أن: “تلك الوجوه اغتالت الديمقراطية عام 2010، ثم ساءت الأمور وسقط ثُلث البلد في عام 2014، بعدها مضت متعكزة وعادت بالأسوأ عام 2018، واستمر الإنحدار وتراكم الأزمات والفشل والاحتجاج والدماء”.

مَن هو “السوداني” ؟

وُلِد “السوداني”، في محافظة “ميسان”؛ عام 1970، وحصل على بكالوريوس في العلوم الزراعية، وشغل سابقًا عدة مناصب في الحكومة العراقية، مثل قائمقام مدينة “العمارة” 2004، ومحافظ “ميسان” 2005، ووزير حقوق الإنسان 2010، ورئيس “الهيئة العليا للمساءلة والعدالة” وكالة 2011، ووزير الزراعة وكالة، ورئيس “مؤسسة السجناء السياسيين” وكالة 2014، فضلًا عن وزير الهجرة وكالة، وإدارة وزارات: “المالية والشؤون الاجتماعية، والتجارة”، 2014 – 2016.

كما يُعد “السوداني” من قيادات الداخل، ولم يسبق له العمل ضمن المعارضة في الخارج، ولا يمتلك إقامة غربية ولم يسبق له العمل في مناصب أمنية.

وتسلّم “السوداني” جميع مناصبه عن ائتلاف (دولة القانون)، إذ كان قياديًّا في صفوف الائتلاف الذي يتزعمه “المالكي”.

ويُعد “السوداني” شخصية متصالحة مع الجميع، ولم يسبق أن دخل في صدام مع الأحزاب السياسية أو أصدر تعليقات استفزازية، كما أنه اتخذ موقفًا مؤيدًا للاحتجاجات الشعبية في “العراق”؛ عام 2019.

تغيير في المعادلة السياسية للحكم..

ويجمع عراقيون على أن ترشيح “السوداني” يُمثل تغيرًا في المعادلة السياسية للحكم، وذهاب فترة سيطرة شخصيات الخط الأول؛ (من غير الكاظمي)، حيث تسلم الحكومات المتعاقبة، منذ 2003 شخصيات من الصف الأول للأحزاب الإسلامية، مثل: “إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبدالمهدي”.

أبرز التحديات..

وبترشيحه لرئاسة الحكومة المقبلة، فإن المشهد السياسي في “العراق” قد يتجه نحو مزيد من التصعيد؛ بسبب غياب “الصدر” عن هذا الترشيح، خاصة أن “السوداني” محسوب على فريق “المالكي”، وفي حال توجه نحو تشكيل الحكومة؛ فإنه سيواجه صعوبات جمة، وفق محللين سياسيين.

وقال المحلل السياسي؛ “حمزة مصطفى”، إن: “أبرز تحدٍ سيواجه السوداني هو موقف (التيار الصدري)، إذ ما زالت المؤشرات مقلقة لغاية الآن، لكنها ستتبين خلال الأيام المقبلة، سواءً برفضه أو اتخاذ موقف آخر”.

وأضاف “مصطفى” أن: “التحدي الآخر، الذي سيواجه السوداني، هو آلية تشكيل الحكومة، وهل هو من سيختار وزراءه، أم الكتل التي ستُرشح عدة أسماء ليختار منها، خاصة أن ترشيحات الكتل جميعها ستكون لأعضائها وليس من المستقلين، وبالتالي ستكون اختياراته حزبية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة