كتب – محمد بناية :
دعا موقع صحيفة “الدبلوماسية” الإيرانية, المقرب من وزارة الخارجية, إلى عقد ندوة تحت عنوان “عراق ما بعد داعش” في قاعة اجتماعات صحيفة “اطلاعات”, لمناقشة آخر التطورات على الساحة العراقية وأبعاد مكافحة الجماعات الإرهابية والدور الإيراني لإنهاء أزمة “داعش”. شارك في الندوة السادة “محسن الحكيم” المستشار السياسي للمجلس الإسلامي الأعلى بالعراق، و”حسن دانايي فر” السفير الإيراني السابق في بغداد، و”صادق خرازي” السفير الإيراني السابق في الأمم المتحدة.
وقد رصدت صحيفة “تفاصيل الحدث” الإيرانية فعاليات تلك الندوة وأهم ما جاء على لسان المحاضرين…
خرازي: إيران لا تسعى للهيمنة الشيعية..
“ربما انتقادنا البعض وتساءل عن أسباب وجودنا في المنطقة، لكن الحقيقة لو لم يكن لنا وجود في دولة مثل “لبنان” لما استمع أحد لنا الآن. ونحن الآن نعيش مرحلة النفوذ والقوة الإيرانية وقدمنا التكلفة الباهظة التي تطلبها الأمر. ولو كانت إيران تسعى إلى فرض الهيمنة الشيعية لما ذهبنا إلى “البلقان” ودافعنا عن “فلسطين وأفغانستان” ذات الأغلبية السنية. لقد كان هدفنا دائماً حقيقة ووجودية العالم الإسلامي”.
وتطرق السفير الإيراني السابق بالأمم المتحدة “صادق خرازي” إلى القضية العراقية وضرورة ربطها بالتيارات السياسية داخل إيران, قائلاً: “الحرس الثوري وفيلق القدس ومجموعة الأفراد الذين سطروا ملامح النفوذ الإيراني في المنطقة، إنما قاموا بخطوة نادرة ولابد من الاعتراف أنه لا يمكن مقارنة المكانة الإيرانية في المنطقة اليوم بما كانت عليه في أي مرحلة تاريخية. وهذه المكانة والحقيقة هى نتاج القوة الاستراتيجية لإيران. ولقد تجاوز النفوذ الإيراني الحدود السياسية وتجاوز صحراء قبچاق إلى باب المندب في اليمن، والسهول الهندية حتى حدود البحر المتوسط، وكم كان هذا لأمر مكلفاً بالنسبة لإيران. وإذا ما نجحت الدبلوماسية الإيرانية من استغلال هذه المكانة فربما تستطيع إيران إثبات قوتها في الكثير من القضايا الإقليمية والعالمية”.
وأضاف: “لقد كانت “داعش” منظمة عسكرية وأمنية ولا حيلة سوى القضاء عليها بشكل كامل وإلا سيتم إحياءها من جديد. وفي هذا الصدد بمقدور الأجهزة الأمنية داخل المنطقة وخارجها المساهمة في القضاء على داعش”.
ثم تحدث سفير إيران السابق بالأمم المتحدة عن دور المرجعية في القضاء على الإرهاب, مؤكداً على ان: “ابتدأ المرجعية الشيعية في النجف عمليات الكفاح ضد الاستعمار. ولقد نجح المسؤولون العراقيون في حل مشكلات الشعب بالتواصل مع آية الله “السيستاني”، وهذه النقطة جديرة بالأهمية. وأنا شرفت قبل أربع سنوات بلقاء “السيستاني” الذي أخبرني أنه لا يمكنه مساندة الحكومة العراقية ما لم تعمل على إصلاح نفسها. ولو لم يعد آية الله “السيستاني” من لندن أثناء حصارها من جانب الأميركيين والبريطانيين بحجة مواجهة “مقتدي الصدر”، لربما تم تدمير حوزة النجف تماماً. واليوم ترفض المرجعية العراقية قبول التسامح مع التنظيمات الإرهابية، فلو لم يستمر خط المقاومة ربما تضررت المنطقة من جديد. وعليه لابد من المحافظة على هذه الوحدة منقطعة النظير في العراق واقتلاع جذور الإرهاب منها تماماً”.
دانايي فر: حذرت المالكي والبارازني من تكرار السنياريو السوري في العراق..
استعرض “حسن دانايي فر”, خلال كلمته بالندوة, التنوع التاريخي للعرقيات والطوائف الدينية والمذهبية بالعراق, وقال: “كان هذا الموضوع سبباً في ظهور تعقيدات خاصة بالعراق. وحتى الآن لم تكتمل مرحلة بناء الحكومة – الشعب في العراق، والأجواء الخاصة التي فرضتها الصحوة العربية أو الربيع الإسلامي على المجتمع العراقي كانت سبباً في اجتذاب 46 ألف شخص حول العالم إلى العراق”.
واستطرد السفير الإيراني السابق في بغداد: “بعد سقوط الموصل عام 2014 هاجر حوالي 60% من الكتلة السكانية بالمدنية. وكنت قد قلت للمالكي, بعد سقوط الفلوجة عام 2013, إنهم يريدون تكرار السنياريو السوري في العراق. ثم قلت نفس الكلام للبارزاني. واليوم وبعد القضاء على “داعش” فقد تم قطع رأس الأفعى رغم الدمار الكبير الذي خلفته في العراق وإمكانية توتر الأوضاع الأمنية”.
ووصف “دانايي فر” دعم المرجعية لعملية تأهيل الدولة والشعب بالفرصة, ودعا إلى نشر الثقة بالنفس بين أفراد الشعب والأحزاب والمسؤولين واغتنام فرصة عوائد النفط والعتبات العراقية، والدعم الأجنبي لا سيما دعم الجمهورية الإيرانية. وحذر من خطورة تراكم المطالب السياسية والاقتصادية ودمار الحرب ودعوات الانفصال والتقسيم والمنافسة بين الأحزاب على مستقبل البلاد. ولا سبيل للقضاء على هذه التحديات سوى السلام الوطني.
الحكيم: مستعدون لتبادل المعلومات عن “داعش” مع الدول الأخرى..
ركزت كلمة “محسن الحكيم” بشكل أساسي على مسألة عراق ما بعد داعش, مؤكداً على ان: “الأمن أحد القضايا الملحة في عراق ما بعد داعش. ورغم انه لن يكون هناك وجود للتنظيم لكنه سيسعى (في صور نواة تحت الأرض) إلى تنفيذ عمليات تستهدف أمن العراق, ولذا يجب ترميم وتأهيل الأجهزة الأمنية والمخابراتية والشرطية. والحقيقة أن الحكومة العراقية اتخذت بعض الإجراءات في هذا الصدد وتمكنت من تحقيق النجاح. فقبل عامين كنا نتابع أخبار تفجير عشرات السيارات في بغداد، في حين شهدت الأشهر الخمس الأخيرة انفجار عدد 8 سيارات مفخخة على أطراف بغداد. وبالتالي علينا تقوية الأجهزة المخابراتية والأمنية العراقية للحيلولة دون المزيد من عمليات داعش”.
وشدد المستشار السياسي للمجلس الإسلامي الأعلى بالعراق على ضرورة ترميم العراق وعودة اللاجئين, وأردف: “طبقاً للاحصائيات فقد عاد 2 مليون لاجئ إلى منازلهم في المناطق المحررة. وعلى عكس الدعاية التي لا تولي اهتماماً بمسألة عودة اللاجئين أقول: لا توجد مشكلة في عودة اللاجئين إلى المناطق المحررة إلا في منطقتين. فعلى سبيل المثال تم تدمير حوالي 80% من مدينة الرمادى وترميم هذا الدمار يحتاج إلى مصادر مالية ضخمة”.
واستطرد: “عملت “داعش” ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية طوال فترة وجودها على أفكار الشعب وسعت إلى جذب الرأي العام العراقي، لكن الكثير ممن انخدع بهذه الأفكار تنبه إلى الخطأ الذي وقع فيه وعاد إلينا بفكر إيجابي, وعلينا أن نحتتضنهم، مع هذا لا يزال هناك من يقع تحت تأثير شعارات “داعش” وهؤلاء يحتاجون منا إلى العمل عليهم ثقافياً وفكرياً وعقائدياً. والحقيقة أن مشكلة “داعش” لا تقتصر على العراق فقط وإنما هي ظاهرة تهدد أمن المنطقة والعالم. ولقد انضم إلى التنظيم مواطنين من 80 دولة حول العالم, والآن عادوا إلى بلدانهم التي جاؤوا منها، وبالتأكيد سوف يتسببون في الكثير من المشاكل”.