“الحوار الوطني” المصري بعيون إيرانية .. مشاكل لن تقضي عليها الإجراءات الاستعراضية !

“الحوار الوطني” المصري بعيون إيرانية .. مشاكل لن تقضي عليها الإجراءات الاستعراضية !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

الرئيس المصري؛ “عبدالفتاح السيسي”، الذي قرر مؤخرًا؛ في آتون الأزمة الاقتصادية، فتح حوار مع المعارضة السياسية، لكن بالنسّبة للقيادات أمثال “السيسي” تنتهي الإصلاحات السياسية عند هذه النقطة. في حين أن جلسة “الحوار الوطني” ستكون في الظاهر محلًا لسّماع صوت المعارضة التي أجبرت على الصمت بطرق مختلفة، منذ العام 2014م، وبعد صعود “السيسي” إلى سّدة الحكم، لكن الأحداث التي استبقت “الحوار الوطني” وواكبته تُثبت عدم ميل الرئيس المصري، بعد سنوات من قمع المعارضة السياسية والسّيطرة على الاقتصاد عبر القوة العسكرية، إلى تغيير الوضع القائم؛ بحسّب تقرير “محمد حسين لطف إلهي”، المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.

“حوار وطني” منتقى أمنيًا..

وكانت صحيفة (نيويورك تايمز) قد كتبت؛ حتى قبل انعقاد “الحوار الوطني”، على مدى ثلاثة أيام خلال آيار/مايو الماضي، عن محاولات الحكومية تقيّيد الحضور والحيلولة دون مشاركة بعض الفصائل والوجوه السياسية.

على سبيل المثال مُنع تيار الإسلام السياسي من المشاركة؛ بل وبعض المعارضين الليبراليين والعلمانيين. ولم تُطرح كذلك الموضوعات الهامة من بينها أي موضوع يرتبط بمقولة الأمن الوطني.

واستيقظ المواطن المصري بعد يوم على انطلاق الحوار على خبر اعتقال السلطات الأمنية المئات من أقارب وأنصار ذلك الشخص الذي أعلن عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة ضد “السيسي”.

وعود لن تُحقق !

وفي جلسة “الحوار الوطني”؛ تحدث الرئيس المصري عن رسم مسّار سياسي واقتصادي جديد، في حين يواجه حاليًا تحديات أساسية مثل التضخم المتزايد وتراجع قيمة العُملة المحلية. وتتوازي هذه التصريحات مع فشل الوعود الحكومية بالإصلاح الاقتصادي.

وفي كلمته بـ”الحوا الوطني”؛ قال “عمرو موسي”، وزير الخارجية المصري السابق: “الحقيقة أن لدى الشعب المصري الكثير من المخاوف، ويتعجب من مسّار وسياسات الحكومة المصرية”.

وقد حذر الاقتصاديون والمحللون؛ قبل مدة من وقوع الاقتصاد المصري تحت سّيطرة الحكومة، لا سيما بعد تجربة تخصيص ميزانية هائلة لشراء الأسلحة والتركيز كذلك على ازدهار البناء على المدى القصير، لكن على المدى البعيد سيواجه فاتورة كبيرة من المديونيات، ستزيد من سوء الحالة الاقتصادية المصري.

وقد ازدادت المشكلات الاقتصادية المصرية سوءًا مع بداية العمليات العسكرية الروسية ضد “أوكرانيا” وازدادت أسعار الطاقة والسّلع الأساسية، وقطع السياحة الروسية والأوكرانية عن “مصر”، وهروب الكثير من دولارات المستثمرين.

تبريرات نظام “السيسي”..

وعلى العكس من جهود حكومة “السيسي”؛ التي تُحاول ربط الأزمة الاقتصادية بتداعيات الحرب الأوكرانية، هناك انتقادات كثيرة على أداء الحكومة في هذه المسألة؛ (مع العلم أن أبسّط انتقاد في مصر قد يقود صاحبه إلى السجن)، وتعكس الرفض المجتمع لذلك التبرير وتعتبر “السيسي” وحكومته المسؤول الأول عن الأزمة الراهنة.

ويعتقد المحللون أن الحوار مع المعارضة الداخلية؛ (وإن كان استعراضي)، لا يعني أن الرئيس المصري يشعر بضغط الغضب الشعبي؛ وأنه يسّعى إلى إدارة الأزمة، ولكن تتطلع الحكومة إلى إدارة الأوضاع على نحو يسمح بإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة؛ (المقرر إجراءها نهاية العام الجاري بدلًا من العام المقبل)، لصالح “السيسي”، دون توتر. ومرور الوقت ليس في مصلحة “السيسي”؛ حيث تتراجع شعبيته بشكلٍ يومي.

وفي ظل انعدام الأمل في إجراء انتخابات نزيهة في “مصر”، يبدو أن الحكومة المصرية رفع مستوى المشاركة، كمؤشر على شرعية الحكومة في التقدم بخطط الإصلاح الاقتصادي في الداخل، والحد من ضغوط حقوق الإنسان من الخارج.

ضغوط إقليمية وعالمية..

يُذكر أن الدولة الأكثر كثافة من حيث عدد السكان في العالم العربي، والحليف القديم لـ”الولايات المتحدة الأميركية”، قد مرت قبل 12 عام بأوضاع مضطربة وصعود “السيسي”؛ بعد فترة من الحكم الديمقراطي، إلى السلطة والذي لا يسمح بأي معارضة سياسية.

ومع انتشار الفقر بسبب الأزمة الاقتصادية، لا يرى المصريون؛ وعددهم حوالي: 105 مليون نسّمة، آفاق للتغيير، وهو ما يعتبر تحذير للدول الأخرى. فانهيار الاقتصاد المصري قد يُفضي إلى مجموعة من الاضطرابات في الشرق الأوسط، واتجاه سّيول الهجرة إلى “أوروبا” مجددًا.

وبلغ عمق الأزمة المصرية حد أنه من المحتمل أن تُضطر “القاهرة”؛ بغضون أقل من شهر، للاختيار بين دفع الديون الخارجية أو الاستمرار في تقديم الدعم للكثير من المواطنين لإشباع الأسر الفقيرة جدًا. وكان الرئيس المصري قد قرر القيام بعدد من الإجراءات الاستعراضية للحيلولة دون انتفاضة عامة أو اتسّاع دائرة الغضب شكلت الإفراج عن أكثر من: 1000 سجين سياسي طوال العام الماضي، لكن مخاوف حكومته من نشاط المعارضة، أفضى إلى موجة جديدة من الاعتقال، وفرض الإقامة الجبرية، والنفي، وأثارت الشكوك حول مسألة الحريات.

والاعتقاد السّائد بين المصريين أن الإجراءات الحكومية الاستعراضية مثل مؤتمر “الحوار الوطني”؛ إنما تهدف إلى تحسّين صورة الحكومة أكثر منها محاولة حقيقة لفتح المناخ السياسي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة