23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

الحوار الإستراتيجي بين “بغداد” و”واشنطن” .. هل ينجح “بايدن” في رأب الصدع الداخلي بالعراق ؟

الحوار الإستراتيجي بين “بغداد” و”واشنطن” .. هل ينجح “بايدن” في رأب الصدع الداخلي بالعراق ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يعود الحديث إلى اتفاقية الإطار الإستراتيجي، الموقعة بين “بغداد” و”واشنطن”، قبل 13 عامًا، من جديد، لاستكمال ترسيم بنودها الإستراتيجية وطبيعة علاقة البلدين بعد تقدم “العراق” بطلب رسمي لاستئناف الحوار؛ الذي توقف منذ نحو 9 أشهر.

على إثر ذلك، أعلن السفير الأميركي لدى العراق، “ماثيو تولر”، عن أربع أولويات للإدارة الجديدة في “العراق”، ضمنها محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، فيما أكد أن الأهداف الإستراتيجية ثابتة رغم تغير الإدارات.

وقال “تولر”، خلال مشاركته في ندوة مرئية، إن: “الأهداف الإستراتيجية الأميركية ثابتة؛ رغم تغير الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض، إلا أنه من ناحية عملية، فإن إحدى ثمار هذا النظام الأميركي أنه في كل 4 أو 8 أعوام تأتي إدارة جديدة تنظر إلى التحديات بعيون تختلف عن الإدارة السابقة”.

وأضاف، أن: “هذه العيون تجلب عدسات جديدة لبعض التحديات التي نواجهها، لكن بالطبع ستكون هناك استمرارية، لأن اهتمام الولايات المتحدة بهذا البلد الحيوي لن يتغير”.

وأشار “تولر”؛ إلى أن: “هزيمة (داعش) تظل مهمة أمنية ذات أولوية أميركية في العراق، ورغم خسارة التنظيم بشكل مادي، فإن وجود القوات الأميركية في العراق يأتي بناء على دعوة من الحكومة العراقية، للقيام بمهمة محدودة تركز على تقديم المشورة والمساعدة لقوات مكافحة الإرهاب العراقية، بما في ذلك (البيشمركة)، لمنع تنظيم (داعش)”.

وأكد السفير الأميركي: “مواصلة الحفاظ على هذا الوجود، ما دام ذلك ضروريًا لمساعدة الحكومة العراقية في منع عودة (داعش) والإرهابيين لتهديد الشعب العراقي وتهديد الأمن الإقليمي”.

طلب عراقي لاستكمال الاتفاقية..

وكان “العراق” قد قدم طلبًا رسميًا إلى إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، لاستكمال الاتفاقية الإستراتيجية، (2008)، ووضع المعالجات والتفاهمات للعديد من الإشكاليات العالقة؛ بينها التواجد الأجنبي وطبيعة الدعم اللوجستي والعسكري في مجال مواجهة الإرهاب.

ويأتي الحديث عن فتح الملف والعلاقة الإستراتيجية في ظل متغيرات عدة؛ من بينها وصول “بايدن” إلى “البيت الأبيض” وتوازنات القوى وطبيعة المشهد في منطقة المتوسط وانعكاسات الصراع “الأميركي-الإيراني” على تطورات الأحداث.

يُذكر أن “بغداد” و”واشنطن” كانتا قد استئنفتا الحوار الإستراتيجي، في حزيران/يونيو الماضي، عبر دائرة متلفزة؛ ناقش خلالها الجانبان عددًا من القضايا؛ بينها أعداد قوات “التحالف الدولي”.

وفي “واشنطن”، خلال آب/أغسطس2020، استكمل فريق عراقي برئاسة، “مصطفى الكاظمي”، النقاش الإستراتيجي مع الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، وتعهد الأخير بسحب جميع قواته خلال 3 أعوام.

تلك المحادثات جرت حينها على وقع هجمات متصاعدة استهدفت المصالح الأميركية في “العراق”، تقف وراءها ميليشيات مسلحة تابعة لـ”إيران”، مما أسفرت عن تعكير الأجواء بين “واشنطن” و”بغداد”؛ بعد تهديد وزير الخارجية الأميركية، حينها، “مايك بومبيو”، بغلق سفارة بلاده في “بغداد” والتهديد بالمقاطعة الدبلوماسية.

موافقة أميركية على مراجعة الحوار الإستراتيجي في نيسان..

وفي رد على طلب “العراق” باستئناف الحوار، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، “جين ساكي”، إن الإدارة الأميركية: “تتطلع إلى مراجعة الحوار الإستراتيجي مع العراق، في نيسان/أبريل المقبل”.

وقالت “ساكي”، في تصريحات صحافية إن: “الهدف سيكون توضيح أن مهمة قوات التحالف تقتصر على تدريب القوات العراقية؛ وتقديم المشورة لضمان عدم عودة (داعش)”.

وكان حلف الـ (ناتو)، أعلن الشهر الماضي، عن سعيه لزيادة عدد قواته في “العراق”، إلى ثمانية أضعاف، فيما أكدت “واشنطن” إلتزامها بحسب قوات “التحالف الدولي”.

قد تكون هناك مفاوضات سرية بين واشنطن وطهران..

وحول ما إذا أصبحت إستراتيجية “بايدن”، في “العراق”، أكثر وضوحًا، قال مدير مركز القرار السياسي، “حيدر الموسوي”؛ أنه: “لا يمكن التعويل على تصريحات السفير الأميركي في العراق، حيث أن وضع العراق معقد جدًا، كونه يقع ضمن نطاق صراع المحاور، وقد تكون هناك مفاوضات سرية بين واشنطن وطهران، دليل ذلك عدم وجود استهداف للمصالح الأميركية في الوقت الحالي”.

وتابع “الموسوي”؛ بالقول: “إستراتيجية الولايات المتحدة تختلف اليوم عما كانت عليه في زمن ترامب، حيث يميل، بايدن، نحو التهدئة ويريد عودة الاستقرار إلى المنطقة، من أجل المصالح الأميركية ونفوذها في الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة تعاني من مشاكل اقتصادية وتراجع في قوتها”.

وأضاف “الموسوي”، قائلاً: “يريد العراق الانفتاح على الصين، في ظل وجود طريق الحرير وميناء الفاو، لكن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تقف حجر عثرة أمام أي إستراتيجية اقتصادية في العراق، حيث أن ذهاب، عادل عبدالمهدي، إلى الصين كانت بداية المشكلة مع واشنطن”.

محاولة إبعاد النزاعات عن دائرة القرار..

إلى ذلك، يقول المحلل السياسي، “جاسم الموسوي”، إن تحريك الملف الإستراتيجي مجددًا، من قِبل الجانب العراقي، يأتي: “لتأكيد حكومة الكاظمي إلتزامها الشراكة مع واشنطن، ولكن هذا لا يكفي لتأكيد تلك النوايا”.

وتضغط بعض القوى السياسية، ذات الميليشيات المسلحة الولائية المعروفة إلى “إيران”؛ لإخراج قوات “التحالف الدولي”، من “العراق”، عبر الحوار: بـ”الصواريخ”، و”العبوات الناسفة”.

وارتفعت حدة تلك الهجمات بعد مقتل رجل “إيران” الأول، في “العراق”، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس ميليشيا الحشد، “أبومهدي المهندس”، مطلع العام الماضي، بغارة أميركية عند “مطار بغداد”.

ويلفت “الموسوي” إلى أن: “واشنطن تريد، ومن خلال الحوار الإستراتيجي المزمع استئنافه خلال نيسان/أبريل المقبل، الجلوس مع صاحب القرار في بغداد؛ وله القدرة على إطفاء النيران التي توجه صوب السفارة الأميركية وأرتال التحالف في العراق”.

ويؤكد “الموسوي”، خلال حديث لـ (العين) الإخبارية، أن: “سيادة العراق وأمنه القومي لن يتحققا بعيدًا عن الصراع (الأميركي-الإيراني)، وبالتالي فإن على بغداد الاستفادة من تلك الفرصة بتقوية الإرادة الوطنية ومحاولة إبعاد تأثير تلك النزاعات عن دائرة القرار في بغداد”.

تنازع الهويات يُضعف من قدرة المُحاور العراقي..

فيما يعتقد الخبير في شؤون العراق الإقليمية والدولية، “ناصر القصاب”، أن تنازع الهويات الفرعية على الهوية الوطنية سيُضعف من قدرة المُحاور الإستراتيجي العراقي أمام الإدارة الجديدة في “واشنطن”.

مضيفًا: “نحن نعيش صراعًا، فهناك من يؤمن أن العراق جزء من مشروع إيديولوجي جغرافي، وبين من يريد استعادة الهوية”.

ويشدد “القصاب” على أن: “الحوار الإستراتيجي يحتاج إلى حكومة قوية وشخصيات صانعة للقرار قادرة على تمرير مصالح الوطن من بين الطرق الوعرة وإختناقات المصالح الفئوية”.

إيران وبطاقة العراق النووية..

وفي أعقاب الهجمات التي استهدفت قاعدة (عين الأسد) الجوية، غرب “العراق”، في الشهر الماضي، أكد وزير الدفاع الأميركي، “لويد هوستن”، أن “إيران” تضغط على “الولايات المتحدة” عبر “بغداد”.

الهجمات.. التحدي الأكبر لشكل العلاقة الإستراتيجية..

ويقول المحلل السياسي، “محمد حسن العيسى”؛ أن تلك الهجمات التي تنفذها فصائل مسلحة تأتمر بالقرار الإيراني، تمثل التحدي الأكبر لشكل العلاقة الإستراتيجية، بين “بغداد” و”واشنطن”.

ويبُيّن “العيسى” أن: “بايدن، الذي يُعرف بالحنكة السياسية والدبلوماسية العالية، ومعه فريقه الحكومي للعلاقات الخارجية، سيحاور إيران عبر العراق ضمن ما تعرف اتفاقية الإطار الإستراتيجي من خلال كبح جماح فصائلها والعودة بالعراق إلى محيطه العربي”.

ويستدرك بالقول: “نجاح معاهدة الإطار الإستراتيجي وارتفاع مؤشر الشراكة، بين بغداد وواشنطن، يعتمد على مجموعة من المدخلات الرئيسة؛ في مقدمتها عودة العراق إلى الحاضنة العربية باعتبارها القاعدة الأقوى التي ممكن الاعتماد عليها في النهوض من تفتت الهوية والمراهنات الجارية على إذكاء وتقوية الإنتماء المذهبي والأثني والطائفي”.

يوضح نضج تجربة “بايدن”..

ويقترب “حمزة مصطفى”، الصحافي والمحلل السياسي، من ذلك الرأي، حيث يؤكد أن “بايدن” رجل ضليع في السياسة ويمتلك خبرة تراكمية كبيرة في مجال المصالح العليا لـ”واشنطن”، وأعتقد أن نضج تجربته سيكون واضحًا في الحوار الإستراتيجي، المزمع إنطلاقه بعد نحو شهر.

موضحًا أن: “طهران خاب أملها، بعد تصريحات بايدن، التي كانت ترى فيه مخرجًا لعزلتها الدولية وحصارها الاقتصادي والنووي؛ بعد ان أدركت أن السياسات ثابتة ولن يتغير شيء بتغير الرؤساء”.

وكانت إدارة “البيت الأبيض” الجديدة قد أكدت، في أكثر من موقف لها؛ أن معالجتها للملف الإيراني لن تكون على حساب السلام في المنطقة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة