خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في زيارة لم تكن معلنة مسبقًا، بدأ “محمد الحلبوسي”، رئيس البرلمان العراقي، زيارة للعاصمة الأميركية، “واشنطن”، الثلاثاء الماضي، حيث التقى برفقة وفد نيابي، القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي، “باتريك شاناهان”، وجرت مراسم الاستقبال الرسمية في “البنتاغون”.
“الحلبوسي”؛ قال خلال لقائه مع وزير الدفاع الأميركي، إن: “العراق انتصر عسكريًا، لكنه لا يزال بحاجة للدعم”، وهو ما يعكس تناقض وجهات النظر بين إرادة الشعب وما تراه الحكومة”.
بحسب بيان لمكتبه: “في مستهل اللقاء قدَّم شاناهان تعازيه إلى الشعب العراقي بحادثة العبارة، معبرًا عن ألمه وتعاطفه مع ضحايا الحادث، كما رحَّب بالوفد الزائر، مؤكدًا على أهمية تطوير العلاقات الثنائية والتواصل بين واشنطن وبغداد. وبحث اللقاء العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجال الأمني والعسكري والاقتصادي”.
العراق مازال بحاجة للدعم العسكري الأميركي..
ونقل البيان، عن “الحلبوسي”، قوله: “من دواعي سرورنا أن نكون هنا؛ بعد الانتصار على (داعش) الإرهابي بمساعدة الأصدقاء، ومنهم الولايات المتحدة الأميركية، ونقدر عاليًا دور التحالف الدولي بقيادة واشنطن في هذا المجال”، مشيرًا إلى أن: “العراق انتصر عسكريًّا بتضحيات أبنائه على تنظيم (داعش) الإرهابي، لكنه ما زال بحاجة إلى استمرار الجهود ومواصلة الدعم، للقضاء على الخلايا الإرهابية والفكر المتطرف، في تدريب القوات العراقية وتأهيلها والجهد الاستخباري والدعم اللوجيستي”.
وتطرَّق اللقاء، حسب البيان، إلى ضرورة “بذل جهود المجتمع الدولي بشكل واضح في ملف الإعمار والاستقرار للمناطق المحررة، وإعادة النازحين الذين ما زال الآلاف منهم في مخيمات النزوح”، مؤكدًا على ضرورة “إسناد الحكومة العراقية لتقديم الخدمات لهذه المناطق، من أجل غلق ملف النزوح الذي سيُسهم إيجابًا في عدم عودة (داعش) وانتشار فكره المتطرف مرة أخرى، فضلًا عن توفير فرص العمل من خلال المشاريع الاستثمارية؛ للقضاء على البطالة”.
مضيفًا أن: “الظروف الآن مؤاتية أكثر من أي وقت سابق لإعادة إعمار العراق، ومن الأفضل استثمار هذه الفرصة، من أجل استقرار العراق الذي سيسهم في استقرار المنطقة”.
وفي ختام اللقاء، عبَّر “شاناهان” عن إعجابه بالقوات العراقية وتطورها، مؤكدًا “استمرار الدعم للحكومة، وإسناد القوات، والتطلع إلى المزيد من التعاون بين بغداد وواشنطن وبما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين”.
ملف إعادة الإعمار..
وفي يوم الخميس الماضي، استقبل “مايك بنس”، نائب الرئيس الأميركي، “محمد الحلبوسي”، في “البيت الأبيض”.
وكما جاء ببيان صادر عن “البيت الأبيض”؛ جرى، خلال اللقاء، تناول عملية “إعادة إعمار العراق” بعد القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي.
كما تناول البحث عن “سبل وإمكانات جديدة للتعاون بين واشنطن وبغداد في المجالين الاقتصادي والأمني بعد هزيمة (داعش)”، وفق البيان.
وشدد الطرفان أيضًا على أهمية “استمرار التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب”، وبحثا “الخطوات التي من الممكن إتخاذها لقيام المستثمرين الأميركيين بمزيد من الاستثمارات في العراق”.
وتضمنت زيارة “الحلبوسي”، إلى “واشنطن”، لقاء رئيسة مجلس النواب الأميركي، “نانسي بيلوسي”.
وذكر بيان لمكتب “الحلبوسي”؛ أنه جرى خلال اللقاء بحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتفعيل لجان الصداقة البرلمانية، واستمرار التعاون المشترك في المجالات كافة.
كما أكد الجانبان، خلال اللقاء، على “انفتاح العراق على المجتمع الدولي؛ للمضي بإعادة الإعمار والاستثمار من خلال استقطاب الشركات العالمية، ومنها الشركات الأميركية، فضلًا عن توفير فرص العمل للمواطنين والقضاء على البطالة”.
ووجه “الحلبوسي” دعوةً إلى “بيلوسي” لزيارة “العراق”.
مناقشة الشراكة الإستراتيجية..
كذلك؛ التقى “الحلبوسي”، وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، بحضور سفير العراق لدى الولايات المتحدة الأميركية، “فريد مصطفى”، طبقًا لمكتب رئيس البرلمان الذي أوضح في بيان؛ أن الطرفين بحثا “سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات محاربة الاٍرهاب والتعاون الاقتصادي، ومناقشة الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق، واستمرار الجهود في مكافحة الإرهاب وفكره المتطرف، وملف تأمين الحدود وهزيمة (داعش) نهائيًا، ومنع عودته مرة أخرى، والتأكيد على الإلتزام بسيادة العراق وأمنه وإزدهاره”.
كما تطرَّقا إلى “ضرورة بذل جهود من قِبل المجتمع الدولي بملف الإعمار والاستثمار والانفتاح على المجتمع العربي الدولي لدعم الحكومة العراقية؛ لتقديم الخدمات للمواطنين، وتوفير فرص العمل من خلال المشاريع الاستثمارية؛ للقضاء على البطالة الذي يسهم في إعادة الاستقرار”.
تأكيدات على استمرار خطر “داعش”..
يأتي ذلك؛ بالتزامن مع تأكيدٍ لـ”التحالف الدولي” ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، بزعامة “واشنطن”، بأن التنظيم ما يزال يشكل خطرًا على “العراق”، و”سوريا” أيضًا.
نائب قائد التحالف، الجنرال “كريستوفر غيكا”، قال في تصريح له: “إننا ما زالنا في مرحلة مبكرة من القضاء تمامًا على (داعش)”، مبينًا أن “(داعش) ما يزال يمثل خطرًا في سوريا والعراق”.
مضيفًا أن: “مهمة التحالف لن تنتهي بالقضاء على (داعش)”، مشيرًا إلى “أننا سنواصل تدريب القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية”.
ضغط أميركي لعدم صدور قرار يتعلق بطرد القوات..
عن الزيارة؛ حذرت جهات سياسية عراقية، أمس الجمعة، من تعرض رئيس مجلس النواب العراقي، “محمد الحلبوسي”، المتواجد في “واشنطن”، إلى ضغوطات أميركية، من أجل إقرار البرلمان قرارًا يقضي بإخراج القوات الأميركية من “العراق”.
النائب، “بدر الزيادي”، عن (تحالف سائرون)، المدعوم من قبل زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، يقول في تصريحات صحافية إن: “دعوة رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، لزيارة الولايات المتحدة الأميركية لم تأتِ من فراغ، بل الهدف منها الضغط على الحلبوسي من أجل منع إتخاذ مجلس النواب قرارًا بإخراج القوات الأميركية من الأراضي العراقية”.
ويضيف أن: “تحالفي سائرون والفتح، وجميع الكتل الوطنية، مُصرون على إتخاذ قرار برلماني يخرج كافة القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، ولن نقبل بأي ضغوطات خارجية أو داخلية”.
كما قال النائب عن (تحالف سائرون)، “رائد فهمي”، إن: “زيارة رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، لواشنطن؛ تتطرق إلى العلاقات في إطار الاتفاقيات المبرمة وتواجد القوات الأميركية في العراق ومستقبلها، حيث إن كثيرًا من النواب يدعون إلى مراجعة العلاقة مع الولايات المتحدة ووضع نهاية لتواجد القوات الأجنبية”.
لا يتناقض مع رفض الوجود الأميركي..
وحول مطالبة رئيس البرلمان بالمزيد من التدريب للقوات العراقية والدعم اللوجيستي من المسؤولين الأميركيين، أكد “فهمي” على أن: “هذا لا يتناقض مع رفض الوجود الأميركي، فالقوى السياسية طلبت من الحكومة تحديد مدى احتياجها لدعم جوانب معينة تفتقر لها القوات المسلحة؛ وهما جانب الغطاء الجوي والجهد الاستخباري وتدريب القوات العراقية”.
وحول مسألة “إعادة الاعمار”، أكد “فهمي” على أن: “العراق بحاجة للمساعدة الدولية في هذا الصدد؛ بمن فيهم الولايات المتحدة”، مضيفًا أن: “العراق بحاجة لخلق البيئة المناسبة لإقامة هذا التعاون؛ وكذلك مدى استعداد الشركات الأميركية للمشاركة في إعادة الإعمار”.
أمر وارد وغير مستبعد !
ويرى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية، “واثق الهاشمي”، إن: “تعرض الجهات السياسية العراقية، وحتى رؤساء البرلمان أو الوزراء أو حتى الجمهورية، إلى ضغوطات دولية أميركية أو غيرها أمر ليس مستبعدًا وليس غريبًا”.
مضيفًا أن: “هذه الضغوطات يمكن لها أن تكون من خلال إيصال رسائل بيد أشخاص أو عن طريق آخر، لا أن تحصل خلال زيارة المسؤولين إلى البلدان الأخرى”، مؤكدًا على أن: “تعرض الحلبوسي أو أي مسؤول آخر أو كتل سياسية؛ إلى ضغوطات أميركية لعدم التصويت على قرار يقضي بإخراج القوات الأميركية أمر وارد جدًا، وغير مستبعد، بل بعض الجهات كشفت عن وجود هكذا ضغوطات حصلت في العراق خلال الفترة الماضية، خصوصًا ضد الجهات السُنية والكُردية”.
آمال بعدم تقديم تنازلات..
من جانبه؛ قال النائب عن كتلة (النهج الوطني)، “حسين العقابي”، إن: “موقف مجلس النواب العراقي واضح، وهو مع إخراج القوات الأميركية وكافة القوات الأجنبية من الأراضي العراقية”.
وأضاف “العقابي” أن: “ما نأمله ونحسن الظن، بأن رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، لن يقدم أي تنازلات معينة أو خيارات أخرى”، مؤكدًا على أن الخيار الوطني هو الخيار القائم؛ وهو الصوت الأعلى في البرلمان، وهو مع إخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقية.
وتحاول كتل سياسية عراقية مقربة من “إيران”، استثمار إعلان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، المفاجيء سحب قواته من “سوريا”، لتجديد المطالبة بجدولة انسحاب القوات الأجنبية، وفي مقدمتها الأميركية من “العراق”، وسط مخاوف جهات سياسية أخرى ومواطنين من زيادة النفوذ الإيراني، حال انسحبت “أميركا” بشكل نهائي من البلاد، وفق مراقبين.
يُذكر أن “الولايات المتحدة” قد حذرت، في وقت سابق، من خطورة إقدام “العراق” على تشريع أي قانون برلماني يجبر القوات الأجنبية على الخروج من البلد، مؤكدًة على أن قرارات كهذه من شأنها التسبب بأضرار بالغة بين الطرفين.